خطاب العرش السامي في افتتاح الدورة العادية الثالثة لمجلس الأمة الأردني الرابع عشر

خطاب العرش السامي في افتتاح الدورة العادية الثالثة لمجلس الأمة الأردني الرابع عشر

الأردنعمان
01 كانون الأول/ديسمبر 2005

بسم الله الرحمن الرحيم

 

والصلاة والسلام على سيدنا محمد النبي العربي الهاشمي الأمين،

حضرات الأعيان،
حضرات النواب،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،

فباسم الله وعلى بركة الله نفتتح الدورة العادية الثالثة لمجلس الأمة الرابع عشر، تعزيزا لمسيرتنا في الديموقراطية والإصلاح والتحديث، ومواجهة التحديات والعقبات، التي تواجه هذه المسيرة، ووضع الخطط والبرامج والتشريعات، لتسريع وتيرة الإنجاز، وصولا إلى تحقيق التنمية الشاملة، واستكمال بناء الأردن الحضاري المزدهر، الأردن القوي المنيع، الذي ينعم أهله وضيوفه، بالأمن والاستقرار والطمأنينة، في مناخ من الحرية والديموقراطية واحترام حقوق الإنسان.

ولا بد من التأكيد هنا، على أن الأمن والاستقرار هما الأولوية الأولى في أولوياتنا الوطنية، وهما الشرط الأول، والركيزة الأساسية للتنمية. ونحن نعرف أن مسيرة التنمية، لا يمكن أن تتقدم، أو تحقق أيا من أهدافها، إلا إذا توفر لها الأمن والاستقرار وسيادة القانون.

وقد اجتاز الأردن والحمد لله، بنجاح باهر، اختبارا صعبا لأمنه واستقراره، عندما امتدت يد الغدر والإرهاب، للعبث بأمن الأردن، وترويع أبنائه وضيوفه من المدنيين الأبرياء، فتصدى لها النشامى والنشميات، أبناء وبنات القوات المسلحة، والأمن العام والمخابرات العامة والدفاع المدني، وسائر أبناء الأسرة الأردنية الواحدة، في وقفة عز وصمود وانتماء، رفعت رأس الأردن عاليا، وجسدت كل معاني البطولة، والوحدة الوطنية والانتماء. فكل الشكر والتقدير والاعتزاز، للنشامى في القوات المسلحة والأجهزة الأمنية، وأبناء الأسرة الأردنية الواحدة، وجزاهم الله عن الأردن كل الخير.

ونحن ندرك أن موقع الأردن ورسالته ومواقفه، تجعله مستهدفا وتفرض عليه تحديات أمنية، أكبر من أي تحديات عرفناها في السابق. ولذلك فلا بد من وضع إستراتيجية أمنية شاملة، قادرة على التعامل مع كل هذه المستجدات والتحديات، واستيعابها بكفاءة عالية. وهذا يستدعي اتخاذ الـخطوات والتشريعات، التي تخدم هذه الإستراتيجية حتى يظل الأردن العزيز، كما كان على الدوام، وسيـظل بعون الله، واحة للأمن والاستقرار، وموئلا للحرية واحترام حقوق الإنسان.

حضرات الأعيان،
حضرات النواب،

لقد قطعنا والحمد لله، شوطا كبيرا في مسيرة التنمية، وحققنا إنجازات كبيرة، وكان لا بد من توسيع قاعدة المشاركة الشعبية في صنع القرارات، وفي وضع الخطط والبرامج المتعلقة بمسيرتنا التنموية.

ومن هنا جاءت فكرة تقسيم المملكة إلى عدد من الأقاليم، بحيث يكون لكل إقليم، عدد من المجالس المنـتخبة، لتكون هذه المجالس مسؤولة عن كل القرارات، والخطط والبرامج، المتعلقة بتنمية هذا الإقليم. فنحن نؤمن أن أهل الإقليم، أعرف باحتياجاتهم وأولوياتهم. وقد شكلنا لجنة ملكية، لدراسة هذا الموضوع، من جميع جوانـبه، وسنضع نتائج أعمالها بين أيديكم.

كما شكلنا لجنة أخرى، تضم ممثليـن عن مختلف الفعاليات الرسمية والشعبية، ومؤسسات المجتمع المدني، لوضع الأجندة الوطنية، التي تشكل إطارا عاما لبرامجنا وأهدافنا التنموية. وستكون هذه الأجندة بين أيديكم وأيدي الحكومة، لمناقشتها والاستفادة منها، كمرجعية وإطار عام، لمسيرة الإصلاح والتحديث والتنمية في المستقبل.

حضرات الأعيان،
حضرات النواب،

إنني أشعر بمعاناة أبناء شعبي، وأعرف حجم الصعوبات الاقتصادية، التي تواجههم في ظل ارتفاع الأسعار، والفقر والبطالة، وهذا يستدعي أن تكثف الحكومة جهودها، للتخفيف من هذه المعاناة. كما أن للتكافل الاجتماعي دورا رئيسيا، في معالجة مشكلة الفقر والبطالة، وأنا أعرف أن هناك جهات ومؤسسات رسمية وأهلية تقدم خدماتها في هذا المجال، ولكن عدم وجود مرجعية واحدة لهذا العمل، يؤدي إلى غياب التخطيط وسوء التوزيع، وإلى تبديد الكثير من الموارد، بسبب الازدواجية في الإنفاق. لذلك لا بد من إيجاد مرجعية واحدة، تكون مظلة للتكافل الاجتماعي، والعمل ضمن خطة واضحة، وفي إطار مؤسسي قابل للمساءلة والتقييم.

حضرات الأعيان،
حضرات النواب،

إننا على أبواب مرحلة جديدة، من مسيرة الإصلاح والتحديث، ومواجهة التحديات، التي تفرضها علينا الظروف الصعبة، التي تمر بها المنطقة من حولنا، والتي تستدعي منا جميعا، أن نكون على مستوى هذه المرحلة، وأن يكون مجلس الأمة على مستوى المسؤولية، في التعاون مع الحكومة، والتواصل مع الناس، لوضع التشريعات، التي تدفع عجلة التنمية، وتمكننا من مواجهة هذه التحديات، وتحقيق طموحات الشعب الأردني في التنمية والازدهار، ولنقول للعالم من حولنا، أننا أقوى من كل التحديات، وأننا سنظل كما كنا على الدوام، الأوفياء لأمتنا العربية، والدفاع عن قضاياها العادلة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، فنحن مع أشقائنا الفلسطينيين، بكل ما نستطيع، حتى يقيموا دولتهم المستقلة على ترابهم الوطني. ومع الشعب العراقي الشقيق، حتى يجتاز هذه المحنة، ويعود العراق إلى وضعه ومكانته الطبيعية، وينعم أهله بالحياة الحرة الكريمة الآمنة.

وسنستمر في تعزيز علاقاتنا المتميزة، مع كل الدول الشقيقة والصديقة، بما للأردن من مكانة ومصداقية عالية، واستثمار هذه العلاقات، لما فيه الخير للأردن العزيز.