كلمة جلالة الملك عبدالله الثاني خلال جلسة مجلس الأمن حول التهديدات التي تواجه السلم والأمن العالميين بفعل الأعمال الإرهابية
كلمة جلالة الملك عبدالله الثاني خلال جلسة مجلس الأمن حول التهديدات التي تواجه السلم والأمن العالميين بفعل الأعمال الإرهابية
بسم الله الرحمن الرحيم
اسمحوا لي بداية أن أشكر الرئيس باراك أوباما على قيادته المتميزة في هذه المسألة، وأن أؤكد أنه يمكنكم الاعتماد على الأردن للقيام بدوره.
علينا أن نجفف مصادر دعم المتطرفين ودحر وهزيمة هذه الجماعات. وهذا يتطلب "ائتلاف أصحاب الإرادة"، والذي يمكنه التصدي لهذا الخطر بثبات وعزيمة. واسمحوا لي أن أحيي شراكتنا الماضية قدماً.
إن هنالك ثلاثة مبادئ مهمة علينا أن نراعيها ونحن نشرع في مهمتنا:
الأول هو التواصل والالتزام العالمي، حيث أن التهديد لا ينحصر في سوريا والعراق فحسب، ولكنه قائم أيضا في سيناء وليبيا واليمن ومالي والقرن الأفريقي، وغيرها. وهذه ليست معركة عربية أو إسلامية فقط، لأن الخطر يطال الدول الممثلة في هذا المجلس وكل ما سواها. إنها حرب العصر، ويتطلب النجاح فيها جهدا موحدا مدعوما بموارد قوية.
كما يتطلب النجاح أيضا نهجا شموليا، فالإرهاب العابر للحدود يعتاش على الأزمات، والظلم، والصراع الطائفي. وكسب القلوب والعقول يتطلب موقفا قويا ضد التهميش والفقر والإقصاء. وبالتوازي مع الإجراءات الأمنية، يجب أن تكون هناك جهود دبلوماسية وتنموية وخلق فرص عمل وتعليم وغيرها.
أما المبدأ الرئيسي الثاني فهو اتخاذ إجراءات فورية. فالفكر الجديد من التطرف يمارس التجنيد في جميع أنحاء العالم من خلال وسائل الإعلام الاجتماعي والشراكات السرية. وكلما سيطروا على أراض غنية بالموارد، كلما أصبحوا أكثر قدرة على إدامة أنفسهم ذاتياً. والوقت هو العنصر الجوهري في هذه المسألة. لقد بدأنا العمل بالفعل، والمطلوب من هذا التحالف الآن هو الاستمرار والمثابرة حتى يحقق جميع أهدافه.
والشرط الثالث هو الشفافية، حيث أن هذه الجماعات تعتمد في بقائها على الصفقات والدعم الدولي. سيدي الرئيس، يجب تطبيق سياسة تقوم على عدم التسامح المطلق مع أي بلد أو منظمة أو فرد يسهّل، أو يدعم أو يمول الجماعات الإرهابية، أو يزودها بالأسلحة، أو يروج لها، سواء من خلال وسائل الإعلام أو عبر استغلال رجال الدين للتحريض أو المساعدة على تجنيد مقاتلين في هذه الجماعات الإرهابية. لا بد من الامتثال المطلق، ولا نقبل أن يمتثل بلد ما في أحد الجوانب، بينما يعيث فسادا في جانب آخر.
وعلى الشخصيات المرجعية في كل دين ودولة أن يرفعوا صوتهم ضد التعصب وتشويه الدين. لقد أوضحت أنا وآخرون أن داعش وما يتعلق بها من أيديولوجيات لا علاقة لها بالإسلام. وفي الوقت ذاته، يجب أن نكافح كل أشكال الإسلاموفوبيا. وقد قاد الأردن مبادرات الحوار بين الأديان، ونعمل الآن على تقديم مشروع قرار لمجلس الأمن من شأنه وقف الاستهداف المنظم للطوائف الدينية.
يجب على العالم توحيد جهوده للمساعدة في إيجاد حلول للمظالم العالمية. إننا لا نستطيع أن نستهين بدور مشاعر الحرمان من حقوق الإنسان في صناعة الإرهابيين. وأولا وقبل كل شيء، لا بد من التوصل إلى حل عادل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي. ووحدة الموقف العالمي لا تقل أهمية في دعم حل سياسي شامل في سوريا. أما في العراق، فهناك مؤشرات إيجابية فيما نشهده من بداية قوية لتشكيل حكومة جديدة شاملة تكافح مساعي الإرهابيين لاستغلال الطائفية.
أخيرا، آمل أن يكون هناك نداء عالمي للعمل على دعم البلدان التي تحارب في الصفوف الأمامية في هذه المعركة، مثل الأردن؛ فهو عصب الاستقرار في المنطقة، وحدوده آمنة رغم وجود تهديدات إرهابية على جبهتين. وفي هذا الأسبوع فقط أحبطنا عملية إرهابية أخرى ضد بلدنا. وبطبيعة الحال، فإننا لا نزال عنصرا رئيسيا في امتصاص الصدمات الناجمة عن التدفق الهائل للاجئين من سوريا.
لكننا نأخذ على عاتقنا هذه المسؤوليات الجسام ونحن نرزح تحت ضغوط اقتصادية هائلة. ومن شأن الدعم العالمي أن يلعب دورا رئيسيا في الحفاظ على قدرة بلدنا على الصمود والمضي قدما. كذلك يسعى الأردن إلى تعزيز الجهود الهادفة لضمان تدفق المساعدات الموعودة للاجئين إلى جميع البلدان والمجتمعات المضيفة، وداخل سوريا نفسها.
وشكرا لكم.