خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني في الاجتماع العام رفيع المستوى حول الأهداف الإنمائية للألفية في الجمعية العامة للأمم المتحدة
خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني في الاجتماع العام رفيع المستوى حول الأهداف الإنمائية للألفية في الجمعية العامة للأمم المتحدة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأمين العام للأمم المتحدة السيد بان كي مون،
أصحاب السعادة،
أيها الأصدقاء،
إجتمعت دولنا هنا قبل عشر سنوات لتطلق جهداً غير مسبوق للقضاء على الفقر في العالم. وأعُتمدت أهداف الألفية، التي تحاكي أهم حقائق القرن الواحد والعشرين، وهي أن العوز الذي يعيش فيه البلايين يهدد الأمن والرخاء في العالم، وأننا نمتلك في هذا العصر المعرفة والموارد القادرة على القضاء على هذا التهديد، وتحسين مستوى المعيشة في كل مكان، وأنه على الدول النامية والمانحة مسؤوليات جسيمة من أجل تحقيق النجاح في الوصول إلى هذه الأهداف.
واليوم، بقي خمس سنوات من مدة الخمسة عشرة عاما التي تم تحديدها لتحقيق أهداف الألفية، وهنالك الكثير من العمل الواجب القيام به.
ونلتقي في هذا الأسبوع من أجل تفعيل الجهود للتقدم إلى الأمام. وثمة الكثير من أسباب النجاح. فكل إنجاز نحققه في أي من أهداف الألفية يعزز النجاح في الوصول إلى الأهداف الأخرى، سواء في توفير التعليم والخدمات الصحية الأفضل، أو تحقيق مستويات معيشية أعلى، أو تمكين النساء والشباب، أو إيجاد الفرص الإقتصادية. ونستطيع أن نعظم الإنجاز عبر دمج إستراتيجيات تحقيق أهداف الألفية في الإستراتيجيات الوطنية والدولية. لكن الحفاظ على الإنجاز غير ممكن من دون إيجاد الظروف التي تحتاجها مسيرة التنمية، والمتمثلة في السلام، والشراكة، وتوافر الفرص العالمية.
أيها الأصدقاء،
ثمة أرضية صلبة للنجاح. فعالمنا يدرك اليوم أكثر من أي وقت مضى أنه على الدول النامية أن تجد طريقها الخاص نحو التنمية. فلا يوجد حل واحد يناسب الجميع، ولا مكان لحلول تفرض من الخارج. وتستوجب مصالح الدول المتقدمة دعم التنمية والتقدم في جميع أنحاء العالم. وهي تملك القدرة على المساعدة في تحقيق ذلك. ولا شك أن إلتزامها في المساعدة في أوقات الأزمات الإقتصادية العالمية، ليس فقط بمساعدة الفقراء، ولكن أيضا بدعم وتعزيز نجاحات الدول التي تطبق سياساتٍ ناجعةٍ من أجل ضمان رسوخ ما حققت من إنجاز.
وفي الأردن، كانت الشراكة، بين القطاعين العام والخاص، عاملاً أساسياً في نجاح مسيرة التنمية. وقد دمجنا أهداف الألفية في استراتيجياتنا الوطنية، وفي الإصلاحات الهيكلية وسياسات تحفيز النمو الإقتصادي المستدام، وفي مسيرة التنمية التي أطلقناها في جميع المجالات. وقد عملنا ليس فقط من أجل إسراع وتيرة التنمية، بل أيضا من أجل توسيع قاعدتها عبر بناء الشراكة الحقيقية، وضمان التكامل في جهود التنمية في القطاعات المختلفة. واليوم، وبفضل جهود آلاف الأردنيين في قطاع التعليم، والخدمات الصحية، وفي المجتمعات المحلية على امتداد المملكة، نسير نحو تحقيق العديد من أهداف الألفية. وعلى سبيل المثال، فقد تم تحقيق الهدف الثاني، والمتمثل في ضمان إلتحاق جميع الأطفال في التعليم الأساسي وإكماله، وإنهاء الأمية بين الشباب، وتوفير التعليم والمهارات التي يحتاجونها من أجل تحقيق الإنجاز.
لكن مسيرة التنمية تواجه تحديا كبيراً ألا وهو غياب السلام. فعندما توجه المصادر نحو الحروب والعنف، بدلاً من تلبية الحاجات الإجتماعية، وتحقيق النمو الإقتصادي، تعاني المجتمعات، وينتشر الفقر والإحباط.
وتستطيع برامج التنمية أن تبني الأساسات اللازمة للسلام، لكنه لا يمكن لهذه البرامج أن تنجح على المدى الطويل في ظل غياب السلام. من أجل ذلك، يجب أن يكون أصدقاء التنمية أصدقاءاً للسلام أيضا. وقد حرمت منطقة الشرق الأوسط من السلام الذي تحتاجه لتحقيق قدراتها الهائلة على التنمية، ونحن نعتمد على دعم المجتمع الدولي للمساعدة في تحقيق السلام الإقليمي الشامل، والذي لا يمكن الوصول إليه، من دون حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، على أساس حل الدولتين.
أيها الأصدقاء،
إن الأردن ملتزم بالعمل معكم لتلبية حاجات مجتمعاتنا المشتركة لتحقيق أهداف الألفية، وثمة الكثير مما يمكن إنجازه في السنوات الخمس التي تفصلنا عن العام 2015. وأعتقد أننا إذ عملنا معاً، نستطيع أن نوفر الحياة الأفضل لكل شعوبنا. فلنقرن الإرادة بالحكمة، ولنمضي إلى الأمام.
وشكرا لكم.