كلمة جلالة الملك عبدالله الثاني في مأدبة العشاء الرسمية التي أقيمت على شرف جلالته وجلالة الملكة رانيا العبدالله في قصر دروتننغولم، ليك مالارين
كلمة جلالة الملك عبدالله الثاني في مأدبة العشاء الرسمية التي أقيمت على شرف جلالته وجلالة الملكة رانيا العبدالله في قصر دروتننغولم، ليك مالارين
صاحبي الجلالة
أيها السيدات والسادة
إنه لمن دواعي سروري وغبطتي أن نلتقي بكم هذه الليلة في هذا المكان الرائع. ولا يسعني أنا ورانيا وأعضاء وفدنا إلا أن نشكركم على استقبالكم لنا بمثل هذا الدفء والحفاوة.
صاحبي الجلالة، قبل بضع سنوات كان والدي الملك الحسين سعيداً باستقبالكم مع الملكة سيلفيا في الأردن. ولا بدّ لي من القول في هذه الليلة أنه ما زال يعيش في مخيلتي. إن الصداقة بين عائلتينا الملكيتين صداقة كان يثمنّها عاليا، وهي صداقة أثمنّها أيضاً فهي صداقة ليست فقط بين أشخاص وإنما هي تقوم على القيم المشتركة: التزام بالخدمة العامة.. واجب للمساعدة في تحسين حياة الناس.. وإيمان بالسلام والحوار.
يشترك بلدانا في شيء آخر ، وهو الحظ الطيب الرائع بأن لهما ملكتين رائعتين. فالملكة سيلفيا معروفة على صعيد عالمي بقيادتها الكفؤة جداً لمصلحة الأطفال والمعاقين والمسنين وضد إساءة استخدام العقاقير. وأنا أعرف أن الملكة رانيا رأت في جلالتها نموذجاً عندما بدأت عملها الفعال من أجل الحوار بين الثقافات وتمويل المشاريع الصغيرة والتنمية، وحقوق النساء والأطفال.
في شباط الماضي أصبحت الملكة سيلفيا والملكة رانيا أول سيدتين تنالان جائزة الإعلام الألماني الرفيعة وقد وصفتهماهيئة المحكمين للجائزة "بأنهما أهم سيدتين بين الشرق والغرب". ولم يكن بمقدوري أن أقول أفضل من هذا!
صاحبي الجلالة
يسعدني أن تتيح لنا هذه الزيارة فرصة تمتين العلاقات التاريخية وقد بدأت وكافة أعضاء الوفد الأردني باللقاءات والحديث مع القادة السويديين، من الحكومة وقطاع المال والأعمال والمجتمع المدني. ونحن معاً نناقش التعاون الاقتصادي، استناداً إلى مصالح مشتركة قوية، ونتبادل وجهات النظر حول التطورات الدولية. ونحن حريصون على التوصل الى سبل تمكّن بلدينا من العمل معاً حول الشؤون العالمية الملحة، وخصوصاً السعي إلى السلام.
تدرك السويد والأردن الحاجة الماسّة لتحقيق سلام شامل واستقرار في الشرق الأوسط. فحتى ونحن نتحدث هنا هذه الليلة، فإن الأحداث في المنطقة تتطور بسرعة. وإذا كان للسلام أن ينجح فإن علينا أن نعمل بتكاتف حقيقي وتصميم. فالوقت مناسب لوضع خارطة الطريق إلى السلام على مسار لا رجعة عنه - نحو دولة فلسطينية، أمن لإسرائيل وإزدهار للجميع في الشرق الأوسط. لا يمكن للسلام العالمي والتنمية الإقليمية والإصلاح أن تتحق إلا إذا تم حل هذا الصراع المركزي.
كما أن إعادة الاستقرار في العراق وتوفير متطلبات التعبير الديمقراطي عن الإرادة الحرة للشعب العراقي، على نفس القدر من الأهمية. إنني أعرف أن بلدكم يساهم بفعالية في تعافي العراق، واسمحوا لي بأن أقول أن هذا الالتزام يبعث برسالة هامة للنوايا الطيبة في كل أرجاء العالم العربي.
تمتاز السويد في حقيقة الأمر بسجل حافل بالخدمة والتضحية لقضية السلام. ولا أستطيع أن أفوّت هذه المناسبة لأعبر لكم عن حزن الأردن العميق إزاء وفاة آنا ليند. فكل الذين عملوا معها أكبروا فيها إنسانيتها وذكاءها وإحساسها بالعدل. فهي وكثير من السويديين من أمثالها سبب يجعل العالم يكنّ الاحترام الكبير لصوت بلدكم على الساحة العالمية.
صاحب الجلالة
إن شعاركم هو "السويد - مع الحداثة " من الصحيح القول أنكم والشعب السويدي تعملون من أجل المصلحة العالمية، في كل الأوقات.
فقد كان بلدكم نموذجاً عالمياً للتطور والتقدم. ولعبتم دوراً نشيطاً وبناء في تعزيز حقوق الإنسان.. وأرسى شعبكم معياراً عالمياً للتميز في العمل والقيادة في التفوق الإنساني.
أصدقائي..
نحن هنا حتى نستمع ونتعلم .. في شراكة من أجل مستقبل أفضل للجميع.
إن الأردن، كما تعلمون، منهمك حالياً في عملية متسارعة للإصلاح السياسي والاقتصادي، هدفنا هو مجتمع شامل ديمقراطي يوفر أملاً حقيقياً وحلولاً حقيقية : استقرار سياسي واقتصادي، نمو اقتصادي وتمكين اجتماعي حقيقي. يعكس النموذج الأردني القوة والطاقة اللتين تنبعان من حوار الثقافات والأديان - المجتمع المتسامح متعدد الأعراق والذي يمثل أصدق وأعمق تقليد للإسلام.
إننا مصممون على متابعة الإرث الذي خلفه جلالة الملك الراحل، الحسين - وهو انتصار العقل على التطرف، وانتصار السلام على الصراع والنزاع.
اسمحوا لي بالقول أن السويد حظيت بإعجاب العالم العربي بأسره على تفانيها من أجل مجتمع مدني مفتوح وشامل. إنها نموذج للحوار والتقبل والذي يمكن أن يفيد الشرق والغرب. وأنا أتطلع إلى الاجتماع مع قادة الجالية الإسلامية المزدهرة في السويد.
صاحبي الجلالة
إن السويد والأردن صديقان قديمان في قرن جديد. إنني أعتقد أن قيمنا وهمومنا المشتركة سوف تشكل أساساً لاستمرار التعاون والشراكة.
إن ترحيبكم الحار بنا هو رمز لتلك الصداقة وآمالنا المشتركة للمستقبل. وانطلاقاً من تلك الروح فإنني والملكة رانيا نأمل في استقبالكم قريباً في الأردن. فسوف نحاول أن نرد لكم بعض الكرم الذي غمرتمونا به. ونحن متلهفون لنظهر لكم كل ما حققه الشعب الأردني الرائع منذ زيارتكم الأخيرة لوطننا الجميل.
شكراً جزيلاً