كلمة جلالة الملك في قمة سنغافورة

عمان
13 تشرين الأول/أكتوبر 2003

قال جلالة الملك عبدالله الثاني اننا في الاردن لم ننتظر ان يتحقق السلام الاقليمي للبدء بمستقبلنا فنحن منهمكون في عملية ديناميكية للاصلاح الداخلي بدات قبل بضع سنوات وتتسارع حاليا وان هدفنا الاساسي هو مجتمع مدني ديمقراطي يشمل الجميع يمكن ان يوفر الامل والوعد لشبابنا الذين يمثلون مستقبلنا.

واضاف جلالته في كلمة رئيسية القاها في القمة الاقتصادية الثانية عشرة لشرق اسيا في سنغافورة اليوم ان الدول المتطورة والنامية على حد سواء تدرك ان التعاون هو الطريق الى المستقبل وما هو مطلوب الان هو تصميم عالمي لمعالجة الانقسامات القديمة وبناء شراكات من اجل التغيير.

وقال جلالة الملك في القمة التي بدات امس ان السلام الدائم والتنمية المستدامة لن يتحققا الا عندما نحقق تعاونا اكثر وتوازنا اكبر بين الاغنياء والفقراء وهو يعني تصميما جديدا وعميقا على مخاطبة ازمات الثقة والعدالة التي تقوض عالمنا.

واكد جلالته ان الصراع العربي الاسرائيلي في منطقتنا يشكل عقبة كبيرة امام التنمية والاصلاح فبحكم الحق والعدل يفترض ويتوجب ان يكون الشرق الاوسط مزدهرا الا ان الدول العربية الاثنتين والعشرين تحظى بانتاج محلي اجمالي اقل من اسبانيا.. كما ان النمو الاقتصادي يظل دون الامكانات.

وفي معرض رده على اسئلة المشاركين في اعمال القمة قال جلالة الملك عبدالله الثاني اننا نعمل مع المجتمع الدولي لدفع عملية السلام في الشرق الاوسط محذرا جلالته من "ان بديل السلام هو استمرار فقدان الحياة في الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي."

وقال جلالته ان "علينا ان لا نتخذ مما يحدث عذرا للتخلي عن بذل مزيد من الجهود لاحلال السلام" مشيرا جلالته الى ان خارطة الطريق توضح تماما ما هو متوقع من الاسرائيليين والفلسطينيين لتحقيق السلام .

وبين جلالته ان الوضع الراهن هو استمرار حالة الركود الى حين تشكيل حكومة فلسطينية معتبرا جلالته ان استمرار حالة الركود هذه ستتيح للمتطرفين في الجانبين الفرصة للحيلولة دون احلال السلام.

وقال جلالته ان ما نحاول عمله الان هو ايجاد اليه للمراقبة لان ما يحدث ان كلا من الجانبين يتبادلان التهم بسبب التخندق وراء مواقفهما مما يحول دون النظر الى الصورة بشموليتها.

وفي لقائه مع القيادات الاعلامية المشاركة في المؤتمر جدد جلالة الملك عبدالله الثاني التأكيد على ان ارسال قوات سلام من قبل الدول المجاورة للعراق لهذا البلد لن يخدم مصلحة العراقيين.

وقال جلالته "لا اعتقد انكم سترون وحدات اردنية لحفظ السلام في العراق."

واعتبر جلالته ان تدريب قوات الشرطة العراقية في الاردن خطوة في الاتجاه الصحيح وقال اننا نريد عودة الحياة الى طبيعتها في العراق وباسرع ما يمكن وذلك من خلال مساعدة الشعب العراقي وتأهيل كوادره في القطاعات المختلفة.

وردا على سؤال حول الصراع بين القيم الغربية والاسلامية وبين الحداثة والتقليد قال جلالته اننا اذا نظرنا الى العصر الذهبي للاسلام فقد كان التقدم في المجتمع الاسلامي هو القاعدة الرئيسية للنهضة في اوروبا مشيرا الى ان على الثقافات والتقاليد ان توفر الية للتحاور وللتحرك الى الامام.

واشار جلالته الى ان المشكلة في الشرق الاوسط تكمن في بقاء القضية الفلسطينية دون حل وهذا يشكل عذرا للبعض بعدم اجراء الاصلاحات.

وقال جلالته ان 50 بالمائة من سكان الشرق الاوسط هم تحت سن الثامنة عشر، وهناك جيل ناشيء يريد دخول سوق العمل وطموحات وتطلعات هؤلاء مختلفة عن الاجيال السابقة، ولهذا من المهم تحريك عملية السلام لان عدم الاستقرار سيستقطب المتطرفين ويجعل الامر صعبا بالنسبة للعديد من الدول التي تتطلع الى تحقيق التقدم الذي يتجه نحوه المجتمع الدولي.

واكد جلالته اننا في الاردن لا نتخذ مما يجري في المنطقة عذرا لعدم التقدم وعلينا ان ننجح وان نكون مثالا للاخرين.

كما اكد جلالته اننا نعمل الان على استخدام التكنولوجيا وتقنية المعلومات كوسيلة لتحضير الاردن لدخول المستقبل واحداث التغيير في المجتمع معتبرا ان ذلك ضروريا لاحداث التغيير المطلوب.

واعرب جلالته عن امله في ان تكون التجربة الاردنية في مجال التعليم مثالا للتعليم في الشرق الاوسط.

ووصف البروفسور كارل شواب رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي جلالة الملك بانه شخصية عالمية متميزة لها صوت وتأثير كبيرين معتبرا ان قيادة جلالته للاردن اصبحت مثالا يحتذى به ونموذجا للاصلاح السياسي والاقتصادي في المنطقة.

وقال في كلمة ترحيبية بجلالته لقد اظهرتم من خلال جهودكم الشخصية معنى الالتزام بايجاد عالم اكثر عدالة وبخاصة جهودكم المتصلة بايجاد السلام الدائم في منطقة الشرق الاوسط.

واكد البروفسور شواب ان كلمة جلالة الملك عبدالله الثاني امام المشاركين في القمة تدل على احساس بالمواطنة العالمية ونحن كرجال اعمال علينا مسؤوليات ليس تجاه اعمالنا فقط وانما علينا مسؤولية التصرف كمواطنين عالميين في محاولة معالجة قضايا ومشكلات عديدة يعاني منها العالم اليوم كالفقر والبطالة وفي المساهمة في حل النزاعات.

وتناقش القمة الاقتصادية الثانية عشرة لشرق اسيا من خلال ورشات العمل والموائد المستديرة عدة موضوعات وقضايا تتعلق بالاوضاع الاقتصادية والتنموية لدول اسيا والفرص المتاحة لتجديد روح الابداع والحيوية والديناميكية في دول القارة وتمكين القادة ورجال الاعمال من التعرف على هذه الفرص.

كما تبحث القمة التي ينظمها المنتدى الاقتصادي العالمي بالتعاون مع المجلس السنغافوري للتنمية الاقتصادية في تحديد الاتجاهات والرؤى الرئيسية المتعلقة بتفعيل النمو الاقتصادي في اسيا وتمكين المشاركين من رسم مستقبل القارة من خلال بحث قضايا وموضوعات تتصل بموقع اسيا في النظام العالمي الجديد والتجارة الاقليمية والدولية والسلام والامن والمرحلة المقبلة من الاصلاحات في البنى والهياكل الاقتصادية والمالية.