جلالة الملك يعود الى ارض الوطن

عمان
20 أيلول/سبتمبر 2003

عاد جلالة الملك عبدالله الثاني وجلالة الملكة رانيا العبدالله الى ارض الوطن ظهر اليوم بعد زيارة رسمية الى الولايات المتحدة استغرقت خمسة ايام وتوجت بعقد القمة الاردنية الاميركية في كامب ديفيد يوم الخميس الماضي بين جلالته والرئيس الاميركي جورج بوش.



واكد جلالته خلال مباحثاته مع الرئيس بوش والمسؤولين في الادراة الاميركية واعضاء الكونغرس اهمية ان تتحرك الولايات المتحدة بشكل سريع لاستئناف عملية السلام مشددا على ان القضية الفلسطينية هي اساس الصراع في منطقة الشرق الاوسط وان ايجاد حل عادل لها يؤدي الى انهاء الاحتلال الاسرائيلي واقامة الدولة الفلسطينية سيفضي في النهاية الى انهاء المشكلات التي تعاني منها المنطقة.



وفي لقاءات مع مسؤولين اميركيين ووسائل اعلام اميركية حذر جلالته من خطورة اعلان وفاة خارطة الطريق التي حصلت على توافق دولي نادر بشانها لان في ذلك مضيعة للوقت لن يكون الخاسر منها الا الفلسطينيين الذين يفقدون يوميا جزءا من املهم في اقامة دولة مستقلة قابلة للحياة نتيجة لاستمرار اسرائيل بتنفيذ الجدار الفاصل.



وفي المؤتمر الصحفي المشترك الذي عقده جلالته مع الرئيس الاميركي جورج بوش قبيل انعقاد القمة وخلال اللقاءات التي اجراها مع ممثلي المنظمات العربية والاسلامية واليهودية الاميركية وكذلك لقاءاته الصحفية حذر جلالته من ان الوقت يمضي بسرعة ويرتب مخاطر جدية على عملية السلام الامر الذي يتطلب من كافة المعنيين والمخلصين العمل الجاد لاعادة عملية السلام الىمسارها الصحيح وضمان التنفيذ السريع للمرحلة الاولى من خارطة الطريق التي كان الاردن قد ساهم مساهمة كبرى في صياغتها وترويجها العام الماضي.



ففي مقابلة مطولة مع صحفيي ومحرري صحيفة واشنطن بوست اكد جلالته الحاجة الى مزيد من المحاسبة العلنية لما يجب على كل من الفلسطينيين والاسرائيليين القيام به وعدم الاكتفاء بالمراقبة الهادئة التي تقوم بها الولايات المتحدة.



وابلغ جلالته صحفيي الواشنطن بوست: "اننا نحتاج الى الية دولية اقوى لكي يعلم الجميع اين يقصر الطرفان."



واكد جلالته خلال هذه اللقاءات ان على الولايات المتحدة الا تغسل ايديها من عملية السلام بحجة ان الطرفين غير جديين لان هذا غير مجد في موضوع يشكل القضية المركزية في منطقة الشرق الاوسط، مضيفا ان الوقت قد حان لكي لا تبقى عملية السلام اسيرة الخطوات الصغيرة التي يسهل على المتطرفين نسفها، فالمطلوب ليس ايقاف المستوطنات فقط بل وتفكيك القائم منها اذا اريد لعملية السلام ان تصل الى هدفها.



وقد طالب جلالته ممثلي الجمعيات العربية والاسلامية الذين التقاهم في اليوم الاول من الزيارة ان يقوموا بواجبهم في الحشد للدفاع عن القضايا العربية لدى الادارة الاميركية ولدى الراي العام الاميركي وابراز كون المبادرة العربية ما تزال مطروحة على المائدة اضافة الى بناء الدعم لرئيس الوزراء الفلسطيني المكلف ليقوم بواجبه في تنفيذ خارطة الطريق وسيطرة السلطة الفلسطينية الكاملة على الوضع الامني.



وفي اطار عملية السلام اوضح وزير الخارجية مروان المعشر في حوار مع اعضاء نادي الصحافة العربية في واشنطن يوم امس الجمعة ان الموقف الاميركي من الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ليس جديدا والاردن، وان كان ضد هذا الموقف مثله مثل بقية الدول العربية والاتحاد الاوروبي والعالم، يبحث عن وسيلة للالتفاف حول هذه العقبة واحداث تقدم في عملية السلام لانهاء الاحتلال واقامة الدولة الفلسطينية دون التركيز على الاشخاص.



وقال ان الادارة الاميركية متفهمة لموقف الاردن من خطورة بناء الجدار الفاصل وهي تقوم بجهد جدي وان كان غير معلن مع اسرائيل بهذا الخصوص الا انه اضاف ان الولايات المتحدة تصر على ان يحل الفلسطينيون الموضوع الامني قبل التحرك للضغط على اسرائيل من اجل الايقاف التام للمستوطنات والاغتيالات.



وقال المعشر ان الاردن تقدم خلال المباحثات مع الادارة الاميركية باقتراحات لترجمة المرحلة الاولى من الخارطة الى التزامات ذات جداول زمنية محددة لكلا الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي لكي لا يتم التنصل من هذه الالتزامات، مشيرا الى ان هذه الاقتراحات ما تزال قيد الدراسة وتحتاج الى وقت لتطويرها لتصبح عنوانا للتحرك في المرحلة المقبلة.



وردا على سؤال حول ما احرزه جلالة الملك من زياراته للولايات المتحدة منذ توليه الحكم قبل اربع سنوات قال المعشر ان جلالة الملك لعب دورا كبيرا في اقناع الرئيس بوش بخارطة الطريق وبتضمين المبادرة العربية في الخارطة كأساس للحل، مضيفا: "ان الزيارات تاتي بنتيجة ولكن التغير يحتاج الى ما هو اكثر من زيارة،" مؤكدا مرة اخرى ان الاردن لا يتحرك من فراغ بل بتنسيق

كامل مع الدول العربية.



ومقابل عدم تفاؤل المعشر بالنسبة للوضع في الاراضي الفلسطينية بسبب الجمود الحاصل حاليا والذي يؤدي الى ابتلاع المزيد من الاراضي الفلسطينية وسقوط المزيد من الضحايا يؤكد وجود تطور ايجابي في النظرة الاميركية لمستقبل العراق لتقترب من وجهة النظر الاردنية التي اكد عليها جلالة الملك في كل مقابلاته الصحفية ومع ممثلي المنظمات والادارة الاميركية والمتمثلة في رفض الحل الفيدرالي المبني على اسس دينية وعرقية في العراق لانه "وصفة للحرب الاهلية." فالادارة الاميركية كما قال الدكتور المعشر ابلغت الاردن انها لا تقبل اي كلام عن الفيدرالية المبنية على اسس دينية وعرقية، كما ان هناك اتفاقا في وجهة نظر البلدين حول وجود حكومة مركزية قوية تستطيع الحفاظ على وحدة الاراضي العراقية يتم اختيارها بطريقة ديموقراطية.



واضاف ان الادارة الاميركية تشعر بوجوب وجود عملية سياسية تؤدي الى كتابة الدستور واقامة حكومة عراقية منتخبة، "فهي ترفض تسليم السلطة الى حكومة عراقية غير منتخبة" وهو الاقتراح الذي يقال انه تقدم به احد اعضاء مجلس الحكم الانتقالي

العراقي.



وقال المعشر ان هناك تفهما اميركيا لوجوب اعطاء مسؤوليات الامن للعراقيين بما يتطلب اعادة بناء القدرات الامنية العراقية اضافة الى ذلك تسعى الولايات المتحدة الى دور اكبر للامم المتحدة في العراق حيث توقع المعشر ان يتم التوصل الى قرار دولي بهذا الخصوص في الاسابيع المقبلة لزيادة دور المنظمة الدولية في العراق وبخاصة في العملية السياسية التي توصل الى الانتخابات، مبينا ان الاردن يريد ان تكون الانتخابات العراقية تحت اشراف الامم المتحدة لضمان نزاهتها وحريتها.



واكد المعشر ان الاردن مع اختصار مدة المرحلة الانتقالية في العراق والصياغة السريعة لدستور عراقي جديد يؤدي الى انشاء حكومة دائمة بشرط ان لا يكون هذا الاختصار على حساب امن العراق حيث يجب التاكد من قدرة الحكومة الجديدة على تولي زمام الامن لكي لا يحدث فراغ امني يؤدي الى تقسيم العراق، وهو الامر الذي يشكل مصدر قلق كبير للاردن، مشيرا الى ارتياح الاردن

لتاكيد الادارة الاميركية ان حدود العراق لن تمس.



وحول نتائج الزيارة على مستوى العلاقات الثنائية قال السفير الاردني في واشنطن كريم قعوار ان الزيارة كانت موفقة جدا على هذا المستوى، فالادارة الاميركية معجبة بالاداء الاردني في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتنظر الى الاردن باعتباره يقود عملية التغيير في المنطقة.



وحفل جدول الاعمال الملكي باللقاءات التي تصب في الجهد الذي يقوده جلالته لتحسين مستوى معيشة المواطنين.



وفي هذا الخصوص اكد جلالته خلال لقائه عددا من رجال الاعمال الاميركيين وممثلي قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في ولاية فرجينيا انه وبالرغم من الظروف الاقليمية الصعبة التي تمر بها المنطقة الا ان الاردن ماض في تعزيز قدراته التنافسية من خلال الاستثمار في الانسان الاردني للانضمام الى الاقتصاد العالمي وتشجيع الاستثمارات الاجنبية والشراكات بين الشركات الاردنية والعالمية بما يضمن توفير المزيد من فرص العمل ونقل المعرفة وتشجيع البحث والتطوير.



ولما كانت المساعدات الاميركية تلعب دورا في تنفيذ برامج الاصلاح التي ينتهجها الاردن, فقد استعرض جلالته امامَ اعضاء ِلجنةِ المخصصات والعمليات الخارجية في مجلس ِالشيوخ, ومثيلتِها في مجلس ِالنواب متطلباتِ الاردن المالية لتنفيذِ خططهِ التنموية

خلال العام المقبل واطلعهم على اولوياتِ برنامج ِالتحول ِالاقتصادي والاجتماعي, موضحا اهمية َالمساعدات الخارجية في تنفيذِ هذا البرنامج الذي يعتمدُ على منهجيةٍ واضحة لتحقيق ِالتنميةِ المستدامة والتعاملِ مع قضايا الفقر ِوالبطالة.



ومن المتوقع ان يقر مجلس الشيوخ خلال الاسابيع القليلة المقبلة المساعدات السنوية العادية للاردن والتي تبلغ 450 مليون دولار، منها 250 مليون دولار مساعدات اقتصادية والباقي مساعدات عسكرية للسنة المالية المقبلة.



يشار الى ان المساعدات العادية والاضافية التي قدمتها الولايات المتحدة للاردن خلال العام الحالي بلغت حوالي مليار ونصف المليار دولار وذلك ادراكا منها، حسبما قال السفير الامريكي في عمان وليم غنيم، "للانعكاسات الضارة للحرب على العراق على الاقتصاد الاردني والتزاما منها بمساعدة اصدقائها."



واضاف غنيم في مقابلة مع وكالة الانباء الاردنية ان "اميركا ستكون شريكا جيدا للاردن وستهب دائما لمساعدته بالطريقة المتوقعة من الشريك الجيد."



وقال غنيم ان بلاده تدعم باستمرار جهود جلالته في التنمية والاصلاح، وخاصة في مجال اهتمامه بحقوق الانسان وحرية الصحافة والحياة البرلمانية مؤكدا ان حكومة بلاده ستستمر في هذا النهج حيث وصف جلالته بـ "القائد الديناميكي في كافة القضايا المحلية التي تعنى بتحسين حياة شعبه وكذلك الاقليمية وتلك التي تحمل الصبغة العالمية."



وايد غنيم وجهة النظر الاردنية التي تؤكد ان الوقت ليس عاملا مساعدا في العملية السلمية ولهذا فعلى الجميع التحرك للتوصل الى الحلول الضرورية المنصوص عليها في خارطة الطريق التي اعلن بوش في مؤتمره الصحفي المشترك مع جلالة الملك التزامه بها وبرؤية حل الدولتين اللتين تعيشان جنبا الى جنب بامن وسلام.



واشار الى ان الجميع بانتظار تشكيل الحكومة الفلسطينية بسبب "الحاجة الى وجود شريك تتفاوض معه."



واضاف ان بلاده مستمرة في جهودها بشان الجدار الفاصل وتحذر طرفي النزاع الفلسطيني الاسرائيلي من اتخاذ اجراءات تعقد القدرة للتوصل الى حل.