جلالة الملك يلتقي الطفل إسلام
© أرشيف الديوان الملكي الهاشمي
© Royal Hashemite Court Archives
لم يكن يخطر ببال الطفل إسلام يوسف الاسكندراني (الذي يتلقى العلاج في مركز الامل للشفاء منذ عامين) أن امنيته بمقابلة جلالة الملك عبدالله الثاني سيستجاب لها بمجرد ان يبوح بها لوالده ووالدته ولبعض الاطباء في المركز الذي يتعالج فيه.
وتعود بداية القصة الى اكثر من اسبوعين عندما عبر الطفل إسلام - على استحياء - لوالده ووالدته عن رغبته بمقابلة جلالة الملك عبدالله الثاني الذي زار مركز الامل دون ان يتمكن إسلام من رؤيته بسبب وجوده خارج المركز اثناء الزيارة.
وخلال بوح إسلام بمكنونات صدره لذويه بهذا الشان سمع بعض اطباء المركز هذا الحديث وعملوا على ايصال (الرغبة - الرسالة) الى الديوان الملكي الهاشمي حيث عرضت على جلالة الملك الذي امر من جانبه بتحديد موعد للمقابة في اسرع وقت ممكن وهو ما تم فعلا ظهر اليوم بحضور جلالة الملكة رانيا العبدالله.
واستمع جلالته خلال المقابلة الى ايجاز من الدكتورة مها الارناؤوط رئيسة قسم امراض الدم والاورام في مركز الامل للشفاء المشرفة على علاج الطفل إسلام.. حول مرض إسلام ومراحل العلاج التي قطعها والبرنامج الموضوع لمتابعة الحالة مستقبلا حيث امر جلالته بمتابعة علاج إسلام على اتم وجه وفي اي مكان تتطلبه الحالة.
ويعاني إسلام (الذي يستعين خلال سيره بعكازتين تترجمان معاني ودلالات الاصرار على الشفاء) من سرطان لمفاوي في الدم "لوكيميا" منذ عامين وقد انهى لغاية الان 95 اسبوعا من العلاج. وبحسب الدكتورة الارناؤوط فان إسلام ما زال بحاجة الى 25 اسبوعا اخرى من العلاج على الرغم من انه الان في طور الشفاء حيث ان نخاعه الشوكي خال من السرطان.
واشارت الى ان إسلام (الذي انهى قبل حوالي عشرة ايام بنجاح متطلبات الصف الخامس الابتدائي) مر خلال فترة علاجه الكيماوي بثلاثة مراحل هي المرحلة المكثفة ومرحلة التثبيت واخيرا مرحلة المتابعة التي يعيشها حاليا. ورغم حالته المرضية غير المستقرة خلال العامين الماضيين الا ان إسلام البالغ من العمر 12 عاما بقي مستمرا ومواظبا على الذهاب الى مدرسته التي لم يكن يتغيب عنها الا في حالات اشتداد المرض عليه.
وتؤكد الدكتورة الارناؤوط في هذا السياق "ان حالة الطفل إسلام يجب ان تعطي للآخرين كل الامل اذ ان مرض هذا الطفل كان سرطان الدم والفكرة العامة عند الناس ترجح ان المصابين بهذا المرض لن تكتب لهم الحياة ولكن إسلام بحمد الله تلقى العلاج وشفي مما يعني ان فرصته الشفاء من هذا المرض كبيرة جدا."
وبلغ عدد الاطفال الذي تلقوا العلاج في مركز الامل للشفاء خلال الاعوام الماضية 250 طفلا مازالت غالبيتهم تراجع المركز بعد انتهاء مراحل العلاج من اجل متابعة اوضاعهم الصحية.
ويوفر قسم الاطفال في المركز (الذي يرقد فيه حاليا حوالي عشرين طفلا) خدمات طبية متكاملة تضاهي تلك الخدمات التي تقدمها افضل المراكز العالمية المماثلة.
ووصف يوسف الاسكندراني والد إسلام لقاء اسرته بجلالة الملك عبدالله الثاني وجلالة الملكة رانيا اليوم بانه كان لقاء ابويا بكل ما تحمله الكلمة من معاني. وقال - وقد اغرورقت عيناه بالدموع - لم اتخيل يوما بانني ساعيش مثل هذه اللحظات المؤثرة السعيدة.. مضيفا "انني عاجز حقا عن التعبير عما يجول في خاطري في هذه اللحظة لان الموقف اكبر من ان يوصف."
اما والدة إسلام امينة ابو سعد فقد عبرت عن جزيل شكرها وتقديرها لجلالة الملك عبدالله وجلالة الملكة رانيا العبدالله على دفء اللقاء الذي ترجم - وفق ما اكدت - كل معاني الانسانية.
واستطردت "الحمدلله الذي انعم علينا بقيادة الهاشميين الذين لا هم لهم الا اسعاد ابناء شعبهم ورسم البسمة على شفاه المحرومين منهم."
واكد الطفل إسلام (الذي تشع عيناه حياة وتفاؤلا) انه شعر خلال اللقاء بفرحة كبيرة لم يشعر بمثلها طوال حياته. وقال "لقد أيقنت ان امنيتي تحققت وكان لدي كلام كثير قلته لسيدنا الذي سألني عن مدرستي.. وان شاء الله سنمضي عطلة نهاية الاسبوع مع سيدنا في العقبة قريبا."
ويتيقن المراقب عندما يرى تفاصيل العلاقة الحميمة التي تربط اسرة إسلام بالاطباء القائمين على علاجه في مركز الامل ان انسانية ابناء هذا البلد لا تتوقف عند حد بل انها تأخذ في كل لحظة اشكالا ايجابية مبتكرة.
وفي هذا تؤكد الدكتورة الارناؤوط ووالدا إسلام ان العلاقة انتقلت خلال العامين الماضيين من علاقة اطباء باسرة مريض الى علاقة اجتماعية انسانية خاصة ورفيعة المستوى تعبر بكل تجلياتها عن الاردن الوطن والارض والانسان.
واكد والد ووالدة إسلام انهما اصيبا بصدمة عندما شخص الاطباء مرض إسلام قبل عامين لكنهما بدأ يعيشان الواقع ويتفهمانه عندما استمعا الى شرح من الاطباء حول ابعاد المرض ونتائج العلاج وهما اليوم وبعد لقاء صاحبي الجلالة تأكدا ان عين المولى كانت ترقبهما منذ اصيب فلذة كبدهما بهذا المرض.