حوار أجرته صحيفة الحياة مع جلالة الملك

عمان
02 شباط/فبراير 2002

أكد جلالة الملك عبدالله الثاني معارضته الشديدة توسيع دائرة الحرب لتشمل دولا عربية مما ستكون له نتائج خطيرة .. ومحذرا من نتائج ضرب اي دولة عربية "سواء اكان العراق ام غيره التي ستهدد الاستقرار في المنطقة".

ونفى جلالته ..ان يكون للاردن اي خيار في الضفة الغربية ..واصفا جلالته هذه الطروحات بانها "غير صحيحة اطلاقا ".. "ونرفض الخوض فيها رفضا باتا" .. مؤكدا موقف الاردن الداعي دوما الى اقامة دولة فلسطينية مستقلة على التراب الوطني الفلسطيني .

وقال جلالة الملك عبدالله الثاني في مقابلة اجرتها مع جلالته صحيفة الحياة نشرتها اليوم .. انه اكد للرئيس الامريكي جورج بوش "بانه لا بديل عن الرئيس ياسرعرفات ..ويجب دعمه ومساندته ..وانه اكد للرئيس الامريكي اهمية حضور الرئيس عرفات القمة العربية المزمع انعقادها في بيروت الشهر المقبل .."وان غيابه سيترك اثارا سيئة وسلبية على الشعب الفلسطيني وفي الشارع العربي عموما".

واضاف جلالته ..انه طالب الادارة الامريكية بان تلعب دورا اكبر ..وان تمارس الضغط على اسرائيل للاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني ..وفي مقدمتها اقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني وعاصمتها القدس .

وقال جلالته ..ان الاردن يعمل بكل امكاناته لمنع وقوع الكارثة في فلسطين ..فما يجري في فلسطين خطير جدا ..ويقلقنا الى ابعد الحدود ..وخطورة الامور تكمن في ان الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي قد يكونان فقدا البوصلة ..ولا يعرفان في اي اتجاه يسيران ..ولا شك في ان لما يجري في فلسطين اثاره الخطيرة على المنطقة برمتها ..واي تطورات سلبية على الشعب الفلسطيني الاعزل المحاصر ستوءثر في الانسان العربي اينما كان ..ونحن نعمل بكل امكاناتنا لمنع وقوع الكارثة ..ونتمنى ان يصغي الجميع الى لغة الحوار بدلا من سياسة القتل والتدمير التي لن تجلب الا اليأس والاحباط والمزيد من الدمار ..موءكدا جلالته انه لا خوف على الاردن اطلاقا ..وشعبنا واع يدرك التحديات ويستطيع التعامل معها ..فلقد تعلمنا من دروس الماضي الشيء الكثير ..وفي حال ساءت الامور لا قدر الله في الاراضي الفلسطينية ..وانهارت عملية السلام ..فلدى شعبنا القدرة على مواجهة كل الظروف .

وردا على سؤال قال جلالته ..ان قضية فلسطين وشعبها ياخذان الحيز الاكبر في كل لقاءاتنا واتصالاتنا سواء مع القادة العرب او مع الاصدقاء في العالم ..وخلال الايام القليلة الماضية تحركنا في اكثر من اتجاه مع قادة الدول العربية ومع الجهات الدولية المؤثرة.. واخرها كان لقاءنا مع الرئيس بوش لتوضيح خطورة الموقف والحؤول دون تفاقم الوضع وخروجه عن السيطرة ..ولكن دعني اوضح اكثر ..فللأسف كلما اقتربنا من الحل يطرأ جديد يعيدنا الى المربع الاول ..ثم نبدأ المسيرة مرة اخرى ..وعلى الرغم من ذلك فاننا مصممون على الوصول الى الحل الذي يعيد الامن والاستقرار الى المنطقة ..فلن نمل ..ولن نستسلم لاصحاب الاجندات الخاصة التي لا تريد للسلام ان يعم المنطقة .

وقال جلالته .. اما عن رأينا في الموقف الامريكي فيجب ان يوجه هذا السؤال الى الادارة الامريكية ..التي نأمل ان تلعب دورا اكبر ..فنحن حذرنا من خطورة نزع الشرعية عن الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ..ونؤكد ان الجهة الوحيدة التي يمكن التعامل معها في الشأن الفلسطيني بالدرجة الاولى هي السلطة الوطنية الفلسطينية ممثلة بقيادتها المنتخبة الرئيس ياسر عرفات .

وردا على سؤال قال جلالته .. لم نحمل مبادرات محددة ..لكننا اكدنا للرئيس بوش اهمية الدور الامريكي ..وضرورة قيام اميركا بجهود مكثفة لوقف العنف ..واعادة الطرفين الى طاولة المفاوضات ..وممارسة الضغط على اسرائيل للاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني في اقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني وعاصمتها القدس ..وفي مقابل ذلك ..فاننا ندرك ايضا ضرورة الاعتراف بحق اسرائيل في الوجود والعيش ضمن حدود امنة معترف بها . ونأمل ان يتم التحضير لبدء المفاوضات بين الجانبين والولايات المتحدة فهي الطرف الاقدر على المساعدة في التوصل الى الهدوء ..والبدء بتنفيذ وقف اطلاق النار ..ولا شك في ان تقرير ميتشل وتفاهمات تينت تشكل قواعد اساسية لاي تحرك في هذا الاتجاه .

وفي معرض اجابته على سؤال قال جلالة الملك عبدالله الثاني ..نحن مع الاجماع العربي ..وعلاقتنا مع اسرائيل لم تأت من فراغ ..وانما نتيجة مفاوضات طويلة وبمرجعية مدريد مع الاطراف العربية الاخرى المشاركة في عملية السلام ..ولكن اود القول ايضا ..ان الفلسطينيين بحاجة ماسة الى المساعدة ..واذا توقفت العلاقات مع اسرائيل ..فان الامور تزداد تعقيدا ..فكيف يمكن تقديم المساعدة الى الفلسطينيين ..وبناء المستشفيات الميدانية في الضفة الغربية من دون ان تكون لنا علاقة مع اسرائيل ؟ ثم كيف يستطيع المسؤولون الفلسطينيون التحرك الى العالم من دون وجود النافدة الاردنية ؟ لسنا هنا في مواقف انفعال اوعواطف ..بل نريد ان نشد من ازر اخوتنا الفلسطينيين ..ونساهم في التخفيف من الحصار المفروض عليهم .

وحول توقع جلالته للقمة العربية قال.. ان اي لقاء عربي على اي مستوى لن يكون الا في مصلحة الامة .. فلقد امنا دوما بمؤسسة القمة العربية ..ونرى فيها المنبر الاقوى لتحقيق الوفاق العربي ..وسنسعى بكل امكاناتنا لانجاح القمم العربية ..ونأمل من قمة بيروت ان تبني على ما تحقق في قمة عمان ..وتخرج بقرارات تنسجم وتطلعات شعوبنا ..خصوصا بالنسبة لقضيتي الشعب الفلسطيني والعراق.

واضاف جلالته ..اننا نريد تغليب صوت العقل على العواطف ..وندرك ان التحدي الاقتصادي الذي تواجهه الامة يجب ان يأخذ حيزا في كل لقاءاتنا ..لاننا نعتقد بأن غياب التكامل الاقتصادي العربي الذي اهمل لفترة طويلة ..هو اكبر نقاط ضعف امتنا.

واكد جلالة الملك .. لقد اعلنا تأييدنا الحرب على الارهاب منذ البداية ..لاننا جزء من المجتمع الانساني ..والارهاب ايا كان مصدره ضد الحضارة والانسانية ..ولكن ليس لنا دور في الحملة الامريكية القائمة الان ضد طالبان وتنظيم القاعدة ..والدور الاردني اقتصر على تقديم المساعدات الطبية الى محتاجيها في منطقة مزار الشريف بافغانستان ..حيث لدينا مستشفى عسكريا يقدم العلاج الى العديد من افراد الشعب الافغاني المنكوب ..ولدينا بعض الجنود لحماية قوافل الاغاثة وتنظيمها ..اما بالنسبة الى الحديث عن تبادل المعلومات مع الولايات المتحدة ..فقد حصل ذلك وتبادلنا المعلومات الامنية بما يخدم مصالح الدولتين .

واضاف جلالته .. للاسف فان تأثير احداث 11 ايلول " سبتمبر " ونتائجها على العرب والمسلمين كانت اكثر من اي جهة ثانية ..لان هناك عدم وضوح لدى الغرب لجوهر الاسلام وسماحته ..وحاولنا قدر الامكان ان نوضح الصورة ونناى بالاسلام العظيم عن ظاهرة الارهاب التي حاول العديد من قادة الرأي والصحافة في الغرب الصاقها به وبالعرب .

وقال جلالة الملك ..ان المطلوب منا كعرب ومسلمين ..ان نغير الصورة لدى الغرب ..من خلال حملات مكثفة توضح موقفنا الرافض للارهاب ..وتبين سماحة الاسلام وبراءته من الذين يحاولون التستر خلفه لتحقيق ماربهم واهدافهم وافكارهم الهدامة .

واضاف جلالته .. لقد اطلعت على الحملة الصحفية الظالمة ضد الشقيقتين السعودية ومصر ..ويبدو ان هناك دوائر بعينها تقف وراء هذه الحملة للاساءة الى بلدين لهما ثقلهما في العالم العربي ..والمطلوب الان هو دحض هذه الافتراءات عبر حملة تكشف زيف هذه الادعاءات.

وردا على سوءال قال جلالة الملك عبدالله الثاني ..ان التغيير الحكومي ليست له علاقة بالاستقرار السياسي والاقتصادي ..والاردن بلد مستقر والحمد لله ..واقتصاده في نمو مستمر ..والمؤشرات في هذا الاتجاه ايجابية جدا ..لكن هناك العديد من الامور مرتبطة باحداث تغيير من حين لاخر ..ونحن نكلف الوزراء والمسؤولين ببرامج محددة ..ونمنحهم مهلة للتنفيذ ..واذا راينا ان من تم تكليفهم لم ينفذوا البرامج المطلوبة منهم ..فاننا نملك دائما البدائل ..ولدينا برنامج تحول اقتصادي واجتماعي كبير ..ونثق برئيس وزرائنا والحكومة في القدرة على تنفيذ هذا البرنامج ..وسنؤمن كل الدعم لانجاح الخطوات التي تقوم بها الحكومة من اجل تطوير الاقتصاد وتحقيق معدلات نمو تحسن مستوى حياة المواطنين.

واكد جلالة الملك ..ان الاردن من اكثر الدول في المنطقة انفتاحا على العالم ..وبعد انشاء المجلس الاعلى للاعلام ..نأمل ان يتخذ المجلس خطوات سريعة وعملية في رسم السياسات الاعلامية التي تخدم توجهاتنا نحو الانفتاح السياسي والاعلامي ..فنحن نؤمن بالصحافة الحرة المسؤولة ..ونؤمن بدورها في تحقيق التطور السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي نريد ..وسندعم اي توجه اعلامي صادق لقيام صحافة حرة مسؤولة تحرص على مصالح الوطن والمواطنين .

وقال جلالته ..لا اخفيك انه حصل بعض التجاوزات التي دفعت الحكومة الى اتخاذ خطوات تهدف الى حماية حقوق الناس من تصرفات بعض الصحف والصحافيين الذين تجاوزوا الخطوط الحمراء ..وأساؤوا الى حقوق المواطنين وهيبة الدولة ومصالح الوطن .