غداً.. عيد ميلاد جلالة الملك..

عمان
29 كانون الثاني/يناير 2002

يحتفل الاردنيون يوم غد في الثلاثين من كانون الثاني بالعيد الاربعين لميلاد حضرة صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين ايده الله واعز ملكه .

فقد ولد جلالته في مثل ذلك اليوم من عام 1962 حيث زفت البشرى الى الشعب الاردني في صبيحة ذلك اليوم بميلاد اكبر الابناء الذكور لجلالة الملك الحسين طيب الله ثراه الذي سماه في اليوم ذاته وليا لعهده ونذره لخدمة شعبه وامته.

تلقى جلالته تعليمه في عمان والمملكة المتحدة والولايات المتحدة قبل ان يتابع علومه العسكرية في كلية ساند هيرست وعلومه السياسية في جامعة اكسفورد حيث التحق ببرنامج للدراسات الخاصة في السياسة الدولية لمدة عام واحد ..

وتابع جلالته فيما بعد دراسات متقدمة في الشوءون الدولية بجامعة جورج تاون. التحق جلالة الملك في القوات المسلحة الاردنية في سن مبكرة وتدرج في الخدمة العسكرية الى ان اصبح قائدا للعمليات الخاصة .

عقد جلالته قرانه على جلالة الملكة رانيا العبدالله في العاشر من حزيران عام 1993 ورزق جلالتاهما بسمو الامير الحسين عام 1994 وسمو الاميرة ايمان عام 1996 وسمو الاميرة سلمى عام 2000 .

وتسلم جلالة الملك عبدالله الثاني سلطاته الدستورية بعد ظهر يوم السابع من شهر شباط سنة 1999 واصبح بذلك الملك الرابع للمملكة الاردنية الهاشمية.

اهتم جلالته ومنذ اللحظة الاولى لتوليه سلطاته الدستورية بالتواصل مع ابناء شعبه في كل ارجاء الوطن وبدأ بزيارة العديد من المواقع في البادية والريف والقرى والمخيمات والمدن ..وكثيرا ما عمد جلالته الى زيارة تلك المواقع وغيرها من الموءسسات الرسمية متخفيا ليطلع بنفسه على واقع الحال دون اي تزييف او تزيين .. واصبحت زيارات جلالته حديث كل الاردنيين تحفزهم على مواصلة عملهم باتقان واخلاص ويتعلمون منها معنى التواضع والاصرار على سرعة الانجاز واتقانه .

وكانت ابرز زيارات جلالة الملك متخفيا تلك الزيارة المفاجئة التي قام بها الى مستشفى البشير ليطلع بنفسه على واقع الخدمات الطبية المقدمة للمواطنين ..وبعد تلك الزيارة امر جلالته باعادة تأهيل هذا المستشفى العام وادخال العديد من الاجهزة وتطوير العمل وتوسيع الابنية واصلاح المصاعد داخل المستشفى ..ولم يكن جلالته لينتظر ان تأتيه النتائج على الورق بل زار المستشفى مرة اخرى بعد عام ليطلع على واقع الحال الذي آل اليه المستشفى بعد زيارته الاولى والتي تبعها بزيارات اخرى متكررة موليا اهتماما خاصا بتقديم العلاج اللازم للاطفال الذين ارتسمت البسمة على وجوههم بعد اطمئنان جلالته عليهم .

وواصل قائد الوطن لقاءاته مع العشائر وتتبع مطالبهم واحتياجاتهم واطمأن على اوضاعهم في مضاربهم وبيوتهم وتجمعاتهم السكانية فاتحا معهم الحوار المباشر ومستمعا لمطالبهم وحاجاتهم وآمرا حكومته بمعالجة قضاياهم وايجاد الحلول لمشاكلهم.

وكعهد الهاشميين باصرارهم على التواد وكفالة اليتيم ورعاية وتلبية لهفة المحتاج كان لجلالته جولات تفقدية لاحوال المواطنين في اماكن سكناهم حيث زار العديد من البيوت والمساكن التي ضمت في جدرانها المصنوعة من الصفيح عددا من الاطفال والايتام وغمرهم بابوته وعطفه وامر بتقديم المعونة العاجلة لهم وتوفير ما يحتاجونه ليعيد البهجة الى قلوبهم .

وفي اطار الانطلاقة الجديدة للتصحيح الاقتصادي وتنشيط الحركة الاقتصادية وايجاد البيئة الاستثمارية الجاذبة التي قادها جلالة الملك عبدالله الثاني منذ اليوم الاول لتوليه الحكم كانت لجلالته زيارات مفاجئة للعديد من المواقع الاقتصادية ونقاط العبور مع الدول المجاورة حيث ابدى توجيهاته السامية بضرورة تقديم الخدمات بالسرعة الممكنة في تلك المواقع وتحديث الانظمة والتشريعات بما يتناسب ودخول الاردن الى السوق العالمي المفتوح .

واحتلت التنمية الاقتصادية في المملكة اهمية خاصة لدى جلالته حيث تكللت جهوده بتوقيع اتفاقيات مناطق التجارة الحرة مع عدد من الدول العربية وانضمام الاردن الى منظمة التجارة العالمية واتفاقية منطقة التجارة الحرة مع الولايات المتحدة الامريكية والشراكة مع اوروبا واتفاقيات عديدة مع دول العالم مما اسهم في انفتاح الاردن على الاقتصاد العالمي وادماجه مع الاسواق العالمية.

وكان انشاء منطقة العقبة الاقتصادية من ابرز الانجازات الاقتصادية التي استطاع الاردن بقيادة وفكر مليكه اخراجها الى حيز الوجود وفي فترة قياسية لم تتجاوز عامين حيث بدأ تطبيق قانونها وانظمتها الخاصة في منتصف شهر شباط الماضي وسجلت 62 شركة تجارية وسياحية وصناعية على مدار الايام الثلاثة الاولى من اعلان المنطقة الاقتصادية الخاصة وبلغ عدد الشركات المسجلة حتى نهاية العام الماضي 750 شركة .

واستطاع الاقتصاد الوطني ان يحقق نموا بنسبة تزيد على 4 بالمائة خلال العام الماضي وازدادت الصادرات الوطنية والتدفقات الاستثمارية مما زاد الثقة والاطمئنان بالاقتصاد الوطني .

ومنذ بداية عهد جلالته بدأت معظم وزارات وموءسسات الدولة بالاعلان والعمل على نظام /الحكومة الالكترونية / لمواكبة تطورات وتحديات العولمة وتعهدت اللجنة الاقتصادية الاستشارية التي تشكلت بامر من جلالته بتكثيف جهودها لانجاز استراتيجية الحكومة الالكترونية التي سارعت اجهزة الدولة المختلفة بتنفيذ خططها الرامية الى حوسبة العمل في الجهاز الحكومي وادخال احدث الانظمة الالكترونية في تقديم خدماتها مستفيدين من حداثة وتطور اجهزة الاتصال المختلفة التي كان الاردن من اوائل دول المنطقة في ادخالها والاستفادة منها .

واولى جلالته التعليم اهمية خاصة موعزا الى كافة الاجهزة التعليمية بضرورة ادخال اجهزة الحاسوب الى مدارس وزارة التربية والتعليم في كافة المحافظات والالوية ..حتى وصلت اجهزة الحاسوب التي امر جلالته بتوفيرها الى مناطق البادية النائية في الرويشد والصفاوي ووادي موسى واصبحت مادة الحاسوب تدرس في مختلف مدارس المملكة التابعة لوزارة التربية والتعليم ..وشمل القائد بمكرمته السامية شرائح جديدة من المجتمع الاردني من الناجحين في الثانوية العامة موفرا لهم فرصة الالتحاق بالجامعات الحكومية لمواصلة تعليمهم واهتم بتحديث وتطوير مناهج التعليم وطرق التدريس وتدريب المعلمين بشكل يحقق استراتيجية واضحة المعالم والعمل على توفير حاجة سوق العمل وتطور الاقتصاد الوطني .

وحمى جلالته المسيرة الديمقراطية في الاردن ودعا الى فتح الافاق امامها وتنظيم الحياة السياسية من خلال مجموعة من الاجراءات والتشريعات التي وضعت مصلحة الوطن فوق كل اعتبار من خلال قانون عصري للانتخابات البرلمانية من اجل زيادة منافذ الحوار وتهيئة المناخ المناسب للتنمية السياسية .

وشدد جلالته في كتاب التكليف السامي الذي وجهه الى حكومة علي ابو الراغب بتاريخ 14 كانون الثاني من العام الحالي على تطلع جلالته الى قيام الحكومة باجراء الانتخابات النيابية المقبلة بشفافية عالية ونزاهة مطلقة داعيا كافة ابناء الشعب الاردني لممارسة حقهم في الانتخاب وعهد الى الحكومة باهمية اتخاذ كافة الترتيبات والاستعداد الكامل لاجراء الانتخابات في موعدها الدستوري خلال هذا العام .

وركز جلالته على ضرورة ايلاء عناية خاصة لتنمية الموارد البشرية ورفع سوية الخدمات الحكومية الاساسية والتركيز على جملة من الاصلاحات الهيكلية في مجال القضاء والمالية والادارة والشباب والاعلام ..والاسراع بتنفيذ المشروعات الوطنية الكبرى في المياه والطاقة وتطوير العقبة ومشاركة رأس المال الوطني فيها واستكمال برنامج الخصخصة وتنفيذ برامج مكافحة الفقر وايجاد فرص عمل جديدة ودائمة من خلال برامج تنمية المحافظات ودعم المشاريع الصغيرة .

واولى جلالته الوحدة الوطنية اهمية خاصة كركيزة اساسية يقوم عليها بنيان المجتمع الاردني والتي يعتبرها جلالته خطا احمر لا ينبغي لاحد تجاوزه او العبث به مهتما بايجاد جبهة متماسكة قوية تسود بين افرادها روح المحبة والاخاء والحرص على المصلحة الوطنية العليا على اساس تحقيق المساواة وتكافوء الفرص بين الجميع.

واهتم جلالته بمشاريع التدريب والتأهيل بهدف الحد من البطالة وكان ابرزها تشكيل المجلس الوطني للتدريب المهني الذي بدأ عمله بتنفيذ خطة طموحة قوامها تدريب وتأهيل الآلاف من الشباب الاردني تمهيدا لادخالهم سوق العمل حيث يتم تنفيذ هذه الخطة بالتعاون ما بين موءسسة التدريب المهني والقوات المسلحة الاردنية .

واولى جلالته القوات المسلحة الاردنية والاجهزة الامنية اهتماما خاصا مقدما لها كل الدعم مركزا على اهمية مدها بما يحتاجه افرادها وكوادرها من تجهيز وتدريب وتسليح لتبقى درع الوطن الحصين وسياجه .

وحرص جلالته على ايلاء مختلف القضايا والتطلعات المرتبطة بمحافظات المملكة المختلفة اهمية كبيرة لتطويرها وترأس جلالته لتحقيق ذلك العديد من اجتماعات مجلس الوزراء التي كانت تعقد في المحافظات مطالبا حكومته بسرعة ايجاد الحلول ومعالجة القضايا المتعلقة بهذه المحافظات .

واولى جلالته عناية خاصة للحرية الصحفية وقطاع الاعلام حيث امر جلالته بضرورة العمل على استقلال موءسسات الاعلام وادارتها بروءية وفلسفة جديدة وامر بتشكيل المجلس الاعلى للاعلام والغاء وزارة الاعلام .

كما اهتم جلالته بالشباب الاردني الذين يشكلون ثلاثة ارباع المجتمع الاردني وامر بتشكيل مجلس رعاية الشباب والغاء وزارة الشباب مهمته وضع سياسة وطنية تضمن وضع قضايا الشباب على سلم اولويات الاردن الوطنية ودعم الموءسسات الشبابية والرياضية .

واهتم جلالته بالمجال الزراعي وخاصة فيما يتعلق باهمية ادخال تقنيات الزراعة الحديثة وتحسين سبل التسويق والتصنيع الزراعي واحتلت شجرة الزيتون مكانة خاصة في اهتمامات جلالته حيث عمد الى زيارة مزارع الزيتون في محافظة عجلون وامر بافتتاح معاصر حديثة للزيتون بهدف زيادة تصدير هذه المادة الى الخارج بمواصفات عالمية .

وعلى الصعيد العربي عمد جلالته الى مواصلة العمل وبكفاح وجهد متواصلين على دعم القضية الفلسطينية والوقوف الى جانب الاشقاء الفلسطينيين ودعمهم وتأييدهم في حقهم في قيام دولتهم على تراب فلسطين وعاصمتها القدس الشريف. وكانت لقاءات جلالته برئيس السلطة الوطنية الفلسطينية ياسرعرفات في عمان وعلى اراضي السلطة الفلسطينية ترجمة حقيقية لتأييد الاردن الكامل للسلطة الوطنية الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وللرئيس ياسر عرفات .

وواصل جلالته تأكيده على ان المصلحة الفلسطينية هي مصلحة اردنية وان العلاقة القائمة بين الشعبين الاردني والفلسطيني ترتكز على جذور تاريخية راسخة من التعاون البناء لتحقيق الاهداف المشتركة .

وتواصلت جهود جلالته لاعادة الحياة الى المفاوضات السلمية في الشرق الاوسط والتي تعثرت في الاونة الاخيرة بسبب الممارسات الاسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني وقيادته المتمثلة بشخص الرئيس ياسر عرفات .

وتميزت مواقف جلالته فيما يتعلق بقضايا الشرق الاوسط بالجرأة والمبادرة ومن هذه المواقف ما اعلنه جلالته بعد احداث الحادي عشر من ايلول الماضي في امريكا بانه ما كانت لتحدث لولا التوترات الاقليمية التي ما زالت قائمة منذ سنوات طويلة ، كما اعلن رفضه التام لاحتمالية توجيه ضربة عسكرية لاي دولة عربية .

والتأمت في عهد جلالته القمة العربية الدورية الاولى في عمان في آذارالماضي حيث ترأس جلالته اعمال هذه القمة التي تميزت بالعديد من القرارات ومن اهمها مواصلة دعم القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني على ارضه وترابه ومواصلة دعم قيادته والوقوف الى جانبها في وجه العدوان الاسرائيلي المتكرر وبحث وضع العراق لاول مرة كحالة عربية تستدعي تضافر الجهود العربية لاعادة العراق الى الصف العربي ونبذ الخلافات العربية -العربية واعادة الوحدة الى الصف العربي .

وحرص جلالته على توثيق اواصر الاخوة بين الاردن واشقائه العرب موءكدا خلال لقاءاته المتعددة مع قادة الدول العربية على اهمية دعم مسيرة العمل العربي المشترك واسناد التضامن العربي والعمل مع الاشقاء بروح المسوءولية والاحساس بتطلعات المواطن العربي في ارجاء الوطن الكبير مركزا على اهمية العمل على رفع الحصار عن العراق الشقيق وعودته الى امته العربية .

والتقى جلالته منذ توليه الحكم العديد من قادة وروءساء دول العالم والامين العام للامم المتحدة وكان محور هذه اللقاءات التركيز على اهمية تحقيق السلام الشامل والعادل والدائم القادر على تلبية حقوق الاطراف وقبول شعوب منطقة الشرق الاوسط بها وتحويل اهتمام المنطقة نحو تحسين حياة شعوبها من خلال برامج تنمية اجتماعية واقتصادية توفر نموا مستداما لها وللعالم اجمع وايجاد نظام تفاهم جديد يحكم العلاقات الاقليمية المتداخلة ويخدم الحقوق الانسانية والسياسية والمدنية لجميع شعوب المنطقة ويوفر اطر البناء والتعاون بينها .

وعكست المباحثات التي اجراها جلالته مع قادة العالم روءية جلالته وتطلعاته نحو تذليل الصعوبات والعراقيل التي تواجه تقدم الشعوب وزيادة اواصر التعاون في مختلف المجالات الاقتصادية والتنموية .

وعلى المستوى العالمي فقد ثمن العديد من قادة وروءساء دول العالم مواقف جلالة الملك عبدالله الثاني للدور الذي يلعبه الاردن بقيادته في دعم السلام الاقليمي وانهاء الصراعات القائمة بين شعوب المنطقة وايجاد الحلول المنسجمة مع قرارات الامم المتحدة ومجلس الامن الدولي.

وشكلت زيارات جلالة الملك الى العديد من دول العالم محطة مهمة في تاريخ العلاقات القائمة والمتنامية بين الاردن وهذه الدول في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية .

وتأتي زيارة جلالة الملك الى الصين في بداية العام الحالي كاحد ابرز تلك الزيارات حيث اكد جلالته خلالها على مكانة وثقل الصين الدولي مما يمكنها من المساهمة الى جانب التحركات الاوروبية والامريكية والروسية في انقاذ الوضع في الشرق الاوسط وعودة الاطراف المعنية الى طاولة المفاوضات .

وينظر الاردنيون واشقاوءهم العرب باهمية استثنائية لزيارة جلالته المقبلة الى واشنطن والتي تبدأ غدا لا سيما انها تأتي في ظل تطورات بالغة التعقيد سواء بالنسبة للوضع المتفجر على صعيد القضية الفلسطينية او بالنسبة للموقف الامريكي الجديد من القيادة الفلسطينية وتداعيات كل ذلك على المنطقة برمتها.

في العيد الاربعين لميلاد القائد العظيم جلالة الملك عبدالله الثاني يحتفل الاردنيون بالملك الانسان والانجاز ويضرعون الى العلي القدير ان يحفظه لامته وشعبه وان يمتعه بموفور الصحة والعافية انه سميع مجيب .
وكل عام والوطن والقائد بالف خير .