كلمة جلالة الملك عبدالله الثاني في افتتاح المنتدى الاقتصادي العالمي حول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
كلمة جلالة الملك عبدالله الثاني في افتتاح المنتدى الاقتصادي العالمي حول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
بسم الله الرحمن الرحيم
أرحب بهذا الحضور المتميز نيابة عن الأردن. كما يسعدني أن افتتح ما نتوقع أن يكون برنامجاً حافلاً.
وأود ان أرحب بشكل خاص بقادة الدول الذين انضموا إلينا اليوم للمشاركة في هذا المنتدى من أرمينيا وجيبوتي وفلسطين ونيجيريا، وكذلك صديقي العزيز الأمين العام للأمم المتحدة والرئيس التنفيذي لأفغانستان. وأعبر عن الشكر والتقدير لفخامتكم جميعاً ولصديقي العزيز البروفيسور شواب على وقوفكم إلى جانب الرياديين وأصحاب الرؤى في هذه المنطقة، خاصة الشباب الذين يصنعون مستقبلنا.
أصدقائي،
سيتناول هذا المنتدى عددا من القضايا ذات الأهمية القصوى والمؤثرة في منطقتنا، وهي قضايا يمكن تبسيطها في حقيقة واحدة، وهي أن شعوبنا بحاجة إليكم أيها القادة والشركاء، للعمل واتخاذ إجراءات في مجالات متعددة، كما أن العالم بأكمله يتمنى لكم النجاح في ذلك.
يمثل أبناء منطقتنا، الذين يزيد عددهم عن 300 مليون، مجموعة من المواهب المتحفزة للمنافسة على مستوى العالم، كما يوفرون سوقا كبيرا من المستهلكين ومؤسسات الأعمال.
وتحقق اقتصاداتنا النمو وتتضاعف الآفاق فيها مع كل جهد يبذل للاستثمار في الفرص الكبيرة المتوفرة في هذه المنطقة، ومع كل استثمار يولّد فرص عمل لأبنائنا الشباب، وكل استثمار يوفر لعائلاتنا العيش الكريم. وهذا يحقق الفائدة لمجتمعاتنا، كما يحقق الفائدة للآخرين، لأن ما يجري في منطقتنا ينعكس على العالم أجمع.
إننا نحتاج إلى شراكة واسعة من أجل تحفيز النمو الاقتصادي، شراكة تتضمن استثمارات من القطاع الخاص وقدرة إنتاجية على جميع المستويات، بما فيها المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم، بالإضافة إلى قطاع عام يعزز ثقة قطاع الأعمال ويدعم النجاح الاقتصادي، وتتضمن أيضاً شركاء دوليين يوظفون الاستثمار لتحقيق مستقبل إيجابي للجميع.
ولا بد أن ينبع هذا الجهد من المنطقة وفيها، من خلال مبادرات تقودها دول الإقليم هدفها الازدهار والنمو. والأردن ملتزم بهذا النهج.
وكما تعلمون، فقد واجه اقتصادنا تحديات كبيرة خلال العقد الماضي. وقد دفع الأردن ثمنا كبيرا لقاء قيامه بالعمل الصحيح تجاه اللاجئين، ونحن نعمل بجهود دؤوبة مع شركاء دوليين لزيادة المساعدات للاجئين وللمجتمعات المستضيفة كذلك.
ونتطلع أيضاً لتحقيق النمو الذي يولّد فرصا كبيرة ذات أثر ملموس، وفي هذا السياق، لا بد من التأكيد على أن الاقتصاد الأردني فيه العديد من الفرص الواعدة. ولقد مثل مؤتمر مبادرة لندن تأكيدا، في الوقت المناسب، على منعة اقتصادنا ونجاعة النهج الذي يمضي فيه الأردن.
وهذا بالطبع ليس إلا البداية. ومن أجل تحقيق نمو أسرع للفرص، فإن الأردن حدد أولوياته في القطاعات الاقتصادية التي توفر آفاقاً واعدة للنمو والاستثمار. وتبني هذه القطاعات على مصادر القوة الاقتصادية المتميزة في بلدنا، بما فيها اتفاقيات التجارة الحرة العديدة والعلاقات التجارية القوية التي تربط الأردن بأسواق تضم أكثر من مليار مستهلك حول العالم. كما أننا نعمل على استغلال مصادرنا الغنية من الطاقة النظيفة والمتجددة، وبحلول العام القادم، نتوقع أن تغطي المصادر المتجددة خُمس احتياجاتنا من الطاقة.
لكن المصدر الأكثر أهمية لقوتنا هو مواردنا البشرية الأردنية، التي تتمتع بمهارات عالية. فشبابنا منفتحون على العالم ويتقنون استخدام التكنولوجيا بمهارة، بالإضافة إلى إتقانهم لغات متعددة، وهم عاقدون العزم على النجاح. شبابنا مكسب لأي مؤسسة، وقد رأينا بالفعل نتائج ذلك في نجاح قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الأردن، والذي وفر الآلاف من فرص العمل الجديدة وفتح آفاق الوصول إلى أسواق المنطقة والعالم.
لقد ساهم التركيز الوطني على التعليم والريادة والابتكار في إرساء بيئة محفزة لريادة الأعمال والشركات الناشئة، مما مكن الأردن من لعب دور قيادي في القطاعات والصناعات الإبداعية الموجهة نحو الشباب.
هذه القطاعات التي تستفيد من مهارات أبنائنا وبناتنا المتميزة تفتح الأبواب أيضا للوظائف الجيدة التي يحتاجونها ويتوقعونها. كما أن المرأة جزء مهم من مستقبلنا الاقتصادي، ونحن الآن بصدد توفير كل السبل نحو النجاح.
وستستمعون خلال إحدى الجلسات اليوم إلى المزيد من التفاصيل عن أحد أبرز القطاعات الخدمية في الأردن، وهو قطاع السياحة. فأعداد زوار الأردن في تزايد مستمر، وهم يعرفون ويثقون في بلدنا المضياف والآمن، وتجذبهم وجهاتنا السياحية المتعددة والمتنوعة.
والسياحة ليست سوى قطاع واحد من قطاعات النمو الواعدة في الأردن، التي تشمل مجالات أخرى كالخدمات المهنية وخدمات الإسناد التجاري والتسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتطوير التطبيقات الذكية وغيرها الكثير.
ويعمل الأردن بشكل نشط على دعم نمو الفرص. فالإصلاحات مستمرة في جميع المجالات لدعم وتعزيز بيئة مشجعة ومحفزة للأعمال. وسنستمر في دعم الابتكار والريادة والمشاريع المختلفة، من الشركات الناشئة وحتى الشركات العالمية التي اتخذت من الأردن مقرا لها. وفوق هذا كله، نحن ننصت إليكم كشركاء لنعرف متطلبات تعزيز فرص الازدهار.
أصدقائي،
إن التحديات التي تواجه بلداننا ليست مجرد مشاكل بحاجة إلى حلول، بل هي فرص للتعاون وبناء الشراكات والمضي قدما معاً.
فكل ما تطمحون له ولعائلاتكم، تطمح له شعوب منطقتنا أيضاً لأنفسهم وعائلاتهم، كوظائف جيدة، ومدن ومجتمعات توفر حياة كريمة، وتكنولوجيا وتطبيقات لخدمة ازدهارنا المشترك.
لذا، وخلال اجتماعاتكم هنا في أعمال المنتدى، تذكروا عندما تناقشون الثورة الصناعية الرابعة الطرق التي يمكن لعالمنا أن يغير بها حياة الناس نحو الأفضل، ومن ثم ساعدوا في تحقيق ذلك.
وحين تناقشون النماذج الاقتصادية، فكروا بأفضل السبل لخدمة شبابنا، ومن ثم ساعدوهم على تحقيق آمالهم وتطلعاتهم التي يستحقونها.
وعندما تفكرون في مستقبل الإدارة البيئية، لا تركزوا فقط على العموميات، ولكن أمعنوا النظر أيضا في الإجراءات الصغيرة، ومن ثم اتخذوا القرار بالقيام بعمل إيجابي.
وحين تحاولون الوصول إلى أرضية مشتركة هنا وفي الأيام القادمة، تذكروا أن ما تحققونه سويا سيكون أمرا حيويا لمستقبلنا المشترك.
أتمنى لكم النجاح والتوفيق.