كلمة جلالة الملك عبدالله الثاني خلال مأدبة الغداء التي أقامها رئيس الوزراء الهولندي تكريما لجلالته

كلمة جلالة الملك عبدالله الثاني خلال مأدبة الغداء التي أقامها رئيس الوزراء الهولندي تكريما لجلالته

هولندالاهاي
21 آذار/مارس 2018
(مترجم عن الإنجليزية)

بسم الله الرحمن الرحيم

صاحبا الجلالة،
رئيس الوزراء،
الأصدقاء الأعزاء،

يسعدني والملكة رانيا أن نزروكم مجددا في هولندا. وأشكركم باسمنا جميعاً على ترحيبكم الحار والحفاوة التي استقبلتمونا فيها منذ وصولنا.

السيد رئيس الوزراء، خلال السنوات القليلة الماضية، عملنا معا لمواجهة بعض القضايا التي شكلت تحديات حقيقية، ومن بينها قضايا الأمن العالمي، والتغير المناخي، وأزمة اللاجئين.

فيما يتعلق بقضايا الأمن فإن بلدانا يتعاونان بشكل وثيق في الحرب على الإرهاب العالمي، ويعملان جنبا إلى جنب ضمن التحالف الدولي ضد داعش.

كما أننا شركاء في برامج ثنائية وأخرى متعددة الأطراف، ومنها مبادرات للقطاع الخاص وبرامج للتبادل الأكاديمي. ويقدر الأردن عاليا اختياره ليكون من بين الدول والشركاء الجدد، الذين يحظون باهتمام وأولوية برامج التعاون التنموي الهولندي.

وكما أوضحتم بالفعل، فإن الأوضاع والتحديات الصعبة التي نواجهها اليوم، تتطلب نهجا يستجيب لطبيعتها الضاغطة. فنحن في الأردن نستضيف 1.3 مليون لاجئاً سورياً مما يشكل عبئا كبيرا على شعبنا واقتصادنا.

لقد بات من الضروري العمل على إيجاد حلول إبداعية تزود الشباب بالأدوات وتتيح لهم الفرص التي يحتاجونها لبناء مستقبل آمن، وأيضا لمساعدة اللاجئين، خصوصا الشباب منهم، للعودة إلى ديارهم، متسلحين بالمهارات والقيم المجتمعية الضرورية لإعادة بناء أوطانهم.

وهذا هو جوهر خطة الاستجابة الأردنية للتعامل مع الأزمة السورية، المعترف بها عالميا. ونأمل أن نعمل معكم ومع حكومتكم بشكل وثيق خلال الأيام القادمة، للمضي قدما في تحقيق تنمية مستدامة وشمولية، ولتعظيم استخدام الموارد الشحيحة، وللاستفادة من نقاط القوة الكثيرة التي يتمتع بها الأردن، خصوصا ما يتميز به شعبنا من مواهب وطموح.

إن الأردن يتطلع إلى زيادة حجم التجارة مع هولندا، كما نرحب بالاستثمارات والابتكارات الهولندية، خصوصا في مجالات الطاقة البديلة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والتعليم والبيئة. فهذه القطاعات تشكل أولوية لنا، نظرا للفرص الكبيرة التي توفرها، ومساهمتها الإيجابية في تعزيز منعة اقتصادنا.

من بين القضايا ذات الأولوية لنا، كما أشرتَ، هي العلاقة الحيوية والمترابطة بين الغذاء والطاقة والمياه، فالأردن يعتبر ثاني أفقر دولة في المياه في العالم. وبالرغم من الاختلاف الكبير لوضع المياه في بلدينا، إلا أن لا أحد يتقدم على بلدينا في تقدير أهمية إدارة المياه على مستقبل البشرية. وفي هذا الشأن، تبرز مجالات بناءة لتوظيف خبراتنا المشتركة.

ومن المؤكد أن التعاون الأمني هو من بين المجالات المتعددة التي تحظى بدرجة عالية من الاهتمام المشترك. ولطالما دعوت إلى اتباع نهج شمولي: يعالج التهديد الأمني، وفي نفس الوقت يتصدى للحرب الفكرية من خلال إرساء الاعتدال وإدماج الجميع، مما يجعل جميع مكونات المجتمعات، وخاصة الشباب، شركاء في مستقبل يسوده السلام والاحترام المتبادل. وهذه قيم لطالما تبناها ودافع عنها الشعب الهولندي.

وأخيرا، اسمحوا لي أن أتطرق إلى أزمات منطقتنا وأهمية إيجاد حلول سياسية لها. فمن الضروري جدا المضي قدما وفق مسار جنيف لمساعدة الأطراف السورية في التوصل إلى تسوية سياسية تشمل الجميع. كما يجب أن لا نغفل عن القضية المركزية في المنطقة، وهي الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والقلق العالمي المتزايد إزاء وضع مدينة القدس. فيجب علينا جميعا حماية المدينة المقدسة وإعادة عملية السلام إلى مسارها. وبإمكان هولندا بصفتها دولة رائدة في العمل الدبلوماسي من أجل السلام وتحظى باحترام الجميع، أن تقوم بدور مهم في هذا المجال.

الأصدقاء الأعزاء،

لقد تناولت بعض المجالات التي تشكل اهتماما مشتركا لبلدينا، ولكن هناك الكثير من الفرص لترجمة الأهداف المشتركة للأردن وهولندا. أرحب بأفكاركم وأتطلع قدما، في المستقبل القريب، لتوسيع شراكاتنا عبر وسائل جديدة ومبتكرة.