كلمة جلالة الملك عبدالله الثاني امام مؤتمر منظمة المؤتمر الاسلامي الاستثنائي

كلمة جلالة الملك عبدالله الثاني امام مؤتمر منظمة المؤتمر الاسلامي الاستثنائي

المملكة العربية السعوديةمكة المكرمة
07 كانون الأول/ديسمبر 2005
ألقى الكلمة نيابة عن جلالة الملك سمو الامير علي بن الحسين

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آل بيته الطاهرين الطيبين.

أصحاب الجلالة والسيادة والسمو،
ملوك ورؤساء وأمراء الدول الإسلامية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،

فيأتي انعقاد هذه القمة الاستثنائية، في مكة المكرمة، وبدعوة كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز والأمة الإسلامية تواجه العديد من التحديات والتي لا سبيل إلى مواجهتها والتغلب عليها إلا من خلال نبذ ما بين أبناء هذه الأمة من خلافات، وتعزيز سبل التعاون والتكامل فيما بينهم، وتوحيد كلمتهم وصفوفهم ومواقفهم إزاء مختلف هذه القضايا والتحديات وذلك ضمن رؤية واحدة وقواعد مستمدة من جوهر الإسلام الذي يجمع ولا يفرق ويدعو إلى وحدة المسلمين بغض النظر عن الاختلاف في اللون أو الجنس أو المذهب.

وبالرغم من قناعتنا بأهمية وحيوية المواضيع والمحاور المدرجة على جدول أعمال هذه القمة ومشروع برنامج العمل العشري لمنظمة المؤتمر الإسلامي إلا أننا في المملكة الأردنية الهاشمية نؤكد من جديد على أن الموضوع الذي ينبغي أن يتقدم على كل هذه المواضيع هو الاتفاق فيما بيننا كمسلمين على من هو المسلم وعلى شروط الإفتاء لأن عدم الاتفاق على هاتين المسألتين هو سبب الفرقة والاختلاف وتبادل تهم التكفير والاقتتال بين أبناء الدين الواحد ولا يعقل أن نتحدث عن التعاون والتكامل بين المسلمين وتوحيد صفوفهم ومواقفهم إزاء تحديات العصر أو علاقتهم بغيرهم من الأمم والشعوب قبل أن يتفقوا فيما بينهم على صحة إسلام أتباع كل مذهب منهم وعلى شروط الإفتاء التي تنظم علاقاتهم فيما بينهم وتوحد مواقفهم إزاء مختلف القضايا وتحديات هذا العصر.

وقد قمنا بحمد الله سبحانه وتعالى وبتوفيق منه في المملكة الأردنية الهاشمية بعقد المؤتمر الإسلامي الدولي في عمان في الفترة ما بين 27-29 جمادى الأولى 1426 للهجرة، وبمشاركة أكثر من مئة وسبعين عالماً من مختلف بلاد المسلمين، ومن أتباع المذاهب الإسلامية الثمانية حيث أقر ممثلو أتباع هذه المذاهب بناءً على فتاوى جميع المراجع الدينية الإسلامية وأجمعوا على ما يلي:

أولاً: إن كل من يتبع أحد المذاهب الأربعة من أهل السنة والجماعة (الحنفي، والمالكي، والشافعي، والحنبلي) والمذهبين الشيعيين (الجعفري والزيدي) والمذهب الأباضي والمذهب الظاهري فهو مسلم ولا يجوز تكفيره ويحرم دمه وعرضه وماله ولا يجوز أيضاً تكفير أصحاب العقيدة الأشعرية ومن يمارس التصوف الحقيقي وكذلك لا يجوز تكفير أصحاب الفكر السلفي الصحيح كما لا يجوز تكفير أي فئة أخرى من المسلمين تؤمن بالله سبحانه وتعالى وبرسوله صلى الله عليه وسلم وأركان الإيمان وتحترم أركان الإسلام ولا تنكر معلوماً من الدين بالضرورة.

ثانيا: إن ما يجمع بين المذاهب أكثر بكثير مما بينها من الاختلاف فأصحاب المذاهب الثمانية متفقون على المبادئ الأساسية للإسلام فكلهم يؤمنون بالله سبحانه وتعالى واحداً أحداً وبأن القرآن الكريم كلام الله المنزل وسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام نبياً ورسولاً للبشرية كافة وكلهم متفقون على أركان الإسلام الخمسة الشهادتين، والصلاة، والزكاة وصوم رمضان، وحج البيت وعلى أركان الإيمان الإيمان بالله، وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره واختلاف العلماء من أصحاب المذاهب هو اختلافٌ في الفروع وليس في الأصول وهو رحمة وقديمًا قيل أن اختلاف العلماء في الرأي أمر جيد.

ثالثا: إن الاعتراف بالمذاهب في الإسلام يعني الالتزام بمنهجية معينة في الفتاوى فلا يجوز لأحد أن يتصدى للإفتاء دون مؤهلات شخصية يحددها كل مذهب ولا يجوز الإفتاء دون التقيد بمنهجية المذهب ولا يجوز لأحد أن يدعي الاجتهاد ويستحدث مذهباً جديدًا أو يقدم فتاوى مرفوضةً تخرج المسلمين عن قواعد الشريعة وثوابتها وما استقر من مذاهبها.

وقد قدمنا توصيات هذا المؤتمر إلى منتدى مكة المكرمة للعلماء والمفكرين المسلمين الذي انعقد في مكة المكرمة بدعوة من خادم الحرمين الشريفين وقد تبنى العلماء المشاركون في هذا المنتدى وبخاصة لجنة الفكر الإسلامي والثقافة والتعليم هذه التوصيات على أساس أن ذلك سيتيح عرضها على هذه القمة.

وعلى هذا الأساس فإننا نؤكد موقفنا بضرورة إدراج توصيات وقرارات المؤتمر الإسلامي الدولي الذي عقد في عمان والتي ذكرتها بنصها في البيان الختامي لهذه القمة واعتمادها كمرجعية، وقاعدة لتسوية الخلافات بين المسلمين وإغلاق الباب أمام بعض من يمارسون الإفتاء بغير وجه حق وتكفير بعض المسلمين وقتلهم باسم الإسلام والإسلام منهم بريء.

وهذا هو جوهر رسالة عمان وهو ما ينسجم تماماً مع مشروع الإسلام الحضاري الذي طرح في ماليزيا.

وفي الختام أتوجه بعميق الشكر والتقدير إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والمملكة العربية السعودية الشقيقة والأمانة العامة لمنظمة المؤتمر الإسلامي على استضافة هذا المؤتمر وعلى حسن الترتيب والإعداد الجيد لهذه القمة.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته