خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني في حفل الغداء الذي أقيم بمناسبة مرور 30 عاما على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين المملكة الأردنية الهاشمية وجمهورية الصين الشعبية
خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني في حفل الغداء الذي أقيم بمناسبة مرور 30 عاما على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين المملكة الأردنية الهاشمية وجمهورية الصين الشعبية
يسعدني ويشرفني أن أرحّب بكم جميعاً،
المستشار تانغ، أشكرك على وجودك بيننا اليوم،
واسمحوا لي أن أعرب لكم نيابةً عن جميع أعضاء وفدنا عن مدى تقديرنا للضيافة المتميّزة التي حظينا بها في الصين. لقد أجرينا محادثات مثمرة خلال اجتماعاتنا أمس مع القادة الصينيين وأعضاء من المجتمع الأكاديمي. وأنا أتطلع إلى المزيد من اللقاءات مع مجتمع الأعمال البارز في مدينة شنغهاي.
منذ أن تسلمت مسؤولياتي كملك، زرت بكين كل عامٍ تقريباً. وفي كل مرّة آتي فيها لبلدكم، أجد واقعاً ديناميكياً جديداً. فبعد 283 يوماً ستحتفل هذه المدينة العظيمة بافتتاح الألعاب الأولمبية. وأنا على ثقة أن الاحتفال سيكون رائعاً وعظيماً. وأؤكد لكم أنني وأسرتي سنكون من بين البلايين الأربعة الذين سيشاهدون الألعاب في أرجاء العالم. وأنا على يقين أنهم سيرون الصين التي أراها اليوم، نموذجاً للنجاح والإنجاز يتردد صدى ماضيها المجيد في أنحاء هذا الكون، ليس بسبب ما أنجزته فحسب، بل وبسبب الروح التي يتحلّى بها شعبها أيضاً.
أصدقائي،
أنا أؤمن بأن للصين دوراً رئيسياً في العالم في الوقت الحاضر. وأنا هنا لدعم هذا الدور والترحيب به، وكي أؤكد لكم شراكة الأردن المستمرة.
إن شعبينا يشتركان بروابط تاريخية في ميادين التجارة والنشاط العلمي والدبلوماسية ومجالات أخرى. ولكننا اليوم نشترك في شيء يزيد على ذلك وهو رؤيتنا وإرادتنا لبناء مستقبل قويّ وناجح، مستقبل يوفّر الازدهار الذي يريده شعبانا، والفرص التي يستحقانها، والأمن الذي يعتمدان عليه.
وهذه الأهداف هي القوة الدافعة التي تقف خلف الإصلاح والتنمية في بلدينا. كما أن هناك حقبة جديدة من التعاون بيننا.
في هذا القرن، لا تستطيع دولة أن تتقدّم إلى الأمام في عزلةٍ عن الآخرين. والدول ذات الرؤى المستقبليّة تعمل على استيعاب هذا الواقع عبر إقامة شراكات تعظّم جهودها وتسارع تحقيق النجاح. وأنا أتحدث هنا عن الآليات التي تتجاوز الحدود وتعمل على إحداث التناغم والانسجام بين قدراتنا ومواردنا لخلق قيمة مشتركة عظيمة.
أصدقائي،
ونحن بحاجة إلى وسائل عملية لكي نضمن أن لا تفوتنا أي فرصة. فاللقاءات المتبادلة، مثل لقائنا اليوم، والتي تجمع ما بين القادة من مختلف شرائح المجتمع مهمة جدا. وأنا سعيد لأن الصين تشترك معنا في رغبتنا للسير قُدُماً. فقد افتتح وزيرا خارجية الأردن والصين أمس الجلسة الأولى من الحوار الاستراتيجي بين بلدينا. كما وقّع الأردن والصين أيضاً اتفاقيات ثنائية في العديد من المجالات الاقتصادية الهامة، وستقوم مؤسسة تشجيع الاستثمار في الأردن بتأسيس مكتب تمثيلي لها في بكين، وهو المكتب الرابع من نوعه في العالم. وفي وقت لاحق اليوم سنشهد في شنغهاي أيضاً توقيع العديد من اتفاقيات الأعمال التي ستساهم في دفع التجارة والاستثمار بين بلدينا.
لقد تحدثت عن مصالحنا وأهدافنا المشتركة، واسمحوا لي أيضاً أن أشير إلى إنجاز متميز نشترك فيه. ففي هذا العام، تمّ اختيار سور الصين العظيم ومدينة البتراء في الأردن، من خلال التصويت عليهما عالميّاً، ليكونا ضمن عجائب العالم السبع الجديدة.
ولا يستطيع أحد أن يتصور أيّاً من هذين المَعْلمين دون أن يشعر بالتقدير والإعجاب. ولعلّ أروع ما فيهما أنهما ينقلان لنا صورة عن روح الإنجاز والإبداع لدى البشرية وما يمكن أن يكون لهذه الروح من تأثير، عبر الأجيال وفي أرجاء العالم.
إن بُناة سور الصين العظيم ومدينة البتراء تركوا بصمات إبداعهم العظيم وشجاعتهم شاهدةً على إنجازهم. وما يمكن أن ننجزه يمكن أن يُكتب له، بنفس الدرجة، البقاءُ على المدى البعيد أيضاً، وأن يكونَ مصدرَ وحيٍ للأجيال القادمة. والأمر هنا يتصل بمستقبل بلايين الناس ويجب علينا أن ننجح. وبالعمل معاً، فإنني على يقين بأن النجاح سيكون حليفنا.
وأخيرا، أشكركم على الانضمام إلينا اليوم.