خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني بمناسبة الذكرى الأربعين لمعركة الكرامة
خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني بمناسبة الذكرى الأربعين لمعركة الكرامة
بسم الله الرحمن الرحيم
الإخوة الحضور،
الإخوة النشامى رفاق السلاح،
الله يعطيكم العافية وكل عام وأنتم والوطن بألف خير.
وفي لقائنا في هذا اليوم المبارك الذي يتزامن مع ذكرى عظيمة وعزيزة على قلوب المسلمين، ذكرى المولد النبوي الشريف، نستذكر من هذا المكان الطاهر المعطر بدم الشهداء وبطولات الجيش العربي الذكرى الأربعين لمعركة الكرامة، التي حقق فيها نشامى هذا الجيش أعظم الإنتصارات، وسجلوا فيها ملحمة الشجاعة والبطولة والتضحية والإنتماء، وأعادوا فيها للأمة كرامتها وثقتها بنفسها.
في هذا المكان وقبل أربعين عاما قاتل النشامى الأردنيون بشرف وشجاعة، للدفاع عن ثرى الأردن، وبالرغم من تفوق العدو في العدد والسلاح والإمكانيات، تمكن أبناء هذا الجيش من تحقيق النصر الذي أذهل العدو، وأجبره على الإعتراف بالهزيمة ولأول مرة في تاريخه.
هنا وقبل أربعين عاما، كان صوت الحسين - رحمة الله عليه - يشد من عزيمة النشامى، ويرفع معنوياتهم، وكان النشامى عند ثقة الحسين، فمنهم الذي جرح ومنهم الذي استشهد، ومنهم الذي إحتفل بالنصر الكبير.
ونحن اليوم ومن هذا المكان، نتوجه بتحية الفخر والإعتزاز لكل من شارك وساهم في هذه المعركة من مختلف الألوية والوحدات في الجيش العربي: لواء القادسية، ولواء الأميرة عالية، ولواء حطين، واللواء الهاشمي، واللواء المدرع الستين وسائر الكتائب من المدفعية، والهندسة، والصيانة، والتموين واللاسلكي، والخدمات الطبية، وغيرها من كل التشكيلات التي ساهمت في تحقيق النصر في هذه المعركة.
أما الشهداء، وأكرم الناس هم الشهداء، فقد كرمهم المولى عز وجل، أكثر وأعظم من أي تكريم على وجه الأرض، بقوله تعالى "ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون" صدق الله العظيم. ومن الوفاء والإعتزاز بتاريخنا، أن نقف اليوم إجلالا واحتراما لشهداء الجيش العربي في معركة الكرامة، وفي سائر المعارك، التي قاتل فيها، للدفاع عن الأرض العربية والكرامة العربية، سواء في فلسطين، أو في أي مكان، من الوطن العربي الكبير.
ومهما تبدلت الظروف والأحوال، ستبقى معارك الجيش العربي وتضحياته، وأسماء الشهداء وبطولاتهم، أوسمة فخر واعتزاز، يعلقها كل مواطن أردني على صدره، لأنها تاريخنا وهويتنا التي لا يمكن أن ننساها، ولا نقبل المساومة عليها، أو إنكارها أو الإنتقاص منها، من أي جهه كانت.
والدرس التاريخي المستفاد من هذه المعركة، والذي يجب أن يفهمه العالم، وأطراف الصراع في القضيه الفلسطينية، أن الحل وتسوية هذه القضية، لا يمكن أن يكون بالحروب، ولا بفرض أي حل بالقوة، وأن الحل لا يكون الإ بإعادة الحقوق إلى أصحابها، والإعتراف بحق الشعب الفلسطيني، بإقامة دولته المستقلة على الأرض الفلسطينية، وهذا هو طريق الخلاص من الحروب وآثارها المدمرة، والتي عانت منها شعوب المنطقة منذ أكثر من ستين عاما.
ويجب أن نعرف أيها الإخوة، أن كل مرحله من مسيرة الوطن، لها تحدياتها وأخطارها، ويجب أن نكون دائما على استعداد لمواجهة هذه التحديات، والتصدي لأي خطر، يمكن أن يهدد أمننا أو استقرارنا. وهذا ليس مسؤولية القوات المسلحة والأجهزة الأمنية وحسب، وانما مسؤولية كل مواطن ومواطنة في هذا البلد، كل واحد من موقعه، وحسب دوره ومسؤولياته.
هناك دائما من لا يريد الخير لهذا الوطن، سواء من الخارج أو من الداخل، ومن الواجب أن نكون دائما، على أعلى درجات الوعي، والشعور بالمسؤولية، والإستعداد للتصدي لأي خطر أو محاولة، للعبث بأمن هذا الوطن أو استقراره.
ومرة ثانية أيها الأخوة، تحية الفخر والإعتزاز لكل جندي وضابط وضابط صف، في الجيش العربي والأجهزة الأمنية، ولكل مواطن ومواطنة في هذا البلد، وبارك الله فيكم جميعا، وكل عام والأردن العزيز بألف خير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.