خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني إلى الاسرة الاردنية الواحدة بمناسبة عيد الاستقلال

خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني إلى الاسرة الاردنية الواحدة بمناسبة عيد الاستقلال

الأردنعمان
25 أيار/مايو 2003

بسم الله الرحمن الرحيم

أيها الإخوة والأخوات المواطنون الأعزاء

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،

فيسرني أن أتوجه إليكم اليوم بتحية الاعتزاز بكم والسلام عليكم في كل مواقعكم مواقع العمل والبناء في الأرياف والبادية والمخيمات والمدن وفوق كل شبر من أرض الأردن العزيز.

أحييكم وأتوجه بالتهنئة الحارة إلى كل أخ وأخت منكم وأنتم تحتفلون بأغلى وأعز مناسبة على قلوبنا جميعاً عيد الاستقلال تلك المناسبة التي تجسد معنى الحرية والانتماء والتضحية من أجل الوطن والحياة الحرة الكريمة فكل عام وأنتم بخير وكل عام والأردن بألف خير.

أما بعد أيها الاخوة والأخوات،

فإن الاستقلال ليس مجرد إنجاز يرتبط بوقت محدد وإنما هو حالة مستمرة من العمل والبناء وتراكم الإنجازات والاستقلال لا يعني التحرر من القوى الخارجية التي تكبل إرادة الشعوب وحسب وإنما هو إلى جانب ذلك العمل من أجل محاربة الفقر والجهل والبطالة وكل مظاهر الفساد والمحسوبية وتحقيق التنمية الشاملة في مجتمع تسوده العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص واحترام حقوق الإنسان.

أما بعد أيها الاخوة والأخوات،

إننا مقبلون على إجراء الانتخابات النيابية بعد أيام معدودة ونحن في الأردن نسعى لتعزيز مسيرتنا الديموقراطية من خلال تنمية الحياة السياسية والحزبية وتفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني التي تشكل محوراً رئيسياً من محاور النهضة والتنمية الشاملة التي نسعى لتحقيقها ونحن ندرك أن من عناصر قوة الأردن في المستقبل الحفاظ على تميزه في المنطقة كنموذج في الانفتاح السياسي والاقتصادي وتبني مفهوم التنمية الشاملة وقد آن الأوان لتكثيف جهودنا من أجل تسريع عملية التنمية السياسية وتفعيل دور الأحزاب والاستمرار في صون الحريات العامة وسيحظى هذا الموضوع مني شخصياً بكل الاهتمام والمتابعة وعلى ذلك فلا بد لنا من مواصلة الانفتاح على العالم من حولنا والاستفادة من تجارب الآخرين ومعطيات هذا العصر العلمية والتكنولوجية والثقافية وهذا يستدعي بالضرورة وضع وتفعيل التشريعات والقوانين والخطط والبرامج التي تمكننا من تحقيق هذه الغاية ومواكبة روح العصر إلى جانب التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تنعكس آثارها الإيجابية على حياة الناس وتوفر الحياة الكريمة لكل مواطن ومواطنة.

إن إحداث التغيير المطلوب وتحقيق التنمية المنشودة ليست مهمة فرد أو جهة واحدة وإنما هي مهمة كل فرد في المجتمع ولذلك لابد من التركيز على عنصر الشباب ورعايتهم وتفعيل دورهم ومشاركتهم في عملية التنمية وإحداث التغيير وبناء المستقبل ضمن رؤية شاملة واضحة وعمل بروح الفريق الواحد المنتمي المؤمن برسالته وقدرته على تحقيق الإنجاز وبناءً على ما تقدم فإن أدنى درجات الانتماء والمواطنة الحقيقية تستدعي من كل أخ وأخت في هذا الوطن أن يبادر إلى القيام بواجبه وحقه في المشاركة في هذه الانتخابات وعند التفكير في اختيار المرشح المناسب فإن الانتماء والواجب الوطني يفرض علينا أن نختار بمنتهى الموضوعية الأفضل والأكفأ والأقدر على استيعاب الرؤية الوطنية لتحقيق التنمية الشاملة المنشودة.

والنائب القادر على تحمل هذه المسؤولية الوطنية الكبيرة لا بد أن يكون على قدر من العلم والمعرفة والوعي والأمانة والانتماء الحقيقي لهذا الوطن وهو الذي يضع مصلحة الوطن فوق أي مصلحة شخصية أو حزبية أو جهوية وكلي ثقة بوعيكم الذي لا تخدعه الشعارات البراقة ولا العقائد والأفكار التي عفا عليها الزمن وأثبت فشلها في الماضي البعيد وفي الأمس القريب ولا الوعود التي يستخدمها البعض للتأثير على بعض الناخبين وكسب أصواتهم من خلال التشكيك بسلامة المسيرة وإشاعة روح القلق والخوف من المستقبل وهنا أود أن أطمئن الجميع بأننا والحمد لله قد اجتزنا الأزمة التي مرت بها المنطقة في الفترة الأخيرة بالحكمة والبعد عن القرارات العاطفية (التي يسعى أصحابها الى تسجيل المواقف) وكسب الشعبية الزائفة على حساب المصلحة الوطنية العليا.

أما بعد أيها الاخوة والأخوات،

لقد وعدتكم من قبل بأن تكون هذه الانتخابات حرةً ونزيهة وأنا عند وعدي وقد اتخذت الحكومة كافة الترتيبات والإجراءات التي تضمن نزاهة هذه الانتخابات وسهولة إجرائها وما أرجوه من كل أخ وأخت منكم هو المبادرة إلى القيام بواجبه الوطني و ممارسة حقه في انتخاب النائب الذي يمثله بوعي وموضوعية وفي إطار من رؤيتنا الوطنية لتحقيق النهضة والتنمية الشاملة والمستقبل الذي نريد وأنا واثق من حرص كل واحد منا على أن نعكس الوجه الحضاري المشرق للأردن العزيز من خلال الحفاظ على وحدتنا الوطنية والالتزام بالنظام والانضباط وقواعد التنافس الشريف والقيم والأخلاق الأردنية الكريمة التي تجسد الأخوة والمحبة والتعاون بين أبناء الأسرة الأردنية الواحدة الكبيرة.

أما بعد أيها الاخوة والأخوات،

لقد كان الأردن وسيظل بعون الله وفياً لانتمائه العربي وحريصاً على الوفاء بالتزاماته نحو أمته العربية والدفاع عن قضاياها العادلة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية وعلى ذلك سنستمر في دعم الأشقاء الفلسطينيين وموقفهم من خارطة الطريق وصولاً إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على التراب الفلسطيني أما العراق الشقيق فسنعمل ضمن أقصى طاقاتنا من أجل وحدته وسلامة أراضيه وسيادة الشعب العراقي الشقيق على كامل أرضه وحقه في اختيار قيادته وعودته إلى مكانته الطبيعية في محيطه العربي.

مرةً أخرى أيها الأعزاء أتوجه بالتهنئة الحارة إلى كل واحد منكم بهذه المناسبة الغالية وإلى النشامى في القوات المسلحة والأجهزة الأمنية فهم رمز الاستقلال ودرع الوطن والعيون الساهرة على أمنه واستقراره فكل عام وأنتم جميعاً والنشامى والأردن العزيز بألف خير.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،