زيارة جلالة الملك لأميركا ركزت على حشد الدعم للقضية الفلسطينية وتوضيح الموقف العربي

عمان
13 أيار/مايو 2002

عاد جلالة الملك عبدالله الثاني إلى ارض الوطن بيمن الله ورعايته اليوم بعد زيارة عمل للولايات المتحدة ركز فيها جلالته على حشد الدعم للقضية الفلسطينية وتوضيح الموقف العربي المؤيد للسلام الشامل والدائم والعادل اضافة إلى تمتين العلاقات الثنائية والتعاون بين الأردن والولايات المتحدة الأميركية في مختلف المجالات وخاصة في دعم الاقتصاد الوطني وبرنامج الاصلاح الاقتصادي.

وحرص جلالته خلال الزيارة التي رافقته فيها جلالة الملكة رانيا العبدالله ووفد ضم رئيس الديوان الملكي الهاشمي ووزيري الخارجية والتخطيط ولقاءاته مع الرئيس الاميركي جورج بوش وكبار مسؤولي الادارة الأميركية وقادة الكونجرس ووسائل الاعلام والصحافة وممثلي الرأي العام على شرح المخاطر المحدقة بالمنطقة جراء العدوان الاسرائيلي المستمر على الشعب الفلسطيني وعدم التوصل إلى تسوية شاملة في الشرق الاوسط.

وحدد جلالته خلال الزيارة بصورة واضحة الاسباب الجذرية لعدم الوصول إلى حل عادل وشامل في المنطقة وهي اسباب سياسية وليست امنية ويجب ان تعالج اولا قضية الاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية.

كما وضع جلالته الاسس التي يجب ان تقوم عليها المفاوضات بمعالجة كل القضايا من خلال جدول زمني يفضي إلى اقامة دولة فلسطينية مشيرا إلى ان انهاء العنف يتطلب "أن يأخذ حل النزاع مكان ادارة النزاع" والتركيز على الاهداف النهائية ومبادئ السلام وان اعادة طرح المفاوضات حول القضايا النهائية يجب ان يكون وفق اطار زمني معقول تترجم الروية التي صيغت في مدريد ولوسفيل وواشنطن وبيروت وتحويلها إلى خط زمني مفصل وخطة عمل تعيد احياء الامل.

وبين جلالته خلال لقاءاته مع المسؤولين الاميركيين اهمية قيام الولايات المتحدة ومشاركتها الفاعلة والاساسية للمساعدة في الوصول إلى الحل العادل والشامل بمشاركة الاطراف الاوروبية والدولية الاخرى.. واكد جلالته على ان الدور الاميركي النشط في الشرق الاوسط لا يمكن الاستغناء عنه ليس فقط من اجل توجيه الاسرائيليين والفلسطينيين إلى كيفية الخروج من اتون النزاع بل من اجل حماية المصالح الوطنية والحيوية للولايات المتحدة وحلفائها.

كما اكد جلالة الملك عبد الله الثاني على ان التسوية العادلة يمكنها ان تحقق الامن وتعالج قضية القدس بان تصبح مدينة مشتركة ومفتوحة لجميع الديانات.

وفي هذا السياق اكد جلالته ايضا خلال مباحثاته مع الرئيس بوش وكبارمسوءولي الادارة الأميركية على اهمية استناد اي افكار مقبلة إلى مرجعية السلام المتمثلة بقرارات مجلس الامن ذات الصلة ..وشدد على ضرورة ترجمة روءى السلام المطروحة إلى واقع عملي ملموس يؤدي إلى بعث الامن بالمستقبل لدى شعوب المنطقة.

واكد جلالته ان اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وحل كافة المشاكل السياسية كفيل بانهاء العنف والعنف المضاد.

وحث جلالته الادارة الأميركية خلال لقائه الرئيس الاميركي الذي استقطب اهتماما سياسيا ودبلوماسيا واعلاميا دوليا واقليميا على التدخل بشكل اكثر فاعلية لاخراج منطقة الشرق الاوسط من الازمة التي تعيشها حاليا واتخاذ خطوات سريعة من اجل استئناف مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين.

وخلال لقائه نائب الرئيس الاميركي ديك تشيني شدد جلالة الملك على ان الطريق الوحيد لوقف دوامة العنف المستمرة يكمن بتطبيق اسرائيل لقرارات مجلس الامن الدولي واعترافها بحق الشعب الفلسطيني وفي مقدمة ذلك تحقيق اماله في اقامة دولته المستقلة.

وكانت هذه المواضيع مدار بحث خلال لقاء جلالته ايضا مع وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد حيث تناول اللقاء العلاقات بين البلدين والمساعدات التي تقدمها واشنطن للقوات المسلحة الأردنية التي اشاد رامسفيلد بدورها في حفظ السلام في العديد من بؤر التوتر في العالم.

اما حديث جلالة الملك عبدالله الثاني خلال لقائه وجلالة الملكة رانيا العبدالله بممثلي المنظمات العربية في واشنطن فقد عكس مدى درجة المواجهة السياسية بين العرب واسرائيل لدى الرأي العام الاميركي وحثهم جلالته على تكثيف جهودهم وتنسيق اعمالهم لشرح القضايا العربية للرأي العام الاميركي بصورة ايجابية.. واكد جلالته انه بامكان المنظمات العربية ان تلعب دورا حيويا في هذا المجال.

واشار جلالته إلى ضرورة ايجاد "لوبي عربي" يدعم المواقف والقضايا العربية ويساهم في حث الولايات المتحدة على اتخاذ سياسة متوازنة بالنسبة لمنطقة الشرق الاوسط. واخذ موضوع المؤتمر الدولي الذي اقترحته الولايات المتحدة لاحلال السلام بالمنطقة بمشاركة جميع الاطراف جانبا من مباحثات جلالته مع وزير الخارجية الاميركي كولن باول الذي اشاد بدور جلالة الملك واهمية الافكار التي طرحها جلالته بشأن عقد المؤتمر وتوفير سبل النجاح له.

وبين جلالته في هذا الصدد لوزير الخارجية اهمية تبني خطوات واضحة وذات اطار زمني لحل مشكلة الشرق الاوسط مؤكدا ان الأردن يدعم كل خطوة تؤدي إلى انهاء الاحتلال الاسرائيلي وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وتحقيق السلام الشامل الذي يضمن حقوق الاطراف كافة. إلى ذلك اكد جلالة الملك في احاديث ولقاءات مع كبرى محطات التلفزة ووسائل الاعلام الأميركية اهمية تجاوز اسلوب الفعل ورد الفعل المضاد الذي اسهم في استمرار دوامة العنف واعاق تقدم عملية السلام مشيرا جلالته إلى ان العودة إلى طاولة المفاوضات هو الاسلوب الوحيد لكسر دائرة العنف.

وقال ان اقامة الدولة الفلسطينية على الارض الفلسطينية لا بد ان يكون خلال فترة زمنية معقولة نتفق عليها جميعا وانه اذا بقي الحديث فقط عن اقامة دولة فلسطينية خلال عشر او خمسة عشر سنة قادمة فاننا لن نتقدم إلى الامام اطلاقا.

وركز جلالته في لقاءاته واحاديثة على كيفية وضع روءية لسلسلة من الخطوات المعقولة للتقريب بين الفلسطينيين والاسرائيليين وعلى ضرورة ان تكون تلك الخطوات مبنية على المبادرة العربية التي تمثل غصن الزيتون العربي للاسرائيليين ليكونوا جزءا من المنطقة.

كما تطرقت مباحثات جلالته إلى عدد من القضايا الثنائية ومجالات التعاون القائمة بين الأردن والولايات المتحدة وخصوصا فيما يتعلق بالمساعدات الاقتصادية التي تقدمها واشنطن لدعم برامج الأردن الاقتصادية والاجتماعية.

وخلال لقاءاته مع قيادات الكونغرس حرص جلالته على وضعهم بصورة المخاطر الناجمة عن استمرار العدوان الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني وانعكاساته على الاوضاع العامة في دول المنطقة.

كما تطرق جلالته إلى العلاقات بين الأردن والولايات المتحدة حيث ابدى اعضاء الكونغرس تفهما لاحتياجات الاقتصاد الأردني مؤكدين مساندتهم لجهود جلالته في تطوير الاقتصاد الأردني ودعم البرامج الاقتصادية والاجتماعية التي تنفذها الحكومة.

وثمن زعيم الاغلبية في مجلس الشيوخ قيادة جلالة الملك عبدالله الثاني وبخاصة في هذا الظرف الصعب قائلا اننا نقدر آراء جلالته ورؤيته السياسية وكل ما يفعله لتوضيح ما يجري في المنطقة لتوفير الامن والاستقرار. واضاف نحن فخورون بعلاقاتنا مع الأردن مشيرا إلى اتفاقية التجارة الحرة الموقعة بين البلدين والتي عكست تميز العلاقات الثنائية بينهما.

وفي لقاءات مماثلة لجلالته مع قيادات واعضاء مجلس النواب الاميركي اكد جلالته على رغبة العرب والتزامهم باقامة السلام الشامل كما ورد في المبادرة العربية التي تبنتها قمة بيروت.

وشدد جلالته على اهمية مواصلة العملية السلمية ومعالجة كل النواحي السياسية والاقتصادية والامنية على حد سواء.

واشار جلالته خلال لقاءاته مع رئيس مجلس النواب الاميركي دنيس هاسترت ورئيس لجنة المخصصات بيل يونغ ورئيس واعضاء لجنة العلاقات الدولية هنري هايد إلى ان الامل لا يزال موجودا بتحقيق السلام والازدهار في المنطقة وتامين مستقبل افضل للفلسطينيين من خلال اقامة دولتهم وللاسرائيليين بضمان امنهم.

واشار جلالته إلى الجهود التي يبذلها الأردن لتطوير وتحسين الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية من خلال اتخاذ جملة من البرامج العملية التي تصب في هذا الاتجاه والتي تستدعي تقديم المزيد من الدعم المالي والاقتصادي للأردن.

وثمن قادة ورؤساء واعضاء لجان المجلس جهود جلالة الملك عبدالله الثاني ومساعيه المتواصلة لتحقيق السلام في المنطقة معربين عن تقديرهم واعجابهم بقيادة جلالته الشجاعة وسياساته المعتدلة تجاه قضايا المنطقة.

كما اعربوا عن رغبتهم بمواصلة تقديم الدعم للأردن لتطوير برامجه التنموية والاقتصادية.

وفي خطاب القاه جلالته في معهد بيكر للسياسة العامة بجامعة رايس بحضور حشد من السياسيين وقادة الراي في الولايات المتحدة اكد ان الشرق الاوسط بحاجة إلى اسلوب جديد لتحقيق السلام.

وقال جلالته اعتقد اننا بحاجة للتقليل من الضلوع بعملية السلام والسعي للسلام ذاته "سلام يجد صدى بين الفلسطينيين والاسرائيليين ويعالج بمصداقية مخاوفهم وهمومهم وامالهم ويكون بمعزل عن ارادات ورغبات القيادات ويركز ثانية على نتائج عملية مناسبة".

وتناولت مباحثات جلالة الملك عبدالله الثاني مع وزير الخزانة الاميركي بول اونيل العلاقات الاقتصادية بين الأردن والولايات المتحدة وتنسيق الالية التي تعمل من خلالها واشنطن لدعم جهود الأردن الاصلاحية والتنموية عبر المساعدات الاضافية التي تقدمها الحكومة الامريكية هذا العام والاعوام القادمة.

كما جرى البحث في سبل مساندة الولايات المتحدة لجهود الأردن في الحصول على موافقة الدول الدائنة في اطار نادي باريس لجدولة الديون الخارجية للمملكة وستمكن جدولة هذه الديون المترتبة على الأردن الحكومة من توفير الموارد اللازمة للاستثمار في الاصلاح التعليمي والصحي وتحقيق الاهداف التنموية.