رسالة من جلالة الملك إلى رئيس الوزراء

عمان
31 تشرين الأول/أكتوبر 2002

اكد جلالة الملك عبدالله الثاني في رسالة وجهها اليوم الى رئيس الوزراء السيد علي ابو الراغب ان أطلاق شعار "الاردن اولا" سيكون خطة عملنا التي من شأنها ان تصهر الاردنيين والاردنيات في نسيج اجتماعي موحد يحفز حسهم بالانتماء لوطنهم والاعتزاز بأردنيتهم وعروبتهم واسلامهم.

واكد جلالته أن "الاردن اولا" يجب ان يكون القاسم المشترك للاردنيين والاردنيات مهما اختلفت اصولهم وتباينت توجهاتهم وآراؤهم ومواهبهم ومعتقداتهم واعراقهم.

وقال جلالته أننا يجب ان نمنح "الاردن اولا" مناعة متكاملة في مواجهة الافكار السلبية او التأويلات الاتهامية التي قد تحاول عن جهل او سوء نية الخروج بالاردن اولا من جوهره الشمولي النظيف والسامي الى زاوية او جزئية ضيقة.

وبين جلالته أن اعتماد هذا الشعار يتطلب منا مواجهة كل الاحتمالات السلبية وتجنيد طاقات مجتمعنا الاهلي الايجابية لكي يسمو على الاختلاف بالوطنية ويتجنب الخلاف بالوحدة ويحول الفوارق الى غنى حضاري وانساني.


وفي ما يلي نص رسالة جلالته:


دولة الاخ علي ابو الراغب حفظه الله
رئيس وزرائنا الافخم
تحية اردنية هاشمية عربية وبعد،

فقد فرضت علينا الظروف التي تمر بها منطقتنا والتحديات التي تواجهنا في الواقع العالمي المحيط بنا والذي نتأثر به ونؤثر فيه أن نركز جل جهودنا الرسمية والشعبية نحو قضايا شعبنا واولويات وطننا ومصالحه.

وكان أطلاق شعار الاردن اولا خطة عملنا التي من شأنها أن تصهر الاردنيين والاردنيات في نسيج اجتماعي موحد يحفز حسهم بالانتماء لوطنهم والاعتزاز باردنيتهم وعروبتهم واسلامهم في مناخ من الحرية والديمقراطية والتعددية والتسامح والعدالة الاجتماعية.

ومن هذا المنطلق فقد كان من الضروري ان نتشارك في القناعة كما في وحدة الهدف بان الاردن اولا هو اكثر من شعار بل هو مبدأ وطني راسخ في ضمائرنا. وقد عملنا بجوهره منذ البداية ونحن نريد اليوم تكريسه نهج عمل وممارسة يومية لكل اردني واردنية امن بهذا الوطن موئلا ومستقرا امنا ومستقبلا واعدا وسعى الى تحقيق ذاته عبر وطنه لا من خلال ولاءات خارجية مهما كانت غاياتها او اهدافها.

والاردن الفخور بهويته الاسلامية وانتمائه العربي والمدافع دوما عن حقوق الامة ومصالحها سيبقى كعهد امته به رافعا لشعار الوحدة والبناء والتضامن العربي ومتمسكا بمبادئ الدين الاسلامي السمحة.

لن تكون دعوته لشعار الاردن اولا دعوة للأنغلاق بقدر ما هي ايمان وقناعة بان قوة الاردن الاقتصادية والسياسية وامنه الاجتماعي ضروريات رئيسية يجب ان يحفظها لذاته لكي يقوي محيطه العربي ويساند اشقاءه العرب.

وشعار الاردن اولا لكي يؤدي رسالته يجب ان يكون حالة ذهنية صافية وفعلا اراديا وليس ردة فعل آنية تريح ضمير قائلها ويكتفي بقولها وتردادها. بل الهدف الاساس هو تحفيز الطاقات الايجابية لدى الانسان الاردني اراديا والى اعادة النظر في سلم اولوياته لكي يتيقن ان سعيه وجهده وقضيته وهمومه وطموحاته واهدافه واماله كلها تبدأ بالاردن اولا.

والاردن اولا يجب ان يكون القاسم المشترك للاردنيين والاردنيات مهما اختلفت اصولهم وتباينت توجهاتهم واراؤهم ومذاهبهم ومعتقداتهم واعراقهم.. وهذا المفهوم يجب ان نكرسه بدءا من الاسرة والمدرسة والجامعة ومراكز الشباب وفي مؤسسات المجتمع الاهلية والرسمية كافة ليصبح هذا المفهوم حقيقة وواقعا ملموسا وفعلا اراديا.

وبناء على هذا الفعل الارادي وفي خضم المزج بين الاولويات التي تؤثر على صفاء تفكيرنا وفعالية ادائنا.. فنحن بحاجة الى فكرة محور والى منطلق وطني صرف واساسي يكون بدءا للتفكير والممارسة ومقياسا للاداء والمواطنة.. فالمجتمع الصحي الناجح هو مجموعة الخلايا او الافراد الذين يؤلفون نسيجه الاجتماعي ووحدته.

ولتحقيق ذلك يجب علينا ان نعتمد الاردن اولا على اساس كونه خطة عمل وجامعا مشتركا لنسيج مجتمعنا الموحد.. للاردني والاردنية في القرية والبادية والمخيم والمدينة.. للطالب في مدرسته وجامعته.. وللجندي الذي يحرس الحدود.. للمثقف والسياسي والنقابي وللحزبي.. أكان اسلاميا.. ام قوميا.. ام وسطيا.. وبعيدا عن كل الانحيازات السياسية والدينية والعرقية.. علينا ان نسعى الى عقد اجتماعي يرسخ بالممارسة اليومية سلم اولوياتنا انطلاقا من هذه الاولوية الاولى.

ان الحاجة الى هذا الامر لا تحتمل التأخير او الارتجال.. ويجب علينا ان نمنح الاردن اولا مناعة متكاملة في مواجهة الافكار السلبية او التأويلات الاتهامية التي قد تحاول عن جهل او سوء نية الخروج بالاردن اولا من جوهره الشمولي النظيف والسامي الى زاوية او جزئية ضيقة.. وهذا ما نربأ بأنفسنا وشعبنا عنه ولن نقبله ابدا.

ان الطبيعة البشرية في جوهرها تسعى الى حماية ذاتها والى تطوير مستوى معيشتها.. لذا علينا ان ننطلق بالاردن اولا من ارضية اقتصادية واجتماعية صلبة دون ان نقع في شرك الشعارات السياسية المتناقضة.. ذلك اننا اذا ارسينا الاردن اولا على واقع الاقتصاد والمجتمع.. وتحقق لشعبنا الاستقرار والازدهار.. فاننا سنصل اخيرا الى الصفاء السياسي بشكل عفوي ودون افتعال.

ونرى ان هذه القناعات التي نعلم ان شعبنا مؤمن بها لايمكن ان تكون حقيقة اساسية دون اعادة النظر في بعض طروحات ممثلي فعاليات شعبنا واحزابنا ونقاباتنا ليكون الهم الاردني عندهم متقدم على اي هموم او قضايا اخرى.. فالمعارضة تمارس دورها قناعاتها فيما يتعلق بسياسات الحكومة وبرامجها.. وليس في معارضة منهج الدولة وثوابتها.. ولا بد ان تكون المعارضة من اجل قضايا شعبنا الاردني ومصالحه ومن اجل بناء الذات الاردنية قبل دفاعها عن مصالح واهداف اخرى والصحافة الاردنية يجب ان تمنح مساحاتها الاكبر لمعالجة الشأن الاردني الداخلي وهموم المواطنين وقضاياهم بمسؤولية وحس وطني قبل الاهتمام بقضايا خارجية.

ان هذه القناعة وان بدت بديهية تحتاج منا جميعا الى عمل دؤوب ورؤية واضحة لكي تصل رسالتنا هذه الى فعاليات شعبنا كافة بقطاعيه العام والخاص وبفعالياته التربوية والاكاديمية والاجتماعية.. فالتحديات الصعبة التي يواجهها الوطن وينتصر عليها انما هي تلك التي تبدو سهلة في ظاهرها لكنها منهكة في تفاصيلها.. لذلك فاعتماد الاردن اولا هو اعتماد يتطلب منا مواجهة كل الاحتمالات السلبية وتجنيد طاقات مجتمعنا الاهلي الايجابية لكي يسمو على الاختلاف بالوطنية ويتجنب الخلاف بالوحدة ويحول الفوارق الى غنى حضاري وانساني.

ولهذا كله ومن اجل الاردن اولا.. فاننا نرى ضرورة تشكيل هيئة وطنية تحظى بدعمنا ومساندتنا وتعمل بتوجيهاتنا وتبحث في السبل واليات العمل التي توصل رسالة الاردن اولا وترسخ هذه الفكرة في الممارسة اليومية كما في مختلف اركان المجتمع التربوية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية من الذوات التالية اسماؤهم:

1- سماحة الشيخ عز الدين الخطيب التميمي
2- معالي السيد مروان دودين
3- معالي المهندس سعيد بينو
4- معالي الدكتور عبد الله النسور
5- معالي الدكتور رجائي الدجاني
6- معالي السيد عبد الكريم الدغمي
7- معالي المهندس سعد هايل السرور
8- معالي الدكتور ممدوح العبادي
9- معالي المهندس سمير الحباشنة
10- معالي السيد ايمن المجالي
11- معالي السيد صالح القلاب
12- معالي السيد عبد الرحيم العكور
13- معالي الدكتور باسم عوض الله
14- معالي السيدة رويدا المعايطة
15- عطوفة السيد عاصم غوشة
16- عطوفة الدكتور محمد المصالحة
17- سعادة الدكتور سعد حجازي
18- عطوفة الدكتورة سيما بحوث
19- عطوفة السيد امجد العضايلة
20- سعادة السيدة صبحية المعاني
21- سعادة السيد محمود الخرابشة
22- سعادة السيد غازي ابو جنيب الفايز
23- سعادة السيد صبيح المصري
24- سعادة الدكتور مصطفى حمارنه
25- سعادة السيدة سهير العلي
26- سعادة الدكتور حسين توقة
27- سعادة الدكتور وجيه عويس
28- سعادة السيد باسم السالم
29- سعادة السيد عريب الرنتاوي
30- سعادة السيدة رنا الصباغ
31- سعادة السيد احمد سلامة

وستتولى هذه الهيئة انهاء المهمة المنوطة بها في المرحلة الاولى في نهاية هذا العام على ان يتم تكليف هيئات ولجان اخرى في مراحل لاحقة لتتولى متابعة هذا الامر بما يليق ورؤيتنا لاردن المستقبل.

حفظ الله العلي القدير الاردن وطنا اردنيا هاشميا عربيا وابقاه حرا عزيزا تسمو به هامات الاردنيين والاردنيات ويحققون ذاتهم من خلاله.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عبدالله الثاني بن الحسين
عمان في 23 شعبان 1423 هجرية
الموافق 30 تشرين الاول 2002 ميلادية