الزاوية الإعلامية
قال جلالة الملك عبد ﷲ الثاني إن النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي يشكل بؤرة التوتّر في منطقة الشرق الأوسط، وأن أي إخفاق في إيجاد حل للقضية الفلسطينية يهدد بزيادة حدة الأزمات الأخرى في المنطقة.
وأكد جلالته مخاطبا حشدا من المفكرين وقادة الرأي في معهد اليابان للشؤون الدولية في طوكيو اليوم، بحضور جلالة الملكة رانيا العبدﷲ، أن القضية الفلسطينية تشكل جوهر الصراع في الشرق الأوسط، ,مشيرا إلى إمكانية إنهاء هذا الصراع والخطوة الأولى لذلك تتمثل في تحقيق تسوية عادلة للنزاع بين الفلسطينيين والإسرائيليين انطلاقا من مبادرة السلام العربية لعام 2002 وانسحاب إسرائيل من جميع الأراضي العربية المحتلة منذ عام 1967 وقيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة وقابلة للحياة.
وحدد جلالته الخطوة الثانية لضمان ان يكون السلام دائما، وذلك بالعمل على الجمع بين الأمن والنمو الاقتصادي، فالدولة الفلسطينية القابلة للحياة,كما بين جلالته، "يجب أن تكون قادرة على تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة والازدهار".
وتطرق جلالته إلى الدور الذي يلعبه اليابان في منطقة الشرق الأوسط كشريك اقتصادي ,مشيدا بالمشروع الياباني "ممر السلام والازدهار" الذي يعتبر مفهوما إبداعيا لبناء السلام في منطقة الشرق الأوسط ويستند إلى مبدأ السلام الدائم ويؤكد أن دور اليابان في منطقتنا لا يقتصر على الشأن الاقتصادي بل يتعداه بفعالية للشأن السياسي.
وأبدى جلالة الملك خلال الخطاب، الذي حضره رئيس مجلس النواب عبد الهادي المجالي ومدير مكتب جلالة الملك الدكتور باسم عوض ﷲ ومستشار جلالة الملك فاروق قصراوي ونائب رئيس الوزراء وزير المالية الدكتور زياد فريز ووزير الخارجية عبد الاله الخطيب ووزيرة التخطيط والتعاون الدولي سهير العلي، قلقه حول الأزمة في العراق، مؤكدا على ضرورة وجود تركيز من المجتمع الدولي لتشجيع المصالحة والوفاق وإعادة الثقة في العملية السياسية هناك.
وأكد جلالته كذلك أهمية تقديم الدعم للشعب اللبناني في نضاله للحفاظ على وحدته وسيادته.
وقال جلالته إن منطقة الشرق الأوسط تجابه أزمة عميقة تتمثل في المعاناة الإنسانية وانتشار الأسلحة والتصعيد المرعب في تواتر الأزمات وكثافتها، موضحا أن المؤشرات الديموغرافية تجعل من هذه التوجهات مصدرا متعاظما للقلق.
كما أكد جلالة الملك ان استمرار انتشار الأسلحة النووية يعتبر تحديا عالميا، وهو الأمر الذي يوجب على الأردن واليابان استخدام كل الوسائل الدبلوماسية لمجابهته.
وحول العلاقات الأردنية - اليابانية، قال جلالة الملك أن دور المساعدات التي تقدمها اليابان للأردن مهم جدا وقد اكتسب هذه الأهمية لإحداثه تحسينات في ميادين البنى التحتية والقدرات التصديرية والرعاية الصحية والتعليم.
كما أشار جلالته إلى الجهود اليابانية في تطوير التدريب المهني في الأردن الذي يعتبر حجر الزاوية لتعزيز قدرات القوى العاملة وفي الاستمرار في تقديم الدعم من خلال إعادة جدولة الديون والاستمرار في برنامج المنح.
وأكد جلالته في هذه الصدد أن دعم اليابان يعد إسهاما أساسيا في جهود الأردن الإصلاحية التي شملت العديد من المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتي سوف تساعد على إدامة التنمية وتعزيز مشاركة الأردن في الاقتصاد العالمي.
وأضاف جلالته أن الأردنيين يقدرون عاليا الدعم الياباني الكبير الذي ساعد المملكة على السير قُدُماً في مواجهة الأزمات السابقة التي نجمت عن حرب الخليج الأولى والآن كذلك والأردن والعالم يواجهان تأثيرات الأزمات التي تمر في منطقة الشرق الأوسط، مؤكدا أن ما تقوم به اليابان يجسد معنى القيادة العالمية.
وأشار جلالة الملك إلى أن الأردن تواق مثل اليابان لإشراك الآخرين فيما حققه من نجاح في السير إلى الأمام بالسلام والديمقراطية والاستقرار في منطقتنا وذلك تأكيدا على الشعور بالمسؤولية نحو الآخرين الذي يعتبر من التعاليم الأساسية للدين الإسلامي الحنيف الذي يكرم الإنسانية ويدين التطرف بصورة واضحة.
وفي رده على أسئلة الحضور حول الوضع في العراق، أكد جلالة الملك نجاح اللقاء الذي جمع الرئيس الأمريكي جورج بوش في عمان مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، مشيرا جلالته إلى أن العالم ينتظر إشارات من الجانب العراقي حول الإستراتيجية الجديدة التي ستنتهجها الحكومة للتوصل إلى السلام والاستقرار والوفاق بين جميع فئات الشعب العراقي.
وقال جلالته أننا في الأردن نعمل إلى جانب الأشقاء العرب على خلق أجواء ايجابية لتحقيق الاستقرار في العراق وردم الفجوة بين جميع الأطراف العراقية.
وفيما يتعلق بالوضع في لبنان، قال جلالة الملك أننا نأمل ان تحرز الحكومة اللبنانية تقدما باتجاه حل الأزمة التي تمر بلبنان، مؤكدا جلالته أن لبنان تمكن في الماضي من تخطى الأزمات لكن هذه الأزمة إعادته كثيرا إلى الوراء.
وأشار جلالة الملك، خلال ردوده على أسئلة الحضور، إلى لقاء جلالته مع رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود اولمرت مؤخرا في عمان لبحث سبل دفع عملية السلام والعودة إلى طاولة المفاوضات.
وحول رأي الأردن في مبادرة اليابان "ممر السلام والازدهار" قال جلالته أننا في الأردن نرحب بالمبادرة التي تكتسب أهمية خاصة للفلسطينيين لمساعدتهم على مواجهة قضايا الفقر والبطالة التي تعاني منها الضفة الغربية وقطاع غزة والتغلب كذلك على الصعوبات التي تواجه التجارة الفلسطينية.
وبين جلالته أن السير في تنفيذ مشروع ممر السلام يحتاج إلى ضمانات سياسية تتمثل في التقدم في العملية السلمية في المنطقة.
وحول قضايا العنف الطائفي التي بدأت تشهدها منطقة الشرق الأوسط، قال جلالته أن هذه مظاهر بدأت تظهر حديثا بسبب الصراعات التي تعيشها المنطقة والتي توفر أيضا أرضية خصبة لنمو الإرهاب.
وأكد جلالة الملك في هذا الإطار حرص الأردن على نبذ مظاهر الصراع في إطار الدين ومن أجل ذلك ولتوضيح صورة الإسلام الحقيقية، أطلق الأردن رسالة عمان للتأكيد على أن الوسطية والاعتدال والتسامح هي من القيم الأساسية للدين الإسلامي.
وشدد جلالته، خلال إجابته على أسئلة الحضور، على دور اليابان الحيوي في منطقة الشرق الأوسط خاصة كونها تحظى باحترام كبير من دول المنطقة، مشيرا إلى ان ما قدمته اليابان جعل حياة شعوب المنطقة تسير بشكل أفضل.
وأضاف جلالته أننا نتطلع إلى مشاركة أوسع للاستثمارات اليابانية في الأردن والتوسع كذلك في برامج التدريب المهني والمشاريع ذات المردود الاجتماعي الإيجابي.
وردا على سؤال حول الإصلاحات التي ينتهجها الأردن، قال جلالة الملك ان هناك مجموع من القوانين المطروحة أمام مجلس النواب لمناقشتها مثل قانون الأحزاب والانتخابات البلدية والهادفة لتعزيز الإصلاح السياسي في المملكة، لكن جلالته أكد أن المضي بالإصلاحات السياسية لن يتحقق دون التقدم في الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية وتحقيق التنمية المستدامة.
يشار إلى أن معهد اليابان للشؤون الدولية قد أنشئ في العام 1959 كمؤسسة أكاديمية مستقلة مرتبطة بوزارة الشؤون الخارجية اليابانية ليكون المصدر الرسمي لتوضيح السياسة اليابانية.
وقد شارك في المعهد منذ انطلاقته عدد من رؤساء الدول وقادة الفكر والرأي والخبراء الاستراتيجيين لمعالجة قضايا تتعلق بمستقبل قارة آسيا والتأثيرات المتبادلة للأقاليم الدولية وعلاقة اليابان في التطورات في الشرق الأوسط عقب الحرب في العراق.