جلالة الملك يلتقي رؤساء واعضاء مجلس الوزراء ومجلسي الاعيان والنواب

عمان
16 آب/أغسطس 2005

قال جلالة الملك عبد الله الثاني، أن المصلحة الوطنية يجب أن تكون فوق كل المصالح والاعتبارات، وأننا كلنا في خندق واحد ويجب أن نعمل جميعا كفريق واحد لمواصلة مسيرة الإصلاح والتحديث.

وشدد جلالته في كلمة توجيهية خلال لقائه في الديوان الملكي الهاشمي اليوم، رؤساء وأعضاء مجلس الوزراء ومجلسي الأعيان والنواب، ورؤساء الوزراء السابقين ومستشاري جلالة الملك والمستشارين في الديوان الملكي الهاشمي، أن مصلحة الوطن هي أكبر من كل المناصب والمكاسب، وأكبر بكثير من الوقوف عند من يريد أن يصبح وزيرا أو رئيس وزراء أو رئيس مجلس نواب أو أعيان.

وأكد جلالته أنه ليس من مصلحة الوطن أن تصبح العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية علاقة صراع، أو أن يتحول مجلس النواب إلى ساحة معركة بين الكتل أو مراكز القوى كما يسميها البعض.

كما أكد جلالته أن العلاقة بين السلطات الثلاث وخاصة التشريعية والتنفيذية، يجب أن تكون علاقة تعاون وتكامل مبنية على الثقة والاحترام والشعور بالمسؤولية. مشيرا جلالته إلى بعض مظاهر عدم الثقة وتبادل الاتهامات وإلقاء اللوم والمسؤولية من كل فريق على الفريق الآخر. معربا جلالته عن أسفه لما وصلت إليه الأمور بين الحكومة والنواب ومحاولة كل طرف لي ذراع الطرف الآخر.

ولفت جلالته إلى أنه إذا كان النواب غير راضين عن أداء الحكومة، فإن المواطنين غير راضين عن أداء النواب.

وأكد جلالة الملك أن التحديات أمامنا كبيرة وهي بحاجة إلى جهد وعمل وتعاون وشراكة حقيقية بين الجميع. منتقدا جلالته ما يتداول في الصالونات التي يمارس بعض روادها أو أصحابها تسريب الإشاعات والأخبار الكاذبة إلى الصحافة الأجنبية خدمة لأجنداتهم الخاصة أو الاستقواء على الوطن.

وشدد جلالته أن لا أحد يستطيع أن يستقوي على الوطن ولا علينا، لأننا على حق وانتماءنا لهذا الوطن أقوى بكثير من كل من يحاول الاستقواء بأي جهة أخرى. وقال جلالته " أنا أعرف هؤلاء الأشخاص وأعرف أهدافهم وحركاتهم".

ولفت جلالة الملك إلى أن بعض الصحف الأسبوعية تمارس التنافس بينها في نشر الإشاعات والأكاذيب من اجل الربح المادي ولو على حساب المصلحة الوطنية، وتمارس "الطخ" في كل الاتجاهات وعلى كل المسؤولين. داعيا جلالته إلى الترفع عن المشاركة في هذه الصحف وترويج ما يصدر عنها من إشاعات واتهامات وتجني.

وقال جلالته "دعونا نتحدث بصراحة ونعترف أن هناك بعض التقصير، وهناك بعض الأخطاء... لا تتحمل المسؤولية عنها جهة أو طرف لوحده وإنما هي مسؤولية الجميع".

وأكد جلالة الملك أن المسؤولية تقع على عاتق الجميع في التصدي لأي مشكلة تواجهنا، وعلى كل فرد أن يقوم بواجبه ويتحمل مسؤوليته بشجاعة وإخلاص.

وقال "أنه من غير المعقول ولا المقبول أن يتدخل الملك في كل صغيرة وكبيرة أو يُحمّل المسؤولية لوحده".

وقال جلالته أريد أن يعرف كل مواطن ومواطنة أنني للجميع وليس عندي أحد مقرب أو محسوب علي أكثر من غيره، فمكانة أي مواطن أو مسؤول عندي هي بمقدار ما يخدم هذا البلد بإخلاص وأمانة، بغض النظر عن أي روابط أو علاقات إنسانية أو شخصية.

وأعتبر جلالته أن من يغادر موقع المسؤولية لا يعني أنه معفى منها، بل هو جندي احتياط وعليه واجب ومسؤولية تجاه الوطن الذي أكرمه ووضعه في موقع المسؤولية المتقدم. موضحا أنه "عندما يكون الواحد في المنصب كل شيء صحيح وعندما لا يكون في المنصب كل شيء غلط، فهذا منطق مرفوض وعيب".

وأشار جلالته إلى أن الأهم من توجيه الانتقاد هو طرح البديل والروح الإيجابية والشجاعة في مواجهة المشاكل ووضع الحلول الواقعية لها.

ولفت جلالته في هذا السياق، إلى مشكلة البطالة والتقصير في التصدي لها. مبينا أن السبب الرئيسي لهذه المشكلة ليس عدم وجود فرص العمل، وإنما عدم توفر الرغبة في العمل المهني أو اليدوي التي تعود إلى مفاهيم اجتماعية غير صحيحة.

وقال جلالته أنني أتابع موضوع البطالة باهتمام كبير، وطلبت من النواب وضع الخطط والحلول لمعالجة هذه المشكلة في مناطقهم، ولكن للأسف لم يصلني أي شيء إلا من نائب واحد أو اثنين.

وفي معرض انتقاده للواسطة التي وصفها جلالته بأنها عمل غير شريف، دعا جلالته النواب والأعيان والوزراء بدل التوسط للناس للحصول على وظائف، إلى تغيير نظرة أبنائنا وبناتنا تجاه العمل والوظيفة، وترسيخ مفهوم أن العمل المهني أو اليدوي ليس اقل أهمية أو مرود مادي من العمل المكتبي.

وقال جلالته أنه من غير الجائز " أن يبدأ الواحد من أبنائنا أو بناتنا حياته العملية بأسلوب غير شريف أو بشكل من أشكال الفساد".

وأكد جلالته على ضرورة مواصلة مسيرة الإصلاح والتحديث والتطوير التي تلزمها تشريعات وقوانين جديدة. مشيرا جلالته إلى أن التأخير في إنجاز هذه التشريعات سيكون عائقا أمامنا وأمام مواصلة هذه المسيرة، وأنه علينا جميعا العمل بأقصى طاقاتنا وبأعلى درجات الشعور بالمسؤولية.

وحول مخاوف البعض من وجود مخططات لإعادة رسم خارطة المنطقة وتسوية بعض القضايا التاريخية على حساب الأردن، بمعنى التوطين والوطن البديل، قال جلالته نحن في الأردن من غرب النهر ومن شرقه ومن شماله وجنوبه، يجب أن نتصدى لأي مخطط يهدف إلى حرمان الأشقاء الفلسطينيين من حقهم في العودة إلى وطنهم وإقامة دولتهم الفلسطينية المستقلة على التراب الفلسطيني وليس في أي مكان أخر.

ونبه جلالته من أنه إذا كان هذا المخطط موجود، فهو مؤامرة على الشعب الفلسطيني مثلما هو مؤامرة على الأردن. وقال جلالته لست وحدي الذي يجب أن يتصدى لمثل هذه المؤامرة إن كانت موجودة فكلنا يجب أن نتصدى لهذا الخطر وأولنا الأردنيون الذين هم من أصول فلسطينية.

وشدد جلالة الملك على أن الطريق الوحيد أمامنا للوقوف بوجه أي مخططات أو أخطار تهدد الوطن، هو أن يكون الأردن قويا ومتقدما اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا.

وقال جلالته " إذا أردنا أن يكون الأردن قوي يجب أن نكون كلنا فريق واحد ويدا واحدة، أما إذا كان ضعيفا لا سمح الله فسوف يطمع فيه الأقوياء".