جلالة الملك يكلف المهندس نادر الذهبي بتشكيل الحكومة الجديدة

22 تشرين الثاني 2007
عمان ، الأردن

كلف جلالة الملك عبدﷲ الثاني، المهندس نادر الذهبي، بتشكيل حكومة جديدة، خلفا لحكومة الدكتور معروف التي قدمت استقالتها لجلالته اليوم.

وفيما نص كتاب التكليف السامي:

بسم ﷲ الرحمن الرحيم

عزيزنا دولة الأخ المهندس نادر الذهبي حفظه ﷲ
تحية طيبة وبعد،
فيسرنا أن نبعث إليك بتحية عربية هاشمية، ملؤها المودة والاحترام والتقدير.

فقد عرفتك من رجالات الأردن الأوفياء، المنتمين لوطنهم ولأمتهم، تعمل بكل أمانة وإخلاص، لما فيه خير ومصلحة الأردن العزيز، يشهد لك بالكفاءة، والقدرة على ترجمة رؤيتنا لمستقبل الأردن، وتنفيذ الخطط الهادفة لازدهاره ودوام رفعته، واضعا نصب عينيك دوما، خدمة الوطن والمواطن.

وبعد قبولنا استقالة حكومة دولة الأخ الدكتور معروف البخيت التي أدت الأمانة ونهضت بمسؤولياتها الوطنية بتفان وإخلاص، وانطلاقا مما عهدناه فيك من خبرة في مجالات العمل المختلفة لا سيما الاقتصادية منها، فإننا نعهد إليك بتشكيل ورئاسة حكومة جديدة، تبني على ما تحقق من إنجازات وتنهض بالمهمات والواجبات الوطنية الموكولة إليها بموجب الدستور والقوانين.

ولما كانت المرحلة القادمة المليئة بالتحديات، أساسية ومهمة في تاريخ الأردن، فإننا نتطلع لأن يكون عنوانها الأساسي: الشأن الاقتصادي والاجتماعي، مؤكدين عزمنا الاستمرار في برامج الإصلاح السياسي، وتعزيز المشاركة وتنمية الحياة الحزبية، ومستنيرين بالمبادىء التي تم التوافق عليها في وثيقتي الأجندة الوطنية و"كلنا الأردن".

ورؤيتنا للمرحلة القادمة تتصدرها الأولويات الاقتصادية والاجتماعية، باعتبارهما عاملين متكاملين. ولذلك فإن تحقيق معدلات نمو مستدامة، وتعزيز تنافسية اقتصادنا الوطني، وإتاحة المجال أمام القطاع الخاص للعمل، والاستثمار في بيئة من الشراكة الحقيقية والفاعلة مع الحكومة، لزيادة الإنتاجية وتوفير فرص العمل للأردنيين والأردنيات، هي متطلبات أساسية لتحقيق الأمن والاستقرار الاجتماعي بمفهومة الشامل.

وفي هذا المجال نتطلع بجدية لشمول منظومة الأمان الاجتماعي لمحاور التعليم والصحة والإسكان، بالإضافة إلى تحسين رواتب الموظفين والعاملين في القطاع العام والقوات المسلحة الأردنية والأجهزة الأمنية.

وفي هذا المجال نؤكد أهمية دراسة ربط الرواتب بمعدلات التضخم وبمؤشرات الإنتاجية والأداء، بهدف حماية ذوي الدخل المحدود والمتدني، وترسيخا لمبادىء العدالة في الفرص، والمكافأة على أساس العطاء والتميز، ومراجعة آليات المساندة الاجتماعية لتكريس مبدأ إيصال الدعم لمستحقيه.

ونود أن نؤكد أن توفير السكن الصحي المناسب لأبناء وطننا العزيز هو جزء أساسي من منظومة الأمان الاجتماعي التي نتطلع إليها، ولذلك فإن الحكومة معنية بالإسراع في تنفيذ مشاريع الإسكان الحالية، وبخاصة الموجهة للمعلمين وصناديق الإسكان العسكرية وموظفي القطاع العام، ومدينة خادم الحرمين الشريفين السكنية في الزرقاء، لتوسيع قاعدة المواطنين مالكي المساكن.

كما نؤكد أيضا ضرورة توسيع مظلة التأمين الصحي لتشمل جميع المواطنين، والإسراع في تنفيذ واستكمال بناء المستشفيات والمراكز الصحية في مختلف أنحاء المملكة، ورفدها بالكوادر الفنية المؤهلة واللازمة، فضلا عن تعزيز مفهوم المراقبة على جودة المنتجات الغذائية والأدوية والمياه لضمان صحة وسلامة المواطن.

إن المواطن الأردني كان على الدوام وعلى امتداد مسيرتنا التنموية الرائدة الحلقة الأهم في عملية التحديث والتنمية، والعنصر الرئيس في معادلة التغيير والتقدم، وتمكينه معرفيا سيبقى أحد أهم متطلبات تحقيق رؤيتنا لأردن المستقبل.

والعملية التعليمية كانت وستبقى من أهم مصادر التكوين المعرفي للأردنيين، وعاملا أساسيا في زيادة الإنتاجية. ورؤيتنا الاستراتيجية للتعليم تتطلب تكثيف الجهود والمساعي والعمل بروح الفريق، وفي هذا الصدد نؤكد ضرورة تنفيذ برامج جديدة لتطوير التعليم والبنية الفكرية للطلبة، وتحسين نوعية مخرجات التعليم.

ولهذه الغاية سنعهد خلال الأيام القليلة القادمة للجنة ملكية استشارية متخصصة تأخذ على عاتقها رفد الجهات المشرفة على التعليم العام بالأفكار والخطط والمقترحات، بحيث تكون المرشد في جهود بناء وتطوير سياسات التعليم، خاصة جهود تطوير المناهج وأساليب التدريس وتدريب المعلمين وتطوير بنية الطلبة الفكرية. للمساهمة في رفد قطاعات التعليم العالي والتدريب المهني بمدخلات تعليمية نوعية تؤهلها للمنافسة والإبداع والتميز ومواكبة متطلبات واحتياجات سوق العمل.

وأما الشباب، الذين نحرص دائما على دعمهم، وتمكينهم، وحثهم على الإبداع واستثمار طاقاتهم والمشاركة في الحياة العامة بمختلف جوانبها. فلا بد من رعايتهم، عبر التواصل المباشر والمستمر معهم، ورعاية القيادات الشابة وتدريبها وتأهيلها لحمل المسؤولية، في المؤسسات الوطنية المختلفة، وبلورة هوية شبابية جادة وناضجة تأخذ زمام المبادرة.

دولة الأخ،

إن شح الموارد الطبيعية، وبخاصة الطاقة والمياه، هي التحدي الرئيسي للتنمية المستدامة، ولذلك نرى من الضروري العمل على توفير متطلبات أمن التزود بالطاقة، عبر تحقيق الاستخدام الأمثل لمصادر الطاقة والبحث عن مصادر الطاقة المتجددة والبديلة، وتقديم كل المساندة للإسراع في إنجاز برنامج الطاقة النووية للأغراض السلمية.

وفيما يرتبط بالأمن المائي، فإننا نؤكد ضرورة تنفيذ مشاريع تطوير المصادر المائية الحالية وتوفير مصادر جديدة، بالإضافة إلى استغلال المصادر المائية غير التقليدية مثل بناء مزيد من السدود وتوسيع مشاريع الحصاد المائي ومشاريع تحلية المياه.

ومن أجل توفير التمويل اللازم لتنفيذ هذه الأولويات الوطنية، فإنه من الضروري الالتزام بإطار مالي متوسط المدى للموازنة العامة، للوصول إلى موازنات موجهة بالنتائج، وذلك ضمن منظور استراتيجي متكامل يلبي احتياجات المواطنين من المرافق والخدمات الأساسية، ويضمن الإدارة الأفضل للدّين، وتخفيف أعباء المديونية. بالإضافة إلى استخدام أدوات السياسة النقدية المتاحة من أجل تحقيق التوازن بين متطلبات دفع عجلة التنمية والحد من ارتفاع الأسعار.

دولة الأخ،

ولأن العدل هو أساس الملك وفيصل الحقوق والواجبات. فإن مرفق القضاء سيبقى صمام الأمان ضد أي هفوات وتجاوزات. وعليه نؤكد أهمية تنفيذ الإستراتيجية الوطنية لتطوير الجهاز القضائي بالتنسيق مع المجلس القضائي، وذلك من أجل توفير البيئة الضامنة لاستقلالية القضاء ونزاهته وترسيخ مبادىء سيادة القانون وتكافؤ الفرص. بالإضافة إلى التصدي للفساد بأشكاله كافة من خلال ترسيخ مبادىء الشفافية والمساءلة والمحاسبة، ودعم هيئة مكافحة الفساد في جهودها لتحقيق هذه الأهداف.

وكما أكدنا في أكثر من مناسبة، فإن حرية الإعلام مصونة، ولا تخضع إلا لضوابط القانون وأخلاقيات المهنة، ولأننا نؤمن أن الإعلام الرسمي هو إعلام دولة ومرآة الوطن، وعيون المواطنين على الحقيقة، فإن الحكومة مطالبة بوضع خطط لتطوير الإعلام الرسمي وتنفيذها ورفد مؤسساتنا الإعلامية بالكفاءات والخبرات والأجهزة الحديثة لتمكينها من أداء مسؤولياتها في نقل الحقيقة ورصد الواقع، وترسيخ مبادىء المهنية والموضوعية المسؤولة، وتشجيعها على لعب دور مؤثر في الحراك السياسي والمجتمعي.

إن تحقيق هذه الرؤى والبرامج يتطلب العديد من الإصلاحات في البيئة التشريعية، ولذلك فإن الحكومة معنية بالعمل وبشراكة كاملة مع مجلس الأمة بأعيانه ونوابه. وذلك بهدف إنضاج التشريعات الضرورية لترجمة هذه الرؤى ونقلها إلى أرض الواقع.

إن ما تحقق من إنجازات في وطننا العزيز والأمن والاستقرار الذي أنعم ﷲ به علينا،لم يكن ليتحقق لولا كفاءة وجدارة قواتنا المسلحة الأردنية الباسلة وأجهزتنا الأمنية، ولذلك فإننا نؤكد أهمية إيلائها جل الاهتمام والدعم والمساندة للحفاظ على جهوزيتها واستمرار عملها بكل كفاءة واقتدار، وتحسين مستوى معيشية منتسبيها الساهرين على أمن الوطن والمواطن.

أما وحدة جبهتنا الداخلية ومتانتها فتتطلب تعظيم الجوامع وتجاوز الفوارق. فهذا الوطن الذي بني على المحبة، وجُبل ترابه بالإخاء، يتشارك فيه الجميع بالتساوي، ويساهمون في ترسيخ عيشنا المشترك، ويتقدمون في المراتب على أساس الإخلاص للوطن والعمل والإنجاز، وهويتنا الوطنية الواحدة والجامعة لا تقبل التفتيت ولا التجزئة.

ولذلك، فإن الحكومة مدعوة للعمل على ترجمة قيم العدالة الاجتماعية والمساواة وسيادة القانون ومبادئهاعلى نحو منهجي منظم في مختلف شؤون الدولة، بالإضافة إلى نشر ثقافة الاعتدال والتسامح ومحاربة التطرف والغلو، وترسيخ مضامين رسالة عمان منهجا وأسلوب حياة.

أما على الصعيد العربي، فإن مهمات كبيرة تنتظركم، من أهمها تعزيز علاقات الأردن بأشقائه العرب التي نحرص أن تكون علاقات إستراتيجية تساعد على توحيد المواقف العربية في مواجهة التحديات الراهنة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية: صلب اهتماماتنا وأولوياتنا العربية. ومهمتكم إزاءها تتركز في توظيف علاقات الأردن العربية وإمكاناته الوطنية لمساعدة الشعب الفلسطيني الشقيق لنيل وإقامة دولته المستقلة والقابلة للحياة، وترسيخ استقلاله على ترابه الوطني.

ونؤكد ضرورة تقديم جميع أشكال الدعم والمساندة لرعاية وحماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس التي هي أمانة في أعناقنا، وسنبقى على العهد، حامين وراعين لها من أي محاولات تسعى لطمس هويتها العربية والإسلامية.

كما نؤكد أهمية تعزيز علاقات الأردن الدولية والثنائية وترسيخها وتطويرها، بحث تعود بالأثر الإيجابي على الأردن وتنعكس مخرجاتها على شراكاتنا وأدائنا الاقتصادي.

إننا إذ سعينا إلى توضيح رؤانا وتلخيص مهامكم وأولياتكم -وليس تحديدها- في كتاب التكليف هذا، لنؤكد أهمية العمل بإخلاص لتحقيق ما أوردناه من أهداف ورؤى وأفكار، لتجسيدها وترجمتها بنجاح إن شاء ﷲ على أرض الواقع وحياة الأردنيين، عبر خطط وبرامج عمل مرتبطة بجداول زمنية ومؤشرات لقياس الأداء للحكومة بشكل عام ولكل وزارة على وجه التحديد، وثقتنا بكم وبقدرتكم على النهوض بهذه المهام أكيدة ومتلازمة مع حرصنا على تقديم الدعم والتوجيه والنصيحة.

وفي انتظار تنسيبك أسماء زملائك في فريقكم الوزاري ندعو لك بالتوفيق وسداد الرأي في اختيار من تثق بكفاءتهم وقدرتهم على حمل المهام وترجمة رؤيتنا لمستقبل الأردن الحديث، وحمل المهام، وخدمة شعبنا العزيز.

وﷲ ولي التوفيق
والسلام عليكم ورحمة ﷲ وبركاته
عبدﷲ الثاني ابن الحسين

 

وكانت صدرت الإرادة الملكية السامية بقبول استقالة حكومة الدكتور معروف البخيت التي رفعها الى جلالة الملك عبدﷲ الثاني اليوم.

واعرب جلالته عن شكره وتقديره للدكتور البخيت، لجهوده الخيرة ولعطائه المخلص طيلة الفترة التي نهض بها بامانة المسؤولية رئيسا للوزراء منذ تكليفه بهذا المنصب في الرابع والعشرين من تشرين الثاني 2005.

وقال جلالته في رسالة بعث بها الى د. البخيت "لقد عملت وفريقك الوزاري، لقرابة العامين، بجد وحرص كبيرين، لتعزيز مسيرة البناء والإنجاز، وتحقيق تطلعات شعبنا لمستقبل أفضل. كما جسّدت بدورك مثالاً يحتذى في حب الوطن، والنزاهة والاستقامة، ومثاليّة الجندية في الالتزام والانضباط".

وفيما يلي نص رسالة جلالة الملك:

بسم ﷲ الرحمن الرحيم

دولة الأخ الدكتور معروف البخيت حفظه ﷲ،
السلام عليكم ورحمة ﷲ وبركاته وبعد،

فيسرني أن أبعث إليك وإلى زملائك الوزراء بأطيب تحياتي وخالص أمنياتي بالسعادة والتوفيق، وأن أعبر عن بالغ شكري وتقديري لجهودكم الخيرة وعطائكم المخلص خلال الفترة التي نهضتم بها بأمانة المسؤولية.

فقد عملت وفريقك الوزاري، لقرابة العامين، بجد وحرص كبيرين، لتعزيز مسيرة البناء والإنجاز، وتحقيق تطلعات شعبنا لمستقبل أفضل. كما جسدت بدورك مثالا يحتذى في حب الوطن، والنزاهة والاستقامة، ومثالية الجندية في الالتزام والانضباط.

وحرصا منكم على تحقيق رؤيتنا وتطلعاتنا للأردن الحديث، وترسيخ نهجنا الثابت لتمكين الفرد الأردني، وترسيخ رفعة الوطن ومنعته، عملتم بمثابرة لمواجهة تحديات مختلفة، وساهمتم في تنفيذ مشاريع وبرامج عززت مسيرتنا التنموية الشاملة، التي نحرص دوما على ديمومتها، وعدالة توزيع مكتسباتها.

أما وقد جرت الانتخابات النيابية، وأدرتموها بكل كفاءة واقتدار، وبنزاهة وحيادية، وبعد أن تقدمت إلينا باستقالتك وفريقك الوزاري، فإنني أقبل استقالتكم، مؤكدا ثقتي بكم، وبعطائكم وبعزمكم على الاستمرار في خدمة الوطن في كل موقع تكونون فيه، كما عهدتكم جنودا أوفياء مخلصين، مستعدين دوما لتلبية نداء الواجب.

فبارك ﷲ فيكم وجزاكم خيرا على إسهاماتكم وعطائكم المخلص، في مسيرتنا الوطنية المباركة.

وأسأل ﷲ العلي القدير أن يحفظكم ويكلأكم برعايته، وأن يوفقكم جميعا لما فيه خير الوطن ومصلحة شعبنا العزيز.

والسلام عليكم ورحمة ﷲ وبركاته
عبدﷲ الثاني ابن الحسين


وكان الدكتور معروف البخيت عبر في رسالة الاستقالة التي رفعها الى مقام جلالة الملك عبد ﷲ الثاني عن اصدق ايات الولاء على الثقة التي اولاها له منذ تشرفه بتشكيل الحكومة قبل عامين.

وقال د. البخيت لقد سعيت لتنفيذ بنود كتاب التكليف السامي، بكل دقة وعزم، وكانت حكومتكم تتعامل مع التطورات والتحديات، بأشكالها المختلفة، وفق النظرة الشمولية التي حددتم جلالتكم ملامحها، وبالجدية الكافية، والمرونة الكفيلة بمواصلة العمل وتحقيق الغايات.

وفيما يلي نص الرسالة:

بسم ﷲ الرحمن الرحيم

مولاي حضرة صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبدﷲ الثاني ابن الحسين المعظم
حامي الحمى وقائد المسيرة وشيخ الوطن
السلام عليكم ورحمة ﷲ وبركاته وبعد،

مولاي المعظم،
فيشرفني يا مولاي، أن ارفع إلى مقامكم السامي، باسمي واسم زملائي الوزراء، اسمى آيات الولاء والإجلال، وقد تحققت رؤيتكم السامية، وجرت الانتخابات النيابية، على الوجه الذي اردتموه، نموذجا في النزاهة والدقة والمشاركة الوطنية الفاعلة.

لقد كان قراركم السامي بإجراء الانتخابات النيابية في موعد استحقاقها الدستوري، تعبيرا ماثلا عن ثقة القائد بنفسه وبشعبه الوفي المخلص، وبكفاءة المؤسسات الوطنية الراسخة والمتجذرة، وهذه الثقة التي لم يطاولها شك، هي اليوم مسؤولية وطنية كبرى، يتحمل الجميع أمانة صونها وترجمتها عملا يليق بوطن أنعم ﷲ عليه بقيادة تاريخية ملهمة، تستمد شرعيتها من خير بيوت العرب، بيت تنزّلت فيه آيات الكتاب الكريم، وهي الشرعية التي ارتبطت دوما، بالإنجاز والعطاء والمبادرة.

إن ثقة القائد بنفسه وبشعبه، هي التي أتاحت للأردن المنيع، أن يتخطى بكل عزيمة ويقين، أخطر المراحل التاريخية، التي شهدتها منطقتنا، وهي ذاتها، التي ستكفل لهذا الوطن الغالي، أن يجابه التحديات القادمة، على اختلاف أشكالها، وتفاوت أنواعها، وأن يتجاوز الصعاب ويذللها، ليواصل مسيرة الخير والعطاء، ويبني نهضته ويعلي صروح التنمية والتميز.

لقد كانت وقفتكم الثابتة الجسورة، أمام التحديات والاستهدافات، مصدر إطمئنان وشعور عميق بالأمان، لدى ابناء شعبكم. وقد خرج الأردن من كل المنعطفات، أكثر قوة وصلابة، متحليا بإرادة التميز والإنجاز، ومصرّا على مواصلة طريق الإصلاح، بكل ما تطلبه ذلك، من تشريعات عصرية، وإجراءات ضرورية، وكان الأردنيون وسيبقون، على عهدهم الثابت والأصيل، دائما وأبدا، على قدر ثقة القائد وأمله، جنودا أوفياء، وسيوفا مسلولة، وضمائر حية وعيونا يقظة، وشركاء في المسؤولية، لصون هذا الوطن ومنجزاته.

مولاي المعظم،
ولأنك القائد الذي ما ارتضى يوما، منزلة بين المنزلتين، ولأنك الرائد الذي ما أخلف أهله الوعد، ولأنك حامل لواء النهضة والعدالة، ولأنك الإنسان، فقد اعتادت القلوب والضمائر، أن تلجأ إليكم في الأوقات الصعبة، مطمئنة واثقة، وكانت أوامركم السامية، وتوجيهاتكم السديدة لحكومتكم، تؤكد على الدوام، أن الإنسان قبل الأرقام، وفوق الاعتبارات والحسابات. ولقد كانت البرامج الحكومية كلها، تنشد ترجمة رؤاكم السامية، باتجاه تحقيق التوزيع العادل لمكتسبات التنمية الشاملة، فجاءت موازنة الدولة للعام الجاري، موازنة محافظات، وموازنة تنمية عادلة، سيشعر بثمارها المواطنون قريبا بإذنه تعالى، وبما يسهم بالتخفيف من أعبائهم، وتوفير فرص العيش الكريم اللائق.

مولاي المعظم،
لقد كان تكليفكم السامي، لي برئاسة حكومتكم قبل عامين، شرفا عظيما، جهدت أن أكون أهلا له، وكانت ثقة مولاي، مسؤولية عظمى، حرصت على القيام بها على أكمل وجه. ولقد نظرت منذ اللحظة الأولى التي كلفتموني بها بتشكيل الحكومة، إلى المهمة بوصفها واجبا مقدسا، يتحمل الجندي أمام قائده، مسؤولية تنفيذه، فكان هاجسي وزملائي، العمل بصمت وهدوء والتزام تام. وكانت المهمة التي انتدبني لها مولاي، وكللني بثقته السامية للقيام بها، أجلّ وأسمى، من أن يطالها الوهن. ولقد سعيت لتنفيذ بنود كتاب التكليف السامي، بكل دقة وعزم، وكانت حكومتكم تتعامل مع التطورات والتحديات، بأشكالها المختلفة، وفق النظرة الشمولية التي حددتم جلالتكم ملامحها، وبالجدية الكافية، والمرونة الكفيلة بمواصلة العمل وتحقيق الغايات.

واليوم، وقد قرّت عين مولاي المعظم، واستكمل مجلس الأمة شروطه الدستورية، فإنني أضع استقالتي بين يدي جلالتكم، معاهدا ﷲ والقائد، أن ابقى الجندي الوفي والخادم المخلص. وﷲ أسأل أن يحفظ جلالتكم، وأن يكلأكم بعظيم عنايته، وأن يديم علينا نعمة الحكم الهاشمي الرشيد، ليبقى الأردن وطنا نموذجا، وحمى منيعا.

والسلام عليكم ورحمة ﷲ وبركاته،،
مولاي المعظم
خادمكم الأمين الدكتور معروف البخيت