جلالة الملك يفتتح مؤتمر مبادرة الادارة الرشيدة

عمان
06 شباط/فبراير 2005

افتتح جلالة الملك عبدالله الثاني في مركز الملك الحسين للمؤتمرات في البحر الميت اليوم "مؤتمر مبادرة الإدارة الرشيدة لخدمة التنمية في الدول العربية" بمشاركة عربية ودولية واسعة.



وياتي عقد هذا المؤتمر انسجاما مع رؤية جلالة الملك في تطوير القطاع العام الاردني على احداث نقلة نوعية في أداء الدوائر والمؤسسات الحكومية لخدمة المواطنين والمستثمرين وتعزيز التنافسية الإيجابية بينها عبر نشر الوعي بمفاهيم الأداء المتميز والإبداع والجودة والمساءلة والشفافية وانتهاج اللامركزية في الحكم المحلي.



وتسعى المبادرة التي سيتم اطلاقها رسميا في ختام اعمال المؤتمر الذي يستمر يومين وتنظمه وزارة العدل بالتعاون مع برنامج الامم المتحدة الانمائي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتي يتوقع ان تتبناها 16 دولة عربية و9 هيئات اقليمية ودولية الى تحسين مستوى الخدمات العامة وتعزيز التنمية الإقتصادية والإجتماعية من خلال تأسيس الآليات التي تؤمن مناخا إيجابيا ومحفزا للإستثمار الوطني والإقليمي والدولي.



وتهدف المبادرة الى تعزيز النمو المستدام في الدول العربية من خلال تقوية إدارة الحكم القائم على المشاركة والشفافية والمساءلة وحكم القانون لتكون عنصرا مكملا لبرامج الإصلاح الوطني المعتمدة حاليا من قبل هذه الدول.



واكد رئيس الوزراء فيصل الفايز في حفل الافتتاح الذي حضره عدد من اصحاب السمو الامراء ورئيس مجلس الاعيان ورئيس مجلس النواب ورئيس المجلس القضائي ووزير البلاط الملكي الهاشمي وعدد من مستشاري جلالة الملك وعدد من الوزراء والاعيان والنواب وكبار المسؤولين ان الاردن يتعاضد مع الدول العربية التي ستعلن التزامها بالمبادرة والتي ستشارك في نشاطاتها وبرامجها ومشاريعها.



واعرب عن الامل في ان تبادر بقية الدول العربية في تبني المبادرة التي يعول عليها كثيرا في تحقيق تنمية مستدامة في الوطن العربي.



وقال ان الاردن احرز تطورا حقيقيا في تصميم وهندسة مشاريع الاصلاح ولديه الوعي الكامل لانجاح الاصلاح الاداري والمالي والقضائي وتحقيق النزاهة في ادارة المال العام والموارد العامة عبر اشراك كافة شرائح المجتمع المدني وعبر حرية الاعلام وشفافية ادائه.



واكد الفايز ان هذه المبادرة رسمت لنفسها الطريق الوثيق والمقاييس والمعايير الحتمية لتحقيق الشمولية والمقدرة على النجاح ضمن منظومة الخصوصيات ودون تسطيح او افكار مسبقة.



وقال اننا في الاردن وضعنا التنمية في صلب الاوليات وننظر اليها كواجهة مثالية تحقق التزام الفرد بمواطنيته الذي لايمكن لهذا الشعور الحتمي النبيل ان يصل الى ذورة نضجه الا بالعلاقة العضوية مع نوعية اداء المرافق العامة العالية على ان يكون هذا الاداء ضمن مفهوم العدالة وارساء حكم القانون والادارة الرشيدة.



واضاف اننا ندرك تماما ان الحاجة حتمية دوما لادارة رشيدة تقوم على المعايير والمقاييس الموضوعية وعلى رصد الانجازية المتحققة تباعا ضمن الفترات الزمنية المحددة وكل ذلك على منظومة القيم التي تشمل المساءلة والشفافية والمشاركة والنزاهة.



وشدد الفايز على اهمية تمكين الانسان العربي وتعزيز قدراته وحقه في اكتساب الحقوق وضرورة ان يبادر العالم العربي الى الاقدام والانجاز في ميادين التنمية المستدامة اقتصاديا واجتماعيا.



وتشمل المبادرة المدعومة من برنامج إدارة الحكم في الدول العربية المنبثق عن برنامج الامم المتحدة الانمائي قطاعات الاصلاح الرئيسية (الإدارية والمالية والقضائية) وستكون مبادرة اقليمية تلتزم بها الاطراف العربية بتنسيق الجهود وتبادل الخبرات في ما بينها وتستأنس بالخبرات الدولية وتجاربها الناجحة وان تتناول مقارنة مشاريع وخطط الاصلاح المختلفة من زاوية اقليمية بغية رصد اوجه الاستفادة والتعاون بين الدول العربية.



ومن شأن الطابع الاقليمي للمبادرة ان يحقق وفرا ماليا عبر التكامل بين المشاريع المتشابهة وان يساهم في تفعيل وتنشيط دور المنظمات والهيئات الاقليمية العربية.



وستكون الأنشطة والبرامج والمشاريع التي ستحتضنها المبادرة متكاملة مع الجهود والانشطة الوطنية وليست بديلاً عنها ومؤسسة لمشاريع تطويرية واصلاحية تخدم الدول العربية منفردة او مجتمعة وتعزز قدرات الحكومات العربية على رسم سياسات التطوير.



وقال امين عام جامعة الدول العربية ان تنفيذ المبادرة يحتاج الى ارادة سياسية لتنفيذ بنودها والى التخطيط العلمي والعملي والتمويل المناسب وتكاتف جهود الحكومات مع القطاع الخاص والمجتمع المدني.



واضاف ان جامعة الدول العربية ستقدم الى القمة التي ستعقد في الجزائر في اذار المقبل كل ما انجزته في اطار وثيقة التحديث والتطوير التي اقرت في قمة تونس العام الماضي.



واكد ان اطلاق مبادرة الادارة الرشيدة يعبر عن فهم واضح بضرورة الدور الحيوي الذي تلعبه الاذرع التنفيذية في تطبيق السياسات
الاصلاحية وتحقيق الاهداف المرجوة منها.



وقال موسى ان نجاح مؤسسات الدول العربية في اداء وظائفها ومهامها بكفاءة وشفافية يجب ان يمثل قناعة لاغنى عنها لاي حكومة حتى تتمكن من توفير الخدمات التي يستحقها ويحتاج اليها المواطنون وعلى راسها رفع مستوى ونوعية حياة المواطن واسرته وتحقيق التنمية المستدامة للمجتمع ككل.



واكد على دور الجامعة العربية في دعم المبادرة ومساندتها والاخذ بعين الاعتبار تجاربها في هذا المضمار مثنيا على دعوة الاردن الدول العربية التي لم تتبنى المبادرة الى المشاركة فيها وتبنيها.



وتستند المبادرة على مبادئ "وثيقة التطوير والتحديث والاصلاح" التي اعتمدتها القمة العربية السادسة عشرة التي استضافتها تونس في شهر ايار الماضي.



وكان وزراء عرب بحثوا في اجتماع عقد في عمان خلال ايلول الماضي محاور المبادرة الستة التي تم اختيارها بالاعتماد على تجارب ست دول عربية تتخصص كل منها بمحور حقق نجاحا على الصعيد الوطني وتشمل تطوير وتحديث النظام القضائي بالاعتماد على التجربة الاردنية والخدمة المدنية والنزاهة بالاعتماد على التجربة المغربية ومحور الحكومة الالكترونية بالاعتماد على تجربة الامارات والادارة الرشيدة للمال العام من خلال التجربة المصرية وادارة الموارد العامة بالاعتماد على التجربة التونسية والاعلام والمجتمع المدني وتجربة لبنان.



وتسعى الدول المشاركة من خلال المبادرة الى ايجاد السبل الكفيلة بتامين المعطيات للمشروعات الاصلاحية من خلال رؤية شاملة وسياسات واضحة لعملية الاصلاح الاداري وعلاقته بالتنمية الاقتصادية ورفع مستوى حياة الفرد وارساء التعاون بين الدول العربية ودول حققت نجاحا في تطوير اداراتها العامة.



وستعتمد المبادرة وفق القائمين عليها على خصوصيات كل دولة عربية وعلى خبراء عرب بشكل رئيسي وخبراء من الدول المتقدمة التي ستشارك في ادارة المحاور الستة الى جانب الدول العربية المضيفة.



وقال رئيس اللجنة المنظمة للؤتمر وزير العدل الدكتور صلاح الدين البشير ان هناك قناعة لدى الجميع في الوطن العربي وخارجه بان حجم التحدي يتطلب اصلاحا ناتجا من تجاربنا الواقعية ولكنه بنفس الوقت يتطلب شراكة حقيقية ومتوازنة بيننا وبين دول العالم وتجمعاته التي سبقتنا في تعزيز التنمية وارساء قواعد العدالة والمساوة وحكم القانون وتعزيز الشفافية والمساءلة وضمان حقوق الناس في التنمية الشاملة.



وقال ان الاردن سيقود في هذه المبادرة محور تطوير القضاء وهو الركيزة الاساسية في الادارة الرشيدة والتي حقق الاردن فيها خلال الاعوام الماضية انجازات ملموسة على ارض الواقع.



واشار الى ان اصلاح القضاء في الاردن يستند على الرؤية الملكية في ضمان استقلال القضاء ونزاهته وحياده ورفع كفاءة الجهاز القضائي وتسريع عملياته وتنمية الموارد البشرية وزيادة اطلاقها في الداخل والخارج وتطوير انظمة المعلومات وحوسبتها ورفع سوية البنية التحتية للمحاكم وضمان حماية الفئات الاضعف في المجتمع كالنساء والاطفال وتوفير المعايير العالمية في المحاكمات كمبادىء حقوق الانسان.



وقالت مساعدة الامين العام للامم المتحدة المدير العام للمكتب الاقليمي لبرنامج الامم المتحدة الانمائي الدكتورة ريما خلف ان تبني الادارة الرشيدة لخدمة التنمية ياتي في وقت تاريخي في حياة شعوب المنطقة العربية فبعد اكثر من نصف قرن من حصول دول هذه المنطقة على استقلالها وتحررها لا زالت شعوبها لاتتمتع بالقدر المرجوة من مزايا التنمية والسلام والاستقرار التي استطاعت ان تنعم بها شعوب اخرى في عالمنا اليوم.



واضافت ان قراءة للواقع التنموي العربي تبين انجازات يعتد بها ولكنها ايضا تشير الى مكامن قصور فقد حققت البلدان العربية في النصف الثاني من القرن العشرين تقدما مقدرا في مجالات البنى التحتية والصحة والنشر الكمي للتعليم الا ان فجوة عميقة مازلت تبعد بيننا وبين العالم المتقدم في مجالات عدة اهمها الحرية والمعرفة وتمكين المرأة.



واشارت الى انه في بداية التسعينيات قامت البلدان العربية بتنفيذ العديد من برامج الاصلاح في سياساتها المؤسسية والاقصادية لكن هذه الاصلاحات التي طبقت كانت ذات اثر محدود على الاداء التنموي فمعدلات النمو الاقتصادي لم تنتعش مقارنة بالمؤشرات الدولية وتراجعت حصة البلاد العربية من التجارة العالمية ومن التدفقات الرأسمالية الاجنبية وقصرت اسواق العمل عن خلق فرص عمل كافية.



ويشارك في المؤتمر الذي تنظمه وزارة العدل بالتعاون مع برنامج الامم المتحدة الانمائي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (وهي منظمة تضم حوالي 30 دولة تهتم بشكل رئيسي بعملية تنمية القطاع الاقتصادي والاجتماعي ومقرها باريس) منظمات عربية ودولية وشخصيات سياسية واقتصادية وفكرية.



واكد رئيس منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية رونالد جونسن دعم المنظمة وكذلك المنظمات الدولية المشاركة للمبادرة التي اعتبرها خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح.



وقال ان التنمية المستدامة لايمكن ان تتحقق الان من خلال تبني مفاهيم الادارة الرشيدة التي تعتمد اساسا على العدل والمساواة وحسن
الادارة والشفافية.