الزاوية الإعلامية
عاد جلالة الملك عبدﷲ الثاني الى ارض الوطن اليوم بعد زيارة عمل الى الولايات المتحدة لم تقتصر فيها جهود جلالته على بحث سبل تقوية العلاقات الاردنية الامريكية بما يعزز وضع الاقتصاد الاردني ويحسن الظروف المعيشية للاردنيين..بل عمل جاهدا وفي عدة مناسبات على الدفاع عن الاسلام واجلاء صورته الحقيقية امام اعين الامريكيين.
وامام حشد كبير من ثلاثة آلاف مفكر وسياسي متنوع الاتجاهات من بينهم مجموعة من قيادات الكونغرس الامريكي القى جلالته خطابا أوضح فيه نقاط الالتقاء بين الديانات السماوية الثلاث ومن بينها الاسلام التي تحث على السلام والعدل والتسامح.
وفي خطاب واشنطن وكذلك الخطاب الذي ألقاه امام معهد ترنت لوت للقيادة في جامعة المسيسبي أكد جلالته..ان تصميمه على ترويج الفهم الصحيح للدين الاسلامي ومكافحة التطرف والغلو في الدين ينبع من سيرة الهاشميين طوال تاريخهم ومن نهج المغفور له الملك الحسين في نبذ العنف واعتماد الحوار والموعظة الحسنة لا العنف والارهاب وسيلة لاستمالة قلوب البشر.
وشرح جلالته في الخطابين المبادرة التي تضمنتها رسالة عمان التي اطلقت قبل أكثر من عام لإعادة تأكيد مفهوم الإسلام المعتدل ولتعرية وعزل التطرف ولتأكيد التعاليم المشتركة بين اليهودية والمسيحية والإسلام. وأكد جلالته في كل المناسبات..ان طريق الاعتدال والتسامح والاحترام يجب الا يكون مقتصرا على المسلمين فقط..بل على المعتدلين في كل مكان بغض النظر عن دينهم وعرقهم او معتقدهم الذين يجب ان يفعلوا المزيد لتخفيف غلواء اصوات التطرف التي تزداد في عالمنا المعاصر..الا ان هذا الاعتدال لا يعني باي حال من الاحوال قبول ان تمس مشاعر المسلمين الدينيه. فقد دان جلالته في البيت الابيض يوم امس اساءات الرسوم الكاريكاتورية للرسول الكريم صلى ﷲ عليه وسلم قائلا..انه لا يمكن تبريرها بحجة حرية التعبير. وقد أيد الرئيس الامريكي جورج بوش موقف جلالته في ادانة هذه الرسوم حيث اكد..ان الحرية تعني المسؤولية وعدم الاساءة للاخرين. ودعا جلالته خلال تصريحاته الصحفية عقب لقاء القمة الشعوب الاسلامية الى الاحتجاج السلمي والواضح وعدم اللجوء الى التدمير والعنف..مؤكدا ان العنف الذي يؤدي الى سقوط ضحايا امر غير مقبول البتة.
وشدد جلالته في حواراته وخطاباته على ان استجابة المجتمع الدولي ضد التطرف يجب ان تكون الحوار الذي يؤدي الى المزيد من الفهم واستكشاف القيم التي تجمعنا بدلا من التركيز على ما يفرق البشر.. فالارهاب هجوم على الحضارة الانسانية باكملها لا على حضارة معينة يمليه منطق صراع الحضارات. واكد جلالته..ان الحرب على الارهاب تحتاج إلى ما هو أكثر من الإجراءات الأمنية..ولهذا فان الاردن يركز على اولوياته المتمثلة في إتاحة المزيد من الفرص وتنمية الاقتصاد الغني بالوظائف حتى يتمكن شبابنا من بناء مستقبلهم وإيجاد مجتمعات آمنة لأسرنا وأطفالنا وإيجاد الحكم الرشيد وإدامته لحماية حقوق الإنسان وإعطاء المواطنين حصة في بناء مجتمع ينعم بالسلام. ومن هذا المنطلق ركز جلالته في محادثاته الثنائية مع اقطاب السياسة والاقتصاد في الادارة والكونغرس الامريكيين على حاجات الاردن الاقتصادية لتحقيق هذه الطموحات والسير في طريق الاصلاحات الى نهايتها المنشودة..وهي الطموحات التي واجهتها العام الماضي ولا تزال تواجهها مشكلة الارتفاع الحاد في اسعار النفط بما يعنيه هذا من عبء كبير على مسيرة النمو الاقتصادي وتحسين المستوى المعيشي للاردنيين. وطالب جلالته الادارة الامريكية بمساعدة الاردن في تجاوز اثار ارتفاع اسعار النفط وفي تسريع وتيرة تخفيض التعرفة الجمركية الامريكية على المنتجات الاردنية التي تدخل الى السوق الامريكي بموجب اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين. واكد جلالته للشعب والادارة الامريكيين..ان الاردن ماض في طريق الاصلاح رغم كل المعيقات لايمانه القوي بان تاخير الاصلاحات يعني فقط تاخير الاستفادة من المزايا التي توفرها..وهو ما استشعره الاردنيون من نتائج الاصلاح الاقتصادي والتعليمي خلال السنوات الماضية.
ولم يغفل جلالته عن الحديث عن الاوضاع السياسية الملتهبة التي تعيشها المنطقة في خطابيه وفي حواره مع الادارة الامريكية واعضاء الكونغرس ومع اعضاء "معهد اسبن" الذي يعد من مراكز البحث المهمة لصناعة القرار في الولايات المتحده. فقد شدد جلالته على استحالة.."التحدث عن مستقبل أفضل لبلدي أو للمنطقة دون تناول النزاعات الخطيرة السائدة في أيامنا هذه". واضاف جلالته.."ما دامت هذه النزاعات مستمرة..فإن التركيز في المنطقة سينصب على الماضي لا المستقبل وعلى الفرقة والجمود لا النمو".
وقد حث جلالته محاوريه الامريكيين من صناع قرار ومثقفين على عدم الحكم على حماس قبل معرفة القرارات التي يمكن لهذه الحركة ان تتخذها..مطالبا في جميع الاحوال المجتمع الدولي باحترام الخيار الديموقراطي للشعب الفلسطيني وعدم التخلي عن السلطة الفلسطينية التي تعاني من عجز مالي كبير قد يفضي الى مآس جديدة للشعب الفلسطيني الذي يعاني من الفقر والبطالة.
واكد جلالته..ان الاردن لن يتخلى عن الفلسطينيين أبدا بسبب الوشائج القوية التي تربطه بهم..الا انه حذر من ان الجمود في عملية السلام ليس في صالح الفلسطينيين..فالسياسات الاسرائيلية الحالية تعني انه في غضون عامين لن يبقى للفلسطينيين ارض يمكنهم اقامة دولة قابلة للحياة عليها..كما ان المجتمع الدولي بما فيه العالم العربي باستثناء الاردن سيدير ظهره لهم.
ورافق جلالته في هذه الزيارة وفد رسمي ضم سمو الأمير علي بن الحسين وسمو الأمير غازي بن محمد المبعوث الشخصي / المستشار الخاص لجلالة الملك ورئيس الوزراء الدكتور معروف البخيت ووزراء الخارجية عبدالاله الخطيب والصناعة والتجارة شريف الزعبي والتخطيط والتعاون الدولي سهير العلي ومدير المخابرات العامة اللواء محمد الذهبي.