الزاوية الإعلامية
دان جلالة الملك عبدﷲ الثاني التدنيس والإيذاء غير المبررين للمشاعر الإسلامية التي تمثلت في الرسوم الكاريكاتورية المهينة التي نشرتها بعض الصحف بهدف الاساءة للنبي محمد (صلى ﷲ عليه وسلم).
وقال جلالته في خطاب ألقاه أمام ما يربو على ثلاثة الاف شخصية امريكية وعالمية من رجال الفكر والدين والسياسة ..ان المتطرفين من اتباع أي دين الذين ينشرون مفاهيم عدم التسامح والعنف يشوّهون النصوص السماوية للترويج لقضيتهم. كما دان جلالته المتطرفين الاسلاميين الذين خرجوا على تقاليد التسامح بين عرب المشرق باعتدائهم على الكنائس المسيحية في العراق، وقال "لقد شعرنا بالهلع وبالغ الإستياء اتجاه الإعتداءات التي جرت مؤخرا على الكنائس المسيحية في العراق، والتي تعد خروجا صارخا على تقاليد امتدت على مدى 1400 عام من الصداقة الإسلامية - المسيحية والتعايش بين عرب المشرق".
وأكد جلالته اهمية التصدّي للتطرّف بأشكاله المختلفة والتغلب عليه من خلال استشراف آفاق القيم التي توحّد اتباع الديانات السماوية، بدل العمل على المبالغة في المسائل التي يساء فهمها والتي تُحدْث الفُرْقة بيننا. وأوضح جلالته للمجتمعين أن الإسلام، مثل الديانات السماوية التي سبقته، ديانة توحيد: فالمسلمون يؤمنون بوحدانية ﷲ تعالى؛ وهذا الإيمان هو أساس كل شيء في الإسلام. ولفت جلالته النظر الى ان المؤمنين يمتحنون في كل جيل. والتحدّي الأكبر في جيلنا مصدره المتطرفون الذين يؤمنون بالعنف والذين يسعون إلى تنفيذ سياسة فرق تَسُد. واعتبر جلالته التطرف /حركة سياسية تعمل تحت غطاء ديني, وأتباعها لا يسرّهم أكثر من وضعنا في مواجهة بعضنا بعضاً، وأن نتنكّر لكل ما هو مُشترك بيننا/. وشرح جلالته للمؤتمرين بان الاردن أطلق قبل أكثر من عام مبادرة دينية لإعادة تأكيد مفهوم الإسلام المعتدل، ولتعرية وعزل التطرف، ولتأكيد التعاليم المشتركة بين الديانات السماوية الثلاث.
وأكد جلالته في هذا السياق أن تبني منظمة المؤتمر الإسلامي بمكة المكرمة في كانون الأول الماضي لمبادئ رسالة عمان يضرب أعماق جذور التطرّف لأنه يجرّده من شرعيته الإسلامية، ويعزّز وسطية الإسلام التي تنتمي إليها الغالبية العظمى من المسلمين. كما أن هذه المبادئ تشكّل هجمةً مباشرة على التشويهات التي يروجها المتطرفون حول الإسلام، وذلك بتعرّية زيف أيديولوجياتهم. وبين جلالته ان العمليات الارهابية ليست صراع حضارات كما يقول المتطرفون، بل هو هجوم على الحضارة, فزيف اقوالهم اتضح للجميع من خلال التفجيرات التي قاموا بها في الأردن، ومصر، والمغرب، والسعودية، والكثير غيرها من الدول الاسلامية. واضاف انه في كل يوم تقريباً، يقتل المسلمون على يد المتطرفين في العراق، مبينا ان الذين يستهدفهم المتطرفون ليسوا مسيحيين، ولا يهوداً، ولا أمريكيين أو أوروبيين، بل مسلمين أبرياء من أهل البلاد. وقال جلالته إن العنف الذي أطلقت عقاله الجماعات الارهابية والقلّة الذين يتبعونهم يصدر عن الكراهية, فهم لا يدعون إلى الإسلام الذي جاء به القرآن الكريم والنبي محمد صلى ﷲ عليه وسلم، بل ان ما يروجون له هي أيديولوجية سياسية بغيضة تنتهك مبادئ الشريعة الإسلامية وتعاليمها. ونبه جلالته الى انه إذا ما سمحنا لمثل هذه الحالة من عدم التسامح وسوء النية أن تجعلنا نتمحور ضد بعضنا البعض، فإننا بذلك نخون ذكرى جميع الذين قتلوا على أيديهم, ونكون قد قمنا بما هو أسوأ من ذلك، إذ نكون قد حدنا عن الحقيقة.. الحقيقة التي جرى التعبير عنها على مدى موروثنا المشترك.
وحضر الخطاب سمو الامير غازي بن محمد المبعوث الشخصي والمستشار الخاص لجلالة الملك والعين عقل بلتاجي والسفير الاردني في واشنطن كريم
وكان الرئيس الامريكي جورج بوش تحدث في الجلسة الافتتاحية للاجتماع معبرا عن تقديره لمشاركة جلالته وعدد من الشخصيات السياسية العالمية في هذا التجمع. واعرب بوش عن احترام الشعب الامريكي لمختلف الديانات والمعتقدات التي تجتمع وتتوحد في تلبية الاحتياجات الانسانية ومد يد العون والمساعدة للمحتاجين والمنكوبين ولمن يعانون من المرض والفقر والحرمان في ارجاء العالم، لافتا النظر إلى أن تعاليم دياناتنا ترشدنا للتوجه بالشكر والثناء للخالق على نعمه ,وتؤكد لنا اننا متساوون امامه.
من ناحيتهم أثنى المشاركون على الشجاعة التي يتحلى بها جلالة الملك عبدﷲ الثاني لوقوفه في وجه دعاة التطرف والانعزال وصراع الديانات والحضارات وعمله الدؤوب في كافة المنابر الدولية لشرح مبادىء الاسلام الصحيح وتوضيح صورته الناصعة التي يحاول المتطرفون تشويهها. وقال السناتور بيل نيلسن الذي قدم جلالته للمؤتمرين ,ان الصفات القيادية التي يتمتع بها جلالته تنبع من قلب مؤمن بان خدمته لشعبه هي جزء من ايمانه بﷲ تعالى، اضافة الى الشرعية الدينية النابعة من انتسابه الى جده المصطفى (صلى ﷲ عليه وسلم).
وفي لقاء مع ممثلي عدد من اتباع الديانات السماوية عقب الخطاب دعا جلالته الى تضافر الجهود بين مختلف الاطراف المعنية من حكومات ومنظمات لاستمالة الشارع الاسلامي من جديد وشرح المبادىء الصحيحة للاسلام الذي ينبذ العنف والكراهية. واعرب جلالته عن مخاوفه من تفريغ مدينة القدس من سكانها المسيحيين مؤكدا ان القدس يجب ان تبقى مفتوحة لاتباع كافة الديانات السماوية التي تعتبر القدس رمزا لها.