جلالة الملك يتحدث حول القضايا المحلية والإقليمية

عمان
29 حزيران/يونيو 2002

قال جلالة الملك عبدالله الثاني ان صالونات عمان السياسية هي اكبر حاجز امام تطوير الأردن فهي تعمل ضد بعضها البعض وبالرغم من انها لا تعيق عمل جلالته الا ان لعبتها يجب ان تتوقف مرحبا بوجود صالونات سياسية تعمل بشكل ايجابي. ووصف جلالته اصحاب مثل هذه الصالونات بأنهم "مافيات" يقاومون المستثمرين القادمين الى الأردن بدل الترحيب بهم وكل منهم يريد ان يصبح رئيسا للوزراء وان وضعا كهذا لن ينفع الوطن.

وقال جلالته في مقابلة نشرتها صحف السياسة الكويتية والنهار اللبنانية والبيان الاماراتية والجزيرة السعودية والشرق القطرية والايام البحرينية اضافة الى صحيفتي الرأي والدستور الأردنيتين اجراها الاستاذ احمد الجارالله رئيس تحرير السياسة قال اننا بحاجة الى دم جديد فلدينا شعب مثقف يجب ان نعطيه فرصة للعمل ونحن جيل جديد ومع ذلك فهناك شباب ما زالوا يفكرون في الواسطات والمحسوبية ونحن بحاجة الى سنة او سنتين لاقصاء هذا التفكير وانا اقول لهم انني ضد الفساد والواسطة.

وقال جلالته لقد كنا نغير الحكومات كل ستة اشهر لكن اذا اتبعنا هذا النهج فهل بامكاننا ان نعمل.. ان بقاء الحكومة سنتين او اكثر او حتى اربع سنوات هي مدة ضرورية لايجاد الية عمل من واجبي ان اضعها في الطريق الصحيح.

وقال جلالته اذا اردت ان اغير حكومة فانني اغيرها نحو الافضل واذا لم يكن الامر كذلك فان من الافضل ان ابقي على من اعرفه اي على رئيس الوزراء لان حسناته اكثر من سيئاته اما من يقول بان الوزير الفلاني غير نافع فارد عليه بان اعطوني البديل.

وقال جلالته انه يوجد في الحكومة اناس يفهمون باننا نريد ان نسير الى الامام اما الآخرون فلا.. ومن هنا فاننا بحاجة الى وقت حتى يعم هذا المفهوم. وقال جلالة الملك انه لو راجعنا ما تم تحقيق في الأردن خلال السنوات الثلاث الماضية فنستطيع ان نقول ان تحسنا كبيرا قد طرأ..

إلا ان جلالته اكد ان الحكومة لوحدها لا تكفي للقيام بمهمات التنمية وقال انني اريد ان اعطي المحافظ صلاحيات اقتصادية على صعيد محافظته.

وردا على سؤال حول تاخير اجراء الانتخابات العامة اشار جلالته الى دعوته لزيادة عدد النواب حتى تزداد الشفافية حيث تقرر في المرحلة الاولى زيادتهم الى 104 اعضاء موضحا انه يجب ان لاننسي ان الديمقراطية درجات الى ان تكتمل. وقال جلالته انني اريد اجراء انتخابات تتم بشفافية ولذلك طالبت باستحداث البطاقة الانتخابية الالكترونية لكل ناخب حتى لا تتدخل الحكومة في مجرى العملية وتوثر على النتائج وانه طلب ستة اشهر حتى يصبح لكل ناخب بطاقته الالكترونية حيث تم انجاز ما نسبته 85-95 بالمائة من هذه المهمة.

وردا على سؤال حول طغيان اكثرية فلسطينية في المجتمع الأردني قال جلالته ان هذا ليس صحيحا مبينا جلالته ان تميز الأردن وقوته يكمنان في تنوع مجتمعه فالأردنيون من مختلف اصولهم ومنابتهم سواء كانوا من اصول فلسطينية او عربية اخرى ما دام قبلوا بهذا الوطن وطنا لهم وقدموا واجباتهم وحصلوا على حقوقهم فهم قوة للأردن ومنعته وتقدمه مؤكدا جلالته ان هدفه في الحياة هو توفير العيش الكريم لهم ولمستقبل لابنائهم.

واوضح جلالته ان العلاقة بين الأردن والدولة الفلسطينية التي ستقوم على الاراضي الفلسطينية ستكون علاقات اخوة وجوار وسيكون الأردن السند للدولة الفلسطينية المقبلة لتكون امل الشعب الفلسطيني بعد ان كافح هذا الشعب وناضل فانه يستحق ان يكون له كيان على الخريطة العالمية.

وقال ان الحديث عن خطر يهدد الأردن من قيام دولة فلسطينية هو حديث هراء وامر يراد به التشويش على عدالة القضية الفلسطينية.

وحول الجهود التي يبذلها جلالته على الساحة العالمية قال ان كل جهودي مكرسة في سبيل حشد الدعم السياسي للقضية الفلسطينية وكانت كل اللقاءات مع قادة دول العالم منصبة على ضرورة مساعدتنا في الوصول الى السلام في الشرق الاوسط وانهاء المعاناة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني.

وقال جلالته.. ان طرحنا يتمثل باعطاء الفلسطينيين الامل باقامة دولتهم المستقلة القابلة للبقاء والاستمرار الى جانب دولة اسرائيل التي لا بد ان نعترف كعرب بضرورة ان تعيش بأمان وضمن حدود امنه الا ان جلالته اوضح قائلا بان التصعيد العسكري الاسرائيلي اخذ بعد عام ونصف من الانتفاضة منحى عدوانيا طال المدنيين والمؤسسات والبنية التحتية في الاراضي الفلسطينية لذلك كان لا بد من التحرك على مختلف الصعد لانقاذ الوضع وبدانا اتصالاتنا مع الولايات المتحدة واوروبا وروسيا وجميع القوى الفاعلة لتحفيزها من اجل قضية السلام ومنع تفاقم الوضع وامتداده.

وقال جلالته انه بالرغم مما يجري الا اننا لم نفقد الامل في تحقيق السلام معربا عن اعتقاده بان الشعبين الفلسطيني والاسرائيلي سئما حياة القتل والدمار المستمر وهما مستعدان ان يصغيا الى صوت السلام ونبذ العنف.

واكد جلالته ان الولايات المتحدة ملتزمة برؤيتها لاقامة دولة فلسطينية موضحا ان تركيزه خلال لقاءاته مع الرئيس بوش والادارة الاميركية كان دائما على انه ما لم يتم معالجة المشكلة السياسية للقضية الفلسطينية على اساس سياسي وليس امني وما لم يتم اقامة دولة فلسطينية مستقلة وخلال فترة زمنية معقولة فان دوامة العنف ستستمر.

وحول مبادرة الرئيس الاميركي الاخيرة قال جلالة الملك عبدالله الثاني ان مبادرة الرئيس بوش تشكل بداية لنهاية الصراع بين العرب والاسرائيليين ونحن على استعداد للعمل مع كل الاطراف للتوصل الى سلام والى اقامة علاقات طبيعية مع اسرائيل.

وقال جلالته لقد جاء بيان الرئيس بوش منسجما مع الموقف الأردني حول تعريف الاطار العام للحل وتحديد الجدول الزمني لاعادة اطلاق المفاوضات وان دعوة الرئيس الاميركي لاقامة دولة فلسطينية يعد امرا ايجابيا ونرحب به.

واعرب جلالته عن امله في ان تحقق مبادرة الرئيس الاميركي الجديدة الهدوء في الاراضي الفلسطينية وان يتوقف العنف وان تستجيب اسرائيل لما جاء في المبادرة.

وقال جلالته الملك عبد الله.. ان الحديث عن دولة فلسطينية دون حديث عن اطار زمني لها وتعريفها امر غير مقبول. وحول الحديث دولة مؤقتة قال جلالته ان ذلك مصطلح جديد في قاموس السياسة وما نريده هو دولة ناجزة بكل معنى الكلمة تقوم وفقا لقرارات مجلس الامن 242 و 338 و 1397.

وردا على سؤال حول مستقبل الرئيس عرفات قال جلالته ان مستقبل الرئيس عرفات امر يقرره الشعب الفلسطيني فقط وان تم القبول بطرح ان يفكر الاخرون عن الشعوب فهذا امر خطير ومرفوض وحين يقرر الشعب الفلسطيني بماذا يريد وبماذا يفكر فيجب ان نحترم رأيه ونسانده ونحن في الأردن ندعم ونؤيد قيادة الشعب الفلسطيني المنتخبة ونضع كل امكاناتنا الى جانب الفلسطينيين حتى يقررا مستقبلهم بانفسهم ويأخذوا حقوقهم على ارضم وبناء دولتهم المستقلة.

وقال ان الفلسطينيين هم اصحاب القرار فيمن يحكمهم ونحن لا نريد الى دور للأردن في الضفة الغربية ودورنا يتركز في تقديم الدعم والاسناد للفلسطينيين حتى يتجاوزوا المحنة وينتهي الاحتلال.. ولن اسمح على الاطلاق بان يستبدل الجندي الاسرائيلي في الاراضي الفلسطينية بجندي أردني.

اما بالنسبة للمؤتمر الدولي المقترح فقال جلالة الملك انه يجب ان توجه الدعوة لجميع الاطراف المعنية للمشاركة فيه وخاصة لسوريا ولبنان حتى يكون السلام شاملا وان يكون جدول اعماله واضحا ومحددا. وقال ان على المؤتمر ان يتعامل اضافة للمسائل السياسية مع المسألة الاقتصادية والمعاناة المريرة للشعب الفلسطيني. واشار جلالته الى انه اذا تمكنا من تحديد ماذا نريد من مؤتمر السلام واتفقنا على الية واضحة لتنفيذ بنود المؤتمر ضمن جدول زمني محدد نكون قد وضعنا الاساس لحل النزاع.

واكد جلالته في هذا الصدد انه بدون مساعدة القوي الدولية وخاصة الولايات المتحدة لا يمكن ان تتمكن من التحرك. وقال جلالته ان كل رئيس امريكي يخاف من الدخول في قضية الشرق الاوسط مشيرا الى ان الرئيس بوش متحمس ومقتنع بالدولة الفلسطينية الا ان المشكلة في النظام الاميركي فالرئيس عليه ضغوطات.. انه قوي جدا لكن الحرب بالنسبة لنا كسياسيين ليست هنا بين اسرائيل وفلسطين.. وهو يرى الوضع الداخلي والخارجي وتأثير اسرائيل في اميركا لكنه في قلبه يعرف ما هو مطلوب.

وعن السلام قال جلالة الملك عبدالله الثاني انني ارى سلام المنطقة قريبا فنحن كدول عربية واسرائيل والعالم لا نريد خمس عشرة سنة اخرى من الصراع واننا نقول للجميع اذا كنتم تريدون اقامة دولة فلسطينية على اربعين بالمائة من اراضي الضفة وغزة فانكم لا تحلون المشكلة.

واشار جلالته الى انه عندما يلتقي مع بلير او شيراك او بوتين او شرويدر او زيمين او عنان فان الجميع اصبح يتكلم لغة واحدة فيما يتعلق بعملية السلام. وقال جلالته ان الاوروبيين قالوا له انك يا جلالة الملك عندما تتحدث مع بوش فانت تتكلم باسم الاوروبيين وللمرة الاولى فان الموقف الاوروبي والموقف العربي موقف واحد.

وعن العلاقات الأردنية الامريكية قال جلالة الملك انه رغم اننا نلتقي على امور كثيرة مع الولايات المتحدة وقد نختلف في بعض القضايا لكن علاقتنا معها تظل قوية.

وقال انه على الصعيد السياسي يجب ان تعترف باهمية دور الولايات المتحدة وثقلها في العالم واذا اغفلنا ذلك فلن نتمكن من تحقيق السلام في المنطقة لان جزءا كبيرا من اوراق الحل بيدها اما على صعيد علاقتنا الاقتصادية فهي قوية ووطيدة فالولايات المتحدة تقدم مساعدات كبيرة للأردن ووفرت اتفاقية التجارة الحرة مجالا حيويا لزيادة التعاون بين البلدين ونأمل خلال السنوات المقبلة ان يشهد الأردن المزيد من الاستثمارات العربية والاجنبية.

وقال جلالته ان علاقتنا مع امريكا والعالم جيدة وعلاقتنا بالكونجرس ايجابية مائة بالمائة ونحن لا نتحدث معهم عن الأردن الا بمقدار يسير واغلب الحديث يتركز على فلسطين والعراق فعندما التقي مع الرئيس بوش 40 دقيقة يكون منها 37 دقيقة عن فلسطين واشقائنا العرب.

وعلى صعيد الحرب مع الارهاب التي تخوضها الولايات المتحدة فلقد اعلنا موقفنا باننا ضد الارهاب بجميع اشكاله لاننا عانينا منه وكنا كوطن وشعب احد ضحاياه الا اننا اكدنا ان الحرب على الارهاب يجب ان لا تختلط فيها الامور وتصبح حربا على الاسلام.

وحول الجيل الجديد من الحكام قال جلالته ان حكام الجيل الجديد يحتاجون الى دعم امام شعوبهم ونحن كحكام جدد بدانا جميعا نتحدث لغة واحدة. وقال ان الرئيس السوري من جيل هؤلاء الحكام وانت ترتاح له لانه يعرف ما المطلوب لبلده اعانه الله على تحقيق افكاره المتقدمة.

واكد جلالته اننا دعاة وحدة وتضامن ونرى ان وحدة العرب وتضامنهم كفيلان بحل جميع مشكلاتهم والوحدة التي ننظر لها لا تكمن فقط بان تكون الدول العربية دولة واحدة فلكل قطر عربي خصوصيته يجب احترامها من قبل الجميع وفي ظل سياسة العولمة لا بد ان يكون لدى العرب تكتلهم الاقتصادي الذي يعزز التجارة البينية ويزيل العوائق امام انسياب حركة التجارة وبالتالي تحقيق الحياة الكريمة لشعوبنا.

ووصف جلالته العلاقه مع العراق بانها جيدة جدا معبرا عن امله ان تتطور الى الامام بما يخدم الشعبين ومصالح الامة العربية. وقال ان حل الخلافات بين العراق والولايات المتحدة والعراق الامم المتحدة يستدعي بدء حوار عملي وجاد وتفاهم يجنب المنطقة المزيد من الكوارث لان ضرب العراق سيكون كارثة ليس على العراق فقط بل على المنطقة كلها وانه ليس سهلا على امريكا لوحدها ان تضرب العراق.

واكد جلالته ان زيارته الاخيرة لعدد من دول الخليج كانت مريحة جدا حيث وجد كل العون والتعاون من قادة هذه الدول معبرا عن امله في زيارة هذه الدول مرة اخرى لتعزيز علاقات الاخوة معها. وعن زيارته للكويت قال انها كانت مثمرة وناجحة ونحن امام مرحلة جديدة وفرص تعاون كثيرة علينا استغلالها.