جلالة الملك يؤكد في خطاب القاه في جامعة اكسفورد اهمية العمل على جعل الشرق الاوسط منطقة تسهم في تعزيز استقرار العالم

04 حزيران 2008
عمان ، الأردن

أكد جلالة الملك عبدﷲ الثاني اليوم أهمية العمل على جعل منطقة الشرق الأوسط منطقة تسهم في تعزيز استقرار العالم لا أن تكون مصدّراً للأزمات التي يمتد تأثيرها إلى كل ما حولها.

وقال جلالته في خطاب ألقاه في جامعة أكسفورد، والتي تعد من أبرز وأرقى الصروح العلمية والحضارية بتاريخها الذي يعود إلى القرن الثاني عشر ميلاديا، أن الخطوة الأولى لذلك تتأتى من خلال تحقيق السلام، وأن يشهد العالم قيام دولة مستقلة للشعب الفلسطيني.

وأوضح جلالته أن الخامس من حزيران لعام 1967، والذي يصادف غدا، يشكل بالنسبة للفلسطينيين بداية واحدٍ وأربعين عاماً من العنف، والمستوطنات التوسعية، والاقتصاد المشلول، والقيود القاسية المتنامية والمفروضة على حياة الناس. أما بالنسبة لإسرائيل، كما أشار جلالته، فقد شكلت هذه السنوات واحداً وأربعين عاماً من النزاع المتواصل.. "وبعد ستين عاماً من تأسيسها، فما زالت إسرائيل لا تحظى بالاعتراف من قِبَل سبع وخمسين دولة تشكّل ثلث الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بسكانها الذين يصل تعدادهم إلى أكثر من سكان أوروبا والولايات المتحدة مجتمعين".

وأكد جلالته في الخطاب أن إنهاء الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي لن يتأتى إلا من خلال تحقيق العدالة وبناء مستقبل للفلسطينيين في دولة مستقلة ذات سيادة.. أما للإسرائيليين فهو يتلخص في الاعتراف بهم وبتحقيق الأمن الذي لا يمكن الوصول إليه من خلال إتباع سياسة الانعزال والجدران والتمترس خلف القوة العسكرية. وبين جلالته أن الاعتدال، لا التطّرف، هو الذي يمهّد الطريق أمام ذلك المستقبل وذلك من خلال تعزيز التعايش والتعاون بكل ما يوفره هذا الأمر من مكاسب، مبينا أن هذا الطريق هو الأساس لمنطقة الشرق الأوسط، لكن تحقيقه يتطلّب العمل معاً لخلق الحيّز الاستراتيجي الذي يمكن للسلام والتقدّم أن ينموا فيه.

وأوضح جلالته، في الخطاب الذي جاء بعد تسلم جلالته شهادة الدكتوراه الفخرية في القانون المدني والتي تمنحها جامعة أكسفورد الشهيرة لكبار قادة الدول والشخصيات العالمية ممن لهم إسهامات بارزة في مسيرة البشرية،.. أنه يمكن لأوروبا والمملكة المتحدة، بصورة خاصة، أن يقدما إسهاماً أساسياً في عملية السلام من خلال القيام بدور الوسيط النزيه في المفاوضات... وأن يشكلا مصدرا للدعم الأمني... ويستثمرا في تعزيز الاقتصاد الفلسطيني، مشيرا إلى أن هذه الجهود جميعها ستوجه رسالة عالمية للشباب، خاصة المسلمين منهم، مفادها أن المجتمع الدولي قادر على الوفاء بوعده في تحقيق العدالة ونشر الأمل في المنطقة.

وقال جلالته أن التفاعل بين الشرق والغرب أساسي في أيامنا وهناك حاجة إلى المزيد منه بحيث لا يكون التفاعل بين الوفود الرسمية فقط، بل بين الطلاب والمعلمين وقادة المجتمع المحلي والمبدعين في مجال التنمية وغيرها من القطاعات. وبين جلالته، مخاطبا الجمهور من القيادات السياسية والأكاديمية في المملكة المتحدة ونخبة أساتذة وطلاب جامعة أكسفورد، أنه إذا ما تم رفض قبول الجدران التي يقيمها الآخرون، "فتصوروا مدى ما نستطيع تحقيقه وتصوروا المفكرين الجدد الذين سيظهرون على الساحة والفنون والاختراعات الجديدة التي ستتبلور والاختراقات العلمية الجديدة التي ستتحقق وتنير فهمنا لما حولنا".

وفي كلمة له بعد تسلم جلالته شهادة الدكتوراه الفخرية في القانون المدني، قال رئيس جامعة أكسفورد، اللورد كريستوفر فرانسيس باتن، أن الجامعة بطلابها وأساتذتها سعيدة بالترحيب بجلالة الملك وتكريمه كما كان الحال مع المغفور له جلالة الملك الحسين بن طلال رحمه ﷲ عام 1998.

وأضاف أن الجامعة تأمل أن تكون زيارة جلالته لها بداية لزيارات أخرى في المستقبل "فجلالتكم موضع ترحيب دائم في رحاب أكسفورد".

ووصف رئيس الجامعة جلالة الملك بالقائد الذي يحظى بمكانة مرموقة على صعيد العالم لما يتحلى به من صفات عظيمة كامتلاك الشجاعة والرؤية والعمل الدؤوب من أجل إحلال السلام.

وقال إن جلالة الملك عبدﷲ الثاني منح منطقة الشرق الأوسط بعمله المتواصل الأمل على الدوام من خلال إتباع أسلوب بعيد عن العنف لحل النزاعات،واصفا جلالته بصانع السلام في المنطقة.

وأشار اللورد في كلمته إلى حقيقة أن الأردن قد تحمل العديد من الآثار جراء غياب السلام مستشهدا في هذا المجال بمئات الآلاف من العراقيين الذين استقبلهم الأردن جراء الحرب وأثر ذلك على بنيته التحتية.

كما أشاد رئيس الجامعة بجهود جلالته الكبيرة في مجال تطوير قطاعات الصحة والتعليم في الأردن، إضافة الى دور جلالته في تعزيز التفاهم والتقارب بين العالمين الإسلامي والغربي.

وأثناء قراءة نص الشهادة التي يتم إلقاؤها عادة من قبل كبير خطباء جامعة أكسفورد قبل منح الطلاب درجاتهم العملية، قال البروفسور ريتشرد جينكينز، أن منح شهادة الدكتوراه لجلالة الملك تأتي تقديرا لجلالته في الترويج للاعتدال وتحقيق السلام والعدالة لشعبه ولشعوب المنطقة.

وقال أن الجامعة قد منحت جلالته شهادة الدكتوراه تثمينا لجهوده لتطوير حياة الأردنيين وتوسيع قاعدة المشاركة الشعبية.

ومن مدرج الشيلدونين في جامعة أكسفورد حيث ألقى جلالته خطابه، قام جلالته بزيارة إلى كلية بمبروك، وهي واحدة من كليات الجامعة المرموقة والتي أنشئت عام 1624 حيث تم منح جلالته شهادة الزمالة الفخرية وهي من أعلى وأرفع الدرجات التي تمنحها الكلية، تقديرا لجلالته كطالب سابق في الكلية ولدوره البارز في الحياة العامة والسياسية عالميا.

وعبر جلالته خلال حفل تسلم الشهادة، عن تقديره الكبير للكلية والقائمين عليها، مؤكدا أن فترة دراسته في بمبروك تشكل تجربةً بالغةَ الأهمية ..كما أنها أتاحت لجلالته تبادل وجهات النظر وجهاً لوجه على مستوى عالمي.

وأعرب جلالته عن اعتزازه العميق بارتباطه بكلية بمبروك وبعلمائها وخريجيها العديدين المرموقين.

من ناحيته، قال رئيس كلية بمبروك، البرفسور جايلز هندرسون، خلال حفل تسلم جلالته شهادة الزمالة الفخرية، أن الكلية بأعضائها وطلابها ممتنون لجلالته على زيارته لكليتهم اليوم.

والتقى جلالته خلال الزيارة إلى كلية بمبروك بعدد من الطلاب الأردنيين الدارسين هناك حيث استمع منهم إلى شرح حول تخصصاتهم والعلوم التي يتلقونها.

يشار إلى ان كلية بمبروك هي واحدة من الكليات التي تلقى جلالته فيها دراسته الأكاديمية وتعد من أشهر كليات جامعة أكسفورد حيث درس فيها العديد من السياسيين والأدباء الكبار.

وفي تصريح لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، قال مدير مركز الشرق الأوسط في جامعة أكسفورد، يوجين رويغن، وهو احد الشخصيات التي استمعت إلى خطاب جلالته أن زيارة جلالة الملك عبدﷲ لجامعة أكسفورد هي دليل على علاقات الصداقة التي تعود لعشرات السنين بين الأردن والمملكة المتحدة.

وأشاد رويغن بسياسات جلالة الملك عبدﷲ الثاني والراحل الكبير المغفور له جلالة الملك الحسين بن طلال طيب ﷲ ثراته والتي لعبت دورا كبيرا في إيجاد جو من الاستقرار والسلام ينعم به الأردن بالرغم من وقوعه في منطقة مضطربة من الحرب في العراق إلى النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي.

ودعا مدير المركز إلى البناء على العلاقات القوية التي تجمع الأردن مع العالم لتعزيز التفاهم والتقارب والحوار على المستوى العالمي.