جلالة الملك يؤكد ضرورة التعاون لمكافحة الارهاب

عمان
15 تشرين الأول/أكتوبر 2002

اكد جلالة الملك عبد الله الثاني ضرورة التعاون بين القوات الخاصة في المنطقة العربية وعلى الصعيد العالمي لمكافحة الارهاب. واضاف لدى افتتاحه اليوم مؤتمر "الرؤية المستقبلية للقوات الخاصة في القرن الحادي والعشرين لمكافحة التهديد المتغير للارهاب العالمي" الذي يعقد على هامش معرض سوفيكس للصناعات العسكرية في عمان ان المشاركة ومساعدة الاخرين شرط للفوز في المعركة ضد الارهاب.

واشار جلالته الى ان الفلسفة الاردنية تقوم على مبدأ التعاون لمكافحة هذه الظاهرة مؤكدا من جديد "عندما تساعد الاخرين فانك بذلك تساعد نفسك."

واعرب جلالته عن امله في ان يتوصل المؤتمر في مناقشاته على مدى اليومين المقبلين الى مستوى بناء من التعاون والى انشاء قنوات مشتركة للحوار وتبادل المعلومات في مجال مكافحة الارهاب.

وقال رئيس الوزراء علي ابو الراغب في الافتتاح ان موضوع الارهاب اصبح يشكل تهديدا للبشرية والحضارة ويأتي اجتماعنا هذا كمحاولة اخرى لحشد الدعم الدولي وتحديد طرق افضل لمكافحة الارهاب. واضاف ان اجتماعنا يشهد ايضا على حقيقة ان الارهاب لا يعرف حدودا ويهدد حياة الجميع على الارض بغض النظر عن اللون والعرق والجنسية.

وقال ابو الراغب لقد ادركنا في الاردن منذ امد بعيد الاخطاء والتهديدات المحتملة للارهاب وكدولة عانت منه سنوات عديدة نعرف جيدا الدمار والالم الذي تسببه فقد كنا لفترة طويلة في مقدمة الداعين لتعاون وتنسيق دولي اكبر لمكافحة الارهاب.

واضاف ان احداث ايلول العام الماضي كانت نداء صحوة للجميع محدثه واقعا جديدا عن مدى قرب وخطورة الوضع وقد بدا للعديد ان العالم المتحضر اجبر فجأه ودون توقع لخوض حرب جديدة ليس فيها اعداء واضحون او تحالفات او اهداف.

وتابع رئيس الوزراء "لا نخطئ حين نقول انه عدو دولي وهو خادع ولا وجه له ولا يخص دولة بذاتها ويعززه التقدم السريع الذي يشهده تكنولوجيا الاتصالات.. والارهابيون بالطبع هم الاستثناء وليس القاعدة في المجتمع الدولي وقد تختلف دوافعهم المتبناة ولكنهم يميلون للعمل معا لاهدافهم الفوضويه والتدميرية."

وقال يتعين ان يعتمد ردنا على نهج عالمي موحد يجمع الامم من اجل مكافحة الارهاب ومن اجل السلام العالمي وفي الحقيقة ليس هناك سلاح فاعل لمكافحة الارهاب مثل السلام.. السلام الاقليمي.. السلام العالمي.. السلام المحلي وحتى السلام الداخلي وليس هناك سلام افضل من السلام في منع اسباب الارهاب ومن التوصل الى حلول لهذه الاسباب من خلال الوسائل السلمية.

ومضى قائلا "ليس هناك طريقه اخرى يمكن ان تضمن أن يكون للمجتمع الدولي برمته مصلحة في مكافحة الارهاب الا المحافظة على السلام كما لا توجد هناك قيم اكثر التزاما بالحياه والامل مثل صنع السلام ويتعين تعزيز شراكتنا في مكافحة الارهاب بالتزام قوي للسعي وراء حلول سلمية سياسيه للمحافظة على التنمية الاقتصادية والاجتماعية في دول الجنوب والاهم من ذلك منح الامل والوعود للفقراء الفاقدين للامل."

وقال رئيس الوزراء ان الرد على الارهاب ليس كافيا في الحقيقه اذ يتعين علينا ان نكون فاعلين ومبادرين قبل ان نضطر للتعامل مع عمليات ارهابية بحجم كبير كتلك التي حدثت في الحادي عشر من ايلول العام 2001 ومن خلال هذا النهج فقط يمكننا التغلب على الارهاب ويمكننا فقط من خلال الجهود التي تجمع بين تصميم جميع المجتمعات المدنية والوكالات الحكومية والرسمية تحقيق اجماع عالمي لدعم تحالف السلام.

واضاف "لا يوجد هناك تبرير لقتل الابرياء والتدمير والقضاء على الحضارات على ايدي الارهابيين.. اي عمل ارهابي يجب ان يدان من خلال المجتمع الدولي لان مثل هذا العمل لا يمكن ان يوجد عذر له عند الناس والسياسيين وفي نفس الوقت نحن كاعضاء مسؤولين في المجتمع الدولي لا يمكننا ان نسمح بتاجيل ومنع العداله في اماكن كثيرة من العالم لان مثل هذا الامر يساعد على تزويد الارهابيين ومجموعاتهم لتنفيذ مخططاتهم." وتابع ابو الراغب "ان موالاتنا للسلام يجب ان تظهر بشكل جلي وواضح ويكون ذلك من خلال التنفيذ الكامل لقرارات الامم المتحدة حول الصراع من خلال اساليب عادلة ومسالمة ويجب ان يتم اظهار واتباع منهج محدد وواضح لاعادة الامل لهؤلاء الذين فقدوه واعادة الامل لهؤلاء الذين يبحثون عنه."

وقال رئيس الوزراء ان اهتمامنا الاكبر واستجابتنا يجب ان تكون للسلام وضد الدمار والالم مضيفا ان معرفة هذه الحقيقه تعتبر اول نصر لنا على الارهاب ومخاطبة هذا الامر بفعالية هو سلاحنا في مواجهة الارهاب ومن خلال هذه الشراكة نستطيع ان نعطي الناس اسبابا للتطلع للامام لمستقبل افضل.

واضاف ان المجتمع الدولي لديه المصادر الرئيسية لان يصنع ويوجد السلام في العالم حيث ان اجنده الالفيه للتنمية التي تم التوصل اليها ومناقشتها في نيويورك ومونتري وجوهانسبيرغ تنادي بالتخلص من الفقر واليأس وتعزيز الحكم الديمقراطي الذي يسهم في التطور البشري موضحا ان الجهد المطلوب من الشمال هو مساعدة الجنوب في تجنب الكوارث الاجتماعيه والاقتصادية.

وقال "لدينا اسواق عالمية وما هو مطلوب منا الان تسخير واستخدام هذه الاسواق بشكل جيد من خلال رغبة سياسية جماعية تتعدى نظرتها الاعتبارات على المدى القريب للمصالح السياسية لتصل الى المدى البعيد في تحقيق الاستقرار العالمي" مضيفا انه يمكننا فقط من خلال نهج شراكة متعدد الاطراف ايجاد وسائل فعالة ودائمة ضد الارهاب.

وتابع ابو الراغب انه ومع تصميم قيادة جلالة الملك عبدالله الثاني ثبت التزام الاردن بالتعاون مع جميع الوكالات الدولية في مكافحة الارهاب وبالاضافة للتعاون الذي نبذله في مجال الامن والدعم العسكري لهذه الجهود الجارية فاننا تبنينا قرارات الامم المتحدة ذات الصلة التي تشمل 1189 و1269 و1333 و1368 و 1373 وكذلك فقد قبل الاردن جميع الاتفاقيات الدولية والبروتوكولات التي لها علاقة بالارهاب.

وقال رئيس الوزراء في الايام التي تلت احداث 11 ايلول سارع الاردن الى تاكيد الحاجة لتجنب الربط الخاطئ والمغلوط بين الاسلام والارهاب او جعل العرب والمسلمين مسؤولين عن الهجمات الارهابية فكل المسلمين يعرفون ان الارهاب وسفك دماء الابرياء يناقض تعاليم الاسلام وثقافة المجتمع الحديث واقول المجتمع الحديث لان الاسلام ليس مجرد دين بل هو طريقة حياة للمسلمين حيث مبادىء التسامح والحوار وفوق كل شيء احترام الحياة الانسانية.

واضاف ان قيم الاسلام وفضائل الاخلاق واحدة وبكلمات جلالة الملك عبدالله الثاني فان "الاسلام لا يوافق ابدا على قتل المدنيين الابرياء انه بعيد عن السماح بالارهاب والظلم فهو دين السلام والتسامح انه الدين الذي يقدس الحياة الانسانية."

وقال ابو الراغب ان الربط بين الدين والسلام يجب ان يتقوى من اجل القضاء على الاصولية وان استخدامه كمرجعية في حربنا ضد الارهاب هو اكثر اسلحة المجتمع الدولي مصداقية فهو ياخذ منهم تبريراتهم وذرائعهم خاصة اثناء عملية تجنيد الاتباع ومع ذلك فان الاجراءات السياسية الملموسة يجب ان تسير يدا بيد مع نداءاتنا للسلام وتدعمها وهذا ينطبق على التوتر وعدم الاستقرار الذي يواجه منطقتنا اليوم.

وتابع ان الحل العادل والشامل والدائم للصراع العربي الاسرائيلي والتسوية السلمية لجوهر هذا الصراع الا وهي الصراع الفلسطيني_الاسرائيلي لن يحقق السلام والاستقرار والامن الذي طالما انتظرناه فقط بل انه سيحرم المتطرفين من استغلال المشاعر الدينية والعاطفية بان هذا الصراع ينشأ في قلوب المسلمين والمسيحيين واليهود في العالم اجمع مضيفا انه يجب توفير العدل والامن لكلا الطرفين وهذا وحده سيضمن سلاما مستقرا ودائما لهذا الجزء من العالم.

واكد ابو الراغب ان ما نشهده اليوم ليس صراع حضارات كما يحلو للبعض ان يصوره بل انه تهديد ضد حضارة واحدة هي انسانيتنا المشتركة وقيمنا العالمية في السلام والتعايش مشددا "يجب ان نقف في وجه هذا التحدي لان مستقبلنا يعتمد عليه."

وشكر رئيس الوزراء نيابة عن الحكومة لجنة مؤتمر سوفيكس والقوات الخاصة الاردنية لجهودهم والتزامهم في تنظيم هذا الاجتماع المهم.

من ناحيته قال قائد العمليات الخاصة العميد احمد سرحان الفقيه ان الارهاب الذي يتعامل معه هذا المؤتمر هو النشاطات الموجهة ضد الاهداف المدنية والعسكرية الذي يستهدف زعزعة اركان المجتمع وخلق شعور بالرعب بين الناس الامر الذي يشكل تحديا للسلطات لمكافحة هذه الاعمال الفردية. واضاف ان اهداف المؤتمر تتمثل بإظهار الدور القيادي للاردن في جهود محاربة الارهاب وتعزيز السلام والتناغم في عالم متحضر فالاردن بلد معتدل منفتح ومتسامح ذو تاريخ طويل في تشجيع التفاهم المتبادل بين الشعوب اليائسة يعود الى الثورة العربية الكبرى ويمتد الى فترة حكم جلالة الملك عبدالله الثاني الذي يعمل على صيانة التناغم والتعاون بين الشعوب المحبة للسلام.

وتابع ان الهدف الثاني هو زيادة التعاون بين الدول التي تشاركنا في الاهداف نفسها وتقليل اضرار النشاطات الارهابية على حياة البشرية لاقصى حد ممكن. واشار العميد الفقيه الى ان الهدف الاخير للمؤتمر هو التوصل الى فهم مشترك لمكونات الارهاب وجذوره واسبابه والسياسات والبرامج المحددة لمكافحته. واعرب عن امله في ان تتم الموافقة على انشاء مركز لمكافحة الارهاب في عمان ينسق الابحاث المشتركة وتبادل المعلومات المتعلقة بهذا الجانب اضافة الى عقد المؤتمرات والندوات ذات العلاقة.