جلالة الملك في رسالة لرئيس الوزراء الإنسان الأردني هو هدف التنمية وأساسها

عمان
14 أيار/مايو 2003

قال جلالة الملك عبدالله الثاني لقد كان ايماننا دوما ان الانسان الاردني هو هدف التنمية واساسها وكان حرصنا منصبا على اهمية الاستثمار بالانسان تعليما وتدريبا وتاهيلا بهدف اعداد جيل من الشباب قادر على التفكير والتحليل والابداع والتميز ومدرك لحقوقه وواجباته تجاه وطنه وامته وحريص على المشاركة في مختلف مراحل العمل والبناء.

واكد جلالته في رسالة وجهها اليوم الى رئيس الوزراء علي ابو الراغب على تنفيذ حزمة اجراءات فورية للتاكد من توفر البيئة الملائمة لتطوير ورفع سوية قطاع التعليم العالي ومن اهمها اعطاء دور اكبر للقطاع الخاص للمشاركة في صناعة مستقبل التعليم العالي والاستمرار في دراسة موضوع تمويل الجامعات بما يكفل رفدها بالموارد اللازمة وادخال مفاهيم ضبط الجودة والنوعية في مختلف مكونات ومراحل نظام التعليم العالي اضافة الى اعادة النظر بسياسات القبول في الجامعات لتحقيق اكبر قدر ممكن من الموائمة بين رغبات الطلبة والتخصصات المتاحة لهم وتوفير الاليات اللازمة لاحتضان ورعاية الطلبة الذين يملكون القدرة على التميز والابداع وتشجيع البحث العلمي والتطوير.

وفيمايلي نص رسالة جلالة الملك

بسم الله الرحمن الرحيم

عزيزنا دولة الأخ علي أبو الراغب حفظه الله
رئيس الوزراء الأفخم

أبعث إليك اطيب تحياتي وامنياتي بالتوفيق وبعد،

فقد انطلقت رؤيتنا لبناء الأردن النموذج على ركائز أساسية تشكل بمجملها متطلبات هامة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة، وتوفر بيئة تكون العدالة والحرية والحياة الكريمة ابرز سماتها.

وقد كان ايماننا راسخا دوماً أن الإنسان الأردني هو هدف التنمية وأساسها، وكان حرصنا منصباً على أهمية الاستثمار بالانسان تعليماً وتدريباً وتأهيلاً، بهدف إعداد جيل من الشباب ، قادر على التفكير والتحليل والإبداع والتميز ، ومدرك لحقوقه وواجباته تجاه وطنه وأمته، وحريص على المشاركة في مختلف مراحل العمل والبناء.

وكما تعلمون، فقد شكل موضوع التعليم العالي أحد أهم اولوياتنا الوطنية، باعتباره تحدياً رئيسياً أمام مسيرتنا التنموية خلال الفترة الأخيرة، فكان أحد المحاور التي تم مناقشتها في الملتقى الاقتصادي الوطني الثاني الذي عقد في البحر الميت خلال الفترة من 31/3-1/4/2001، وتم تناوله كمحور هام في استراتيجية تنمية الموارد البشرية التي تم إعدادها من قبل المجلس الاقتصادي الاستشاري، كما تم دراسته في منتدى التعليم في أردن المستقبل الذي عقد في منتصف أيلول من العام الماضي، وكذلك الحال في الملتقى الاقتصادي الوطني الثالث الذي عقد في مدينة العقبة في تشرين الأول من العام الماضي.

وبحمد الله، فقد كانت النتائج إيجابية، إذ تم تحقيق العديد من الإنجازات على طريق تطوير قطاع التعليم العالي مثل إعادة النظر في الخطط والبرامج الدراسية للجامعات والتركيز على تدريس اللغة الإنجليزية وتكنولوجيا المعلومات، وإنشاء مراكز متخصصة لتطوير قدرات الهيئات التدريسية، بالإضافة إلى حوسبة جميع الأنشطة الجامعية، وتنفيذ إصلاحات عديدة للتعامل مع الوضع التمويلي للجامعات.

وانطلاقاً من أهمية قطاع التعليم العالي والبحث العلمي في الإسراع بعملية الإصلاح والتحديث التي يجري العمل عليها بشكل حثيث، وما تتطلبه المرحلة القادمة من خريجين يمتلكون المهارات والقدرات اللازمة للتعامل مع مختلف التطورات التكنولوجية والتقنية، متسلحين بقيم وسلوكيات العمل والإنتاج والإنجاز والتميز، واعتماداً على ما تم تأسيسه خلال الثلاث اعوام الماضية، من حوسبة التعليم، والتركيز على مهارات اللغات الأجنبية، وتطوير المناهج ونظم التعليم في مرحلة المدرسة . فإننا بحاجة إلى إجراء دراسة شاملة حول التحديات التي تواجه التعليم العالي، وإعداد خطط عمل وبرامج زمنية واضحة لتنفيذ رؤيتنا لتطوير هذا القطاع.

ولكن قبل كل ذلك لا بد من تنفيذ حزمة إجراءات فورية للتأكد من توفر البيئة الملائمة لتطوير ورفع سوية قطاع التعليم العالي، ومن أهمها إجراء الإصلاحات التشريعية التي تسمح بـ:

- إعطاء دور أكبر للقطاع الخاص للمشاركة في صناعة مستقبل التعليم العالي، وذلك من خلال زيادة تمثيله في مجلس التعليم العالي، وتسهيل مشاركته في إتاحة مزيد من فرص التعليم العالي المتميز للطلبة الأردنيين والوافدين على حد سواء.
- الاستمرار في دراسة موضوع تمويل الجامعات بما يكفل رفدها بالموارد اللازمة، وذلك من خلال الاستمرار في إعادة هيكلة الرسوم الجامعية، وإنشاء صندوق تمويلي للطالب المحتاج يمول من المصادر المختلفة وأهمها الدعم الحكومي للجامعات.
- إدخال مفاهيم ضبط الجودة والنوعية في مختلف مكونات ومراحل نظام التعليم العالي، من خلال إنشاء مؤسسة مستقلة تطبق المعايير العالمية.
- إعادة النظر بسياسات القبول في الجامعات لتحقيق أكبر قدر ممكن من الموائمة بين رغبات الطلبة والتخصصات المتاحة لهم، وذلك من خلال دراسة اساليب القبول على مستوى الكليات وتسهيل إجراء الانتقال من تخصص إلى آخر ضمن الكلية.
- توفير الآليات اللازمة لاحتضان ورعاية الطلبة الذين يملكون القدرة على التميز والإبداع وتشجيع البحث العلمي والتطوير.

إن طموحاتنا وأهدافنا التي نسعى لتحقيقها كبيرة ، وتحتاج إلى تضافر جهد كل واحد منا، وجميعنا مدعوون لدعم ورعاية الشباب واكتشاف طاقاتهم وإمكاناتهم لأنهم الأولى بالرعاية والدعم ، وثمة مسؤولية أيضا تقع على كاهلهم لإظهار قدرتهم على المنافسة والتميز ومعرفة ابداعاتهم التي سترسم ملامح المستقبل للوطن ولأجياله القادمة.

نسأل الله العلي القدير أن يحفظكم ويوفقكم وزملاءكم الوزراء ويسدد على طريق الخير خطانا جميعاً لتحقيق تطلعات شعبنا وبناء الأردن النموذج.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

عبد الله الثاني ابن الحسين
عمان في 12 ربيع الأول 1424 هجرية
الموافق 14 أيار 2003 ميلادية