الزاوية الإعلامية
فيما اعتبروه يوما تاريخيا يؤذن ببدء مرحلة جديدة في علاقة المثقفين بدولتهم ويصبح فيه الشأن الثقافي همّا ملكيا ساميا مد جلالة الملك عبدﷲ الثاني اليوم عباءة مبادراته لتشمل المثقفين وذلك تقديرا من جلالته "للدور المهم الذي يلعبه المثقفون في مجتمعهم" كما ابلغ جلالته نخبة المثقفين المجتمعين في ديوانه العامر ظهر اليوم.
فقد أمر جلالته بتنفيذ ما جاء في التوصيات التي خرج بها المثقفون الأردنيون من رؤساء جمعيات أدبية وثقافية وفنية بعد حوارات مطولة مع المسؤولين الاعلاميين في الديوان الملكي الهاشمي بما يضمن بث الصحة والعافية في الجسم الثقافي.
وتنوعت البنود التي شدد جلالته على أهمية تنفيذها والتي جاء على رأسها توجيهات جلالته للحكومة بانشاء صندوق مستقل لدعم الحركة الثقافية وتخصيص مبلغ 10 ملايين دينار له يسهم في توفير الدعم المادي لتنمية الحركة الثقافية والنشر والابداع ورفع مستوى الخدمة الثقافية والحفاظ على الاثار والمعالم التاريخية وصيانتها وانشاء المتاحف وحماية المخطوطات القديمة وترميمها.
كما يسعى الصندوق حسب رؤية ورقة المثقفين التي عرضتها أمام جلالته مديرة مركز الفنون الادائية لينا التل الى منح الجوائز الابداعية وتوفير فرص العمل للمثقفين والمبدعين.
كما أمر جلالته بالبدء في انشاء مركز ثقافي بارز في الأردن ليضع له حجر الأساس في موعد أقصاه شهر حزيران المقبل وذلك استجابة لمطالب المثقفين بانشاء مركز ثقافي يطلق عليه اسم "دارة الملك عبدﷲ الثاني للثقافة والفنون" يكون على غرار المراكز الثقافية الكبرى في العالم التي تحتوي على قاعة أوبرا رئيسة تتسع لأكثر من 1500 شخص لعروض الأوبرا والمسرح الغنائي وعروض الاوركسترا..اضافة الى مراكز للفنون ومكتبة ومتحف وقاعات فنية وقاعات تدريب وقاعات متعددة الاغراض.
كما أمر جلالته الحكومة بالاسراع في انجاز مشروع قانون اللغة العربية الذي ما يزال موضع بحث منذ عشر سنوات.
ووعد جلالته المثقفين بالاسراع في موضوع شمولهم بالتأمين الصحي ومناقشة المطالب التي تقدم بها رئيس رابطة الكتاب الأردنيين الدكتور احمد ماضي وزميله الدكتور صادق جوده رئيس اتحاد الكتاب الاردنيين..معبرا عن أمله في أن يكون العام الحالي عام خير على مثقفي الأردن.
من ناحيته رحب الدكتور خالد الكركي الذي تحدث باسم المثقفين في الروابط والهيئات والاتحادات والمنتديات بهذه المبادرة السامية تجاه المثقفين..معلنا وقوف هؤلاء المثقفين الى جانب المشروع الاصلاحي الوطني الذي يقوده جلالته في سائر المجالات السياسية والعلمية والاقتصادية والاجتماعيه.
وأكد الكركي وجود روح غامرة بالرضا لدى المثقفين لان الثقافة الوطنية قد أخذت موقعها بين أولويات الدولة..وان جلالته مع المثقفين في هواجسهم ورؤاهم والتزامهم بالحرية والديمقراطية والانجاز.
وقال..ان هذا التصور الذي يحمل عنوان "التنمية الثقافية في الاردن: واقع وتحديات وتوصيات" استقر بعد حوار بين أهل الثقافة وزملائهم في الديوان الملكي العامر بعد مراجعة الخطط والتوصيات الصادرة عن المؤتمرات والهيئات الثقافية..مشيرا الى ان هذا الحوار "كان في المكان نفسه الذي شهد انطلاقة الحركة الثقافية منذ عهد الامارة وان المشروع الثقافي الوطني تأسس في امتداده القومي والاسلامي على صورة الدولة الأردنية في نأيها عن التعصب والتطرف والانغلاق، ومن صبر أهلها على أوجاع الزمان وهم يبنون مدرسة كل أسبوعين، وجامعة كل سنة، وهم يقاتلون على أسوار القدس دفاعا عن الأرض والحق والمقدسات".
وأكد حرص المثقفين على اضاءة صورة الأردن في المشهد الثقافي الانساني وتشكيل زرقاء اليمامة كما أهلهم في الزراعة لانهما معا يستشرفان الغيث والمستقبل.
وقال..ان المثقفين والفنانين دعاة ثقافة وطنية منفتحة تشكل هويتنا العربية والاسلامية، ويسعون نحو نتاج ثقافي وفني متميز تدعمهم وزارة الثقافة التي أطلقت خططها للسنوات القادمة وفي طليعتها اختيار مدينة للثقافة الاردنية كل سنة..مبينا ان هذا الجهد كله تسنده حركة دور النشر والمكتبات وهو علامة على حركة ثقافية فيها روح من جغرافيا الوطن واقباس من تحولات اهله..اضافة الى سمات الحداثة والالتزام بالحرية والحق والمستضعفين والوقوف في وجه الاستلاب والتغريب وسائر دعوات الجاحدين والجامدين.
وأكد..أن الحركة الثقافية تريد فضاء اعلاميا لصوتها وصورتها ونتاجها داخل الأردن وخارجه..وهي تتمنى مراجعة شاملة لتحديث التشريعات ذات الصلة بها لحماية مبدعيها من غوائل الفقر والبطالة والمرض.
وكان الدكتور أحمد ماضي رئيس رابطة الكتاب الأردنيين قد أشاد بهذه المبادرة الملكية قائلا..ان هذا يوم تاريخي سيدخل التاريخ من أوسع أبوابه لأن الشأن الثقافي غدا هما ملكيا ساميا.
وأكد..أن الشأن الثقافي سيرتقي الآن ليصبح شأنا مهما في الدولة الأردنية مثله مثل بقية الشؤون السياسية والاقتصادية والاجتماعيه.
وأضاف..أن هذا الاهتمام الملكي يعني أن الحكومات المتعاقبة برؤساء وزاراتها ووزراء ثقافتها سيعنون بهذا الشأن العناية التي يستحقها..ممتدحا الحكومة الحالية ممثلة برئيسها ووزير ثقافتها على زيادة موازنة وزارة الثقافة ثلاثة أضعاف..ونية اقرار نظام التفرغ الابداعي في المستقبل القريب..اضافة الى اعادة احياء مديريات الثقافة في المحافظات بما يعنيه هذا من عدم اقتصار الثقافة على عمان بل احياء مراكزها في الاطراف.
كما امتدح دور أمانة عمان في دعم المثقفين وتحقيق قفزات في خدمة الثقافة..مطالبا اياها بمواصلة هذا الدور المهم لتكون عمان عاصمة للثقافة العربيه.
أما رئيس إتحاد الكتاب الأردنيين صادق جوده فقد أيد ما جاء في كلمة الدكتور ماضي..مؤكداً على حاجات المثقفين للدعم المادي والمعنوي وشمولهم وأسرهم بالتأمين الصحي ودعم المبدعين والمثقفين الشباب.
وكانت مديرة مركز الفنون الأدائية لينا التل قد عرضت في الورقة التي خرج بها المثقفون في حواراتهم واقع التنمية الثقافية في الاردن والتحديات التي تواجهها..اضافة الى توصياتهم لمواجهة هذه التحديات واعلاء شأن الثقافة في الاردن.
وأكدت الورقة..ان الثقافة المطلوبة هي ثقافة وطنية عربية تستند الى تعاليم الاسلام السمحة بغية بناء نموذج ثقافي وطني يستفيد من منجزات الآخر وينتج خطابا عصريا عقلانيا يؤمن بالحوار والتعددية وينبذ التعصب والانغلاق.
وأفادت الورقة بوجود أكثر من 280 هيئة ومؤسسة ثقافية في الأردن ينطوي تحتها كل ألوان الابداع من شعر ورواية ومسرح وموسيقا وفنون تشكيلية وحرف تقليدية ونقد وفلسفة وفرق شعبية وفولكلورية وتضم نحو111 ألف شخص..اضافة الى الجامعات ومراكز الدراسات والأبحاث.
يذكر أن الساحة الثقافية الأردنية تستفيد من الدعم النقدي الذي تقدمه وزارة الثقافة سنويا الى الهيئات الثقافية ويبلغ حوالي 300 ألف دينار..اضافة الى وجود مؤسسات أخرى معنية بالثقافة والفنون من منظمات أهلية، مثل المعهد الوطني للموسيقا ومركز الفنون الأدائية والمتحف الوطني للفنون المرئية والهيئة الملكية للأفلام ودارة الفنون والجمعيات والنقابات والهيئات الثقافية، ووزارة الثقافة بمراكزها الثقافية وفعالياتها وبرامجها، وأمانة عمان الكبرى التي تخصص مليون دينار سنويا لدعم البنية التحتية للثقافة، والمهرجانات والمنتديات والفرق والمواسم الثقافية، والمراكز الثقافية الأجنبية التابعة للسفارات والتي تدعم الثقافة والفن في الأردن وتعمل كجسر بين الثقافة العالمية والثقافة المحليه.
وأشارت الورقة الى طرح وزارة الثقافة عطاءات لانشاء مراكز ثقافية في العقبة ومعان واستملاك أرض في اربد لبناء مركز ثقافي، تنضم الى المركز الثقافي الملكي ومركز الملك عبد ﷲ الثاني ابن الحسين ومركز الاميرة سلمى للطفولة وقصر الثقافة وغيرها من المراكز الثقافية في عمان والكرك والزرقاء.
وحدد المثقفون الأردنيون في ورقتهم التحديات التي تواجهها التنمية الثقافية في الاردن بانها عدم القدرة على تسويق نفسها في الداخل والخارج، وضعف تفعيل السياسات والاستراتيجيات الوطنية الواضحة للحركة الثقافية وضعف التنسيق بين الجهات المعنية بالشأن الثقافي وعدم توفر الموارد المالية الداعمة للابداع والتميز الثقافي وتردي الأحوال المعيشية للمثقفين والمبدعين والفنانين وسيادة توجهات ثقافية مستجدة على الساحة يشوبها التطرف والتعصب والانغلاق، وذلك في مقابل واقع أردني قائم على التعددية الفكرية والسياسية والثقافيه.
كما أضافت الورقة الى هذه التحديات عدم ملاءمة بعض التشريعات والانظمة التي تنظم الشأن الثقافي والفني وعدم توفر قاعدة بيانات ثقافية حسب نوع المنتج الفني وجهة انتاجه، وضعف البنى التحتية لقطاع الثقافة في معظم محافظات المملكة وتركيز الفعل الثقافي في العاصمه.
وبقصيدة جزلة مليئة بالصور والاحاسيس الوطنية الراقية التي تبعث الفخر داخل القاريء والمتلقي أكد شاعر الأردن حيدر محمود
ان..
لغير عمان هذا القلب ما خفقا وغير فرسانها الشجعان ما عشقا
ولا أحبت عيوني مثل طلتهم على الروابي: رماحا تنشر العبقا
فهم لظى، وشذى..شمس ودالية سبحان من جمع البارود، والحبقا
وتابع مخاطبا جلالة الملك عبدﷲ الثاني..
يا نخلة العز، شمس العز ساطعة على الربوع التي أعطيتها الألقا
جعلتها واحة خضراء دانية قطوفها..وتركت السيف ممتشقا
فمن أراد الشذا، كنا أزاهره ومن أراد الأذى، كنا له الأرقا
ونحن نحن.. سواء أمطرت ذهبا سماء أردننا، أو سدّت الرمقا
فليس يجمعنا خوف، ولا طمع لكنه العشق، والدنيا لمن عشقا.