جلالة الملك عبدالله الثاني يحضر الجلسة الختامية للمؤتمر الاسلامي الدولي

عمان
06 تموز/يوليو 2005

أجمع علماء ورجال الدين للمذاهب الاربعة السنية والمذاهب الجعفري والزيدي والاباضي والظاهري على ان كل من يتبع احد هذه المذاهب هو مسلم لا يجوز تكفيره ويحرم دمه وعرضه وماله كما لا يجوز تكفير اصحاب العقيدة الاشعرية ومن يمارس التصوف الحقيقي والفكر السلفي الصحيح مستندين في ذلك الى فتاوى كبار المفتين في الدول الاسلامية.



وبحضور جلالة الملك عبدالله الثاني اختتمت اعمال المؤتمر الاسلامي الدولي ببيان اعتمد من قبل جميع علماء المذاهب ومفكريها وحمل تواقيع جميع المشاركين في المؤتمر في بادرة وصفت انها الاولى من نوعها في العالم الاسلامي لترتيب البيت الداخلي للامة والتوجه للاخرين بخطاب متوزان متقدم.



واشار البيان الذي تلاه وزير الاوقاف والشؤون والمقدسات الاسلامية الناطق الرسمي باسم المؤتمر امام المشاركين بحضور سمو
الاميرغازي بن محمد المبعوث الشخصي والمستشار الخاص لجلالة الملك رئيس مجلس امناء مؤسسة ال البيت للفكر الاسلامي الى ان لب رسالة عمان التي اعلنت في رمضان الماضي هو الالتزام بالمذاهب وبمنهجيتها ..فالاعتراف بالمذاهب والتاكيد على الحوار والالتقاء بينها هو الذي يضمن الاعتدال والوسطية والتسامح والرحمة ومحاورة الاخرين.


وقال البيان ..انه وفقا لما جاء في فتوى اية الله السيستاني ومفتي
الديار المصرية ومفتي سلطنة عمان وفتاوى المراجع الشيعية الجعفرية
والزيدية والمجلس الاعلى للشؤون الدينية التركية ومفتي الاردن والدكتور
يوسف القرضاوي ..ان الاعتراف بالمذاهب يعني الالتزام بمنهجية معينة في
الفتاوى فلا يجوز لاحد ان يتصدى للافتاء دون مؤهلات شخصية معينة يحددها
كل مذهب ..ولا يجوز الافتاء دون التقيد بمنهجية المذاهب ..كما لا يجوز
ان يدعي احد الاجتهاد ويستحدث مذهبا جديدا او يقدم فتاوى مرفوضة تخرج
المسلمين عن قواعد الشريعة وثوابتها وما استقر من مذاهبها.


وكان جلالة الملك عبدالله الثاني دعا العلماء في افتتاح اعمال المؤتمر
الى التصدي لحملات التشويه والتشكيك والافتراء الظالمة التي يتعرض
اليها الاسلام والى العمل على نبذ الخلاف بين المسلمين وتوحيد كلمتهم
ومواقفهم ..مبينا ان هذه الاهداف النبيلة تشكل جوهر رسالة عمان التي
اعلنها الاردن في رمضان من العام الماضي.


وقال جلالته في خطابه ..ان الاعتراف بالمذاهب هو اعتراف بمنهجية
الافتاء حديد من الموءهل لهذه المهمة مما يوءدي الى عدم تكفير "بعضنا
بعضا واغلاق الباب امام الجاهلين الذين يمارسون القتل والارهاب باسم
الاسلام والاسلام منه بريء".


كما دعا بيان عمان لعدم ترك مجال للفتنة وللتدخل بينهم واحترام البعض
وتعزيز التضامن بين الشعوب والدول العربية والاسلامية وتقوية الروابط
الاخوية.


واستجابة لمقترحات بعض العلماء تم اضافة ملحق للبيان دعا الى
ضرورة بذل كل الجهود لحماية المسجد الاقصى اولى القبلتين وثالث
الحرمين الشريفين في وجه ما يتعرض له من اخطار واعتداءات وذلك بانهاء
الاحتلال وتحرير المقدسات وضرورة تعميق معاني الحرية واحترام الراي
والراي الاخر وكذلك المحافظة على العتبات المقدسة في العراق وغيره.


وكان المشاركون في المؤتمر الذين توافدوا من اكثر من اربعين دولة
وينتمون الى ءسسات ومذاهب واتجاهات اسلامية وفكرية وسياسية عديدة
ويمتلكون قاعدة شعبية واسعة للتاثير والاقناع ناقشوا طوال ايام المؤتمر
الثلاثة جملة من القضايا التي كرست لتوضيح الصورة المغلوطة عن
الاسلام .


وتوزعت اعمال الموءتمر على ثلاثة محاور هي الملامح الاساسية
للصفات العامة للاسلام في تعامله مع المجتمع الانساني والمعوقات التي
تعترض الاسلام وسبل مواجهتها وتصحيح الصورة عن الاسلام في المجتمع
المعاصر عبر مناقشة اكثر من 50 بحثا قدمها نخبة من اهم علماء الاسلام .



وتاليا النص الكامل للبيان الذي اصدره علماء الاسلام ومفكريه.



بسم الله الرحمن الرحيم.


والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وسلّم /يا أيّها الناس اتقوا
ربّكم الذي خلقكم من نفسٍ واحدة/ [النساء].



بيان صادر عن المؤتمر الإسلامي الدولي الذي عقد في عمّان عاصمة المملكة
الأردنية الهاشمية تحت عنوان (حقيقة الإسلام ودوره في المجتمع المعاصر)
في المدة 27- 29 جمادى الأولى 1426هـ/ 4- 6 تموز (يوليو) 2005م



ووفقاً لما جاء في فتوى فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر المكرّم وفتوى سماحة
آية الله العظمى السيد علي السيستاني الأكرم وفتوى فضيلة مفتي الديار
المصرية الأكرم وفتاوى المراجع الشيعية الأكرمين (الجعفرية والزيدية)
وفتوى فضيلة المفتي العام لسلطنة عُمان الأكرم وفتوى مجمع الفقه
الإسلامي في المملكة العربية السعودية وفتوى المجلس الأعلى للشؤون
الدينية التركية وفتوى فضيلة مفتي المملكة الأردنية الهاشمية ولجنة
الإفتاء الأكرمين فيها وفتوى فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي
الأكرم ووفقاً لما جاء في خطاب صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبد الله
الثاني ابن الحسين ملك المملكة الأردنية الهاشمية في افتتاح مؤتمرنا
ووفقاً لعلمنا الخالص لوجه الله الكريم ووفقاً لما قدم في مؤتمرنا هذا
من بحوث ودراسات وما دار فيه من مناقشات اننا نحن الموقعين أدناه نعرب
عن توافقنا على ما يرد تالياً وإقرارنا به: ) ..إنّ كل من يتّبع أحد
المذاهب الأربعة من أهل السنّة والجماعة (الحنفي، والمالكي، والشافعي،
والحنبلي) والمذهب الجعفري، والمذهب الزيدي، والمذهب الإباضي، والمذهب
الظاهري، فهو مسلم، ولا يجوز تكفيره. ويحرم دمه وعرضه وماله. وأيضاً،
ووفقاً لما جاء في فتوى فضيلة شيخ الأزهر، لا يجوز تكفير أصحاب العقيدة
الأشعريّة، ومن يمارس التصوّف الحقيقي.


وكذلك لا يجوز تكفير أصحاب الفكر السلفي الصحيح.
كما لا يجوز تكفير أيّ فئة أخرى من المسلمين تؤمن بالله سبحانه وتعالى
وبرسوله صلى الله عليه وسلم وأركان الإيمان، وتحترم أركان الإسلام، ولا
تنكر معلوماً من الدين بالضرورة. ).


إنّ ما يجمع بين المذاهب أكثر بكثير ممّا بينها من الاختلاف.
فأصحاب المذاهب الثمانية متفقون على المبادىء الأساسيّة للإسلام.
فكلّهم يؤمنون بالله سبحانه وتعالى، واحداً أحداً، وبأنّ القرآن الكريم
كلام الله المنزَّل، وبسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام نبياً ورسولاً
للبشرية كافّة. وكلهم متفقون على أركان الإسلام الخمسة: الشهادتين،
والصلاة، والزكاة، وصوم رمضان، وحجّ البيت، وعلى أركان الإيمان:
الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وبالقدر خيره
وشرّه. واختلاف العلماء من أتباع المذاهب هو اختلاف في
الفروع وليس في الأصول، وهو رحمة.


وقديماً قيل: إنّ اختلاف العلماء في الرأي أمرٌ جيّد. ).


إنّ الاعتراف بالمذاهب في الإسلام يعني الالتزام
بمنهجية معينة في الفتاوى: فلا يجوز لأحد أن يتصدّى للإفتاء دون
مؤهّلات شخصية معينة يحددها كل مذهب، ولا يجوز الإفتاء دون التقيّد
بمنهجية المذاهب، ولا يجوز لأحد أن يدّعي الاجتهاد ويستحدث مذهباً
جديداً أو يقدّم فتاوى مرفوضة تخرج المسلمين عن قواعد الشريعة وثوابتها
وما استقرَّ من مذاهبها. ).


إنّ لبّ موضوع رسالة عمّان التي صدرت في ليلة القدر المباركة من عام
1425 للهجرة وقُرئت في مسجد الهاشميين، هو
الالتزام بالمذاهب وبمنهجيتها؛ فالاعتراف بالمذاهب والتأكيد على الحوار
والالتقاء بينها هو الذي يضمن الاعتدال والوسطية، والتسامح والرحمة،
ومحاورة الآخرين. ).


إننا ندعو إلى نبذ الخلاف بين المسلمين وإلى توحيد
كلمتهم، ومواقفهم، وإلى التأكيد على احترام بعضهم لبعض، وإلى تعزيز
التضامن بين شعوبهم ودولهم، وإلى تقوية روابط الأخوّة التي تجمعهم على
التحابّ في الله، وألاّ يتركوا مجالاً للفتنة وللتدخّل بينهم.


والله سبحانه يقول:/إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا
الله لعلكم تُرحمون/ [الحجرات 10]. والحمد لله وحده.


واستجابة لاقتراح بعض العلماء تم اضافة ملحق للبيان الختامي للمؤتمر،
يتضمن التوصيتين الهامتين التاليتين: يؤكد المشاركون في المؤتمر
الإسلامي الدولي، وهم يجتمعون في عمّان عاصمة المملكة الأردنية
الهاشمية، على مقربةٍ من المسجد الأقصى المبارك والأراضي الفلسطينية
المحتلة، على ضرورة بذل كل الجهود لحماية المسجد الأقصى، أولى القبلتين
وثالث الحرمين الشريفين، في وجه ما يتعرض له من أخطار واعتداءات، وذلك
بإنهاء الاحتلال وتحرير المقدسات وضرورة المحافظة على
العتبات المقدسة في العراق وغيرها .


كما يؤكد المشاركون على ضرورة تعميق معاني الحرية واحترام الرأي والرأي
الآخر في رحاب عالمنا الإسلامي.

واكد مدير مؤسسة ال البيت للفكر الاسملامي الدكتور ابراهيم شبوح في
كلمة القاها في ختام اعمال المؤتمر على موضوع المؤتمر الذي سبقه اصدار
رسالة عمان بمحاوره الثلاثة وموضوعاتها المتفرعة عنها جاء مركزا على
الثوابت الاساسية المرتبطة بالاسلام والمسلمين في المجتمع المعاصر.
وقال..ان علينا ان نقف امام الذات اولا لاجتثاث كل اسباب هذا الذي ادى
بنا الى ما اصبحنا عليه لنقف متماسكين اصحاء نعبر عن حقيقة قيمنا
ونسهم بما نجدده من معالم حضارتنا الانسانية الكبيرة في اسعاد امتنا
وفي التعايش الكريم مع كل من يحمله هذا الكوكب الارضي المكتظ ببني
الانسان.


وبين ..ان جلالة الملك عبدالله الثاني ابرز في خطابه
التوجيهي والمنهجي الواضح المعالم والدقيق البين يوم افتتاح هذا
المؤتمر ان الاسلام قد ارسى احسن القواعد للعلاقات الانسانية
والامم والشعوب، بغض النظر عن الاختلاف مع الاخرين في العقيدة او اللون
او الجنس على قاعدة من التسامح والحوار مع الاخرين لما فيه الخير
للانسان في كل مكان وكل زمان.


وقال ..ان هذا الخط الفكري يخضع الى ضرورة قيام منظومة من المرتكزات
تعبد الطرق امام اصلاح يشمل كل مناحي حياتنا ويأخذ بنا الى صيرورة
حقيقية تعيدنا الى ما ينبغي ان نكون عليه.


واعتبر شبوح ..ان اجتماع علماء المذاهب الاسلامية الثمانية هو
عمل مجيد يشكل مرتكز انطلاق صحيح لعملية الاصلاح والتي قد نحتاج بعدها
الى فعاليات مختلفة تركز محتواها وتحيي ما ينشأ عنها من مكارم وقيم
منسية من قيم أمتنا وديننا.