جلالة الملك عبدالله الثاني يتحدث لمحطة تلفزيون بي. بي. سي. البريطانية

عمان
22 نيسان/أبريل 2003

قال جلالة الملك عبد الله الثاني أن القضية الأساسية للصراع في الشرق الأوسط هي قضية فلسطين، وأنه إذا أرادت الولايات المتحدة أن تحدث توازنا في منطقة الشرق الأوسط فعليها أن تتعامل بعدالة مع النزاع الفلسطيني الإسرائيلي.

وأشار جلالته في مقابلة مع محطة تلفزيون (بي.بي.سي) البريطانية، إلى أن الشارع العربي يتساءل إذا كان الأمريكيون يريدون إثبات أنهم عادلون في الشرق الأوسط وجاءوا ليحرروا الشعب العراقي من نظام قمعي، فعليهم أن يعملوا على تحرير الفلسطينيين أيضا من نظام قمعي آخر.

وأكد جلالته أن على الولايات المتحدة أن تفسح المجال أمام العراقيين لإدارة العراق، وأن تقنعهم بأن مستقبلهم بأيديهم. محذرا أنه بعكس ذلك، فإننا سنواجه مخاطر أن يتحول هذا البلد إلى كانتونات، وهو الأمر الذي كان يخشاه الجميع منذ بدء النزاع مع العراق.

وأعرب جلالته عن اعتقاده بأن التحالف خسر الكثير من مكانته في العالم عندما خاض الحرب على العراق وأن هناك الكثير من الانتقاد لحالة الفوضى السائدة هناك، وأن العراقيين يشعرون بالقلق إزاء مستقبلهم.

وقال جلالته أنني آمل بأن يكون هناك تعاونا وتنسيقا بين التحالف والأمم المتحدة والمجتمع الدولي بشأن العراق.

وأكد جلالته على ضرورة التحرك بسرعة حتى يستطيع العراقيون تشكيل حكومتهم، ووضع ميثاق وطني يمهد لدستور عراقي جديد. مشيرا إلى أن عقارب بدأت بالدوران وأن الوقت ينفذ وعلى الأمريكيين الإسراع بعملية نقل السلطة للعراقيين.

وقال جلالة الملك أن لدى الولايات المتحدة فرصة واحدة للتصرف بشكل سليم مع الشعب العراقي. مشيرا إلى أن الولايات المتحدة ربحت الحرب لكن التحدي الآن هو أن تكسب السلام.

وردا على سؤال فيما إذا كان الأردن سيعترف بحكومة انتقالية أمريكية في العراق. قال جلالة الملك أن معظم دول الشرق الأوسط تطرح هذا السؤال. مضيفا انه ربما يكون هناك تعاون وتنسيق مع حكومة انتقالية في العراق، لكن لا اعتقد انه سيكون هناك اعتراف رسمي بعراق جديد حتى يتم تشكيل حكومة عراقية وطنية.

وأكد جلالة الملك أن هناك قلق من اتساع الفجوة الحضارية بين الغرب والشرق، ولذلك فإن على أصدقاء الولايات المتحدة أن ينصحوها حول أفضل طريق للمضي قدما نحو تحقيق السلام.

ونبه جلالته إلى أن معظم العرب يشعرون بأن لدى الولايات المتحدة أجندة خاصة في المنطقة، ولكن إذا أظهرت الآن أن العراق للعراقيين، واتجهت إلى حل القضية الفلسطينية، فسوف ينظر العرب بأمل إلى الغرب، بأنه سيتعامل بشكل عادل وغير منحاز مع قضية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي التي ما تزال هي القضية الجوهرية.

وردا على سؤال حول رئيس المؤتمر الوطني العراقي احمد الجلبي، الذي يسعى لدور مستقبلي في العراق، وحوكم غيابيا في الأردن بتهم الفساد، وادعائه بأن هذا الأمر كان نتيجة لمؤامرة بين المغفور له الملك الحسين والرئيس السابق صدام حسين، قال جلالته إن الجلبي ليس متهما فقط في الأردن، ولكن في لبنان أيضا. وأضاف... لا تسألوا الأردن، وأفضّل أن تنظروا إلى تقارير الجهاز المصرفي البريطاني والحكومة البريطانية، فقد بينت وبوضوح أن هناك علامة استفهام كبيرة على هذا الشخص في تعاملاته ليس فقط في الأردن ولبنان ولكن في أماكن أخرى.

ومضى جلالته قائلا أنني اعتقد أن بإمكان المعارضة العراقية أن تلعب دورا في العراق، ولكنني حقيقة لا اعتقد أن بإمكانهم لعب دور رئيسي. مشيرا إلى أن المواطن العراقي العادي يود أن يرى الرمز القيادي يتمثل في عراقيين عانوا معه وليس في أشخاص عاشوا في الخارج.

وشدد جلالة الملك على أننا بحاجة للقيام بأعمال كثيرة بشأن عملية السلام في الشرق الأوسط، وفي مقدمتها تشكيل حكومة فلسطينية. مضيفا أننا جميعا نشجع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات للتحرك بالاتجاه الصحيح وتقوية الحكومة الجديدة، حتى نكون قادرين على المضي قدما بعملية السلام.

وقال جلالته أن البدء بتنفيذ خارطة الطريق في هذا الوقت بالذات هو خطوة في الاتجاه الصحيح، فهذه الخارطة تحدد للفلسطينيين والعرب وللإسرائيليين ما هو المطلوب لحل المشكلة.

ولفت جلالته إلى أن حل القضية الفلسطينية سوف يفسح المجال لمزيد من الإصلاحات السياسية في الوطن العربي. مشيرا إلى الاستطلاع الذي أجري في منتدى دافوس الاقتصادي العالمي والذي شمل جمهورا من العرب وجمهورا من الأوروبيين وكان السؤال ما هو الشيء الأكثر أهمية الذي يحتاجه الشرق الأوسط، وكانت إجابة الأوروبيين الديمقراطية بينما أجاب العرب فلسطين.

وقال جلالته أن حل المشكلة الفلسطينية سوف يمكّن الدول العربية من المضي قدما بالإصلاحات الديمقراطية. محذرا في الوقت نفسه من أن الإصلاحات الديموقراطية والاجتماعية لن تسير بالطريق الذي نريد حتى تحل هذه المشكلة.

وفي معرض رده على سؤال حول الإصلاح في الأردن والديمقراطية، قال جلالة الملك عبد الله الثاني إنني أعمل على تشجيع الحوار في مجتمعنا وأنا كملك أجد نفسي في موقف فريد من نوعه حيث أحاول تشجيع وتقوية الأحزاب إذ لدينا ثلاثون حزبا سياسيا، وأود أن أرى ثلاثة أو أربعة أحزاب حتى تكون مسيرتنا الديمقراطية سليمة ويكون لدينا برلمانا قويا. وبإذن الله ستجري الانتخابات النيابية في شهر حزيران.

وقال جلالته اعتقد أن لدينا في الأردن تصور أوضح للمستقبل أكثر من غيرنا، وأنا أرى المستقبل واعد. مؤكدا جلالته أننا نريد برلمانا قويا وأننا مؤمنون بأنه إذا قمنا بتحريك عملية الديمقراطية فإننا سنجعل الأردن أقوى.