جلالة الملك: خارطة الطريق تشكل الفرصة الوحيدة لتحقيق السلام في المنطقة

عمان
31 أيار/مايو 2004

اكد جلالة الملك عبدالله الثاني ان خارطة الطريق لا تزال تشكل الفرصة الوحيدة لتحقيق السلام في المنطقة وان اسرائيل لن تنعم بالامن والسلام طالما استمر احتلالها للاراضي الفلسطينية معبرا عن اسفه لاستمرار اسرائيل عرقلة تنفيذ بنود الخارطة.



وقال جلالته في مقابلة اجراها مدير مكتب وكالة الانباء الكويتية (كونا) في عمان مشعل السرهيد عشية زيارة جلالته الى دولة الكويت الشقيقة ان العلاقات الكويتية الاردنية خط احمر لن نسمح لاحد بالمساس به مشددا على متانة ورسوخ العلاقات الاخوية بين البلدين الشقيقين.



واضاف جلالة الملك عبدالله الثاني ان بقاء قوات الاحتلال في العراق امر يخص الشعب العراقي وحده "فهو صاحب الحق الاول والاخير في تقرير مستقبل وجود هذه القوات على ارضه" مشددا في الوقت نفسه ان الاردن لن يرسل قوات الى العراق تحت أي ظرف.



وعن العمل العربي المشترك ومصير مؤسسة القمة العربية وما شهدته من خلافات قبل واثناء قمة تونس الاخيرة لفت جلالة الملك عبدالله الثاني الذي سيبدا غدا زيارة لدولة الكويت الشقيقة تستمر يومين يلتقي خلالها سمو الشيخ جابر الاحمد الصباح الى ان عدة قضايا ساهمت في ارباك هذا العمل في مقدمتها احتلال العراق والوضع الماساوي في الاراضي الفلسطينية المحتلة وتفاقم ظاهرة الارهاب.



ودان جلالته بشدة الارهاب بكل وجوهه واشكاله ومصادره داعيا الى وقفة عربية جماعية صلبة لمحاربة الارهاب واجتثاث جذوره وقطع دابر من يقف وراءه.



واستنكر جلالة الملك العمليات الارهابية التي شهدتها المملكة العربية السعودية واضعا كل امكانيات الاردن لمساندة الاشقاء في المملكة العربية السعودية.



وحول طبيعة واهداف الزيارة واهم القضايا التي سيبحثها جلالته مع اخيه امير دولة الكويت والمسؤولين الكويتيين اوضح جلالته ان هذه الزيارة تاتي في اطار التنسيق والتشاور وللتباحث في العديد من الموضوعات التي تهم العلاقات الاردنية الكويتية.



واضاف جلالته ساستمع من سمو الامير والاخوة في القيادة الكويتية الى ارائهم فيما يجري من تطورات في المنطقة سواء على صعيد الموقف في العراق او القضية الفلسطينية او على صعيد تطوير ودعم العلاقات الثنائية.



وبين جلالة الملك ان التعاون الاقتصادي بين الاردن ودولة الكويت هو الجانب المهم في الزيارة مشيرا الى ان العلاقات السياسية بين البلدين قطعت شوطا كبيرا من التقدم معربا جلالته عن امله في ان تصل العلاقات الاقتصادية الى نفس المستوى الذي بلغته العلاقات السياسية موضحا انه لهذه الغاية يصطحب معه في هذه الزيارة وفدا اقتصاديا من القطاع الخاص ليطلع نظرائه الكويتيين على فرص الاستثمار المتاحة في الاردن خاصة بعد النجاحات التي حققتها الاستثمارات الكويتية في المملكة "اذ اصبحت اليوم اكبر الاستثمارات العربية الاجنبية لدينا."



وقال جلالته ان هناك فرصا عديدة للتعاون بين البلدين في المجالات الاستثمارية والسياحية والتعليمية فضلا عن امكانية زيادة حجم التبادل التجاري.



واعرب جلالته عن شكر وتقدير الاردن للكويت قيادة وحكومة وشعبا على مواقفها الداعمة والمساندة مشيرا الى ان المنحة النفطية الكويتية للاردن التي استمرت عاما كاملا حتى بداية نيسان الماضي وبمعدل 25 الف برميل يوميا ساعدت على تخطي الازمة الناجمة عن ارتفاع اسعار النفط وانقطاع النفط العراقي عن الاردن قبيل بدء الحرب في العراق في شهر اذار العام الماضي.



وفيما اذا كانت مباحثات جلالته مع كبار المسؤولين الكويتيين ستتناول تجديد المنحة النفطية للاردن قال جلالته: بالطبع سنناقش خلال هذه الزيارة كل الموضوعات مع الأشقاء الكويتيين بما ينعكس ايجابا على تعزيز وتطوير العلاقات بيننا.



واضاف جلالته "انا رجل عسكري احب العمل والبناء ولا احب السياسة لولا انها تفرض علينا ولذلك اسعى جاهدا لبناء علاقات اقتصادية قوية بين بلدينا بشكل خاص وبين البلدان العربية بوجه عام."



وقال جلالة الملك "كنت اقول للاخوة العرب دائما: يا جماعة حتى لو اختلفت اراؤنا السياسية فيجب ان نقف الى جانب بعضنا البعض ونحقق الافضل لشعوبنا ولامتنا ونوحد جهودنا ومواقفنا في سبيل تحقيق هذا الهدف."



واضاف "ان دولة الكويت لم تقصر أبدا مع الأردن ومع العرب جميعا ووقفت الى جانبنا في كل الظروف الصعبة ولن ننسى أبدا مواقفهم هذه" مشيرا جلالته انه منذ تولى سلطاته الدستورية حظي بالدعم والمساندة من قبل صاحب السمو الشيخ جابر الاحمد الجابر الصباح والقيادة الكويتية "فقد وقفوا دائما الى جانبي وكانوا خير معين وسند لي فلهم منا دائما كل الشكر والتقدير."



وفي هذا السياق أشاد جلالته بما تقدمه الكويت من دعم اقتصادي للاشقاء وقال ان "الدعم الكويتي للاردن والدول العربية لم ينقطع ابدا وكان دعما منتظما" لافتا الى ان الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية "هو من انجح صناديق التنمية العربية ويجسد فعلا لا قولا مسيرة العمل والتعاون العربي المشترك".



وفي رده على سؤال حول المشروعات الاستثمارية ودعوة القطاعين العام والخاص فى الكويت الى اقامتها فى الاردن او المشاركة فيها اوضح جلالة الملك عبد الله الثاني ان الاردن شهد في السنوات الاخيرة نقلة نوعية في نطاق استقطاب الاستثمارات العربية والأجنبية مشيرا جلالته الى ان الفرص الاستثمارية والمناخ الايجابي للاستثمار في الاردن "سيطرح خلال لقائنا مع رجال الأعمال الكويتيين."



وقال جلالته ان استجابة الشركات الكويتية للاستثمار في المشاريع الحيوية في الاردن كانت كبيرة جدا وان هناك مجالات أخرى يمكن لهذه الشركات المساهمة فيها في المرحلة المقبلة خاصة في المشاريع الكبرى والبنية التحتية وصناعة الأدوية."



وبين جلالته ان الاردن يتميز بمناخ معتدل وأجواء سياحية عائلية ومعالم سياحية متعددة وفريدة "ولهذا أوعزت للمسؤولين تشجيع قدوم السياح الكويتيين والخليجيين للتمتع بأجواء الأردن السياحية لما سيتركه التواصل الانساني ومعرفة الاردن وشعبه عن كثب من نتائج ايجابية على حركة الاستثمار الكويتي خاصة والخليجي عامة."



وفي رده على سؤال عن تعرض طلبة كويتيين يدرسون فى الاردن لحادث اعتداء قال جلالة الملك عبدالله الثاني انه تابع هذه المسألة شخصيا "وانزعجت كثيرا لدى سماعي بحادث الاعتداء الاخير على طالبين كويتيين،" واصفا الكويتيين في الأردن بانهم "أردنيون."



وشدد جلالته ان "المس بأي واحد منهم وبأي صورة كانت هو اعتداء علينا" معربا عن يقينه التام بان "الاعتداء على الطلبة الكويتيين حالة منفردة وأن الأردنيين كافة يعتبرون الكويتيين اخوة أعزاء في بلدهم الثاني."



واضاف جلالته "لن نسمح لحالة شاذة أن تعكر صفو العلاقات الأخوية القائمة بين الشعبين الشقيقين" مشيرا الى انه وجه وزير الداخلية ومدير الأمن العام الى اتخاذ اجراءات صارمة بحق المسؤولين عن هذا الحادث أو أي حادث مشابه.



وفي هذا الاطار شدد جلالته "لن نسمح لأي جهة او طرف ان يسيء بقصد او بغير قصد الى العلاقة الاخوية المتميزة والراسخة بين البلدين الشقيقين" لافتا الى ان "صيانة هذه العلاقات والمحافظة عليها خط احمر لن نسمح مطلقا لاي جهة او طرف المساس بها.



وردا على سؤال حول مدى التنسيق مع دولة الكويت بالشان العراقي اكد جلالة الملك عبدالله الثاني ان التنسيق بشأن العراق مستمر ولم ينقطع "فنحن والكويت جاران للعراق ومستقبل هذا البلد واستقراره وأمنه يشكلان أولوية بالنسبة لبلدينا وأمامنا مسؤوليات كبيرة تجاه العراق الذي يحتاج الى دعم الجميع."



واشار جلالته الى ان المباحثات مع الجانب الكويتي ستطال الموضوع العراقي في ضوء التطورات الجارية حاليا وخاصة تشكيل حكومة عراقية جديدة برئاسة السيد اياد علاوي "ما نعتبره خطوة على طريق بناء العراق وتسلم العراقيين مقاليد شؤونهم بأنفسهم" مؤكدا دعمه لهذه الحكومة "لأننا نرى أن مستقبل العراق يجب أن يكون للعراقيين بعيدا عن أي تدخل أجنبي."



وعن الموقف الاردني من اختيار اياد علاوي رئيسا للوزراء في العراق وترشيح غازي الياور لمنصب الرئيس في العراق ومدى امكانية نجاح نقل السلطة للعراقيين في ظل الاوضاع القائمة ووجود اطراف غير راضية تحتكم للسلاح، اعرب جلالة الملك عبدالله الثاني عن امله بأن يشكل اختيار اياد علاوي "فرصة جديدة على طريق بناء العراق واعادة الاستقرار الى هذا البلد الذي يشكل أمنه واستقراره جزءا من أمننا" مؤكدا جلالته احترامه لما يختاره العراقيون أيا كان ذلك الاختيار.



وقال "نقبل بما يقبلون به" معربا عن اعتقاده بان الاتفاق على تشكيل الحكومة الجديدة "يعد تقدما مهما يسهم في اعادة زمام الأمور الى الشعب العراقي وتأكيد حقه في ادارة شؤونه والسيطرة على موارده."



ونبه جلالته الى ان " الأيام المقبلة مهمة جدا في صنع عراق المستقبل والدور القادم فيه سيكون جزءا كبيرا منه للأمم المتحدة التي ستشرف على عملية نقل السلطة للعراقيين" في الثلاثين من حزيران المقبل كما هو مقرر.



وعبر جلالته عن قناعته بأن "شعور العراقيين بامتلاك السيادة الكاملة على أرضهم سيخفف كثيرا من حدة العنف في العراق ومن

ظهور المليشيات التي تدعمها جهات مختلفة " معللا ذلك بقوله " اذا شعر المواطن العادي أن دولته تحميه فلن يلجأ الى المليشيات لكي يوفر الحماية لنفسه ولأسرته ".



وعن مشروع القرار الامريكي البريطاني المطروح على مجلس الأمن حاليا بشأن العراق ووجود القوات الاجنبية على اراضيه قال جلالة الملك عبداللله الثاني ان "القرار يمنح الأمم المتحدة فرصة قوية للاشراف على عملية إعادة بناء العراق ورسم مستقبله" معربا جلالته فى الوقت نفسه عن اعتقاده بان " بقاء القوات الأجنبية في العراق أمر يخص الشعب العراقي وحده فهو صاحب الحق الأول والأخير في تقرير مستقبل وجود هذه القوات على أراضيه."



وفي رده على سؤال جدد جلالة الملك موقف الاردن الرافض لارسال قوات اردنية الى العراق تحت راية الامم المتحدة مثلما نفى جلالته قطعيا وجود اي فرصة لاعتماد هذا الاحتمال بقوله "لا. نحن غير مستعدين ابدا لإرسال قواتنا إلى العراق" لافتا الى ان الاردن بدلا من ارسال قوات عسكرية يساعد الشعب العراقي في جوانب عديدة ليتمكن من تجاوز الازمة التي يمر بها.



واوضح ان مساعدة الاردن للشعب العراقي يمكن تقديمها عبر تدريب عناصر الأمن والجيش العراقي وتأهيل وتدريب الكوادر المدنية الأخرى والمساعدة في إعادة الإعمار وبناء الاقتصاد العراقي مكررا التأكيد على ان "موضوع إرسال قوات أردنية إلى العراق أمر غير وارد ونعتقد أنه من الأفضل أن لا ترسل الدول المجاورة للعراق أي قوات نظرا لحساسية هذا الامر."



وعن مستقبل العلاقات الأردنية مع العراق الجديد سياسيا واقتصاديا قال جلالة الملك عبد الله الثاني "نحن نشعر بأننا الأقرب إلى العراق وعلاقاتنا مع الشعب العراقي علاقات تاريخية ووثيقة ولذلك فإننا حريصون على أن تكون علاقاتنا قوية وراسخة سياسيا واقتصاديا ونؤكد أنها ستكون كذلك لأن مصلحة الشعبين تستدعي أن تكون هذه العلاقات دائما أكثر قوة ومتانة."



واشار جلالته الى ان العلاقات الاقتصادية بين الأردن والعراق بدات تأخذ مجراها الطبيعي منذ مطلع العام الحالي مبينا ان الصادرات الأردنية الى العراق تشهد نموا مستمرا.



وفي الشأن الفلسطيني وما اذا كانت الادارة الأمريكية ملتزمة بضماناتها الى العرب والفلسطينيين التي كان جلالته حصل عليها خلال زيارته الاخيرة لواشنطن قال جلالة الملك عبدالله الثاني: بعد أن أعطى الرئيس الأمريكي ضمانات لرئيس الوزراء الاسرائيلي ارئيل شارون شعرنا بقلق ازاء الموقف الأمريكي الجديد.



واضاف ان الادارة الأمريكية اوضحت لنا ان موقفها من الصراع الفلسطيني الاسرائيلي لم يتغير وانه طلب بالمقابل مزيدا من الايضاح عبر رسالة ضمانات. وقال جلالته "أعتقد أن ما ورد فيها جاء منسجما مع ما يطالب به العرب."



واضاف انه وفقا لرسالة الضمانات التي قدمها الرئيس الامريكي جورج بوش لنا فان قضايا الحل النهائي للصراع الفلسطيني-الاسرائيلي ستكون من اختصاص الأطراف المعنية وأن مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين يجب أن تتم وفقا لقراري مجلس الأمن الدولي 242 و338 وأن تفضي المفاوضات الى قيام دولة فلسطينية مستقلة.



وقال جلالة الملك عبدالله الثاني انه شعر بالارتياح ازاء ما قدمته اليه الولايات المتحدة من ضمانات تتفق مع الموقف الاردني من حل القضية الفلسطينية حيث يؤكد الاردن دائما أن قضايا الحل النهائي التي تشمل الحدود واللاجئين والقدس والمستوطنات يجب أن يتم الاتفاق بشأنها بين الأطراف ذات العلاقة.



وعن توفر فرص حقيقية لتنفيذ خطة خريطة الطريق في ظل إمعان إسرائيل في ممارساتها الاحتلالية والدموية والقمعية في الأراضي الفلسطينية قال جلالته ان خارطة الطريق" لا زالت تشكل الفرصة الوحيدة المتوفرة حاليا لتحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين."



وعبر جلالته عن "اسفه" لاستمرار اسرائيل في عرقلة تنفيذ بنود الخريطة متذرعة "بان الفلسطينيين غير جاهزين الآن للتفاوض معهم".



واوضح جلالة الملك ان "جهودنا منصبة الآن على اعادة عملية السلام الى مسارها الصحيح عبر تنفيذ دقيق وكامل لبنود الخريطة وان الفلسطينيين والاسرائيليين قد كلوا وتعبوا من العنف" مؤكدا انه "يجب على اسرائيل أن تدرك أنها لن تنعم بالأمن والسلام طالما استمر احتلالها للأراضي الفلسطينية."



وقال جلالته ان "على اسرائيل ان تنسحب وتنهي احتلالها للأراضي العربية اذا أرادت أن توفر لشعبها السلام والاستقرار وان تعيش ضمن جوارها العربي الذي سيعترف بها ويحافظ على أمنها" مؤكدا ان "هذا هو الطريق الوحيد لمستقبل شعوب المنطقة."



وفيما يتعلق بالوضع العربي ومصير العمل العربي المشترك في ضوء ما شهدته القمة العربية الأخيرة في تونس من خلافات قادت كثيرين للاعتقاد بان مستقبلا مظلما ينتظر التضامن والعمل العربي المشترك وأن قمة تونس ربما تكون آخر القمم العربية اعرب جلالة الملك عبدالله الثاني عن " تفاؤله الدائم بالمستقبل " لأن العرب جميعا حريصون على وحدتهم وتضامنهم ..ونحن كقادة أمامنا مسؤوليات كبيرة ولا نملك الا أن نكون متفائلين دائما" بالرغم من ان القمة العربية " حققت ولو الحد الأدنى مما كان مطلوبا منها".



ويرى جلالته ان "الأحداث التي تمر بها المنطقة أثرت على المزاج العام للعرب وأن هذا الاثر قد انعكس على عمل الجامعة العربية" مبينا ان "ما شهده العراق والوضع المأساوي في الأراضي الفلسطينية وازدياد حدة الإرهاب كلها عوامل ساهمت في إرباك العمل العربي المشترك."



وبسؤاله عن قمة الثماني الكبار التي ستعقد الشهر المقبل في الولايات المتحدة وفحوى الخطاب الذي سيطرحه الاردن خلال اللقاء بقادتها وعما يريده العرب من هذه الدول في ضوء ما تريده هي منهم من اصلاحات سياسية واقتصادية قال جلالته "خطابنا لقادة الدول العظمى سيكون واضحا فنحن في الأردن لدينا تجربتنا في الإصلاح وقطعنا شوطا كبيرا نحو هذه الغاية وهذه التجربة بدأت تقطف ثمار النجاح ويمكن أن يقتدي بها البعض كنموذج للإصلاح في المنطقة".



واضاف "سندعو قادة هذه الدول لدعم عملية الإصلاح بالاتفاق والتنسيق الكامل مع الأطراف جميعا وأن يقدموا المساعدة الحقيقية لدول المنطقة لزيادة إنتاجية اقتصادها وتحسين مواردها ومستوى حياة شعوبها".



واكد جلالة الملك عبدالله الثاني ان الهدف من الإصلاح يجب إن يكون تحسين مستوى معيشة الشعوب لان الشعوب التي تعيش ضمن إمكانيات اقتصادية ومعيشية مريحة هي الأقدر على التفكير بالإصلاح السياسي الذي يضمن العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص.



وقال "سندعو هذه الدول الى دعم مبادرات الاصلاح المنبثقة من داخل الشعوب لان المبادرات الاصلاحية المفروضة من الخارج مآلها الى الفشل."



واوضح جلالته ان "المشاركة الاردنية تأتي من منطلق الحرص على بقاء الصوت الاردني والعربي حاضرا في هذا الملتقى الدولي المهم لأننا نعتقد أنه إذا أريد مناقشة أمر يتعلق بنا كعرب يجب أن نكون حاضرين."



وردا على سؤال حول اسباب استهداف جماعات ارهابية لامن الاردن قال جلالة الملك عبدالله الثاني ان التجربة أثبتت خلال السنوات الماضية أنه ليس هناك أحد بمنأى عن الارهاب مؤكدا ان الارهابيين أعداء الحرية والقيم النبيلة وان "كل من يختلف مع أفكارهم المتطرفة هو هدف لهم."



واوضح جلالته ان الارهاب "استهدف الأردن لانه يؤمن بمباديء الدين الاسلامي السمحة ويطبق سياسة الوسطية والاعتدال التي تشكل قيم التسامح وقبول الآخر واحترام الرأي والرأي الآخر أهم عناصرها" معربا عن سروره بنجاح اجهزة الامن مؤخرا في احباط هجوم ارهابي بالاسلحة الكيماوية حاول استهداف مقر المخابرات العامة ورئاسة الوزراء ومصالح غربية.



وعبر جلالته عن استنكاره لما يقترفه الارهابيون من جرائم باسم الدين متسائلا "من كان يعتقد مثلا أن دولا مثل السعودية والأردن والمغرب وهي دول محافظة وشعوبها متمسكة بدينها الاسلامي تصبح هدفا للارهابيين؟" معتبرا ان المشكلة تتمثل في كون الارهابيين "يمارسون الارهاب باسم الاسلام الذي يتبرأ من جرائمهم وأعمالهم."



وردا على سؤال اخر حول الاحداث الارهابية التي شهدتها المملكة العربية السعودية في الفترة الاخيرة شدد جلالته على ان"محاربة الارهاب تتطلب وقفة عربية جماعية لاجتثاث جذوره وقطع دابر من يقف وراءه" داعيا الى " توحيد الصفوف والجهود لمحاربة هذه الظاهرة."



ولفت جلالته الى ان هذه الظاهرة "لا تهدد دولة او جهة بعينها بل تستهدف الجميع وان الارهاب الذي يحاول ان يزعزع امن واستقرار السعودية اليوم قد يطال غدا دولة او جهات اخرى."



وفيما يتصل بالاوضاع الاقتصادية والتنمية السياسية ومسيرة الاصلاح فى الاردن قال جلالة الملك عبدالله الثاني ان هدفه هو جعل الأردن أنموذجا ليس في الديمقراطية فحسب بل في التعليم والاقتصاد المتقدم الناجح الذي يلمس أثاره كل مواطن الى جانب تجسير الفجوة بين الأغنياء والفقراء من خلال تحسين فرص التعليم أمام الفقراء.



واوضح انه لهذه الغاية اطلق برنامج التحول الاقتصادي والاجتماعي الذي يركز على تهيئة الإطار التشريعي والتنظيمي لانفتاح الأردن على الاقتصاد العالمي وتسهيل تدفق الاستثمارات وتسريع بناء المشاريع الكبرى المتعلقة بالمياه والغاز والبنية التحتية وتوفير التمويل اللازم لها من المنح الخارجية والاستثمار في التعليم والتعليم العالي والإصلاح الاداري وتطوير القضاء.



واشار الى توفير 728 مليون دولار لتمويل برنامج التحول الاقتصادي والاجتماعي معظمها من المنح الخارجية وجزء بسيط من عوائد التخاصية مبينا ان معظم هذه الاموال استثمر في مشروع تطوير التعليم.



واوضح جلالته أن برنامج التحول وفر للاردن وسيلة مكنته من وضع برامج تعنى بالاصلاح لم يكن الشروع بها ممكنا دون وجود برنامج مترابط كما هو الحال بالنسبة لبرنامج التحول الاقتصادي والاجتماعي.



وقال جلالته لقد حققنا انجازات اقتصادية كبيرة وملموسة فارتفعت صادراتنا أضعافا وتقلصت نسبة الدين وزادت مدخرات البنك المركزي حتى وصلت اليوم الى خمسة مليارات دولار ونرى أننا الآن وضعنا أنفسنا على الطريق الصحيح وسنقطف ثمار الانجازات خلال السنوات القليلة المقبلة حيث نتطلع الى تحقيق نسبة نمو اقتصادي تصل الى ستة بالمائة سنويا.



وقال جلالته ان الاردن يمكن أن يكون أول بلد عربي بدأ في عملية الاصلاحات السياسية وقطع شوطا كبيرا في هذا المجال مشيرا الى ان أهم أجندة للحكومة الحالية هي موضوع التنمية السياسية " لأننا نرى أن الاصلاح الاقتصادي لا يمكن أن يتحقق بدون اصلاح وتنمية سياسية يشارك بها الجميع وتتضمن انفتاحا سياسيا وتوسيع هامش الحرية والديمقراطية ودعم استقلال الاعلام الحر والمسؤول".