جلالة الملك: العالم الاسلامي لديه الامكانات ليكون مفتاح الحل لكل القضايا الاقتصادية

29 نيسان 2008
عمان ، الأردن

قال جلالة الملك عبدﷲ الثاني:ان العالم الاسلامي يملك من الاصول والموجودات ما يمكنه لان يكون مفتاح الحل لكل القضايا الاقتصادية الرئيسية بدءا من إيجاد اقتصاد عالمي أخضر صديق للبيئة وصولا إلى ضمان إدامة توفير الطاقة.

وأكد جلالته في كلمة خاطب بها المشاركين في الجلسة الافتتاحية للمنتدى الاقتصادي الاسلامي الدولي الرابع الذي افتتحه سمو الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت:أننا وبالعمل معاً، يمكننا أن نرفع وتيرة الازدهار والتنافس بفاعلية أكبر على مستوى العالم.

وحث جلالته المشاركين ومن بينهم قادة دول ومسؤولين ونخبة من خبراء الاقتصاد العالمي وأكثر من 400 رجل وسيدة أعمال ورؤساء شركات أجنبية على البحث في الفرص الاقتصادية التي نحتاجها لإدامة معيشة شعوبنا، ومواجهة الصدمات المالية والنفطية العالمية وغيرها وتحديد ما إذا ما كان المسلمون في أرجاء العالم سيحصّلون وعود القرن الحادي والعشرين الاقتصادية، بكل ما يحمله من بشائر.

وقال جلالته:إن المسلمين في العالم يشكّلون خُمْس الإنسانية تقريبا، وهم في معظمهم من جيل الشباب، ما يمنحنا قوة بشرية ترفع من الإنتاجية وتدفع نموّ الأسواق كما ان مساحة البلدان الإسلامية تشغل ربع العالم وتشكّل قنوات لكل زاوية من زوايا الأسواق العالمية.

وأشار الى أنه رغم التقدم الذي حققته الدول ال 57 الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي الا ان ناتجها المحلّي إلاجمالي لا يزيد على ربع الناتج المحلي الإجمالي لأوروبا مثلما ان حصتها من التجارة العالمية ما زالت بسيطة.

ودعا جلالة الملك دول العالم الاسلامي الى اعادة العمل برعاية الإبداع:مشددا "أن على حكوماتنا، وشركاتنا، وقادة التنمية في بلداننا أن يدعموا الإبداع، وفق ذات النهج المتبع لدعم البُنى التحتية وجذب الاستثمار".

وحث جلالة الملك على إيجاد بيئة تدعم العقول الشابة وتشجّعها للعمل على توفير مستقبل عنوانه التقدّم العالمي الحقيقي الذي يُشرك جميع البلدان والثقافات، في إطارٍ من الاحترام المتبادل.

واعتبر جلالته: أن هذا المنتدى الذي يجمع قادة من مختلف أطياف المجتمع الإسلامي، يعترف بالدور الكبير الذي تقوم به التحالفات الاقتصادية في منطقتنا:مؤكدا جلالته أنه وعبر العالم كله، تعمل التجمعات والشراكات الإقليمية، وتلك التي تتجاوز الحدود الوطنية والجغرافية، على توفير منابر للنجاح الاقتصادي.

وذكر جلالة الملك الحضور بأننا نستند الى تاريخ إسلامي عريق في مجالي ممارسة الأعمال بحريّة وجرأة، والإقبال على التعلّم من خبرات وتجارب الآخرين:مؤكدا أن وحدتنا في الإسلام، بالإضافة إلى قيمه العظيمة، وغاياته النبيلة، تمكّننا وتقوّي عزائمنا في هذا المضمار.

وعرض جلالته تجربة الاردن في مبادرة حول الابداع في التعليم:مشيرا الى أنه وخلال أربع سنوات، كان العائد على هذا الاستثمار مُلفتاً للنظر حيث تسارع انتشار التقنيات الجديدة، وتوسيع المهارات التدريسية، فاكتسبَ الطلاب معرفة على مستوى عالمي يمكنهم من المنافسة.

وقال: "تبيّن لنا أن لهذا التجمّع الراعي للمواهب مزايا قصيرة الأمد وأخرى طويلة الأمد تعزز مجتمع الأعمال في الأردن فهناك مزايا فورية للشركات المساهمة، أهمها اكتساب شهرة محلية في مجال القيادة، ونقل المعرفة مع نظرائها الدوليين.

وكان أمير الكويت سمو الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح أعلن في كلمته التي افتتح بها اعمال المنتدى الذي يستمر ثلاثة ايام عن مساهمة بلاده بمبلغ 100 مليون دولار لاطلاق صندوق (الحياة الكريمة في الدول الاسلامية) الذي يهدف الى دعم مبادرات توفير السلع الغذائية الاساسية للمحتاجين بشكل سريع والمساهمة في برامج زيادة انتاجية المحاصيل الزراعية والتعاون مع المبادرات المثيلة في العالم.

واكد: ان هذه المبادرة تهدف الى مواجهة أزمة شح بالموارد الغذائية وارتفاع في أسعارها والتي تنذر بانعكاسات سلبية على بعض الدول الاسلامية الصديقة:داعيا الدول والمنظمات والصناديق التنموية الاقليمية والدولية لدعم هذه المبادرة والمساهمة في هذا الصندوق لتحقيق الاهداف المرجوة من انشائه.

وقال الشيخ الصباح:ان مواجهة التحديات التي تواجه الامة الاسلامية بفاعلية يتجاوز النظر الى الامكانات المتاحة للدول بشكل منفرد ويتطلب تعاونا جادا بين عالمنا الاسلامي وبما يساهم في اتخاذ تدابير من أهمها ضرورة العمل على زيادة الاستثمارات فيما بين البلدان الاسلامية وازاحة الحواجز الجمركية وتحسين البنى التحتية ورفع كفاءة وسائل النقل والمواصلات وسبل الاتصالات وبناء قطاع خاص قادر على الاضطلاع بمهام التنمية في البلدان الاسلامية.

واضاف:ان تعزيز القدرات التنافسية للدول الاسلامية يتطلب الاهتمام بالتعليم وتطويره باعتباره الركيزة الاساسية لتقدم أمتنا الاسلامية من خلال اصلاح مؤسسات التعليم المختلفة وتطوير المناهج وتشجيع الموهوبين والمتفوقين.

واعتبر الشيخ الصباح:ان أمتنا الاسلامية تعيش اليوم لحظة فارقة في تاريخها حيث تتوافر لديها امكانات اقتصادية مواتية وموارد بشرية وطبيعية هائلة تحتاج فيها الى الاستغلال الصحيح والتوظيف الامثل وتحفيز الفرص المتاحة لاحداث التنمية المستدامة لاقتصادياتها لضمان توفير فرص العيش الكريم لابناء شعوبها ومحاربة الفقر والجهل والمرض لبناء انسان عصري يتسلح بالعلم والايمان.

واكد:ان ذلك يعد ركيزة أساسية لبناء الدول العصرية التي تنتهج الوسطية البناءة النابذة للتعصب والعنف والسعي الى السلام والامن والاستقرار في كافة بقاع العالم وذلك استنادا على شراكة اقتصادية عادلة بين دول العالم الاسلامي من جانب ومع باقي دول العالم من جانب اخر.

وقال:ان هذا الدور الذي نرتضيه لامتنا يحتاج الى تحديث وتفعيل أطر التعاون الاقتصادي بين الدول الاسلامية بحيث تتمكن من زيادة درجة الاندماج والتكامل كي تستطيع أن تتعامل بكفاءة ورؤى واضحة مع التحديات التي تواجهها اليوم. ويشارك في المنتدى عدد من رؤساء الدول والحكومات ونخبة من خبراء الاقتصاد العالمي.

ويضم الوفد الاردني المشارك في المنتدى رئيس الوزراء نادر الذهبي ورئيس الديوان الملكي الهاشمي الدكتور باسم عوض ﷲ ووزير الصناعة والتجارة عامر الحديدي والسفير الاردني في الكويت جمعه العبادي.

ويتناول المنتدى تحت شعار "الدول الإسلامية: شركاء في التنمية الدولية" قضايا اقتصادية وتنموية تواجه العالمين العربي والإسلامي بهدف تعزيز الشراكات التجارية والتعاون الاقتصادي بين رجال وسيدات الأعمال والشركات العاملة في دول منظمة المؤتمر الإسلامي والعالم.

وانطلقت فكرة المنتدى في القمة الإسلامية العاشرة في ماليزيا عام 2003 التي عقد على هامشها معرض لرجال الأعمال تضمن منتجات الدول الإسلامية ثم تبلورت الفكرة في العام 2005 حيث عقد المنتدى الاقتصادي في كوالالمبور قبل أن يتم تغيير اسمه إلى ''المنتدى الاقتصادي الإسلامي الدولي''.

وقال رئيس جمهورية السنغال عبدﷲ واد ان افريقيا تعاني من ارتفاع أسعار النفط والمواد الأولية والمواد الغذائية الأساسية..مبيناً أن بلاده نجحت بمواردها الضئيلة في رفع معدل النمو الإقتصادي.

وأضاف في كلمة خلال الجلسة الإفتتاحية للمنتدى انه بسبب ارتفاع اسعار النفط اضطرت السنغال إلى دعم المواد الغذائية لتخفيف العبءعلى مواطنيها.

وتناول الرئيس واد في كلمته الإنجازات والمشاريع التي تقوم بها بلاده من أجل اللحاق بالركب واحداث تنمية ونمو اقتصادي فيها من حيث البنى التحتية ومشاريع في قطاعات الصحة والتعليم والزراعة والتكنولوجيا والطاقة والبيئة والتجارة.

ودعا الأمة الإسلامية إلى العمل بشكل مكثف من أجل القضاء على افة الفقر معتبرا اياها ظاهرة اقتصادية اجتماعية يجب القضاء عليها وخاصة في الدول الإفريقية التي تعاني نقصا وصعوبة في الحصول على التعليم وعدم توفر اجواء صحية وحرية الحصول على ماء نظيف وغيرها من الامور التي تقف عقبة بوجه هذه الدول للمضي قدما في التنمية.

واشار الى اهمية الاستثمار في الدول الافريقية ،واعتبره اداة لخلق فرص عمل بالاضافة الى كونه محركا للعجلة الاقتصادية..مشيرا الى الفرص الاستثمارية العديدة الي تقدمها افريقيا للدول العربية لما تتمتع به من عناصر وصفها بالفريدة..داعيا الى العمل من اجل تحقيق الازدهار للامة الاسلامية وتطلعات شعوبها والعمل سياسيا واقتصاديا وتنمويا لتحقيقها.

من ناحيته اعرب رئيس جمهورية افغانستان الاسلامية حامد كرزاي عن امله بان يكون المنتدى فرصة للمسلمين لتبادل الاراء فيما بينهم لامر مهم في الجانب الاقتصادي.

واشار كرزاي الى الحاجة الماسة للتعاون، مؤكدا ان " لدينا 4ر1 مليار شخص من الشباب ومع ذلك لدينا مشاكل عديدة منها البطالة والجهل اضافة الى الصراعات وعدم توافر الغذاء الكافي لذا يجب أن نركز على هذه الجوانب المهمة".

وشدد على وجوب التركيز في الدول الاسلامية على العلم وانشاء المدارس لتعليم الاجيال القادمة .وقال كرزاي"لدينار عدو فيما بيننا يتمثل في المتشددين الذين يمنعون الاطفال والبنات من الذهاب الى المدارس وهناك 60 ألف طفل في أفغانستان وباكستان أجبروا على مغادرة المدارس ..وهذا نوع من أنواع الايذاء للمسلمين".

واكد وجود " فرص هائلة وكبيرة في دولنا الاسلامية يجب ان نستغلها لتطوير بلداننا " ،داعيا الى استثمار هذه الفرص بما يعود بالفائدة على المسلمين.

وقال رئيس مجلس الرئاسة في البوسنة والهرسك حارث سيلاديتش ان عصر العولمة الذي نعيشه يعني اللقاءات والتسامح والاحترام المتبادل وروح المودة.

وذكر في كلمته امام المنتدى ان البوسنة والهرسك تعيش نموذج التعددية الذي كان سببا في الحروب التي فرضت علينا ممن لا يريدون التعاون ولا التسامح وانما الهيمنة والقوة.

وقال ان البوسنة والهرسك " تعني تاريخ التعددية والتسامح..تعني تاريخ تواجد المسلمين في اوروبا وهو تاريخ حي".

واوضح "اننا في أيام الحرب التي فرضت علينا أظهرنا وجها حضاريا للاسلام .. لقد دمرونا ولم ندمر .. قتلونا ولم نقتل.. بنوا معسكرات الموت ولم نفعل".

واضاف "قدمنا نموذجا ايجابيا خلال الحرب ..وفي المقابل هناك أمثلة مغايرة بين المسلمين .. لكن الاهتمام الصحافي ينصب دائما على الامثلة السيئة التي تبرز على السطح".

وقال سيلاديتش "نموذجنا طيب وتاريخي ونفخر به ونريد التعايش والسلام والتعددية ويجب المحافظة على هذا النموذج رغم الصعوبات التي نواجهها".

وتطرق سيلاديتش الى اقتصاد البوسنة والهرسك قائلا "هناك نمو معين في الاقتصاد ولدينا مقومات وخصوصا الماء والطاقة ونتطلع لاستثمارها في المستقبل القريب وأن نستغلها قريبا ونحن نرحب بكل الاصدقاء والاخوة لان يأتوا ويروا بأنفسهم".

وقال انه خلال الاسابيع المقبلة ستوقع البوسنة والهرسك اتفاقية هامة مع الاتحاد الاوروبي ، مضيفا "اننا نسعى بسلام ولابد من سقف يضمن لنا السلام والاستقرار وهذا السقف هو الاتحاد الاوروبي".

وكان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء رئيس اللجنة العليا للمنتدى فيصل الحجي أكد أن استضافة الكويت لهذا الحدث الإقتصادي تأتي تأكيداً منها على أهمية منظمة المؤتمر الإسلامي وأهمية الدعم الكامل لكل المؤسسات والأنشطة التابعة لها.

وقال ان المنتدى جاء ليجسد المساعي الصادقة والرغبة الأكيدة لدينا جميعاً والتي تستهدف تحقيق غايات التكامل والتبادل والتعاون بين جميع الدول الاسلامية (مؤسساتها وشعوبها)بما تملكه من مقومات مادية وبشرية فيما بينها من ناحية وفيما بينها وبين جميع دول العالم بوجه عام والمتقدم منه على وجه الخصوص من ناحية اخرى.

وأكد أن برنامج المنتدى حافل بالموضوعات والقضايا المعبرة عن طموحات شعوبنا .. فهي جديرة بالحوار الإيجابي والمناقشة المستفيضة وصولا الى تحقيق ما نصبو اليه جميعاً من تقدم وإزدهار لشعوبنا وأمن وسلام واستقرار لجميع دول العالم.