الملك يرعى حفل عيد استقلال المملكة السادس والستين في قصر رغدان العامر

25 آيار 2012
عمان ، الأردن

رعى جلالة الملك عبدﷲ الثاني في قصر رغدان العامر اليوم الجمعة، الحفل الوطني الكبير بمناسبة عيد استقلال المملكة السادس والستين بحضور جلالة الملكة رانيا العبدﷲ، وسمو الأمير الحسين بن عبدﷲ الثاني ولي العهد.

ولدى وصول جلالته موقع الاحتفال حيته ثلة من حرس الشرف وأطلقت المدفعية 21 طلقة ترحيبا بقدومه، وعزفت الموسيقى السلام الملكي.

وألقى رئيس الوزراء الدكتور فايز الطراونة، ورئيس مجلس الأعيان طاهر المصري، ورئيس مجلس النواب عبدالكريم الدغمي، كلمات في الحفل، أشاروا فيها إلى مكانة عيد الاستقلال عند الأردنيين ومعانيه السامية في نفوسهم، والتي دفعتهم منذ اللحظة الأولى لاستقلال مملكتهم نحو البناء والتقدم جنبا إلى جنب مع قيادتهم الهاشمية ليحققوا انجازات جعلت من الأردن أنموذجا في الريادة والإصلاح.

وانعم جلالة الملك خلال الحفل على عدد من مؤسسات الوطن وكوكبة من رواد العطاء والانجاز، بأوسمة ملكية تقديرا لجهودهم التي بذلوها في بناء الأردن وتعزيز مسيرته.

ويأتي هذا التكريم الملكي الذي يعد عرفا سنويا بمناسبة الاحتفال بعيد الاستقلال تقديرا لمؤسسات ورجالات ونساء الوطن في مختلف القطاعات سواء أكانوا داخل الخدمة الرسمية أم كانوا خارجها.

وحضر الحفل عدد من أصحاب السمو الأمراء والأميرات، والسادة الأشراف، وكبار المسؤولين المدنيين والعسكريين، وأعضاء السلك الدبلوماسي المعتمد لدى المملكة، وعدد من ممثلي الفعاليات الشعبية والأحزاب والهيئات والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني.

وتشرف الحضور بمصافحة جلالة الملك وجلالة الملكة وسمو ولي العهد، في قصر بسمان الزاهر.

وقال رئيس الوزراء الدكتور فايز الطراونة في كلمته التي ألقاها في بداية الحفل ان الخامس والعشرين من أيّار يوم خاصّ وتاريخي في حياة الأردنيين، ففي هذا اليوم تأسّس البنيان، وترسّخ العمْران، وبدأتْ الحياة السياسية في مملكتنا الحبيبة تأخذ المنحى الدستوريّ الديمقراطيّ الذي صار مثالا في إقامة العدل، واحترام الإنسان، وإعلاء كلمة الحقّ، وراية الصدق.

وتاليا النص الكامل لكلمة رئيس الوزراء:


بسم ﷲ الرحمن الرحيم

مولاي صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبدﷲ الثاني ابن الحسين المعظم حفظه ﷲ ورعاه
أيها الحفل الكريم
السلام عليكم ورحمة ﷲ تعالى وبركاته،

وكلّ عام وأنت يا سيدي وبنو هاشم الغرّ الميامين وأبناء الأردنّ النشامى الطيّبين بألف خير وبركة كلّ عام وأردنّنا الحبيب يزداد علوّا وشموخا وازدهارا بفضل رعاية الفوارس من بني هاشم وقيادتهم الحكيمة وجهودهم المباركة في جعل هذا الوطن يسامي النجوم تقدّما وارتقاء ومجدا ورفعة، ومفخرة للعرب والأردنيّين في كلّ مكان.

يمثّل الخامس والعشرون من أيّار يوما خاصّا وتاريخيّا في حياة الأردنيين، ففي هذا اليوم تأسّس البنيان، وترسّخ العمْران، وبدأتْ الحياة السياسية في مملكتنا الحبيبة تأخذ المنحى الدستوريّ الديمقراطيّ الذي صار مثالا في إقامة العدل، واحترام الإنسان، وإعلاء كلمة الحقّ، وراية الصدق.

وبين هذا اليوم، وذلك اليوم حياة حافلة بالعطاء، والإنجاز، والتميّز، فقد استطاع الأردنيّون بقيادتهم الهاشميّة المظفّرة تأسيس الدولة العصريّة الحديثة، واستطاع الإنسان الأردني أن يقدّم من نفسه النموذج المتحضر للإنسان العصري المنفتح بعقله وقلبه على الحياة، فمثّل بلده في أنحاء العالم، جنديا وطبيبا ومعلّما وسياسيا وطالبا وسائحا، وظلّ إنجازه يملأنا فرحا وحبورا، فالإنسان، وفق رؤية جلالة المغفور له الحسين بن طلال، أغلى ما نملك، وتنمية الإنسان هي التنمية الحقيقية، وهي الإنجاز الحقيقي، والرهان على الإنسان هو الرهان على الحياة، وهذا ديدن الهاشميين في هذا البلد المعطاء، وهذا ما يسعى جلالة الملك عبدﷲ الثاني ابن الحسين حفظه ﷲ دائما إلى تحقيقه، إنجاز بعد إنجاز، في الداخل والخارج على حد سواء.

مولاي صاحب الجلالة المعظم
يأتي احتفالنا هذا العام بنكهة استثنائية، هي نكهة الربيع العربي الذي استقبله بلدنا الحبيب استشرافا وليس استحقاقا، وكان من السباقين إلى تلمّس معطيات التغيير وضروراته، فكانت مسيرة الإصلاح التي يقودها جلالة الملك بهدوء الشيوخ وهمّة الشباب، وكانت القوانين والتشريعات المنفتحة على المستقبل، فاتحة الخير في هذا الربيع، وها نحن نسير وفق الخطة المرسومة للإصلاح والانفتاح والمزيد من الديمقراطية التي تستهدف الإعلاء من قيم الحق والعدل والمساواة والحريّة والتشارك، غايتها الإنسان، ووسيلتها الإيمان، وهذا رهاننا على مستقبلنا.

وها هم الأردنيون في عيدهم السادس والستين، يجدّدون العهد، ويرسخون العقد، ويضربون المثل الأعلى في الإصرار على الإنجاز والمحافظة عليه، ويرفعون أسمى آيات الوفاء والولاء قابضين على جمر الصبر، ملتزمين مصلحة الوطن، وماضين بثقة نحو المستقبل المشرق، لا يثنيهم ثان، فهم قائد وشعب، عائلة واحدة، وقلب واحد، وزند واحد، في مدارج البناء، يستذكرون قرنا صنعوا فيه ما يشبه المستحيل، فكانت منارات العلم التي تضاهي أفضل نظيراتها في العالم، وكانت الصروح الطبية العملاقة التي يشهد لها القاصي والداني، وكانت البنى التحتية الحضارية التي تثير الدهشة قياسا على موارد الدولة المحدودة، وكانت الإنجازات الثقافية العظيمة التي يتوجها حصول الكثيرين من أبناء الأردن على جوائز عربية وعالمية رفيعة، وكانت، وهذا الأهم، الروح الأردنية التي حققت ذلك، وتصر على تحقيق المزيد، وهذا هو العيد، وهذا هو الاستقلال الحقيقي، فعلى قدر أهم العزم تأتي العزائم.

سيدي صاحب الجلالة
هنيئا لك وللشعب الأردني الأبيّ عيد استقلالنا الوطنيّ الذي ما كان لنا أن نحققه لولا تضحيات هذا الشعب وقيادته الصابرة الصامدة من سلالة بني هاشم الأطهار وأحفاد نبيّنا العربي الهاشمي المختار، وقد حافظتم يا سيّدي بجهودكم الموصولة المخلصة وعناية ﷲ سبحانه وتعالى على هذا الاستقلال، وما ادّخرتم جهدا في صيانته وحمايته والذبّ عن ثرى هذا الوطن الطاهر وبذل ما تستطيعون من الجهود التي لم تعرف الكلل ولا الملل، من أجل تعزيز هذا الاستقلال وإرساء دعائمه وتقوية قواعده بكل غال ونفيس، وشعبكم الأردنيّ الوفيّ يقف معكم ووراءكم بكل إباء وثبات وقفة عزّ وشموخ محبّا ومواليا ومناصرا ومؤازرا، يسير معكم وخلفكم في بناء الوطن ومؤسساته والحفاظ على مقدّراته من غير أن تلين له قناة أو ينال منه تعب.

مولاي صاحب الجلالة
ما زلت يا سيدي تسير على نهج أسلافك الأماجد الأطهار بناة المجد العربي الأردني وصانعي عزّته ورفعته في مواجهة التحديات وتذليل الصعاب والمحافظة على استقلال الوطن الأردني وحريّته، والمضيّ بهذا الوطن الغالي وأبنائه الأشاوس الأحرار نحو آفاق المستقبل الزاهر.

وما حرصكم البالغ يا سيّدي على استمرار مسيرة البناء والإصلاح السياسي والاقتصادي إلاّ شاهد عظيم ودليل ساطع على رؤيتكم الملكيّة التنويرية السامية في تشييد الأوطان وإعمارها وتقويتها بالإيمان والعمل والجدّ والإخلاص والوفاء، والحفاظ على منجزات الوطن ومقدراته وتعزيز حريته واستقلاله وصون عزّته وكرامته.

وإنني أغتنم هذه المناسبة الغالية لأؤكد لجلالتكم حرص حكومتكم على بذل أقصى ما تستطيع من الجهد من أجل السعي في تنفيذ رؤاكم الملكية السديدة وتحقيق تطلعاتكم الطموحة وعدم التواني لحظة واحدة عن السير في جهود الإصلاح والبناء والحفاظ على هذا الوطن الغالي وشعبه الطيّب الأبيّ، مستنيرين بتوجيهاتكم السديدة ومساعيكم الحميدة ورؤاكم الحكيمة النبيلة.

حفظك ﷲ يا سيّدي وجعل أيامك وأيام الأردنّ والأردنيين كلّها أعيادا وإنجازاتا وعطاء وبناء وازدهارا، وأسأله تعالى أن يرعاكم ويديمكم ذخرا وأملا لهذا الوطن وأهله وأن يزيدكم مجدا ورفعة وتمكينا وتأييدا، ويزيد الأردنّ وأبناءه بكم وفي ظلالكم عزّا وخيرا وأمنا ورخاء.

والسلام عليكم ورحمة ﷲ وبركاته،


من ناحيته أكد رئيس مجلس الأعيان طاهر المصري في كلمته أن العبور إلى المستقبل المحكوم بالأمل، يستنهض فينا كل تلك القيم الإنسانية النبيلة في الدولة المدنية والحكم والقيادة الراشدة الراسخة في وجدان وعقول الأردنيين، وهم ينهضون سويا لبناء دولتهم الديمقراطية الجديدة التي أرادها جلالتكم نقية راسخة لا شائبة فيها.

وتاليا النص الكامل لكلمة رئيس مجلس الأعيان:

بسم ﷲ الرحمن الرحيم

صاحب الجلالة الملك عبد ﷲ الثاني ابن الحسين المعظم،،،
صاحبة الجلالة الملكة رانيا العبد ﷲ المعظمة،،،
صاحب السمو الملكي، الأمير الحسين بن عبد ﷲ المعظم،،،
السلام عليكم ورحمة ﷲ وبركاته، وبعد،،،

فإن الاحتفال بذكرى الاستقلال، وبالذات في هذا الزمن العربي الصعب، يضعنا أمام جملة من الحقائق الجديرة بالتأمل والاهتمام، ومن حقنا نحن الأردنيين، أن نزهو بما أنجزنا، فعبر تاريخ يمتد لتسعة عقود، وبرغم ما طبعت به تلك العقود من حروب ونكبات وتحديات فاقت مقدراتنا، تمكنا بحمد ﷲ أولا، ثم بالإرادة والطموح والوحدة، من بناء دولة مستقلة، دولة تجاوز دورها وحضورها حدودها، وحدود العرب والإقليم كله، وصار إنسانها الحر الكريم الواعي، سفيرا للحرية والكرامة، ومؤكد أن ذلك لم يكن نتاج الصدفة، فنحن بصدد وطن محدود المساحة والموارد، وشعب عظيم لا يعرف للطموح والإرادة حدودا، وقيادة كريمة واجهت التحدي بشجاعة، فصار المنجز عظيما، وبالرغم من ذلك مازال أمامنا طريق طويل.

إن هذا المنجز الرائع، ما كان له أن يتحقق، إلا بسهر رجال مخلصين صانوا العهد والوعد، وسلموا راية الإنجاز للجيل من بعدهم، فما كانوا صغارا أمام المغنم، ولا نفذ الخراب إلى الضمائر منهم أبدا، وإنما ظلوا كبارا، كبر الثورة العربية الكبرى، وقد تفجرت، من أجل كرامة الأمة، وحرية الأمة، واستقلال الأمة، كل الأمة بلا استثناء، لا يفرقهم لون أو أصل أو جنس أو معتقد، بل يجمعهم همّ واحد، هو استعادة مجد عربي كان، وتوحيد أمة تفرقت بها السبل، وانتزاع كرامة عربية طاولها الأذى.

وعلى هدي من هذا، كان الاستقلال، والاستقلال يجب ان يصان، والوطن بكل مكوناته، وبكل درجات السلطة فيه، يحتاج إلى وقفة مراجعة وتأمل بين حقبة وأخرى، فنحن بأمس الحاجة إليها اليوم، منعا لوصول البلاد إلى حالة من التردي وسعيا لتجذير مدنية الدولة، وترسيخا للمبادئ السامية في مسيرتها.

إن العبور إلى المستقبل المحكوم بالأمل، يستنهض فينا كل تلك القيم الإنسانية النبيلة في الدولة المدنية والحكم والقيادة الراشدة الراسخة في وجدان وعقول الأردنيين، وهم ينهضون سويا لبناء دولتهم الديمقراطية الجديدة التي أرادها جلالتكم نقية راسخه لا شائبة فيها.

تلك القيم السامية، معناها أن الأردن، الشعب والقيادة والمؤسسة والمنجزات، وطن يستحق أنْ يحترم، فهو في صلب الأمة، لا على الهوامش منها، وهو في صميم وجدان الإنسانية، لا خارج حدود الوجدان، ومتى كان الوطن كذلك، فإنه جدير بامتلاك سمة الأنموذج، عندما يترفع أهله فوق الصغائر، ناصرين للحق، رافضين للباطل، تواقين للحرية، رافعين لواء العدل والنزاهة واحترام الحقوق، صفا واحدا في مواجهة الأذى، شركاء في الغرم والغنم، يتباين الاجتهاد بينهم من أجل الوطن، لا على الوطن، يجمعهم الطموح، ولا يفرقهم الطمع، فهم شعب واحد، يجددون الذات نحو الأفضل، في إطار نهج الإصلاح الحقيقي، المستند إلى حقيقة ان مدنية الدولة ونهجها الديمقراطي، من أهم ثوابتها، يكرسون مبدأ التوافق الوطني، في ظلال دولة القانون والمواطنة التي لا مجال فيها لإقصاء الآخر. ويؤمنون بأصالة التوازن بين الحق والواجب، بحيث لا تطغى الحقوق على الواجبات، ويكرسون مؤسسية القرار نهجا للدولة، في سائر ميادين العمل.

هذا ما يجب ان يكون عليه الوطن الأردني، وهذا ما نسعى إلى تحقيقه بإخلاص، في إطار الإرادة السياسية الملتزمة بتحقيق الإصلاح الشامل والناجز غير المجزّأ، الإصلاح الذي يلبي مطالب الشعب الحقيقية وتطلعاته، وفي إطار الوطن الأردني الموحد، غير المرتهن، لأوهام ما يسمى بالوطن البديل، وتطلعات الأعداء، وهنا لا بد من أنْ أشير وباعتزاز، إلى أن وضوح الرؤية، وسداد الرأي، وحسن الإدارة، هي بحق، من مميزات هذا الوطن، وفي طليعة منجزاته، وهي عوامل أوصلتنا إلى هذا الأمن والاستقرار، وأي خلل فيها لا سمح ﷲ، ستكون له تداعيات كبيرة، الأمر الذي يجعل الحفاظ عليها، واجبا وطنيا مهما.

صاحب الجلالة،،،
يؤلمنا كثيرا ونحن في ظلال الذكرى العزيزة، أن نرى الربيع العربي في بعض أرض العرب، يروى بالدم، وبالقتل والقهر والتشرد وانعدام الأمن، ونسأل ﷲ السلامة لكل أقطار العرب، وفي المقابل، يبعث فينا الاعتزاز والأمل، أن نرى الربيع الأردني، يروى بالحرية وبالإنجاز، ويثير فينا حمية العرفان والتقدير معا، إذ نرى جلالة قائد الوطن، يقود نهج الإصلاح، والاستجابة لطموح الشعب، باعتباره مصدر السلطة، وضامن قوتها، وحسبكم أن التاريخ يسجل لكم بإخلاص، أنكم تقودون شعبكم من أجل الإصلاح، والحرية والتطور، وليس هذا بالأمر المثير للتساؤل، فأنتم ورثة رسالة، وأنتم أهل رسالة، ولست أرى أنبل منها رسالة، عندما يكون أصلها وفرعها، عربي محمدي هاشمي، وعندما يكون عنوانها اليوم، أردني، وأردني، وبامتياز.

صاحب الجلالة،،،
أيها الحفل الكريم،،

ويبقى احتفالنا المتكرر بإذن ﷲ، مشوبا بغصهْ، ونحن نرى الأقصى الشريف يستباح، والقدس الشريف تنتهك، والشعب الفلسطيني الشقيق، يرزح تحت أسوأ وأبشع احتلال، فلهم منا تحية الأخوة والمساندة.

ويقينا، سيعود الحق لأهله، فلن يعمر في القدس ظالم، ولن تضام فلسطين وفي الأمة روح، وفي شعبها بعض من إرادة، نعم، سيعود الحق بإذن ﷲ، وفي طليعة ذلك، حق العودة المقدس، بكفاح شعبها المناضل، وبمساندة الأمة، والأردن بقيادة جلالتكم في طليعتها دوما، وسيندحر الغازي، لتقوم دولة فلسطين الحرة، على أرض فلسطين الحرة.

نهنئكم صاحب الجلالة، بعيد الاستقلال وذكراه، ونهنئ شعبنا الأردني الواحد، الساعي دوما، من أجل المزيد من الحرية والتطور والمنعة.

الرحمة لملوك هاشميين كرام، قادوا رحلة الاستقلال والإنجاز، ومعهم كرام ضحوا وما ضنوا أبدا، والمجد للأردن الغالي.

والسلام عليكم ورحمة ﷲ وبركاته.


من جهته، قال رئيس مجلس النواب عبدالكريم الدغمي ان الاستقلال هو أعظم مشروع نهضوي وهو مشروع بناء دولة حديثة، وإعداد إنسان مؤهل لصنع حياة عزيزة كريمة، فالاستقلال رافعة أزاحت عتمة ليل طويل طويل، وجبالا راسيات من المعاناة، ومولد عهد جديد يؤسس لبناء صرح من العزّ وقوة الإرادة وصدق العزيمة، بناء أرسى قواعده ملوك مصْطفون من عترة آل البيت الأطهار.

وتاليا النص الكامل لكلمة رئيس مجلس النواب:

بسم ﷲ الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على النبي العربي الهاشميّ الأمين
سيدي ومولاي حضرة صاحب الجلالة الملك عبدﷲ الثاني ابن الحسين المعظم
رعاك ﷲ وحفظك وأعز ملكك يا سيدي،
سيدتي صاحبة الجلالة الملكة رانيا العبدﷲ المعظمة حفظك ﷲ
السلام عليكم ورحمة ﷲ وبركاته،،،

سلام أيها الملك الإنسان، أيها المشرق أملا وعطاء وإنجازا في زمن كلّ فيه الكبار، سلام أيها الحكيم في زمن حار فيه الحليم وغامت الرؤيا على البصير.

سلام يا سيدي وأنت تنطلق بكل شجاعة تقود عملية إصلاح شامل، في زمن أرجفت كلمة الإصلاح قلوبا، وضاقت بحروفها صدور، سلام يا واثق الخطى، وثاقب الرؤى، تسير مع شعبك لتحقيق ما يريد، وتتلمس همومه وتتحسس مواجعه، سلام وأنتّ تؤكد أن الضعيف هو القويّ عندك حتى تنصفه.

سيدي صاحب الجلالة:
لكلّ أمة أيام لها في حياة أفرادها رمزية خاصة تظلّ مكان اعتزازهم وفخرهم، كلّما طلّ فجر يوم منها لبست البلاد حللا من الابتهاج، وتضوّع عبق السعادة ليملأ الدنيا سرورا وحبورا.

ونحن في الأردن يا مولاي على موعد مع يوم يختصر تاريخا من التضحيات والبطولات، إننا على موعد مع عيد الإستقلال، فالخامس والعشرون من أيار من كل عام، مناسبة عزيزة على النفوس، إنها فكْر ومنهج في عقولنا، وحب وانتماء في وجداننا، وبناء وعطاء في حياتنا.

إن الاستقلال يا مولاي أعظم مشروع نهضوي، مشروع بناء دولة حديثة، وإعداد إنسان مؤهل لصنع حياة عزيزة كريمة، الإستقلال رافعة أزاحت عتمة ليل طويل طويل، وجبالا راسيات من المعاناة، الإستقلال مولد عهد جديد يؤسس لبناء صرح من العزّ وقوة الإرادة وصدق العزيمة بناء أرسى قواعده ملوك مصْطفون من عترة آل البيت الأطهار.

الإستقلال يا مولاي هو وجودنا الفاعل على جغرافيا الأمم وفي تاريخها، فهذه عمان منذ فجر الإستقلال الذي صنعه الملك المؤسس طيب ﷲ ثراه والشرفاء المخلصون يكبر كل يوم، فما ترجّل فارس هاشمي ليودع الأمانة إلى فارس هاشمي إلا وقد أعلى في بنيان هذا الصرّح، وها هي عمان يا مولاي في عهدكم الميمون تكبر في عيون العالم وجلالتكم المؤثر الفاعل في خلق الايجابيات في هذا العالم لخدمة الإنسانية، وها هو الأردن بيت مشورة عالمية، فكيف لا ننشد متباهين مفتخرين.

أردن بيت دهاة الغرب تقصده
وحائر الشرق من جوريه يعتصر
سداد رأيّ إذا ما الأرض داهمها
خطب يزلزل ركنيها وينفجر


صاحب الجلالة:
في هذه المناسبة يا مولاي نستذكر بالفخر والإعتزاز جهود جلالتكم للإرتقاء بالوطن وجعله في مصاف الدول المتقدمة، وهذا الأردن الذي نحتفل اليوم باستقلاله هو الأردن الذي عرفته هذه الأمة منبع العطاء وحامل رايات عزّها ومجدها، وإنّ التاريخ ليشهد على مواقفه المبدئية الثابتة نحو أمته وقضاياها، فكم قاوم يا مولاي المغريات والتحديات، وكالحات الليالي، وهوج العواصف، رغم شح الموارد والحاجة الملحة، وظلّ الوفيّ لرسالة هذه الأمة، فما وﷲ التفت يوما إلى ثمن بخس يزيل فيه عن كاهله ثقل الحمل، ولا نظر لمصلحة فيها جفاء لبني العروبة، وظلّ الشامخ كبرياء وعزا والخيرة من آل هاشم ماضون به إلى العلا.

يا صاحب الجلالة:
يحق لنا أن نفخر، وأن تشهد الدنيا أننا السعداء المسرورون الفخورون هذا اليوم، وقد تدثّرنا عبر هذه العقود الطويلة بعباءات الشموخ والكبرياء والتضحيات.

مولاي المعظم:
إن مجلس النواب يتابع جهودكم المتواصلة لرفعة هذا الوطن وعزّة أبنائه، وإن المجلس ليلتقط كل إشارة ملكية سامية بمزيد من العزيمة والإصرار على تحقيق ما تصبون إليه جلالتكم، وبالإيمان العميق بالمشاركة الفاعلة مع كل مؤسسات الدولة وفي مقدمتها السلطة التنفيذية لتحقيق رؤيتكم في إكمال منظومة الإصلاح يا مولاي.

وأرجو أن تأذن لي يا سيدي وأنا أرفع لمقامكم السامي تهاني أعضاء مجلس النواب بهذه المناسبة الغالية، أن نزجيها تحية مباركة لأولئك الذين سطروا بدمائهم الزكية صفحات المجد، فهم بحق صانعوا الإستقلال بكفاحهم ودمهم وعرقهم.

تحية يا مولاي لجيشنا العربي المصطفوي الذي وصل -بفضل رعايتكم وتوجيهاتكم- إلى أعلى المستويات تدريبا وتطويرا واستيعابا وتميزا، تحية للجيش الذي قدّم منتسبوه أروع صور الإحتراف والضبط والربط وهم يؤدون رسالتهم في خدمة الإنسانية حفظا للسلام، فكانوا رسل سلام وأياد بيضاء في كثير من بقاع العالم.

كيف لا يا مولاي وهم المزدانة جباههم بالشعار الذي يحمل الإسم الذي آثره الملك الشريف المؤسس عبدﷲ الأول طيب ﷲ ثراه واصطفاه اسما لهذا الجيش، الجيش العربي، وهم يا سيدي الذين عطروا بمسك دمائهم الزكية ثرى فلسطين في باب الواد واللطرون وجنين وغيرها دفاعا عن المقدسات وحفاظا على عروبة القدس التي تنهدون بالدفاع عنها وبإعمار مقدساتها.

وتحية ملؤها الفخر والإعتزاز لأجهزتنا الأمنية الساهرة على أمن البلاد والعباد، فبقيادتكم يا سيدي وبإخلاص النشامى، ها هو الأردن مكان إكبار دول العالم، ونقولها اليوم بكل اعتزاز ملتفين حول راية عميد آل البيت الذي نفتديه بالنفس والنفيس.

يفاخر المجد فيك الدّهر يا وطني
ومهر جودك لم تعثر به قدم
ما قيل أردن إلا هبّ سامعها
وأرسلتها عبيرا طيبا نعم
والأردنيّ إذا ما حلّ في ملأ
حلّ الندى فيهم والجدّ والشيم
وقائد الركب عبدﷲ سيدنا
سبط الهواشم خفّاق به العلم

على بركة ﷲ يا مولاي، ونحن معكم على طريق تعظيم الإنجازات سائرون نرفع معا اللبنات جنودا أوفياء لقيادتكم، وحراسا أمناء على ثغور الوطن الغالي محافظين على البيعة، بيعة حفيد آل البيت.

وكل عام يا مولاي وجلالتكم بموفور الصحة والعافية، والأردن الحبيب في ظل قيادتكم واحة الأمن والأمان، وشعبكم الوفي ينعم بالعز والرفاه.

والسلام عليكم ورحمة ﷲ وبركاته.