الملك يختتم جولة عمل أوروبية

عمان
20 تشرين الثاني/نوفمبر 2015

عاد جلالة الملك عبدالله الثاني، إلى أرض الوطن مساء اليوم الجمعة، بعد جولة عمل أوروبية شملت جمهوريتي كوسوفو والنمسا ومملكة إسبانيا.

وعقد جلالته، خلال جولة العمل، مباحثات مع زعماء هذه الدول وكبار المسؤولين فيها وفعاليات سياسية وبرلمانية واقتصادية وفكرية، لبحث آليات تعزيز علاقات الأردن مع بلدانهم في شتى الميادين، فضلاً عن بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية.

ففي العاصمة الإسبانية مدريد، التي اختتمت جلالته جولة العمل الأوروبية منها، حظيت الزيارة الملكية بترحيب كبير واهتمام رفيع المستوى، حيث كان جلالة الملك فيليب السادس ملك مملكة إسبانيا والملكة ليتيسيا في مقدمة مستقبلي جلالة الملك عبدالله الثاني وجلالة الملكة رانيا العبدالله، لدى وصولهما إلى العاصمة الإسبانية مدريد، كما أقيمت مأدبة عشاء ملكية تكريما لجلالتيهما.

وأكد جلالة الملك، خلال مباحثات مع جلالة الملك فيليب السادس، متانة العلاقات بين البلدين الصديقين، مشددا على أن "علاقتنا مع إسبانيا تاريخية وراسخة".

كما جرى، خلال المباحثات، استعراض مختلف القضايا والتحديات الإقليمية، لا سيما خطر الإرهاب وعصاباته المتطرفة، وسبل التعامل معه ضمن منهج شمولي، وبما يضمن تعزيز الأمن والاستقرار العالميين، إضافة إلى بحث آخر مستجدات الأزمة السورية، والتأكيد على ضرورة إيجاد حل سياسي شامل لها.

وأكد الزعيمان ضرورة تكثيف التعاون والتنسيق المستمر بين قيادتي وحكومتي البلدين حيال القضايا ذات الاهتمام المشترك وتطورات الأوضاع في المنطقة، إضافة إلى تعزيز التعاون الاقتصادي الثنائي.

وخلال زيارته إلى مقر شركة إيادس كاسا المتخصصة في صناعة طائرات الشحن والنقل العسكرية في مدينة خيتافي الإسبانية، اطلع جلالته على التكنولوجيا المتقدمة التي تعتمدها الشركة التابعة لشركة إيرباص، باعتبارها من أفضل الشركات المصنعة في هذا المجال عالميا.

وفي لقاء آخر استضافه الملك فيليب السادس في القصر الملكي، أكد جلالة الملك عبدالله الثاني، أمام نخبة من القيادات السياسية والفكرية والأكاديمية الإسبانية، ضرورة تكثيف الجهود المبذولة من مختلف الأطراف الإقليمية والدولية للتصدي لخطر الإرهاب والتطرف وعصاباته، كونه أصبح التحدي الأبرز والمهدد للأمن والاستقرار إقليميا وعالميا.

ولفت جلالته، خلال اللقاء الذي استعراض التحديات الراهنة في الشرق الأوسط، وآخر المستجدات في المنطقة والعالم، ورؤية جلالته حيالها، إلى أن الإدراك لحقيقة هذا التحدي يتطلب العمل والتنسيق بشمولية، بهدف دحر الأخطار التي يتسبب بها في حياة الشعوب ومستقبلها.

كما عرض جلالته، خلال اللقاء، لوسطية الإسلام وسماحته ومبادئه، التي تنتهج الاعتدال والتسامح، وتنبذ العنف والتطرف والتعصب بكل أشكاله.

وتطرق اللقاء إلى جهود تحقيق السلام بين الجانبين الفلسطيني – الإسرائيلي وفقا لحل الدولتين، إضافة إلى تطورات الأوضاع في سوريا، ونتائج الاجتماع الدولي الذي عقد حول الأزمة السورية في فيينا مؤخرا.

من جانبها، أشادت القيادات السياسية والفكرية والأكاديمية الإسبانية، خلال اللقاء، بالرؤية الحكيمة لجلالة الملك في تحليل الأحداث، وبالدور المحوري الذي تلعبه المملكة في سبيل تعزيز فرص تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة، والتصدي لخطر الإرهاب والتطرف، معربين عن إعجابهم بالتجربة الأردنية في التعامل مع أزمة اللاجئين السوريين، التي تتطلع أوروبا للاستفادة منها.

وكان جلالته بحث مع رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي آخر المستجدات الإقليمية والدولية، خصوصا الجهود المبذولة للتعامل مع خطر الإرهاب والتطرف، حيث جرى التأكيد على أن الأردن وإسبانيا يقفان معا في مواجهة هذا الخطر.

وحول العلاقات التاريخية التي تربط البلدين، بحث جلالته والمسؤول الإسباني مجالات التعاون المشترك، وأهمية الاستفادة من الفرص الاستثمارية التي يقدمها الاقتصاد الأردني لرجال الأعمال الإسبان في مختلف القطاعات، فضلاً عن آليات التنسيق بين البلدين حول مختلف القضايا، من خلال مجلس الأمن حيث تسلمت إسبانيا أخيراً الرئاسة الدورية له، وتعزيز العلاقات الثنائية عبر علاقة الأردن مع الاتحاد الأوروبي.

وفي فيينا، المحطة الثانية لزيارة العمل الملكية، التقى جلالة الملك الرئيس النمساوي هانس فيشر، وبحث معه العلاقات الأردنية النمساوية على المستويين الثنائي والدولي، وفي إطار شراكة الأردن المتقدمة مع الاتحاد الأوروبي.

وأعرب جلالة الملك عن اعتزازه بالعلاقات بين الأردن والنمسا، خصوصا وأن العام المقبل سيشهد الذكرى الستين لتأسيس العلاقات بين البلدين.

وأكد جلالته أنه "في ظل التحديات المتعددة التي نشهدها، فإننا نعيش حرباً عالمية ضد الإرهاب. إننا جميعاً نشعر بالغضب إزاء الأحداث الأخيرة في باريس، وقد بحثنا سوية وفي عدة مناسبات أهمية الاتحاد في ظل عالمية الخطر الذي نواجهه، وإيجاد نهج شمولي للتعامل معه".

بدوره، رحب الرئيس النمساوي، في كلمته بجلالة الملك، وقال "نسعد دائماً باستقبال ضيوفنا من دول أخرى، لكننا نسعد بشكل استثنائي اليوم باستقبالكم صاحب الجلالة، فأنتم صديق النمسا الدائم، وصديقي شخصيا، إذ تجمعنا الكثير من اللقاءات الدورية، وتبادل الأفكار والآراء" والتقى جلالة الملك مع المستشار النمساوي فيرنر فايمان، واستعرض معه سبل تعزيز العلاقات في مختلف المجالات، خصوصا الاقتصادية منها.

وخلال زيارة جلالة الملك إلى البرلمان النمساوي، الذي يتألف من المجلس الوطني والمجلس الاتحادي، ولقائه رئيسة البرلمان، دوريس بوريس، أكد جلالته أهمية دور المؤسسات التشريعية في الأردن والنمسا، في تعزيز علاقات التعاون بين البلدين خصوصا البرلمانية.

وبحث جلالته، مستجدات الأوضاع في الشرق الأوسط، والمساعي الدولية المبذولة للتوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية، يضمن إنهاء معاناة الشعب السوري، إضافة إلى الجهود الإقليمية والدولية في الحرب على الإرهاب.

بدورها، قدرت رئيسة المجلس الوطني النمساوي رئيسة البرلمان، جهود جلالة الملك في تعزيز أمن واستقرار الشرق الأوسط، ومساعيه لإحياء مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

وثمنت الجهود التي يبذلها الأردن، بقيادة جلالة الملك لاستضافة اللاجئين السوريين، وتقديم العون والمساعدة والخدمات الاغاثية لهم، مشددة على ضرورة دعم المجتمع الدولي، خصوصا الاتحاد الأوروبي للأردن لمساعدته في تحمل أعباء استضافتهم على أراضيه.

وفي لقاء جلالة الملك مع أعضاء ورجال أعمال في اتحاد الغرفة الاقتصادية الفيدرالية النمساوية، استعرض جلالته علاقات التعاون الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، الأردنية النمساوية، وأهمية تعزيزها بما ينعكس إيجابا على البلدين الصديقين.

واستعرض جلالته عددا من مزايا الاقتصاد الوطني، ومنها ارتباط المملكة بالعديد من اتفاقيات التجارة الحرة، داعيا جلالته المستثمرين النمساويين والأوروبيين إلى الاستفادة من الحوافز التي توفرها المملكة وإقامة صناعاتهم في الأردن، واتخاذه بوابة للوصول إلى الأسواق في دول الخليج العربي وشرق إفريقيا، وذلك لمواجهة الواقع الذي سببه الوضع في سوريا والعراق، من مشكلات في النقل، خصوصا البري.

وفي مقالة لجلالة الملك نشرت في صحيفة "دير ستاندرد" النمساوية، على هامش الزيارة الملكية إلى النمسا، قال جلالته: "نعيش اليوم لحظات وظروفا تؤكّد أهمية الشراكة بين دولنا في الجوار الأورومتوسطي، إذ تجمعنا المصالح ذاتها، ونواجه نفس التحديات. فالجرائم الإرهابية البشعة والجبانة التي ضربت باريس الاسبوع الماضي، كما ضربت عاصمتنا عمّان منذ 10 سنوات خلت، تؤكّد بكل وضوح أن هؤلاء الإرهابيين لا يستهدفون الأبرياء فقط، بل يريدون النيل من قيم العيش المشترك وجسور الثقة التي تقوم عليها أسس المنعة والازدهار في منطقتينا. لقد باتت الحرب على الإرهاب فعلاً حرباً عالمية علينا أن نتحد في خوضها".

وكان جلالة الملك عبدالله الثاني قد استهل جولة العمل الأوروبية بزيارة إلى جمهورية كوسوفو، حيث أكد جلالته ورئيستها عاطفة آغا الحرص المشترك على تعزيز أواصر التعاون والصداقة بين البلدين، وبما يسهم في إطلاق شراكات مثمرة.

كما بحث الزعيمان عددا من القضايا الإقليمية، وفي مقدمتها الحرب على الإرهاب والتنظيمات المتطرفة.

وقلدت آغا جلالة الملك وسام الاستقلال تكريما لجلالته ولدوره الكبير في تعزيز العلاقات بين البلدين، وترسيخ الأمن والسلم في الشرق الأوسط والعالم.

وفي لقاء مع رئيس وزراء كوسوفو، عيسى مصطفى، أكد جلالته أهمية توسيع آفاق العلاقات بين الأردن وكوسوفو، خصوصا في المجالات الاقتصادية، كما جرى التأكيد على ضرورة تبادل الزيارات بين رجال الأعمال في كلا البلدين، واستكشاف فرص استثمارية مشتركة.

كما زار جلالته، على هامش زيارة العمل إلى كوسوفو، المعرض الوطني الذي أنشئ عام 1979 كمؤسسة ثقافية تعنى بالأعمال التاريخية والفنية والحفاظ عليها.