الزاوية الإعلامية
أكد جلالة الملك عبدﷲ الثاني أهمية الالتزام بقيم الاحترام المتبادل والتأسيس لحوار عالمي جديد قوامه التفاهم والنوايا الطيبة.
وعبر جلالته في كلمة ألقاها في حفل الاستقبال الرسمي لقداسة البابا بندكت السادس عشر الذي جرى اليوم في مطار الملكة علياء الدولي عن الأمل بأن "نستطيع معاً توسيع الحوار الذي بدأناه، حواراً يقبل بخصوصية هوياتنا الدينية، ولا يخاف من نور الحقيقة، حواراً يعظّم قيمنا وروابطنا المشتركة".
ورحب جلالة الملك خلال الحفل الذي حضرته جلالة الملكة رانيا العبدﷲ وعدد من أصحاب السمو الأمراء والأميرات وكبار المسؤولين بزيارة قداسة البابا إلى الأردن.
وقال " إنكم تستهلون بزيارتكم لنا رحلة تاريخية في القلب من أرض الإيمان للمسيحيين والمسلمين معا ,هنا في الأردن، حيث وجد الإيمان بﷲ الواحد جذوره الأولى... هنا، بين أبناء الشعب الأردني، حيث الإيمان بﷲ في مركز الحياة ذاتها، نشرع أبوابنا لكم".
ولفت جلالته إلى أن هناك "أسسا قوية للتناغم بيننا فهناك على أحد المستويات، إنسانيتنا المشتركة التي تجمعنا في عالم مترابط" لكن جلالته أوضح أن "هناك بيننا أيضاً، نحن المؤمنين بﷲ الواحد، أساساً أكثر عمقاً للتفاهم يتمثل في الوصايا التي نصت عليها الكتب المقدسة، الإسلامية والمسيحية واليهودية".
وأعرب جلالته عن اعتزازه بأن يكون الأردن موطن رسالة عمان، التي تبيّن للإنسانية جمعاء دعوة الإسلام إلى التعاطف والرحمة والتسامح، بالإضافة إلى تأكيدها على الدور الحيوي والإيجابي للأديان في صون الكرامة الإنسانية.
وقال جلالته "يؤمن الأردنيون بأن الإيمان يقترن بالمسؤولية، مسؤولية أن نعيش بسلام وأن نرى العدالة تتحقق، ونمنح الأمل للأجيال الشابة، وهذا هو التزام بلدنا ومحور قيم مجتمعنا".
وأضاف جلالته "إن ترحيبنا بالحجيج هو تعبير عن احترامنا ومساهمتنا في تعزيز القيم الإنسانية النبيلة، وقد عملنا أيضا على تعميق التفاهم الإسلامي- المسيحي، فأطلق الأردنيون مبادرة "كلمة سواء بيننا وبينكم"، ووقع على هذه الوثيقة مفكرون وقادة مسلمون من أنحاء العالم كافة".
وأكد جلالته بأنه من خلال "التزامنا وقيمنا المشتركة، نقدم خدمة جليلة للأرض المقدسة، حيث ينبغي أن نعمل معاً على إنهاء الصراع عبر التوصل من خلال المفاوضات إلى حل سلمي، يلبي حق الفلسطينيين في الحرية والدولة، وحق الإسرائيليين في الأمن".
وشدد جلالته على أن القدس ستظل "مركز اهتمامنا جميعاً، ويعرف الأردن والكنيسة الكاثوليكية شرف مسؤولية خدمة المواقع المقدسة في القدس الشريف ورعايتها، وعلينا حماية هذه الأماكن المقدسة والحفاظ على هوية القدس، التي يجب أن تظل حرية العبادة فيها مصونة لجميع المؤمنين".
والقى قداسة البابا بندكت السادس عشر كلمة اعرب فيها عن شكره لجلالة الملك عبدﷲ الثاني على الترحيب الحار ووجه له التهانيّ الصادقة بمناسبة الذكرى العاشرة لإرتقائه العرش الهاشمي والمصادفة هذه السنة.
وقال أحيي جلالة الملك، وأرفع أسمى العواطف والتحيات لافراد العائلة المالكة وللحكومة وشعب المملكة بأسره، وأحيي الحضور الكريم فيما أباشر زيارتي الأولى للشرق الأوسط منذ انتخابي حبرا على الكرسي الرسولي، وغبطتي عظيمة أن تطأ قدماي أرض المملكة الاردنية الهاشمية، ارض غنية بتاريخها ووطن لحضارات عريقة وعديدة، أرض مشبعة بالمعاني الدينية للمسلمين والمسيحيين واليهود .
واضاف ، أوجه تحيتي إلى الأساقفة الحاضرين وبنوع خاص الأساقفة العاملين في الأردن، وأتهيأ مساء غد للصلاة في كاتدرائية القديس جاورجيس، ونهار الأحد في استاد عمان ، أيها الأساقفة الأعزاء، ومع جمع غفير من مؤمني رعاياكم وأبرشياتكم.
وقال قداسته جئت الأردن زائرا وحاجا لأكرم الأماكن المقدسة التي لعبت دورا بارزا في بعض أحداث مفصلية من تاريخ الكتاب المقدس، ،مشيرا الى ان يوحنا المعمدان في بيت عنيا عبر نهر الأردن بشر وشهد ليسوع واعتمد من يده في مياه النهر الذي أعطى اسمه لهذه الأرض.
واضاف سأزور في الأيام القادمة هذين المكانين المقدسين وسأسعد بمباركة الحجر الأول للكنيستين اللتين ستشيدان في موقع معمودية السيد المسيح ، إن إمكانية أن تبني الجماعة الكاثوليكية في الأردن صروح عبادة عامة، هو دليل احترام للديانة في البلاد، وأود التعبير عن أسمى مشاعر التقدير لهذا الانفتاح العظيم، من المؤكد أن الحرية الدينية حق إنساني أساسي، فأرجو رافعا الصلاة الحارة كي تحترم وتصان الحقوق غير القابلة للتصرف وكرامة كل رجل وإمرأة، ليس في الشرق الأوسط وحسب، بل في أنحاء العالم أجمع.
وقال قداسة البابا "زيارتي للأردن سانحة كبرى كي أعرب عن عميق احترامي للمسلمين وللإشادة بدور جلالة الملك في تعزيز وعي أفضل للقيم المعلنة في الإسلام، ومع مرور أعوام على نشر رسالة عمان ورسالة الأديان المشتركة في عمان، نستطيع القول ان هذه المبادرات النبيلة حصدت نتائج جيدة في تفضيل وتعزيز تحالف حضارات بين العالم الغربي والإسلامي، نافية بالتالي إدعاءات من يروجون لحتمية العنف والصراع، في الواقع، تحتل المملكة الأردنية الهاشمية ومنذ أمد طويل، صدارة المبادرات الطيبة الهادفة لتعزيز السلام في الشرق الأوسط وفي العالم، في تشجيعها للحوار ما بين الأديان ودعمها لمساعي إيجاد حل عادل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وفي استضافتها للعراقيين ، وفي سعيها الحثيث لكبح جماح التطرف، لا يسعني تمرير هذه المناسبة من دون التذكير بجهود المغفور له الملك الحسين بن طلال الطليعية من أجل إرساء السلام في المنطقة، إذ يبدو مناسبا جدا أن التقي في المسجد الذي يحمل أسم الملك الراحل علماء الدين المسلمين وأعضاء السلك الدبلوماسي ورؤساء الجامعات، أرجو أن يعود التزامه في حل الصراعات في المنطقة بالثمار المرجوة على جهود تعزيز سلام دائم وعدالة حقيقية لسكان الشرق الأوسط أجمعين.
أيها الأصدقاء الكرام، لقد ناقش المشاركون، في جلسات اللقاء الأول للمنتدى الكاثوليكي الإسلامي الذي انعقد الخريف الماضي في روما، الدور المحوري التي تؤديه وصية المحبة في كل من تقليدَينا الدينيين، آمل بصدق أن تساعد زيارتي هذه وكل المبادرات المنظمة لتعزيز علاقات سليمة بين المسيحيين والمسلمين، على النمو معا في المحبة لله القدير والرحيم، كما وفي المحبة الأخوية المتبادلة.
أشكركم على حفاوة استقبالكم وضيافتكم، فليمنح ﷲ جلالة الملك والملكة العمر المديد، ويبارك الأردن ويهبه ازدهارا وسلاما.