الزاوية الإعلامية
أجرى جلالة الملك عبدﷲ الثاني والرئيس التركي عبدﷲ غول مباحثات في أنقرة اليوم الثلاثاء، تناولت سبل تعزيز علاقات التعاون الثنائي، والتطورات الراهنة في المنطقة، خصوصا المستجدات على الساحة السورية، وجهود تحقيق السلام وفقا لحل الدولتين.
وأكد جلالته والرئيس غول، خلال لقاء ثنائي، حضرته جلالة الملكة رانيا العبدﷲ وعقيلة الرئيس التركي خير النساء، تبعه اجتماع موسع، على مواصلة الجهود الهادفة إلى تعزيز علاقات التعاون الثنائي في المجالات الاقتصادية، والسياحية، والطاقة، والنقل، ومشاريع البنى التحتية.
وقال جلالة الملك إن العلاقات الأردنية التركية هي نموذج للعلاقات القوية في منطقة الشرق الأوسط، والتي تتطور وتنمو خدمة للمصالح المشتركة للشعبين الشقيقين.
وبين جلالته أن هناك فرصة لتطوير التبادل التجاري، والذي وصل الى نحو 900 مليون دولار، مشيرا في هذا الصدد إلى وفد رجال الأعمال الأردني الذي يزور تركيا حاليا، والفرص المتاحة أمامه لتعميق تعاونه مع رجال الأعمال الأتراك.
وأضاف جلالته أن نموذج الاقتصادي التركي له مكانة كبيرة عالميا، ويخطو الى الأمام بنتائج ملموسة وقوية.
وهنأ الرئيس غول جلالة الملك خلال المباحثات الموسعة على نموذج الإصلاح الأردني الذي يقوده جلالته، مشيدا بالرؤية القوية لجلالته وقيادته الحكيمة للجهد الإصلاحي، وحرصه على إشراك المواطنين في صنع القرار.
وقدر الرئيس التركي عاليا الورقة النقاشية الثالثة التي كتبها جلالته، فضلا عن الورقتين النقاشيتين السابقتين، معتبرا ان هذه الأوراق مؤشر حقيقي على رؤية جلالة الملك الإصلاحية.
وقال الرئيس غول "من المهم أن يتماشى مسار الإصلاح السياسي مع الحفاظ على الاستقرار والأمن، وهذا ما تميز به النموذج الأردني"، مشيدا بنزاهة وشفافية الانتخابات البرلمانية الأردنية وحسن إدارتها وتنظيمها.
وأثنى الرئيس التركي على سياسات الأردن الاقتصادية التي بدأت بالخروج من سياسة الدعم المباشر للسلع نحو إعادة توجيه الدعم لمستحقيه وللطبقات التي تحتاجه، مؤكدا أن أحد الأسباب الرئيسية لنجاح التجربة الاقتصادية التركية قبل عقدين من الزمان هو تبني هذه السياسات من خلال توجيه الدعم للطبقات التي تستحق، وهذه أحد أهم الأسباب التي ساهمت في بناء اقتصاد تركي قوي.
وشكر الرئيس غول جلالة الملك على استضافة الأردن لوفد من كبار الإعلاميين الأتراك قبل الزيارة، والذي نتج عنه تغطية ايجابية للعلاقات بين البلدين، والفرص المتاحة لتعميق التعاون في مختلف المجالات، خصوصا الاقتصادية والثقافية.
وتناولت المباحثات الموسعة، التي حضرها كبار المسؤولين في البلدين، آليات التنسيق والتشاور حيال القضايا الإقليمية والدولية الراهنة، وفي مقدمتها الوضع المتأزم في سوريا، وجهود تحقيق السلام في الشرق الأوسط وصولا إلى حل شامل للصراع الفلسطيني – الإسرائيلي على أساس حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على التراب الوطني الفلسطيني.
وفي تصريحات للصحافيين بعد المباحثات، عبر جلالة الملك عبدﷲ الثاني عن شكره للرئيس غول والرئاسة التركية على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة.
وقال جلالته "إن مباحثاتي اليوم مع الرئيس التركي شملت مواضيع عديدة، وكانت مثمرة للغاية، حيث تأتي زيارتي الى تركيا في وقت مهم تعيشه منطقة الشرق الأوسط".
وأكد جلالة الملك أنه وبالرغم من التحديات المشتركة التي تواجه الأردن وتركيا، والتي جاءت نتيجة للتوترات والصراعات التي تشهدها المنطقة، "إلا أنه ومع هذه التحديات تأتي الفرص، وأحد أهم أهداف زيارتي الى تركيا هو تطوير العلاقات الثنائية والاستفادة من الميزات التي تجمعنا، خصوصا اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين، وكذلك التعاون المثمر والذي نعمل على تعزيزه في مجالات استراتيجية، أهمها التجارة، وقطاع تكنولوجيا المعلومات، والسياحة، والصناعة، والطاقة، والمياه".
وحول القضايا الإقليمية، أكد جلالته في تصريحاته أن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يشكل جوهر عدم الاستقرار في المنطقة، "وعلى المجتمع الدولي مضاعفة جهوده لإعادة إطلاق المفاوضات وبسرعة بين الفلسطينيين والإسرائيليين على أساس حل الدولتين، الذي يشكل السبيل الوحيد للوصول الى سلام عادل وشامل ودائم".
وعبر جلالته عن القلق العميق من التهديدات التي تواجه مدينة القدس والأماكن المقدسة فيها، مؤكدا أن الأردن سيستمر في بذل جهوده لحماية هوية المدينة المقدسة وأماكنها التاريخية الإسلامية والمسيحية، ومقدرا الدعم التركي في هذا المجال.
وقال جلالة الملك أنه جرى خلال المباحثات مناقشة الأزمة السورية، مشيرا الى الحاجة الملحة لإيجاد حل سياسي شامل لها يضع حدا لسفك الدماء، ويعيد الأمن والاستقرار الى سوريا، ويحفظ وحدتها، أرضا وشعبا.
وبين جلالته أن هذا الحل يجب أن يكون جامعا، وأن يؤدي إلى وقف جميع مظاهر الصراع الطائفي ويجنب سوريا أي انقسام، محذرا جلالته من العواقب الوخيمة لهذا الأمر على الشعب السوري والمنطقة ككل.
من جانبه، أكد الرئيس غول خلال تصريحاته للصحافيين عمق العلاقات التاريخية التي تربط الأردن وتركيا، مرحبا بجلالة الملك والوفد الأردني.
وقال إن الأردن وتركيا يحظيان بعلاقات صداقة قوية، "ونحن حريصون على تطويرها في مختلف المجالات".
وأضاف أن وفدا من رجال الإعمال الأردنيين سيلتقي على هامش زيارة جلالة الملك بنظرائهم الأتراك ما يتيح فرص تطوير التعاون بين القطاع الخاص في البلدين.
وقال الرئيس غول إن تركيا والأردن يتشاركان في تحمل تداعيات تدفق اللاجئين السوريين، حيث وصل عددهم في تركيا الى ما يزيد على 180 ألفا، بينما الرقم في الأردن أكبر من ذلك بكثير.
وحضر المباحثات الموسعة عن الجانب الأردني رئيس مجلس النواب المهندس سعد هايل السرور، ورئيس الديوان الملكي الهاشمي الدكتور فايز الطراونة، ووزير الخارجية ناصر جودة، ومدير مكتب جلالة الملك عماد فاخوري، والسفير الأردني في أنقرة أمجد العضايلة.
فيما حضرها عن الجانب التركي وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو، وعدد من كبار المسؤولين.
وجرى لجلالة الملك والملكة استقبال رسمي في باحة القصر الرئاسي، حيث عزفت الموسيقى السلامين الملكي الأردني والجمهوري التركي، وأطلقت المدفعية واحدا وعشرين طلقة، ومن ثم قام جلالته والرئيس غول باستعراض حرس الشرف الذي أصطف لتحيتهما.
يشار إلى أن آخر زيارة للرئيس التركي الى الأردن كانت في كانون الأول من العام 2009.