أكد جلالة الملك عبدالله الثاني أنه لا يمكن استقبال اللاجئين في الأردن ولا في مصر جراء الحرب على غزة، وهذا خط أحمر.
وبين جلالته في تصريحات مشتركة مع المستشار الألماني أولاف شولتس عقب لقائهما في برلين، اليوم الثلاثاء، أن ذلك توجه من عدد من الجهات لخلق واقع جديد على الأرض.
وأشار جلالة الملك بهذا الخصوص إلى أنه يتحدث بقوة ليس فقط باسم الأردن ولكن أيضا عن الأشقاء في مصر، مبينا أن هذا الوضع له أبعاد إنسانية يجب التعامل معها داخل غزة والضفة الغربية، ولا يمكن محاولة الدفع بهذا الوضع المرتبط بمستقبل الفلسطينيين على دول أخرى.
وفي رد جلالة الملك على سؤال حول المطلوب من المجتمع الدولي لاحتواء دوامة القتل والعنف في ضوء الأوضاع المأساوية، قال جلالته إننا جميعا في المجتمع الدولي ندرك أنه من المهم العمل على خفض التصعيد بأسرع وقت ممكن وحماية المدنيين الأبرياء من الجانبين.
وتابع جلالته "علينا أن نتابع ما سيحدث خلال الأسبوع القادم، وأعلم أننا جميعا نتحدث مع بعضنا البعض في مختلف دول العالم"، مشيرا إلى زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى الأردن غدا، وإلى زيارة المستشار شولتس إلى إسرائيل اليوم.
وأكد جلالة الملك أن الجميع يدرك جدية الموقف وكيف سنعمل معا لخفض التصعيد ووقف العنف وعلينا التفكير بما سيحدث بعد ذلك.
وقال جلالته "يجب أن يتوقف العنف، ولا يمكننا الاستمرار في نفس دوامة العنف كل عام".
وشدد جلالة الملك على ضرورة إيجاد أفق سياسي يجمع الفلسطينيين والإسرائيليين ويمكن العرب والإسرائيليين من العمل معا، وإلا فستستمر دوامة العنف إلى حد لا يمكننا تحمله بعد ذلك.
وأكد جلالته أن خطر توسع الحرب على غزة حقيقي، وستكون عواقب ذلك وخيمة علينا جميعا، مشددا على ضرورة بذل الجهود للتأكد من أن الأمور لن تتفاقم إلى هذا الحد.
وبين جلالة الملك أن علينا العمل معا ونحن نجتمع في هذه الأوقات الصعبة على إنهاء الوضع المأساوي والخطير للغاية في غزة.
وتابع جلالة الملك فقدنا الآلاف من أرواح المدنيين الأبرياء من الجانبين، وهؤلاء هم أبناء وبنات وأمهات وآباء وأزواج وزوجات.
ولفت جلالته إلى أن هناك المزيد من الأرواح معرضة للخطر، إذ لا يستطيع مئات الآلاف الوصول إلى الغذاء والماء والكهرباء والخدمات الأساسية الأخرى، وهذا أمر غير مقبول على جميع المستويات، قانونيا وإنسانيا.
وأكد جلالة الملك أن هذا العام يعد بالفعل الأكثر دموية بالنسبة للفلسطينيين والإسرائيليين في الذاكرة الحديثة، وسيزداد الأمر سوءا، ما لم نوقف هذه الحرب والكارثة الإنسانية التي تسببها.
وأوضح جلالته أن علينا جميعا أن نقف ضد جميع أشكال العنف، ومع ضحاياه، بغض النظر عن هويتهم أو جنسيتهم أو ديانتهم.
وشدد جلالة الملك على أن المنطقة برمتها على شفا السقوط في الهاوية التي تدفعنا إليها هذه الدوامة الجديدة من الموت والدمار.
وبين جلالته أنه يجب أن نوفر المساعدات الإنسانية على الفور، وحماية المدنيين، فالقانون الدولي الإنساني وقيمنا الإنسانية المشتركة، واضحة فيما يتعلق بالالتزام بحماية المدنيين وفي إدانة استهداف الأبرياء.
وتابع جلالة الملك "نحن ندين قتل المدنيين من كلا الجانبين، ويجب على العالم كله أن يفعل ذلك. بوصلتنا الأخلاقية يجب أن تشمل الجميع لتكون أخلاقية فعلا".
وأكد جلالته أن الطريق إلى الأمام يتطلب حلولا سياسية، وليست أمنية فقط، مشددا على أن استعادة عملية سياسية جادة قادرة على أن تقودنا إلى السلام على أساس حل الدولتين، هي السبيل الوحيد نحو مستقبل آمن للفلسطينيين والإسرائيليين، لافتا إلى أهمية ذلك للجميع في المنطقة.
وبين جلالة الملك أن التحدي أمامنا كبير، لكن إرادتنا لتحقيق ذلك يجب أن تكون ثابتة من أجل شعوبنا التي عانت ما يكفي من الحرب وما يكفي من الألم والخسارة، ومن أجل الضحايا الأبرياء الذين سقطوا وما زالوا يسقطون منذ اندلاع دوامة العنف هذه منذ أكثر من 10 أيام.
ولفت جلالته إلى دور ألمانيا الحاسم لاستقرار المنطقة، مثمنا دعمها الثابت للأردن.
وأشار جلالة الملك إلى أن العلاقات الدبلوماسية الأردنية الألمانية الممتدة عبر 70 عاما، بنيت على أساس لا يتزعزع من التعاون المثالي، مؤكدا أنه ورغم الأزمات والصراعات والتحديات الإقليمية والعالمية، إلا أن هذا التعاون يظل ثابتا.
ولفت جلالته إلى دعم ألمانيا المحوري في تعزيز جهود الأردن التنموية، مبينا الحرص على استكشاف الفرص المتاحة لتعزيز التعاون الثنائي في مجالات الطاقة والمياه والتجارة والتدريب المهني والصناعة.
وبين جلالة الملك أن البلدين يستعدان لاتخاذ خطوة كبيرة في تعزيز التعاون في مجال رأس المال البشري، بالتخطيط لإطلاق مركز أردني ألماني لتسهيل حركة العمالة من أجل تأهيل الأردنيين الباحثين عن فرص عمل بشكل أفضل.
كما ثمن جلالته الدور القيادي الذي تلعبه ألمانيا في دعم اللاجئين، مضيفا أن هذا أمر مهم بشكل خاص بالنسبة للأردن، حيث يشكل اللاجئون أكثر من ثلث سكاننا.
ولفت جلالة الملك إلى أن ألمانيا تظل رائدة في تقديم الدعم وحشده، انطلاقا من إدراكها العميق بأن الوقوف إلى جانب اللاجئين والمجتمعات المستضيفة يشكل ضرورة أخلاقية عالمية ومسؤولية مشتركة.
وأعرب المستشار الألماني أولاف شولتس عن قلقه إزاء الظروف الإنسانية ووضع المنطقة، مؤكدا استمرار بلاده بتقديم المساعدات من أجل التخفيف من معاناة المدنيين.
وأكد المستشار شولتس تأييد ألمانيا لفتح ممر إنساني لقطاع غزة، في ضوء الحاجة الماسة للمدنيين في غزة للحصول على المساعدات الإنسانية والمياه والغذاء والأدوية.
وشدد شولتس مخاطبا جلالته على أن الهدف الموحد هو تجنب نشوب حرب أوسع في المنطقة.
وعبر المستشار الألماني عن تقديره لجهود جلالة الملك في التهدئة والوساطة خلال السنوات الماضية، مضيفا "لقد كان لدوركم المرئي وغير المرئي الأثر في احتواء التصعيدات مرات عديدة".
وأكد شولتس دور جلالة الملك بما يخص القدس، وأهمية الحفاظ على الوضع القائم للأماكن المقدسة.
وثمن المستشار الألماني جهود الأردن وجلالة الملك في استقبال مئات الآلاف من اللاجئين.
وأكد شولتس التزام ألمانيا بالمزيد من الدعم للأردن بالنسبة لاستضافة اللاجئين، مضيفا "لن نتخل عنكم في هذه المهمة الصعبة ذات الأهمية البالغة".
وأعرب المستشار الألماني عن ثقته بعلاقات الشراكة الوثيقة بين الأردن وألمانيا اللذين يحتفلان بالذكرى السبعين لتأسيس العلاقات الدبلوماسية بينهما.
ولفت إلى حرص بلاده على التعاون مع المملكة بشكل وثيق في مجال التحديث، وفي مجال إجراءات الحد من تأثير التغير المناخي.
وأشاد بمستوى التعاون المشترك في مشاريع قطاعات المياه والتغير المناخي، لافتا إلى حرص بلاده على دعم قطاع التعليم في الأردن، والاستفادة من العمالة الماهرة.
وحضر اللقاء نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي، ومدير مكتب جلالة الملك، الدكتور جعفر حسان، والسفير الأردني في برلين يوسف البطاينة.
وفي إطار تعزيز الشراكة مع ألمانيا، تم على هامش الزيارة الملكية التوقيع على وثيقة إعلان مشتركة لتأطير التعاون في مجال تسهيل حركة العمالة بين البلدين، وقعتها عن الجانب الأردني وزيرة التخطيط والتعاون الدولي، وعن الجانب الألماني الوزيرة الفدرالية للتعاون الاقتصادي والتنمية.
وسينبثق عن وثيقة الإعلان مشروعان للتعاون بين الجانبين، يتضمن الأول إنشاء مركز لتسهيل حركة العمالة، فيما يتضمن الثاني تطوير المهارات والتدريب المهني.
وسيعمل مركز تسهيل حركة العمالة كنقطة تواصل لتوفير التنسيق والتشبيك بين الجهات الفاعلة في البلدين حول الإمكانيات والمتطلبات وفرص التدريب والعمل للشباب الأردنيين، بما في ذلك توفير الدورات التدريبية والمهارات اللغوية وتدريب الأيدي العاملة الماهرة في الحرف المهنية.
كما تم التوقيع على عدد من الاتفاقيات مع بنك الاعمار الألماني يتم بموجبها تقديم مساعدات تنموية من الحكومة الألمانية بقيمة 209 مليون يورو، منها منح بقيمة 129 مليون يورو وقروض ميسرة بقيمة 80 مليون يورو، لتمويل مجموعة من البرامج والمشاريع ضمن قطاع التعليم منها قرض سياسة التنمية لقطاعات التعليم والتشغيل والتدريب والمياه، بما فيها دعم مشروع الناقل الوطني للمياه، بالإضافة إلى توفير ضمانات الائتمان للقطاع الخاص، وذلك بما يتماشى مع أهداف وأولويات رؤية التحديث الاقتصادي للمملكة.