الاعمار الهاشمي يتواصل بانجاز مشروع كهف اهل الكهف

26 أيلول 2006
عمان ، الأردن

في رحاب الكهف الذي أوى اليه فتية آمنوا بربهم وزادهم هدى افتتح جلالة الملك عبدﷲ الثاني اليوم مشروع تطوير موقع "اهل الكهف" الذي احتضن احدى معجزات الخالق عز وجل التي ذكرت في محكم التنزيل.

وفي ذات المكان ـ الذي يحمل الدلالات التاريخية والعبر الدينيةـ بني مسجد جديد وزود بالقباب والمآذن واحيط بالاسوار والمرافق والاشجار في اطار خطة علمية لتنفيذ الاعمار الهاشمي لمساجد الانبياء والصحابة ومقاماتهم التي شملت حتى الان نحو 20 موقعا على امتداد المملكة.

ولان الاردن الذي وطئت اقدام رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ثراه, وكان ممر معراجه ومسراه, وتنسم عبق الشهداء الابرار وجبل ترابه باريج المجاهدين الاخيار من الصحابة الكرام وآل البيت الاطهار فان القيادة الهاشمية وانطلاقا من مسؤوليتها تجاه الدين والامة حملت على عاتقها تشييد البناء واعمار مواقعهم لتكون معالم حق, وشواهد صدق, تنطق بامجادهم وتربط احفادهم باجدادهم.

ويقع المسجد المستحدث في موقع اهل الكهف على قطعة أرض مجاورة وهو مكون من بناء بثلاثة مستويات وأعمال خارجية, إذ يشتمل على مصل للرجال وآخر للنساء وقاعات متعددة الأغراض حيث روعي عند تنفيذ مشروع التطوير الذي بلغت كلفته نحو مليون دينار المحافظة على الموقع القديم بطابعه التاريخي القديم.

ويقع كهف الرجيب ضمن مقبرة بيزنطية حفرت قبورها في منطقة أبوعلندا في سفح جبل يُفتح مدخله على قاعة مركزية تتفرع عنها ثلاثة محاريب مسقوفة بعقود في حين توجد سبعة مدافن حجرية في الكوتين الشرقية والغربية مزينة بزخارف هندسية ونباتية.

ويضم الموقع مسجدين قديمين يقع الأول فوق الكهف مباشرة فيما يقع الثاني في الساحة الأمامية للكهف الذي كشف عنه بحفريات أثرية في الموقع عام 1963.

واستهل جلالة الملك افتتاح المشروع بزيارة اضرحة اهل الكهف مثلما اطلع على العناصر التي شملها التطوير ليأمر باعتماد القاعات الملحقة بالمسجد لتكون مقراً لمعهد "الملك عبد ﷲ الثاني لاعداد وتاهيل الدعاة والوعاظ والأئمة وتدريبهم". وحسب التوجيهات الملكية فان المعهد سيعمل على بناء قيادات واعية من الدعاة لرسالة الوعظ والإرشاد كما قال وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية عبد الفتاح صلاح.

وأضاف صلاح ان المعهد سيعمد الى رفع كفاءة الدارسين العلمية والعملية، بالإضافة إلى تبصيرهم بأساليب الدعوة الرشيدة في مخاطبة الناس ومعالجة مشاكلهم.

ووفقا للوزير فان المعهد يسعى إلى تمكين الدارسين من التعرف على واقع المجتمعات المعاصرة ودور الفكر الإسلامي في معالجة القضايا العامة المتعلقة بهم عبر تنمية مهارات الدعاة في التواصل الفاعل مع المجتمع.

واستمع جلالته إلى شرح عن الأدلة الدينية والتاريخية والعلمية التي تثبت أن هذا الموقع الذي ورد ذكره في سورة الكهف الذي سمي " كهف الرقيم" وهو الاسم المذكور في القران الكريم.

وحضر الافتتاح المستشار الخاص والمبعوث الشخصي لجلالة الملك سمو الأمير غازي بن محمد وسمو الأمير رعد بن زيد كبير الأمناء رئيس اللجنة الملكية للاعمار الهاشمي ورئيس الديوان الملكي الهاشمي سالم الترك ومدير مكتب جلالته الدكتور باسم عوض ﷲ.

وقدم إمام المسجد محمد عبد ربه الحنيطي إيجازا امام جلالته حول أهم المؤشرات التي تدلل على أن هذا الكهف هو المكان الذي لجأ إليه الفتية المؤمنون، مستشهدا بالدلائل القرآنية والنبوية وما ورد في كتب العلماء المسلمين.

وقال إن "ﷲ عزوجل ذكر في كتابه أصحاب الكهف والرقيم وهذه المنطقة تسمى الرقيم".

وأضاف الحنيطي أن "كتب العلماء المسلمين والمعلومات الواردة فيها أشارت إلى أن منطقة الرقيم تقع بالقرب من عمان وعلى تخوم البادية"..مشيرا الى ما ورد في كتاب فتوح الشام للامام الواقدي من ان مجموعة من الصحابة خرجوا الى اليرموك وتوقفوا قرب مكان فيه عين ماء وهو كهف اهل الكهف الموجود في الموقع ثم توجهوا الى بلدة الجنان قرب عمان.

ولفت الى ما ورد في كتاب الاصطخري المتوفى سنة 347 للهجرة من ان مدينة الرقيم قرب عمان في منطقة البلقاء على تخوم البادية الاردنية بيوتها منحوتة في الصخر كانها حجر واحد, واستشهد ايضا بالدليل التاريخي الثالث وما ورد على لسان اسامة بن منقذ احد امراء صلاح الدين الايوبي الذي يؤكد ان موقع الرقيم قرب عمان..موضحا ان هناك دلائل قرآنية تؤكد ان موقع الرقيم هوالموقع الذي نقف فيه.

وحول قصة اهل الكهف التي ذكرها القرآن الكريم وتفاصيل قصة أولئك الفتية متربطة بزمان غير محدد في قرية مشركة انذاك ضل ملكها وأهلها عن الطريق المستقيم، وعبدوا مع ﷲ مالا يضرهم ولا ينفعهم, عبدوها من غير أي دليل ومع ذلك كانوا يدافعون عن هذه الآلهة المزعومة، ولا يرضون أن يمسها أحد بسوء ويؤذون كل من يكفر بها ولا يعبدها.

في هذه المجتمع الفاسد، ظهرت مجموعة من الشباب العقلاء ثلة قليلة حكّمت عقلها ورفضت السجود لغير خالقها ﷲ الذي بيده كل شيء. فتية، آمنوا بﷲ، فثبتهم وزاد في هداهم. وألهمهم طريق الرشاد.

لم يكن هؤلاء الفتية أنبياء ولم يتوجب عليهم تحمل ما يتحمله الرسل في دعوة أقواهم إنما كانوا أصحاب إيمان راسخ، فأنكروا على قومهم شركهم بﷲ، وطلبوا منهم إقامة الحجة على وجود آلهة غير ﷲ, ثم قرروا النجاة بدينهم وبأنفسهم بالهجرة من القرية لمكان آمن يعبدون ﷲ فيه. فالقرية فاسدة، وأهلها ضالون.

وعزم الفتية على الخروج من القرية، والتوجه لكهف مهجور ليكون ملاذا لهم, خرجوا ومعهم كلبهم من المدينة ، للكهف الضيق. تركوا وراءهم منازلهم المريحة، ليسكنوا كهفا موحشا.

استلقى الفتية في الكهف، وجلس كلبهم على باب الكهف يحرسه, وهنا حدثت معجزة من ﷲ اذ نام الفتية ثلاثمائة وتسع سنوات.

وخلال هذه المدة، كانت الشمس تشرق عن يمين كهفهم وتغرب عن شماله، فلا تصيبهم أشعتها في أول ولا آخر النهار, وكانوا يتقلبون أثناء نومهم، حتى لا تهترئ أجاسدهم. فكان الناظر إليهم يحس بالرعب لأنهم نائمون ولكنهم كالمستيقظين من كثرة تقلّبهم.

بعد ذلك بعثهم ﷲ مرة أخرى اسيتقظوا من سباتهم الطويل، لكنهم لم يدركوا كم مضى عليهم من الوقت في نومهم. وكانت آثار النوم الطويل بادية عليهم. فتساءلوا: كم لبثنا؟! فأجاب بعضهم: لبثنا يوما أو بعض يوم. لكنهم تجاوزوا بسرعة مرحلة الدهشة، فمدة النوم غير مهمة, المهم أنهم استيقظوا وعليهم أن يتدبروا أمورهم.

فأخرجوا النقود التي كانت معهم، ثم طلبوا من أحدهم أن يذهب خلسة للمدينة، وأن يشتري طعاما طيبا بهذه النقود، ثم يعود إليهم برفق حتى لا يشعر به أحد. فربما يعاقبهم جنود الملك أو الظلمة من أهل القرية إن علموا بأمرهم قد يخيرونهم بين العودة للشرك، أو الرجم حتى الموت.

خرج الرجل المؤمن متوجها للقرية، إلا أنها لم تكن كعهده بها, لقد تغيرت الأماكن والوجوه, تغيّرت البضائع والنقود, استغرب كيف يحدث كل هذا في يوم وليلة, وبالطبع، لم يكن عسيرا على أهل القرية أن يميزوا دهشة هذا الرجل, ولم يكن صعبا عليهم معرفة أنه غريب، من ثيابه التي يلبسها ونقوده التي يحملها.

لقد آمن اهل المدينة التي خرج منها الفتية، وهلك الملك الظالم، وجاء مكانه رجل صالح, وفرح الناس بهؤلاء الفتية المؤمنين.

إذ كانوا أول من يؤمن من هذه القرية حيث هاجروا من قريتهم لكيلا يفتنوا في دينهم وهاهم قد عادوا, فمن حق أهل القرية الفرح. وذهبوا لرؤيتهم.

وبعد أن ثبتت المعجزة .. معجزة احياء الأموات وبعدما استيقنت قلوب أهل القرية قدرة ﷲ سبحانه وتعالى على بعث من يموت، برؤية مثال واقعي ملموس أمامهم أخذ ﷲ أرواح الفتية. فلكل نفس أجل، ولا بد لها أن تموت. فاختلف أهل القرية فمنهم من دعا لإقامة بنيان على كهفهم، ومنهم من طالب ببناء مسجد، وغلبت الفئة الثانية.