رسالة جلالة الملك عبدالله الثاني بمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني
بسم الله الرحمن الرحيم
سعادة السيد عبدالسلام ديالو،
رئيس لجنة الحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،
فيسرنا بمناسبة يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني، أن نجدد خالص الشكر وبالغ التقدير، لكم وإلى جميع أعضاء لجنتكم الموقرة، على الجهود الموصولة والحثيثة التي تبذلونها في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني الشقيق غير القابلة للتصرف، وفي مقدمتها الحق في تقرير مصيره، وتلبية تطلعاته المشروعة في إقامة دولته المستقلة ذات السيادة والقابلة للحياة على التراب الوطني الفلسطيني.
لقد كان للجهود المخلصة والمشكورة التي بذلتها لجنتكم، وما تزال، دوراً حيوياً في الإبقاء على القضية الفلسطينية فاعلةً على الساحة الدولية وتسليط الضوء عليها، ما ساهم في حشد الدعم الدولي للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، ولفت أنظار العالم أجمع إلى ما يعانيه هذا الشعب الشقيق من أوضاعٍ صعبة تتنافى مع قيم العدالة والكرامة وأبسط حقوق الإنسان، جراء استمرار إسرائيل باحتلالها وممارساتها الظالمة.
إن ما يواجهه الشعب الفلسطيني من ظروف معيشية صعبة وإجراءات تعسفية ينتهجها الاحتلال الإسرائيلي، أدت إلى ازدياد معاناته وفاقمت من حجم الظلم والاضطهاد الذي وقع عليه، دون مراعاةٍ لقرارات مجلس حقوق الأنسان والمواثيق الدولية في هذا الصدد، ما يتطلب تحركا دوليا إيجابيا ينهي المأساة التي يواجهها إخواننا وأخواتنا الفلسطينيون.
وفي الوقت الذي نشهد فيه تحركا ايجابيا أدى إلى استئناف المفاوضات المباشرة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي برعاية ودعم أمريكي، وصولا إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة والقابلة للحياة، على خطوط الرابع من حزيران عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وفق المرجعيات المعتمدة ومبادرة السلام العربية، والتي تلبي تطلعات وآمال الشعب الفلسطيني المشروعة في الحرية والاستقلال، فإننا نعبر عن قلقنا من أن تؤدي الإجراءات الإسرائيلية أحادية الجانب المخالفة للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، وفي مقدمتها مواصلة سياسة الاستيطان، وتلك التي تهدف إلى تغيير هوية القدس وتهدد الأماكن المقدسة فيها، إلى تقويض الجهود المبذولة لتحقيق السلام. وعليه، فلا بد للمجتمع الدولي من التحرك الفوري لحمل إسرائيل على وقف هذه الإجراءات الباطلة، والمرفوضة جملة وتفصيلا.
ونعيد التأكيد في هذه المناسبة على أن حل الدولتين، والذي يحظى بإجماع عربي ودولي، يشكل الأساس لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، كما أنه المدخل لتحقيق السلام الشامل في منطقة الشرق الأوسط، وعلى المجتمع الدولي تحمل مسؤوليته أيضا في حث جميع الأطراف على التمسك بهذا الحل واستثمار المفاوضات الحالية لمعالجة مختلف قضايا الوضع النهائي، قبل أن يخسر الجميع هذه الفرصة.
لقد بذلنا خلال السنوات الماضية كل ما في وسعنا من أجل دفع عملية السلام، والتوصل إلى حلول جذرية وعملية وواقعية لهذا الصراع، ونعمل حاليا وبالتعاون مع جميع الأطراف المعنية، على توفير الظروف المناسبة وتذليل العقبات أمام الفلسطينيين والإسرائيليين، كي يستمروا في المفاوضات المباشرة والجادة التي تناقش قضايا الوضع النهائي، وفي مقدمتها الحدود والقدس واللاجئين والأمن والمياه.
وسيواصل الأردن، وبالتنسيق مع السلطة الوطنية الفلسطينية، بذل مختلف الجهود وبكل الوسائل والسبل المتاحة لرعاية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف، والحفاظ على عروبتها ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، ودعم وتثبيت سكانها من مسلمين ومسيحيين وتعزيز وجودهم في مدينتهم، وسيعمل كذلك على حث المجتمع الدولي للنهوض بمسؤولياته في وقف جميع الإجراءات والانتهاكات الإسرائيلية التعسفية والخطيرة في المدينة المقدسة، خصوصا تلك التي تستهدف المسجد الأقصى المبارك ومحيطه، والتي سيؤدي استمرارها حتما إلى إفشال مساعي السلام.
كما أن الأردن والعالمين العربي والإسلامي يجددون التزامهم بتحقيق السلام الشامل والعادل الذي يعيد الحقوق إلى أصحابها، ودعوتهم لإنهاء الصراع على أساس مفاوضات جادة تستند إلى المرجعيات المعتمدة، خصوصا مبادرة السلام العربية، وفق جدول زمني محدد، وبما يضمن الوصول إلى تسوية تحمي حقوق الشعب الفلسطيني الشقيق وتعترف بحقه في إقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني، وما يستدعيه ذلك من أن تتحرك إسرائيل بجدية نحو السلام.
وإننا إذ نبارك للجنتكم الموقرة مساعيها الموصولة، ونؤكد دعمنا الكامل لكم في كل ما من شأنه إعادة الحقوق إلى أصحابها الشرعيين وحشد الدعم الدولي لقضيتهم العادلة، لندعوكم لمواصلة هذه الجهود الخيرة وصولاً إلى الأهداف النبيلة التي ننشدها جميعا، لتنعم منطقتنا وشعوبها بالسلام والأمن والاستقرار.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
عبدالله الثاني ابن الحسين
ملك المملكة الأردنية الهاشمية
صاحب الوصاية وخادم الأماكن المقدسة في القدس