رسالة جلالة الملك عبدالله الثاني بمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني

من الملك عبد الله الثاني ملك الأردن
03 تشرين الثاني/نوفمبر 1999

بسم الله الرحمن الرحيم

سعادة السيد إبرا ديغينا كا الأكرم
رئيس اللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني
لحقوقه غير القابلة للتصرف

أبعث إليكم بأطيب التحيات وصادق التمنيات بالسعادة والتوفيق وبعد،

فيسرني أن أعرب لكم عن بالغ الشكر وعميق التقدير والامتنان على الجهود المخلصة التي تقومون بها من خلال لجنتكم الكريمة، في دعم ومؤازرة الشعب الفلسطيني الشقيق، تلك الجهود التي كانت عبر السنوات الماضية ركيزة أساسية في أعمال لجنتكم الموقرة من أجل نصرة هذا الشعب، والدفاع عن قضيته العادلة.

لقد كان الأردن بحكم موقعه وللصلات الوثيقة التي تربطه بالشعب الفلسطيني، الأقرب دائما إلى قضية هذا الشعب ومعاناته، والمناصر لعدالتها منذ أن اقتلع وشرد من أرضه، ولغاية اليوم. حيث نبذل أقصى الجهود والإمكانات عبر الطرق السلمية، لدفع مسيرة السلام والوصول بها إلى الغايات النبيلة التي قامت من أجلها، وهي إعادة الأرض – كل الأرض– مقابل السلام الشامل والعادل والدائم، الذي ترضى به شعوب المنطقة أجمع، ومن بينها الشعب الفلسطيني، الذي سينهي معاناة هذا الشعب ومحنته الإنسانية الكبيرة.

لقد آمن الأردن في كل مراحل الصراع العربي الإسرائيلي، ألا مناص من الاعتراف بالحقوق الفلسطينية المغتصبة وإعادتها إلى أصحابها الشرعيين، وهي الحقوق التي أقرتها قرارات ومواثيق الشرعية الدولية، ولهذا انصبت جهودنا عبر مختلف المحافل الدولية، لإيجاد الصيغة المثلى التي تكفل استعادة ما اغتصب من حقوق، وإنهاء هذه المأساة وما ترتب عليها.

وأما الآن وقد أثمرت الجهود التي بذلت من قبل جميع الأطراف في بناء السلام، الذي بدأنا نلمس بعض آثاره اليوم، وأصبحت عملية السلام التي انطلقت من مدريد في بداية هذا العقد، تدعمها إرادة المجتمع الدولي، رغم ما أحاط بها من أخطار وشكوك بين الفينة والأخرى، واقعا ملموسا لا يمكن لأحد إنكاره، فإننا سنعمل بكل إمكانياتنا وطاقاتنا من أجل استمرار هذه العملية، والوصل بها إلى غاياتها وأهدافها، وهي عودة الأراضي المحتلة إلى أصحابها الشرعيين.

إن وقوفنا إلى جانب الشعب الفلسطيني، في يوم التضامن مع هذا الشعب، ولفت الأنظار إلى المعاناة التي يعيشها بسبب الاحتلال، لا يقتصر على أولئك الصامدين المرابطين على الأرض الفلسطينية التي ما تزال محتلة لغاية الآن، تنتظر الأمل والرجاء، بل لا بد من توجيه الأنظار إلى أولئك الملايين من فلسطينيي الشتات، الذين هجروا من بيوتهم، وشردوا من أراضيهم قسرا.

وعلى هذا الأساس، فلا بد من وقفة دولية حاسمة، تضمن حق هؤلاء في العودة والتعويض عما لحق بهم من معاناة وتشريد عبر سنوات الاحتلال.

إننا إذ نقدر للجنتكم المحترمة مؤازرة الشعب الفلسطيني ودعم كفاحه من أجل نيل حقوقه المشروعة على ترابه الوطني، لنود أن نؤكد لكم أن السلام والاستقرار لن يجدا لهما ديمومة، ما لم تعالج أسباب الصراع من مختلف جوانبه، وما لم تحل القضية الفلسطينية حلا عادلا، وذلك بالالتزام بالاتفاقيات الموقعة، والإسراع بتطبيقها تطبيقا أمينا، واضطلاع المجتمع الدولي بمسؤولياته تجاه الشعب الفلسطيني، من خلال مساهمته في عملية البناء والتنمية التي يحتاجها لبناء دولته المستقلة، وتحقيق الرخاء والازدهار الذي يتطلع إليه.

مع خالص الشكر والتقدير والثناء لكم، وتمنياتنا لجهودكم الموصولة بالتوفيق والنجاح.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
عبدالله الثاني ابن الحسين