رسالة جلالة الملك عبدالله الثاني الى طلبة المدارس بمناسبة العام الدراسي 2011 - 2012
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على النبي العربي الهاشمي الأمين،
إلى أبنائنا وبناتنا طلبة العلم، وبناة الأردن الجديد، وإلى معلمي ومعلمات أجيال الحاضر والمستقبل، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وكل عام ومسيرتكم الدراسية ومشوار عطائكم مقرون بالخير والتميز.
في هذا اليوم الأغرّ من مسيرة الوطن، ونحن على أبواب مئوية التحرر والبناء والإنجاز، نستذكر الركن الأهم والحاضر دائما في معادلتنا الوطنية وهو الإنسان الأردني: الطالب والطالبة، والعسكر والعمال والمزارعين، والمعلم والمعلمة، الإنسان الأردني الذي وضع الوطن على خريطة الإنجاز العالمية والإقليمية، والذي يتحدى كل يوم الطبيعة والموارد والظروف الصعبة، ليثبت أن الأردن هو الأقوى في العلم والمعرفة والإبداع والإنجاز.
أيها الأعزاء جميعا،
أنتم في القلب من حاضر الأردن، وأنتم بناة مستقبله وحراسه. وفي هذا اليوم الذي تنطلقون فيه إلى سنة دراسية أخرى من العلم والإنجاز، نستحضر مسيرة التعليم، روادها، وبناة مدارسها، وناسجي راياتها. والأردن الذي بدأ مشوار استقلاله بعدد محدود من المدارس والمعلمين والمعلمات يحتضن اليوم ستة الاف مدرسة، ومليون وسبعمائة ألف طالب وطالبة. ولم يكن الإنجاز كميا فقط، بل قبلنا التحدي النوعي عبر التصميم على تعميم برنامج رياض الأطفال، وتحديث البنية التحتية للمدارس والفكرية للمناهج، وعملنا لتجاوز حالة المباني المدرسية المستأجرة والعاملة بفترتين، وتحديث المناهج وإدخال اللغات والعلوم التقنية التطبيقية في سن مبكّرة، وكنا في هذا كله أهل تسامح معرفي، وانفتاح إنساني، وإصرار على الاكتشاف والمغامرة والإبداع.
أما المعلم والمعلمة، فهما جوهر العملية التربوية، ودعمنا لهم، وسعينا الدائم لأجل تمكينهم معيشيا واقتصاديا ومهنيا ينبع من إيمان راسخ بأننا نستثمر في حاضرنا ونبني مستقبلنا. وموقفنا الداعم لتوجه معلمي الوطن لتأسيس نقابتهم هو الشاهد على احترامنا ومؤازرتنا لهم في ترجمة إرادتهم الحرة بالتجمع والتنظيم المهني والنقابي الوطني البناء، حتى شكلوا حالة وطنية تقدمية، كان لها إضاءة مشرقة على نهج الأردن الدستوري في تكريس الحقوق النقابية والعمالية. فنحن فخورون وداعمون لغيرة المعلمين على مهنتهم وحرصهم على إطلاق بيت الخبرة الخاص بمهمتهم الإنسانية النبيلة.
ويحضرنا في هذا المقام، دور المدارس والمعلمين والمعلمات والطلبة في بناء الشخصية الأردنية الإيجابية، وتدعيم الهوية الوطنية الجامعة، وصيانة النسيج الاجتماعي الوحدوي العروبي، وذلك بأن تكون المدارس منابر وطنية للعقل، وفضاء رحبا لممارسة الثقافة الديمقراطية، وللتربية الوطنية، وذلك عبر إطلاق حالة من الحوار وتشجيع مهاراته، وقبول الآخر والتنوع وتفهم الاختلاف، والحث على التفكير النقدي المبدع والحرّ، حتى تنشأ أجيال لا تستكين للواقع، ولا ترضى بالممكن والمتاح، بل تسعى دائما نحو الأفضل.
ولابد هنا من تسجيل التقدير والعرفان الوطني لمؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص، التي تبذل بكرم وطني واع باتجاه إصلاح البنية التحتية للمؤسسات التعليمية، وتمكين المعلمين والمعلمات، وابتعاث الطلبة. وهذا الشكل من الشراكات الوطنية الإستراتيجية دلالة على الفهم العميق بأن الأثر الإيجابي للاستثمار في الإنسان الأردني سيعم جميع القطاعات الإنتاجية الوطنية، وسينعكس على جميع مناحي الحياة.
وفي الختام، نوجه التحية إلى الآباء والأمهات، ونجدد فخرنا بكم، طلابا وطالبات علم تكدون على مقاعد الدرس لأجل وطن عزيز منيع، وأحييكم ومعلمين ومعلمات نأمنهم على رأسمالنا الوطني الأغلى، ونسير وإياهم نحو أردن جديد، يُعزز بناؤه بكم وبفكركم وبتفانيكم. فكل عام وأنتم بخير، ومسيرتكم التعليمية والتربوية في تقدم وازدهار.
وفقنا الله جميعا إلى ما فيه خير وطننا وشعبنا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
عبدالله الثاني ابن الحسين
عمان في 4 أيلول 2011 ميلادية
الموافق 6 شوال 1432 هجرية