رسالة جلالة الملك عبدالله الثاني إلى عمال الوطن في مختلف مواقعهم بمناسبة اليوم العالمي للعمال

From King Abdallah II of Jordan
30 نيسان/أبريل 2007

بسم الله الرحمن الرحيم

سعادة الأخ مازن المعايطة حفظه الله
رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،

فيسرني أن أبعث إليكم وإلى الإخوة والأخوات عمال الوطن العزيز بأطيب التمنيات وأجمل التهاني بمناسبة عيد العمال عيد الإنتاج والعطاء والإخلاص.

يا عمال الوطن الأعزاء..

تكتسب قيم العمل ومعانيه السامية، في وطننا معاني ودلالات أعمق وأكثر إلحاحا في هذا الوقت أكثر من أي وقت كان، ذلك أننا قطعنا شوطا مهما في مسيرة التنمية المستدامة والنهوض الوطني.

وهذه المناسبة تدعونا للوقوف على بعض القضايا المرتبطة بواقع العمل والعمال في الأردن الغالي، فالعمل المهني والتقني مازالا يعانيان من ضغوطات اجتماعية وثقافية تعكر مسيرة تطورهما، وتبطّىء من مسيرة تقدمنا الاقتصادي الشامل، ولذلك فنحن بحاجة لترسيخ ثقافة عمالية جديدة تؤسس لقيم احترام العمل لجوهره وأهمية إنجازه وعوائده.

وحتى نصل إلى مرحلة من الوعي والرقي العمالي نحترم فيها العمل لذاته وليس لعنوانه، فلا بد أن تضاعف النقابات العمالية من جهدها بالتعاون مع نقابات أصحاب العمل لبناء علاقة تشاركية لتطوير القدرات المهنية للعمال الأردنيين ليكونوا قادرين على اغتنام الفرص التي يوفرها سوق العمل الأردني نتيجة تدفق الاستثمارات نحو بلدنا وبخاصة في القطاعات الخدمية والإنشائية والسياحية والفندقة.

كما أن هذه المهمة تتطلب بالإضافة إلى التعاون بينكم وبين نقابات أصحاب العمل والقطاع الخاص رفد مؤسسة التدريب المهني والمؤسسات والمشاريع التدريبية الأخرى بالكفاءات والخبرات الفنية والميدانية لتخرج أجيالا من العمالة الماهرة والمدربة والمؤهلة القادرة على تنويع أوجه اقتصادنا الوطني وإثرائه.

وبالتوازي مع التأهيل التطبيقي والفني للعمالة الأردنية لا بد من عملية تثقيف عمالي مناظرة تسلح العمالة الأردنية بالثقافة الحقوقية السليمة الناظمة لروابط العمل وعلاقات الإنتاج.

وفي هذه المناسبة أود الإشارة إلى ظاهرة مقلقة وغريبة عن قيمنا وتقاليدنا الأردنية والعربية والإسلامية الأصيلة، المتمثلة في غياب احترام العامل والعمل التي بدأت تتسلل أخيرا إلى بعض مؤسساتنا الإنتاجية.. إذ لمسنا بعض التجاوزات على احترام العمال وحقوقهم المكفولة نظريا وعمليا في منظومة تشريعاتنا العمالية والمدنية..وهو أمر يستدعي من الاتحاد العام لنقابات العمال في الأردن التصدي لهذه الظاهرة بالأساليب الديمقراطية والقانونية والحضارية التي من شأنها الحفاظ على حقوق العمال وحماية مكتسباتهم وصون إنجازاتهم المهنية التي تراكمت على مدى السنوات الطويلة الماضية.

وإنني لآمل أن تنجح جهودكم في منع تطور هذه الظاهرة لكي لا تصبح مأخذا على الأردن وأرباب العمل فيه، لا سمح الله، فيفقد اقتصادنا جاذبيته التي جهدنا على مدار السنوات الماضية لترسيخها سمة ناصعة في صفحة الأردن العزيز.

وإنه لمن دواعي الفخر والاعتزاز أننا في الأردن نطبق قانونا للعمل يعد من أكثر القوانين العمالية توازنا في نسج وصياغة وتنظيم العلاقات بين أطراف الإنتاج الثلاثة..كما أنه من أكثر القوانين انفتاحا على التشريعات والقوانين والمواثيق الدولية بشأن العمال وحقوق الإنسان وصون كرامته.

وقد احتلت مسألة توفير الحماية القانونية والمجتمعية للعمال، أيا كانت جنسيتهم، في هذا القانون مساحة واسعة كان تنفيذها ومازال من قبل أطراف الإنتاج الثلاثة: العمال وأصحاب العمل والقطاع الخاص والجهات الرسمية سببا في جني النفع لاقتصادنا الوطني ومسيرتنا التنموية.

وأود بمناسبة عيد العمال أن أوجه القطاع الخاص إلى حقيقة جوهرية، وهي أن العامل يعطي دون توقف ويبدع دون حدود عندما تصان حقوقه واحتياجاته وبخاصة من قبل أرباب العمل..فتوفير جو من الاستقرار الوظيفي له، وبيئة العمل السليمة والآمنة، وفرصة العمل اللائقة، ستجعله أكثر التصاقا بعمله وبمصالح هذا العمل من خلال زيادة الإنتاجية والعطاء. وأملنا أن تبقى أطراف الإنتاج الثلاثة ملتزمة بهذا النهج وأن تعمل على تطبيق مواده على أولئك الراغبين في حرف مسيرة العمل والإنتاج والحريات العمالية والنقابية عن خطها.

وفي الختام نجدد التهنئة لعمال الوطن البناة وللاتحاد العام لنقابات العمال، ونثمن جهودكم الموصولة في رعاية العمال وصون حقوقهم والمحافظة عليها.

وكل عام وأنتم بخير.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

أخوكم
عبدالله الثاني ابن الحسين