رسالة جلالة الملك عبدالله الثاني إلى شباب الأردن بمناسبة اليوم العالمي للشباب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخوة والأخوات أسرة تحرير صحيفة الرأي الأعزاء.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،
فقد انصب حرصنا دوما على محاورة الشباب والتوجه إليهم لكي نستلهم من عزمهم ومن طموحهم المتوثب، ما يحفزنا كلنا في الأردن العزيز، في سبيل أن نقدم لهم، شبابا وشابات، سبل الإنجاز والنجاح والاستعداد للمستقبل الواعد.
وعلى هذا الأساس، فقد وددت بمناسبة اليوم العالمي للشباب ومن خلال ملحق "شباب الرأي"، أن أخاطب شباب الوطن وشاباته، بشكل خاص ومباشر لأجدد اليقين والأمل بهم وأقول لهم: أنتم الفرسان الحاملون لرسالة الأردن، والساعون بإذن الله وتوفيقه إلى تقدمه وازدهاره.
أنتم يا شبابنا الأردني تواجهون مسؤوليات وتحديات من نوع خاص، فأنتم ابتداءا القطاع الأوسع في المجتمع، وأنتم ثانيا من سيعيش ومن سيجني عوائد العملية التنموية التي يمر بها الأردن اليوم، التي نأمل ونعمل لتكون مخرجاتها إيجابية بعون الله تعالى.
ولأن حِملكم أيها الشباب كبير ومسؤولياتكم عظيمة، بقدر ما هي إرادتكم وطموحاتكم، فأنتم مطالبون بأن تكونوا على قدر هذه المسؤولية، وجديرين بهذا الحمل، لأن مستقبل الأردن أمانة نودعكم إياها ولأن غد الأردن هو اليوم، وشباب الأردن هم غد الوطن وآفاقه الرحبة.
لذا، لن نتخلى عن دورنا التنويري، لدعم الشباب والحرص على تزويدكم بأدوات المعرفة ومهارات التميز كافة، حتى تنالوا طموحاتكم وتتحقق طموحات الوطن العزيز.
أنتم أيها الشباب مسؤولون عن دوركم بوصفكم قوة مجتمعية حاضرة وفاعلة، تترك بصمتها في حركة المجتمع وتوجهاته. فلا نريد للشباب أن يكون مسلوب الرأي -لا سمح الله-، أو عديم الاكتراث بالتطورات المختلفة من حوله، أو عديم الوعي بخطورة التحديات الإقليمية التي تحيط بنا، كما لا نريد للشباب أن يكون محصور الأفق الاقتصادي، أو متمنعا عن المبادرة والبذل والعطاء والعمل.
من هنا، وفي إطار هذا الحرص على دور شبابي فاعل ومؤثر، وتحقيقا لمبدأ راسخ طالما سعينا إليه، ألا وهو كسر حلقة الجمود وعدم المبادرة لتحفيز الشباب ولتفعيل دوره، جاءت مبادرة "شباب كلنا الأردن" وهي خطوة أولى على طريق التغيير والتحديث الذي يقوده فرسان الوطن.
وقد أتت هذه المبادرة تلبية لرغبات وتطلعات الشباب الأردني، وهي الآن ملكهم وهي أيضا مشروعهم ولم تعد مجرد مبادرة لفظية أو إعلان نوايا، بل هي حقيقة ملموسة وجدت لتوفر للشباب الأردني الأرضية الثابتة والإطار الأوسع للتلاقي والحوار، ولإعادة الثقة بالعمل الشبابي المؤسسي الراشد والمسؤول والهادف إلى مصلحة الوطن عبر مراكمة الخبرات وصقلها.
إننا نطمح واثقين لأن تنضج هذه المبادرة ويتفرع عنها إنجازات أخرى تقود إلى صناعة قيادات شبابية وطنية ناضجة وقادرة على اخذ زمام المبادرة فعليا ليتأكد للشباب دورهم السياسي والمجتمعي والاقتصادي الجدير بمكانتهم وعددهم ولكي يثبتوا جدارتهم وأهليتهم وأحقيتهم في المشاركة بكل ما في معنى المشاركة من أبعاد وقيم.
نجدد اليوم التزامنا بدعمنا غير المحدود لشباب الأردن، أمل الوطن ومستقبله، ونقول لهم: يا شباب الأردن الغالي، إننا من خلفكم ننصركم لان نصرنا بكم ونحثكم على الإخلاص في العمل والعطاء الصادق وغير المشروط للوطن. ونحثكم على السعي لترسيخ ثقافة شبابية وطنية خالصة ترتكز على جوهر مبادىء الثورة العربية الكبرى التي صنعها الهاشميون وخلفهم شبيبة العرب مطلع القرن الماضي ونقول لكم أيضا أننا ما زلنا نواجه التحديات ذاتها، كما نحفزكم على أن تؤسسوا التراث الشبابي لتتناقله أجيال الشباب ويلتحم فيها كل الأردنيين والأردنيات في سبيل ممارسة مواطنتهم وامتياز انتمائهم إلى الأردن الغالي.
إن هويتنا الوطنية الجامعة، التي كانت وستبقى عصب الدولة وعصبتها، بحاجة إلى شباب أردني متقد وملتزم بالوطن يجدد حيوية الدولة واندفاعها ويؤمن بهدف سام هو نهضة الأردن ورفعته ويرى في نفسه الشريك المسؤول والقادر وفي عمله واندفاعه الطريق لتحقيق ذلك.
أيها الشباب الأردني الأبي، نود أن يكون هذا اليوم العالمي يومكم أيضا، كي يكون فعلا علامة فارقة في نضج الوعي والنهوض لحمل المسؤولية. وكل في موقعه مطالب بالتغيير والإصلاح الذي يعزز قيم الانتماء للأردن وشعبه، لأن الإصلاح هو رغبة الفرد قبل أن يصبح مزاج المجتمع، وهو سنة الحياة المتلهفة إلى الإنجاز والتغيير الايجابي.
فلتجعلوا جامعاتنا منارات علم وحاضنات وعي واحترام للتنوع وقبول الآخر ورفض الانغلاق. ولتجعلوا إعلامنا عين الأردنيين على الحقيقة وسلطة السؤال لمصلحة الوطن أولا ودائما. ولتجعلوا مؤسساتنا العامة والخاصة كلها قصص نجاح وتميز ولتجعلوا قواتنا المسلحة الباسلة درع الوطن وسياجه المنيع.
يا شباب الأردن الغالي. اعلموا أن مستقبل الوطن بين أيديكم وأنكم من ابرز صناعه. وأنتم نعم من يحمل هذه المسؤولية. وامضوا في مسيرة البناء والتحديث والازدهار. فالأردن كل الأردن من خلفكم يعضدكم في كل خطوة من خطواتكم؛ بارككم الله عز وجل.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عبد الله الثاني ابن الحسين