رسالة جلالة الملك عبدالله الثاني إلى رئيس وأعضاء مجلس أمناء صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية بإعادة تشكيل مجلس أمناء الصندوق
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ عمر الرزاز، رئيس مجلس أمناء صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية،
أعضاء مجلس الأمناء،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
فيطيب لي أن أخاطبكم في هذه المرحلة من مسيرة هذه المؤسسة الوطنية الرائدة، والتي تمثل انطلاقة متجددة نحو العشرية الثانية من رحلة عطاء الصندوق، مستذكرين بكل تقدير واعتزاز الجهود التي بذلها جميع من تولى رئاسة وإدارة صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، منذ إنشائه في عام 2001 وساهموا في إعداد وتنفيذ رؤاه ومشاريعه في مجلس الأمناء وفي فريق العمل المميز للصندوق.
لقد حقق الصندوق خلال الأعوام الماضية العديد من الإنجازات، التي ساهمت بدورها في ترجمة بعض جوانب رؤيتنا الساعية لإحداث تنمية اقتصادية واجتماعية شاملة، تستفيد منها فئات واسعة ومتنوعة من أبناء وبنات وطننا الغالي. كما أنجز الصندوق العديد من المبادرات والمشاريع على امتداد محافظات الوطن، فكان له بذلك مساهمة ملموسة في تحسين مستوى معيشة فئات اجتماعية متعددة، ووفر فرص عمل متنوعة للعديد من شبابنا في مجالات جديدة، تقوم على التميز والإبداع والابتكار.
ومع توليكم موقع المسؤولية اليوم، فإنني أحثكم، في مجلس الأمناء وفريق العمل، على التعاون مع جميع مؤسساتنا الوطنية لمراكمة الإنجاز وتحقيق التطلعات لتمكين شرائح أوسع من أبناء وبنات وطننا العزيز في مختلف المجالات والقطاعات من خلال إطلاق مبادرات نوعية في مجال التدريب والتأهيل والتعليم والإبداع والريادة، للمساهمة الفاعلة في توفير فرص عمل إنتاجيه مستدامة من شأنها تحسين مستوى معيشة المستفيدين وتمكينهم بالمهارات الضرورية، وهذا يتطلب الحرص على العمل بمنهجية ومؤسسية تواكب متطلبات المرحلة القادمة عبر تقوية وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص ومؤسسات المجتمع المدني الأخرى، وبلورة وتنفيذ برامج مكمّلة للمبادرات الوطنية الفاعلة.
إن فئة الشباب كانت على الدوام في صميم أولويات برامج الصندوق ومبادراته، ويزيد من أهمية هذا التوجه طبيعة المرحلة التي يمر بها مجتمعنا، والتي تتطلب تكثيف الجهود الاقتصادية والاجتماعية الهادفة إلى تمكين فئات الشباب على تنوعها. وعليه، فإن على الصندوق الاستمرار في تحمل مسؤوليته الوطنية الرائدة في رعاية ودعم الشباب، فهم قادة المستقبل وبناة الغد، والأردن الجديد الذي ننشد يرتكز على دور الشباب ومشاركتهم. ومن هذا المنطلق، فإنني أوجهكم إلى ضرورة التركيز على مسارين أساسيين في برامجكم الشبابية: مسار اقتصادي وتمكيني، يتمثل في استمرار وتطوير أدوات دعم الصندوق للإبداع والتميز والريادة من خلال برامج دعم أبنائنا وبناتنا الرياديين في مختلف المجالات، وتوفير شراكات بين مختلف القطاعات تكون حاضنة لإبداعاتهم. أما المسار الثاني فهو مسار اجتماعي توعوي يتمثل في بلورة وتنفيذ مبادرات وبرامج تكرس الثقافة الديمقراطية، والمشاركة السياسية، وأخلاقيات الحوار الهادف، وثقافة العمل التطوعي والمسؤولية الاجتماعية، بهدف الارتقاء بشكل المشاركة الشبابية في مختلف جوانب الحياة العامة.
وفي ضوء ما أوضحت من أولويات وشخصت من ميادين عمل، تبرز أهمية إعداد الصندوق لإستراتيجية متكاملة تتضمن خطة وآليات تعبر عن رؤية الصندوق للعشرية الثانية من مسيرته، وترتقي بمستوى برامجه وفقا لأفضل أسس الحاكمية الرشيدة، وتضمن توسيع وتنويع الفئات الاجتماعية المستفيدة من برامج الصندوق، وتحرص على التواصل المستمر مع أبناء المجتمعات المحلية ليكونوا شركاء حقيقيين في العملية التنموية، وقادرين على استيعاب متطلبات ومتغيرات المرحلة القادمة، ومسلحين بأدوات التعامل مع مختلف التحديات، والقيام بالدور المؤمل منهم بكل كفاءة وإيجابية تحقيقا لمصلحة الوطن وخير المواطن.
وإنني على ثقة بأنكم على قدر المسؤولية في ترجمة هذه التطلعات التي ستساهم في جهود تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة. ولكم مني كل الدعم والمساندة، سائلا المولى عز وجل أن يوفقكم جميعا في خدمة أردننا العزيز لإعلاء بنائه وتعظيم إنجازاته.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
عبدالله الثاني ابن الحسين