رسالة جلالة الملك عبدالله الثاني إلى رئيس الوزراء نادر الذهبي بمناسبة اليوم العالمي للحريات الصحفية
بسم الله الرحمن الرحيم
عزيزنا دولة الأخ نادر الذهبي حفظه الله
رئيس الوزراء الأفخم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،
فيسرنا أن نبعث إليك ولزملائك الوزراء بأطيب التحيات، والأمنيات بدوام التوفيق والنجاح.
ففي اليوم الثالث من كل أياّر يحتفل العالم بيوم الحريات الصحفية، وقد رأيت في هذه المناسبة فرصةً طيبة لمخاطبة الجهات المعنية بالعمل الإعلامي كافة، وإعادة التأكيد على محاور رؤيتنا الداعمة لحرية الإعلام والصحافة.
وأبدأ بالتذكير بالارتباط التاريخي والوثيق بين نشأة الأردن حمى عربيا أصيلا وموئلا لأحرار العرب، ودوره في رعاية أصحاب الكلمة الحقة والرأي الصواب واحتضانهم. فالأردن وبحكم ما انبنى عليه من أصالة وقيم نبيلة، سيبقى منذوراً وملتزماً بحماية الحريات ليكون واحتها، وصيانة الكلمة الصادقة ليبقى بستانها. وهنا نؤكد حرصنا على أن يبقى فضاء الحرية المسؤولة للصحافة بلا سقف، لتمكينها وتعزيز دورها في التعبير عن ضمير الوطن وطموحات بناته وأبنائه، في إطار يستند إلى الدقة والموضوعية والمهنية العالية.
وفي ظل هذه العلاقة الأصيلة بين النشأة واحترام الحرية والكلمة، نقدر جهود الحكومة الموصولة لصون الحريات الإعلامية والصحفية، وتعزيز مسيرتها تجذيراً لثقافة التعددية وتكريساً لنهج الديمقراطية في الأردن.
وسيبقى الإعلام راسخاً في نظرنا سلطة رابعة تتوخى الوقوف على ذات المسافة من جميع المؤسسات والأفراد، وتكشف الحقيقة، وتحذّر من الخطأ، وتشير إلى الصواب، وتجترح الأصوب، وتحرص على مصالح الوطن، فتنبري للدفاع عن حقوق الأردن والأردنيين، وتضع مصلحتهم أولاً ودائماً فوق كل المصالح وقبل جميع الاعتبارات.
فهذا هو الدور الوطني والحيوي المشرّف الذي تقوم به مؤسساتنا الإعلامية الوطنية، ونحث العاملين في المجال الإعلامي في هذا اليوم على الاستمرار ضمن هذه الخطى وإبداع الجديد وتعميم المفيد، داعمين لدورهم الوطني والمسؤول.
ونؤكد مجدداً أن دور الإعلام الوطني وصيانة حرياته محفوظ في مملكتنا، وهو مرتبط بحدود حرية الرأي الآخر، والالتزام بقواعد الأخلاق والمهنة، والتسامي عن أساليب اغتيال الشخصية، والترفع عن التجريح، والتمسك بالموضوعية والشفافية، ونبذ كل ما من شأنه المساس بوحدتنا الوطنية.
ويبقى القول، أن ثقتنا في احترام مجتمعنا الأردني للحريات الإعلامية قوية وراسخة، ونأمل أن يقود ما نشهده من حراك مجتمعي من قبل المؤسسات الإعلامية إلى آراء قانونية عصرية وحكيمة تعيد رسم الفواصل بين الصواب والخطأ على أسس الموضوعية والمهنية والأخلاق.
ولا بد أن يرافق هذا الحراك مبادرات مجتمعية وحكومية تساهم فيها جميع الأطراف المعنية بالحريات والعمل الإعلامي من أجل اقتراح نصوص قانونية تكمّل وتثري المنظومة التشريعية القائمة، فتتعزز حماية الإعلاميين وحريات الرأي، بالتوازي مع تثبيت الاحترام للحقوق والحرمات الشخصية والاعتبارية، فتأتي الضوابط وفقاً لأحدث الممارسات والاتجاهات العالمية الموثوقة وأعدلها.
ونعيد التأكيد في هذا اليوم على ما ذهبنا إليه سابقاً من رفضٍ لمصادرة حرية الإعلاميين بسبب خلافٍ في الرأي على قضية عامة، طالما نأى هذا الرأي عن الاعتداء على حقوق الناس أو حرياتهم أو أعراضهم أو كراماتهم.
وفقنا الله عز وجل لخدمة شعبنا العزيز وتحقيق ما يرنو إليه من رفعة وتقدّم ونماء.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
عبدالله الثاني ابن الحسين