رسالة جلالة الملك عبدالله الثاني إلى رئيس الوزراء معروف البخيت حول ملتقى كلنا الأردن

From King Abdallah II of Jordan
05 آب/أغسطس 2006

بسم الله الرحمن الرحيم

دولة الأخ الدكتور معروف البخيت حفظه الله،
رئيس الوزراء الأفخم،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،

فيسرني أن أبعث إليك وإلى زملائك السادة الوزراء بأطيب التحيات وخالص التمنيات بالسعادة والتوفيق.

أما وقد اختتمت أعمال "ملتقى كلنا الأردن"، الذي جسد تلاحم الأردنيين وتكاتفهم وتصميمهم على المضي قدما في مسيرة البناء والإنجاز، برغم كل التحديات التي تواجه وطننا العزيز والمنطقة بشكل عام، فإنني أؤكد اعتزازي وتقديري لجهود كل الأخوات والأخوة الذين شاركوا في هذا الملتقى، على عطائهم المتميز وحرصهم على نجاح أعماله، وعلى النهج المسؤول الذي ساد أجواء هذا الملتقى، الذي تجلى فيه حرص الأردنيين على العمل بروح الفريق الواحد يحدوهم رفعة الأردن الغالي، وصون أمنه واستقراره وازدهاره.

ولقد شكل التوافق على وثيقة "كلنا الأردن" برنامج عمل تناط مسؤولية تنفيذه بالحكومة ومجلس الأمة والجهاز القضائي والإعلام والنقابات والأحزاب والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني كافة، للبناء على ما حققه الأردن على مدار السنوات الماضية من إنجازات، التي هي موضع اعتزاز لكل الأردنيين، مثلما هي حافز للاستمرار على هذا النهج وزيادة وتيرة الإنجاز.

وإن ما تم الاتفاق عليه في الملتقى هو برنامج عمل يتطلب منا جميعا العمل بكل الإمكانيات والطاقات، لترجمته إلى واقع ملموس. وهذا يتطلب من الحكومة إعداد خطط تنفيذية وبرامج زمنية لتنفيذ السياسات والبرامج الصادرة عن الملتقى كافة، وإعداد مشاريع القوانين التي تم تأكيد أهميتها، وبما ينسجم مع الثوابت الرئيسية التي تم التوافق عليها بهذا الخصوص.

واستجابة لتوصية المشاركين، فقد قررنا تأسيس هيئة "كلنا الأردن" لتكون هيئة ملكية استشارية تشكل حلقة للتواصل مع شرائح المجتمع كافة، وتقوم بوضع آلية ملائمة لمتابعة عملية التنفيذ وإرساء المعايير والمقاييس للإنجاز، وبالإضافة إلى ذلك ستعمل الهيئة الاستشارية على الإشراف على عقد ملتقى "كلنا الأردن" دوريا للبناء على الإنجاز، وإرساء دعائم الأردن النموذج القادر على مواجهة تحديات الحاضر والمستقبل.

دولة الأخ،

لقد كان الأردن، وبعون الله سيبقى، عربي الهوى والانتماء وصاحب رسالة وشرعية تاريخية ودينية، نتشرف بحمل أمانتها والدفاع عنها، ولن نسمح لأي كان أن يعيق مسيرة هذا البلد، الذي تأسس على قيم التسامح والاعتدال، وبني على نهج الهاشميين في العدالة والمساواة والتعددية واحترام الرأي والرأي الآخر، التي جعلت الأردن موئلا لأحرار العرب، وقبلة للشرفاء الذين يتوقون إلى الأمن والحرية والاستقرار والهاربين من جحيم الحروب والفتن.

وعلى هذا الأساس، فإن علينا أن نعمل بكل طاقاتنا للحفاظ على منعة الأردن وتلاحم أبنائه وتكاتفهم، لأن الأردن المنيع، هو السند الحقيقي لأمته، الذي يعمل من أجلها، ويسعى لخدمة قضاياها العادلة، وفي مقدمتها دعم إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على التراب الفلسطيني ومساندة وحدة واستقرار وسيادة العراق، ووقف نزيف الدم في لبنان، ودعم حق شعبه في استعادة أمنه واستقراره.

لقد رسّخ ملتقى "كلنا الأردن" مبدأ مشاركة مختلف الأطياف السياسية والاقتصادية وفعاليات المجتمع كافة، في رسم السياسات والاستراتيجيات وتحديد الأولويات وتعميق ثقافة الحوار لبناء جسور الثقة بين أجهزة الدولة، وإنني لعلى ثقة بأن هذه الهيئة الملكية الاستشارية ستساعد على مأسسة هذا النهج ليكون "كلنا الأردن" هو النواة لتحول الفكر الوطني الصرف إلى ممارسة وإلى إصلاح عيني يكون له المقياس للأداء والمواطنة، يعمل فيه الجميع ويسعون بروح الفريق الواحد للنهوض بمسيرتنا الوطنية، فنحن كلنا شركاء في المسؤولية، ونحن "كلنا الأردن".

حفظ الله الأردن، وطنا أردنيا هاشميا عربيا، وأبقاه حرا عزيزا منيعا كريما.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أخوكم
عبد الله الثاني ابن الحسين