رسالة جلالة الملك عبدالله الثاني إلى رئيس الوزراء معروف البخيت حول إجراءات الحكومة للتخفيف على المواطنين بسبب ارتفاع أسعار المحروقات

From King Abdallah II of Jordan
13 نيسان/أبريل 2006

بسم الله الرحمن الرحيم

دولة الأخ الدكتور معروف البخيت حفظه الله
رئيس الوزراء الأفخم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،

فيسرني أن أبعث إليك وزملائك الوزراء بأطيب تحياتي وأمنياتي بالتوفيق، وان أعرب عن اعتزازي بجهودكم الخيرة في خدمة الأردن العزيز، وعن ثقتي بحرصكم على النهوض بأمانة المسؤولية بإخلاص وانتماء.

وقد كان قرار الحكومة بتخفيض الدعم عن المشتقات النفطية من القرارات الصعبة المؤلمة، لأنه يزيد في معاناة المواطن، ويرتب عليه التزامات يصعب عليه تحملها.

وأنا أدرك حجم المعاناة التي يعيشها أبناء شعبنا العزيز، وبخاصة تلك الشرائح من الفقراء وذوي الدخل المحدود، الذين أتلمس حاجاتهم ومعاناتهم يوما بيوم، وأنني إذ أعرب عن اعتزازي بكل مواطن ومواطنة في هذا البلد الخيّر المعطاء، وشكري وتقديري لتفهمهم للظروف الصعبة التي يمر بها الوطن، التي لم تترك للحكومة أي خيار آخر، غير اتخاذ القرار بتخفيض الدعم عن المشتقات النفطية، بعد الارتفاع الهائل في أسعار النفط عالميا. فأنني في الوقت نفسه أؤكد لهم أنه لو كان هناك أي خيار آخر أقل ضررا على المدى القريب أو البعيد لما أقدمت الحكومة على هذا القرار، ولكن للضرورة أحكامها، وتجرع الدواء المرّ أهون من استفحال المرض.

وإذا كنا، يا دولة الأخ، ندرك حجم معاناة المواطن، وصعوبة الظروف المعيشية، التي تثقل كاهله، فلا بد إذن من البحث عن وسائل أخرى، للتخفيف من هذه المعاناة، ومساعدة المواطن على مواجهة هذه الظروف الصعبة. وفي هذا الإطار لابد من اتخاذ قرارات تحقق هذه الغاية، وفي مقدمتها إعادة النظر في موضوع الضرائب ووضع آلية جديدة تحقق العدالة، بحيث يتحمل ذوو الدخول المرتفعة العبء الأكبر من هذا الواجب الوطني ونخفف العبء عن ذوي الدخل المحدود، ونمنع التهرب الضريبي ونرفع كفاءة التحصيل، بما لا يؤثر سلبا على الاستثمار.

كما أن توسيع شبكة الأمان الاجتماعي تستدعي وجود هيئة للتكافل الاجتماعي، تضع الاستراتيجية الشاملة والخطط والبرامج وآلية التنسيق بين صناديق التنمية والعون الاجتماعي والإنساني، منعا للتضارب وتبديد الموارد والإمكانات، والازدواجية في عمل هذه الصناديق، وتعميما لخدماتها على مستحقيها في سائر أرجاء الوطن، بما في ذلك منح المواطنين من ذوي الدخل المحدود قروضا ميسرة طويلة الأجل تمكنهم من إنجاز مشاريع تنموية منتجة. وإني لآمل أن تفرغ الحكومة من إنجاز هيكلة هذه الهيئة وآلية عملها وتنظيمها بنهاية النصف الأول من الشهر القادم.

أما المبادرة التي أطلقتُها ورعيتها بنفسي لنوفر المسكن المناسب للفقراء وذوي الدخل المحدود، فإن الحكومة مدعوة إلى الإسراع في تنفيذها على أرض الواقع، وتوسيع شريحة المستفيدين منها لتصل هذا العام إلى ألفي أسرة أردنية، ممن هي بحاجة إلى المساعدة والدعم للحصول على المسكن المناسب.

وعلى صعيد آخر، لا بد للحكومة من الإسراع في البحث عن مصادر أخرى للطاقة غير المشتقات النفطية المستوردة، وفي مقدمة ذلك إنجاز مشروع الصخر الزيتي، وأية مصادر أخرى للطاقة.

ومرة أخرى، يا دولة الأخ، أؤكد اعتزازي بكل مواطن ومواطنة في الأردن العزيز، وتقديري لتفهمهم وتحملهم لهذه الظروف الصعبة، وأنني لن أترك وسيلة، يمكن أن تخفف من معاناتهم، أو ترتقي بمستوى معيشتهم إلا عملت بها، بمنتهى الإصرار والمثابرة.

والله سبحانه وتعالى يوفقنا جميعا لخدمة شعبنا وأردننا العزيز.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
عبد الله الثاني ابن الحسين