رسالة جلالة الملك عبدالله الثاني إلى رئيس الوزراء علي أبو الراغب فيما يرتبط بشؤون الأسرة

From King Abdallah II of Jordan
10 كانون الثاني/يناير 2001

بسم الله الرحمن الرحيم

دولة الأخ علي أبو الراغب حفظه الله
رئيس وزرائنا الأفخم

فيسرني أن أبعث إليك وزملائك الوزراء بعاطر التحية والتقدير، وأنتم تواصلون عملكم بكل ثقة واقتدار، وتفاؤل بالمستقبل المشرق الواعد بإذن الله.

أما بعد، فقد شهد العقدان الأخيران من القرن العشرين تطورا ملموسا في توجيه الاهتمام نحو المواطن الأردني والأسرة الأردنية باعتبارها الخلية الأساسية في المجتمع، وخاصة في مواجهة التحديات الجديدة التي فرضتها التطورات المتسارعة وانعكاساتها المتمثلة بشكل خاص بالتغيرات في العلاقات الاجتماعية والاقتصادية، وقد امتد هذا الاهتمام ليشمل الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية، وشاركت في هذه الجهود جهات حكومية عديدة وكذلك جهات أهلية، كما أسهم فيها بمبادرات طيبة القطاع الخاص.

وفي إطار هذه الجهود تشكلت وتأسست فرق ولجان وطنية وأهلية لتفعيل الاهتمام بالأسرة بوصفها نواة للمجتمع وأساسا لاستقراره وأمنه، منها ما تعلق بالسكان ومنها ما اختص بالطفل أو بالمرأة أو الشباب أو كبار السن أو بحقوق الإنسان أو العلوم والتكنولوجيا والمعلوماتية وغير ذلك من الصيغ التي وجهت اهتمامها إلى جانب أو آخر مما يمس الأسرة.

واستنادا إلى أحكام دستور المملكة الأردنية الهاشمية الذي لا يميز بين الأردنيين في الحقوق والواجبات، فهم أمام القانون سواء، كما أن حقهم في الطمأنينة وتكافؤ الفرص وفي التعليم والعمل ضمن حدود الإمكانيات مكفول لكل الأردنيين. واسترشادا بالميثاق الوطني الأردني الذي عزز هذه الحقوق ووجه اهتماما خاصا للأسرة. وحيث أن الأردن وهو في الألفية الجديدة يواجه تحديات فرضتها المتغيرات الدولية والإقليمية والوطنية مما يستلزم المزيد من تنسيق الجهود وتكامل الأدوار وتعزيز الشراكة فيما بين مختلف القطاعات لمواجهة هذه التحديات وتوفير إطار عملي فعال لحماية الأسرة وتحقيق أمانها واستقرارها.

فقد ارتأى أن يصار إلى صياغة مرجعية قانونية لوضع إطار مؤسسي واحد تنطوي تحته جميع المؤسسات والجهات الحكومية والأهلية المعنية بشؤون الأسرة، بحيث تعمل هذه المرجعية لتكون إطارا لتحقيق الشراكة التي تعتمد على ربط الصلات بين مختلف الأطراف المعنية بالأسرة، حكومية وأهلية وقطاعا خاصا، وهي صيغة تسعى إلى تقديم صورة الدولة الراعية لا المسيطرة أو المهيمنة، مرجعية لا تخلّ بمبادىء الحرية والانفتاح واحترام استقلالية المؤسسات الحكومية والأهلية والخاصة، وبنفس الوقت تتيح الفرصة للتنسيق والتعاون والتكامل بين جهود مختلف الأطراف الموجهة للأسرة باعتبارها اللبنة الأساسية للمجتمع. مرجعية تستهدف تفعيل الأدوار والاستفادة القصوى من الصيغ المؤسسية القائمة وأبرزها اللجان والفرق الوطنية التي تتجه نحو الطفل أو الشباب أو منع الإساءة إلى المرأة والطفل أو حقوق المرأة أو مكافحة الفقر نحو تحقيق التنمية الشاملة المستدامة وغير ذلك.

لقد أبرزت الممارسات أهمية التناول الشمولي لشؤون الأسرة حماية لتماسكها وحفاظا على دورها وأمنها وأهمية التركيز على مدخل متكامل متعدد الأبعاد لتحقيق الهدف المنشود، مدخل يأخذ بالاعتبار الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

وعليه أرجو أن تتخذوا الإجراءات اللازمة لتحقيق هذه الهدف بالسرعة الممكنة.

وأسأل المولى عز وجل أن يوفقنا جميعا لما فيه الخير لوطننا وأمتنا.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عبدالله الثاني ابن الحسين