رسالة جلالة الملك عبدالله الثاني إلى رئيس الوزراء عبدالله النسور يوعز فيها بتشكيل لجنة وطنية لتنمية الموارد البشرية
بسم الله الرحمن الرحيم
دولة الأخ الدكتور عبدالله النسور، حفظه الله،
رئيس الوزراء
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فيطيب لنا أن نبعث إليك وإلى زملائك الوزراء، بخالص التحيات والأمنيات بالتوفيق، متمنين لكم مزيداً من النجاح في تحقيق ما نتطلع إليه من إنجازات، تسهم في رفعة الوطن وتعزز مسيرة التقدم والتطور والتحديث.
إن إيماننا بأن الإنسان الأردني هو الهدف الأساس لمسيرتنا التنموية هو إيمان راسخ وثابت ومطلق، وحرصنا منصب دوما على أهمية الاستثمار بالإنسان، تعليماً وتدريباً وتأهيلاً، بهدف إعداد جيل من الشباب القادر على التفكير المستنير والتحليل والإبداع والتميز، والمدرك لحقوقه وواجباته، والحريص على المشاركة الإيجابية والمثمرة، في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وبما يسهم في تعزيز مسيرة البناء والعمل.
إننا نؤكد بأن تطوير منظومة متكاملة للتعليم، يستوجب التنفيذ العملي للخطط والبرامج، وسرعة الإنجاز، ومواكبة أحدث المعايير الدولية، إضافة إلى تكاملية جهود تنمية القوى البشرية، وفق إطار عمل واحد، يضمن ترابط البرامج المختلفة وتشابك الأهداف، حيث أن التنسيق الكافي ما بين مؤسسات التعليم وبرامجها، والتركيز على جانب التعليم المهني والتقني، ورفع سوية الجامعات ستؤدي جميعها إلى تعزيز مخرجات وجودة وكفاءة التعليم.
ومن هنا، فإن الحاجة أضحت ملحّة لتطوير منظومة متكاملة واستراتيجية شاملة وواضحة المعالم لتنمية الموارد البشرية، تؤطر عمل القطاعات المعنية بالتعليم، وتنسجم مع مخرجات الرؤية الإقتصادية للسنوات العشر القادمة (2015-2025)، والخطة التنفيذية للاستراتيجية الوطنية للتشغيل، والبناء على الجهود والدراسات السابقة، وصولاً إلى تنمية بشرية تمكننا من بناء قدرات أجيال الحاضر والمستقبل، وتسليحهم بأفضل أدوات العلم والمعرفة، وبما يحفز ويشجع على التميز والإبداع، ليكون شبابنا مؤهلين وقادرين على المنافسة بكفاءة عالية، ليس على مستوى الوطن فحسب، بل على المستوى الإقليمي والدولي.
ويحتاج كل ذلك إلى تضافر جهود جميع المؤسسات والجهات ذات العلاقة بما فيها القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني، لتطوير هذا القطاع الحيوي والأهم بالنسبة لمستقبل الأردن، ليفتح آفاق الفرص أمام الشباب الأردني، ويطلق إمكاناتهم وقدراتهم.
وعليه، فقد إرتأينا أن تقوموا بتشكيل لجنة وطنية لتنمية الموارد البشرية، مناط بها العمل على تنفيذ الأمور التالية:
- إعداد استراتيجية وطنية ينبثق عنها خطة تنفيذية للأعوام العشرة القادمة تعنى بتطوير قطاعات التعليم الأساسي والتعليم العالي والتعليم التقني والتدريب المهني تحقيقاً لنقلة نوعية في قطاع التنمية البشرية، وتحديد مجموعة من السياسات الإصلاحية، التي من شأنها أن تدعم عملية التحديث والتطوير.
- الإعداد والتحضير لعقد مؤتمر وطني جامع، يتم خلاله إقرار استراتيجية تنمية الموارد البشرية ابتداءً من مرحلة الطفولة المبكرة، وصولاً إلى سوق العمل، وفق برامج وخطط قابلة للتطبيق، ومؤشرات قياس واضحة، وتحديد أولويات الإصلاح، وخيارات التمويل المتاحة وخطوات تطوير آليات سوق العمل، تمهيداً لإقرارها من قبل مجلس الوزراء، لتصبح نهجاً ثابتاً وراسخاً للحكومات المتعاقبة.
- متابعة تنفيذ وتقدم سير العمل في الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية، لضمان تحقيق مستوى متقدم ونوعي لأهداف هذه الاستراتيجية.
وستحظى أعمال هذه اللجنة بمتابعتنا المستمرة وبدعمنا الموصول، ونتطلع إلى أن تقوم الحكومة بمؤسساتها جميعا بتسخير كل الجهود لتنفيذ البرامج المنبثقة عن الاستراتيجية، وتمكين هذه اللجنة من القيام بالمهام والواجبات المنوطة بها، لتحقيق نتائج ملموسة على أرض الواقع، تنعكس إيجابا على مسيرة التنمية والتطوير التي نصبو إليها جميعا، خدمة للوطن والمواطن.
سائلين الله العلي القدير أن يوفقنا جميعا لتحقيق تطلعات شعبنا الوفي وبناء الأردن الغالي، وأن يأخذ بأيديكم ويكلّل أعمالكم بالتوفيق والنجاح لإنجاز هذه المهمة الجليلة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
عبدالله الثاني ابن الحسين