رسالة جلالة الملك عبدالله الثاني إلى اللواء مازن القاضي بمناسبة تعيينه مديرا للأمن العام
بسم الله الرحمن الرحيم
عطوفة الأخ اللواء مازن القاضي حفظه الله
مدير الأمن العام.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،
فيسرنا أن نبعث إليك بتحية ملؤها المودة والتقدير والاحترام، وأن نبعث لنشامى الوطن في جهاز الأمن العام العيون الساهرة على أمن الوطن والمواطن بأصدق مشاعر الفخر والاعتزاز.
لقد كنا على الدوام من أشد الحريصين والمعتزين بالمفهوم الوطني المشرق "الشرطة في خدمة الشعب"، الذي يرسخ وظيفة ومسؤولية جهاز الأمن العام الباسل في ثقافتنا الوطنية خير ترسيخ.
واليوم، إذ تنهض بأمانة المسؤولية في إدارة وقيادة جهاز الأمن العام، لتنضم إلى كوكبة من رجالات الوطن وحماته ممن قادوا هذا الجهاز، وممن نعتز بمسيرتهم العطرة وإنجازاتهم الراسخة، نوجهك إلى المحافظة على سمو رسالة هذه المؤسسة، التي تتجلى في خدمة الشعب وحماية الوطن وصون مكتسباته.
ولا بد في هذا المقام من إعادة التأكيد أن مهمة رجال الأمن العام الرئيسية هي توفير أقصى درجات الأمان للمواطن وإشاعة روح الطمأنينة بين المواطنين، وهذا لا يتأتى إلا بتوطيد العلاقة بين رجل الأمن والمواطن.
وكما نعلم أن المحافظة على هيبة الأمن واحترام القانون تتطلب الشدة والحزم، فإننا ندرك أن هذه الشدة لا تكون إلا بالحق وأن هذا الحزم لا يحتمل الغلظة..كما أننا على قناعة بأن تعامل رجال الأمن مع المواطنين يجب أن يكون بأسلوب حضاري ونهج إنساني، وعلى أسس مطلقة من العدالة والمساواة، دون التفرقة بين مواطن وآخر.
ولأن مهام الحفاظ على الأمن العام تتطلب تواصلا دائما ومباشرا مع مختلف أفراد شعبنا العزيز، فإن التعامل الإنساني متطلب أساسي في شخصية رجل الأمن، كما أن صقل هذه الشخصية وتطويرها مهمة أساسية ودائمة في إدارة جهاز الأمن العام للوصول بأفراده إلى أعلى مراتب الحرفية والشفافية والحضارية في الأداء.
ويعول عليك بشكل رئيسي خلال إدارتك وقيادتك لهذا الجهاز وفريقه في متابعة برامج التطوير والتحديث الإداري والفني والبناء عليها، بالإضافة إلى وضع وتطبيق خطط واضحة لإصلاح السجون ومراكز التأهيل، بحيث نحافظ على حقوق نزلاء مراكز الإصلاح ونوفر لهم كامل الرعاية، ملتزمين بتشريعاتنا الوطنية والمواثيق الدولية الحامية لحقوق الإنسان، واضعين نصب أعيننا تحقيق هدف هذه المؤسسات في الإصلاح وإعادة التأهيل وليس مجرد العقاب.
كما نذكّر مجددا بأن أساس العلاقة بين المواطن ورجل الأمن هي الاحترام المتبادل، والحرص المتبادل على صيانة الحقوق وحماية المنجزات، ولن نرضى أن تشوه أسس هذه العلاقة عبر ممارسات فردية وتجاوزات معزولة لا تعكس رسالة جهاز الأمن العام ولا أخلاقيات منتسبيه.
ونؤكد هنا رفضنا القاطع لأساليب الردع غير القانونية كافة، واعتماد أساليب الردع والزجر التي تخولها القوانين للأجهزة الأمنية حماية للصالح العام، ومحافظة على القانون، وهذا الأمر يتطلب بدوره توعية وتثقيف منتسبي الأمن العام لترسيخ التزام مؤسساتنا الأمنية بحقوق الإنسان.
ولأن أمن الوطن وسلامة المواطن يتصدران سلم أولوياتنا، فلا بد من تكاتف الجهود الرسمية للتصدي لمشكلات وحوادث السير ووضع حلول علمية وناجعة للحد منها إذ أضحت ظاهرة مقلقة تخطف من بيننا الأحباء من أبناء وبنات الوطن الغالي.
كما أن المحافظة على أمن المواطنين وسلامتهم تتطلب وضع استراتيجيات أمنية تهدف إلى تطوير العمل الوقائي ضد الجريمة، بالإضافة إلى تطوير أداء إدارتي البحث الجنائي ومكافحة المخدرات في ضوء المستجدات الجرمية الحديثة، وذلك منعا لانتشار هذه الآفة ومحاصرة انعكاساتها الخطيرة.
متمنين لك وللعاملين في الأمن العام سداد الرأي وثبات النهج ودوام التوفيق في خدمة شعبنا الأردني العزيز، لتبقى الهامات والجباه بعون الله وهمة أبنائنا وبناتنا في جهاز الأمن العام مرفوعة لا تنحني إلا لله تبارك وتعالى.
ونسأل الله العلي القدير أن يجعل هذا البلد آمنا مطمئنا.
والله الهادي والموفق
عبدالله الثاني ابن الحسين